||لا يمكن مواصلة اغلاق السوق وتعطيل الحياة
الاجتماعية. ادعو للتعايش مع الوباء ، اي اعادة فتح السوق والاعمال ، مع الابقاء
على بعض الاحتياطات الوقائية||
قرأت
مثلكم تعليقات الصحف التي تشكو من عدم التزام الناس بالبقاء في بيوتهم. وتقول ان
هذا يتسبب في تعطيل القضاء السريع على فيروس كورونا. في التلفزيون يقولون الشيء
نفسه ، والذين ينشرون اراءهم على منصات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك ،
يكررون ذات الدعوة ، بنفس الالفاظ تقريبا.
لقد
بدا لي ان الدعوة للبقاء في البيوت ، باتت شعارا يتفق عليه كافة البشر اليوم. الكل
يردد نفس الكلمات ، بنفس القدر من العاطفة ، من رؤساء الدول الى زعماء الاديان
مرورا بالوزراء والخبراء وحتى الفتاة الصغيرة التي تحدثت على تطبيق سنات شات: كلهم
يطالبونك بالبقاء في دارك.
حسنا..
سنبقى في البيت. لاننا نعلم انه لا يوجد لقاح يقي من الاصابة ، ولا علاج لمن أصيب.
لكن السؤال الذي يلي هذا ، هو: الى متى؟. اعلم ان بعض الخبراء سيقول: حسنا الى ان ينتهي الوباء ، او نصل الى مستوى
السيطرة (ويعبر عنها عادة بعدم التصاعد المضاعف لأرقام المصابين والضحايا). هذا لا
يكفي لانه لا يحدد وقتا ، كما اننا لسنا متأكدين من نقطة الاشباع الحدي ، الذي
يتحول المسار بعدها الى اتجاه تنازلي.
دعني
اتحدث هنا بصورة انطباعية بحتة. انني لست خبيرا. لكني وكثير غيري ممن يعتمدون كلام
الخبراء يشعرون بقدر من الحيرة. لا اتحدث عن التطمينات والتحذيرات ، فهذه لا
تفيدنا بشيء ، بل عن المعلومات التي تقال باعتبارها نتاج خبرة. خذ مثلا كلامهم عن الانتاج التجاري للقاح ، فهم يقولون انه الآن في مرحلة التجارب السريرية ، في 8 او 9 دول
على الأقل ، لكنه لن يكون متاحا لجميع الناس قبل نهاية العام الجاري.
اللقاح
سيفيد الاشخاص الذين لم يصابوا ، اما المصابين فعلا فيحتاجون الى دواء ، فماذا عن
الدواء؟
يتحدثون
عن العلاج بالبلازما ، وهي جزء من الدم يحوي الأجسام المضادة ، التي ينتجها الجسم بعد
الاصابة بمرض ما. والعلاج بالاجسام المضادة لدى المتعافين ، معروف في الطب ، ويقال
انه استخدم للمرة الأولى لمواجهة وباء الانفلونزا الاسبانية التي اجتاحت العالم في 1918 وخلفت نحو 100 مليون وفاة. ونعلم الان ان الولايات المتحدة وفرنسا والصين
وايران وايطاليا ، ودول اخرى ، جربت هذا الدواء ونجحت. لكن الواضح ايضا ان هناك
حدودا (لا اعرفها) تحول دون استخدامه على نطاق واسع.
زبدة
القول انه لا دواء متوقعا قريبا ، وعلينا ان نتعايش مع الوباء حتى نهاية العام
الجاري على الاقل.
هل
هذا يعني ان يستمر الاغلاق وحظر التجول حتى نهاية العام ايضا؟
اظن
ان بعض الناس سيقول: وما المشكلة في ذلك؟
قد
يكون هذا القائل طالبا ، يعلم انه قد نجح في العام الجاري ، او قد يكون موظفا
حكوميا يعلم ان راتبه سيصله حتى لو استمر حظر التجول عشر سنين. لكن ماذا عن بقية
السوق والاقتصاد الوطني عموما؟.
لو
استمر الاغلاق فان عشرات الشركات الصغيرة ستموت ومئات الآلاف من الوظائف ستتبخر.
لهذا
السبب فانني ادعو الى الانتقال من حالة المواجهة الوقائية مع الوباء ، الى التعايش
معه. هذا يعني اعادة ترتيب السوق والاعمال على نحو يسمح بعودة معظمها الى العمل
المعتاد ، مع الابقاء على بعض الاحتياطات الوقائية. ربما لا نستطيع فتح كافة
الاعمال ، لكن علينا اعادة تنشيط اكبر قدر ممكن من الاعمال ، سيما في القطاعات
المنتجة والداعمة للانتاج ، كي نمنع الانزلاق نحو الركود.
الشرق
الاوسط الأربعاء - 14
شعبان 1441 هـ - 08 أبريل 2020 مـ رقم العدد [15107]
https://aawsat.com/home/article/2222421/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق