مدونة توفيق السيف . . Tawfiq Alsaif Blog فكر سياسي . . دين . . تجديد . . . . . . . . . راسلني: talsaif@yahoo.com
13/07/2009
المسؤولية الاجتماعية لقطاع الأعمال: مناقشة نظرية
06/07/2009
مرة اخرى : جدل الدين والحداثة
مقالات ذات علاقة
29/06/2009
الانتخابات الايرانية وعالم السياسة المتغير
22/06/2009
الانتخابات الايرانية : صراع بين منطقين
الجدل الذي رافق الاعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية في ايران يكشف عن منطقين يتنازعان الراي العام : منطق يرى ان المجتمع هو وعاء السلطة ومصدر الشرعية السياسية. وبالتالي فان الرئيس الصالح هو ذلك الذي يحمله الجمهور الى سدة الحكم . بينما يرى المنطق الثاني ان الحكم وظيفة خاصة باصلح الناس وافضلهم. وان اهل الحل والعقد ، اي اقطاب النظام الاجتماعي ، هم الاقدر على تحديد الشخص المؤهل لاعتلاء سدة الحكم.
يقوم
المنطق الاول على ارضية فلسفية تطورت صورها الحديثة ضمن الاطار المعرفي الاوربي ،
ويلخصها مبدأ العقد الاجتماعي . وفقا لهذا المبدأ فان السياسة لا تعرف مفهومي الحق
والباطل (بالمعنى المتداول في الثقافة العربية) ، بل تدور قيمة الفعل السياسي بين
الصواب والخطأ . الصواب والخطأ ضمن هذا الاطار ليست مفاهيم مجردة او موضوعية ، بل
هي تعريفات عقلائية لوقائع قائمة على الارض ، وهي تتغير بين ظرف واخر . فالصحيح هو
ما اثبته العرف العام في البلد ، والخطا هو ما اعرض عنه العرف.
الرجوع
الى العرف العام يستند الى تراث ضخم من التجارب الانسانية منذ ظهور التفكير
السياسي حتى اليوم . وقد ناقشه الاصوليون المسلمون ضمن بحوثهم حول دور العرف في التشريع ، والادلة العقلية ، ولا سيما في جواز الرجوع الى بناء العقلاء ، والحسن
والقبح العقليين ، وهي من المباحث المشهورة في اصول الفقه.
اما في
اوربا فقد تطور المبدأ بعدما تخلى المفكرون عن التفسيرات الفلسفية القديمة للعلاقة
بين المجتمع والسلطة ، وبينها خصوصا الكاثوليكية التي تتحدث عن سياسة تستند الى
معايير سماوية معرفة ومحددة مسبقا ، وتلك التي ترجع الى الفلسفة اليونانية القديمة
ولا سيما فلسفة سقراط وتلاميذه التي فكرت في السياسة من خلال مفهوم غاية الخلق
وغرضه ، ونظرت الى السلطة باعتبارها مكانا لاعلم الناس الذين يتولون تربية المجتمع
وهدايته الى طريق الكمال.
يرجع
المنطق الثاني ، اي سلطة الافضل والامثل ، الى مفهوم "اهل الحل والعقد"
الذي تطور في اطار التجربة التاريخية الاسلامية ولا سيما بعد القرن التاسع
الميلادي ، وهو يقترب الى حد كبير من التفكير اليوناني المشار اليه ، بل يمكن
الجزم انه قد تأثر به بشكل عميق. وهو على اي حال يوافق هوى قويا عند النخبة
العلمية ولا سيما في مدارس العلم الشرعي . سوف تجد الربط الشديد بين العلم والسلطة
منتشرا عند معظم الفقهاء والمفكرين المسلمين ، ولا سيما في القرنين العاشر والحادي
عشر الميلادي ، كما تراه عند من نقل عن اولئك او تاثر باعمالهم من المعاصرين .
وتبدو
مبررات هذا الاتجاه مقبولة لدى كثيرين ، فهم يقولون ان السلطة حرفة تحتاج مثل اي
حرفة اخرى الى علم ، وهذا العلم موجود في مدارس العلم الشرعي وفي شروح النص الديني
وتفسيراته. ولهذا فان اهل هذا العلم هم الاقدر على ممارسة السلطة . كما ان السلطة
مظنة للفساد او الاستغلال فيلزم ان تعطى الى العادل الكامل . والعدالة ليست من
الصفات الفطرية في الانسان بل هي تنمو مع تربيته وتدريبه على الفضائل وطرق اكتشاف
الحقيقة وكسب المعرفة ، وهذا يوجد في الدين وينمو في نفس الانسان حين يكرس حياته
لدراسة علومه.
يميل
الدستور الايراني الى المنطق الاول اي اعتبار المجتمع وعاء للسلطة ومصدرا للشرعية
. بينما تميل النخبة الدينية الايرانية الى المنطق الثاني ، اي اعتبار السلطة السياسية
مكانا للامثل والافضل. من الناحية النظرية فان الانتخابات الرئاسية تدور وفقا
للاول ، لكن السلطة الحقيقية اديرت – على الاقل خلال العقدين الماضيين – وفقا
للثاني.
في
الانتخابات الاخيرة حاول الجمهور ، ولا سيما جيل الشباب ، قلب المعادلة والعودة
الى روح الدستور . لكن فشلهم يظهر ان مصادر القوة لا تزال في ايدي النخبة ، وانها
قادرة على التحكم في اتجاهات التغيير من خلال تحكمها في اتجاه الانتخابات
ونتائجها. الجدل حول سلامة الانتخابات سيؤدي بالتاكيد الى استقطاب اجتماعي متزايد
بين مؤيدي المنطقين ، واظن انه سيترك تاثيرا كبيرا على التفكير السياسي في الاطار
الاسلامي ، لا سيما في الاساس الفلسفي للسلطة والشرعية السياسية.
16/06/2009
هل تتلاءم الثقافة الإسلامية مع الديموقراطية؟
الرئيس السابق محمد خاتمي |
مقالات مماثلة
15/06/2009
طريق التقاليد
08/06/2009
الطريق الليبرالي
طريق التنمية الشاملة لم يعد خيارا بل ضرورة لاستيعاب تطلعات الجيل الجديد، مثلما كانت التنمية الاقتصادية في وقتها ضرورة للإقلاع من الفقر المادي والثقافي. اتجه العالم إلى التفكير في التنمية كمسار متكامل ومتصاعد، وظهرت في هذا الإطار نظريات تتحدث عن التنمية الشاملة والتنمية المستدامة ، بعدما كان التفكير مركزا على تحديث الاقتصاد. نعلم اليوم أن تحديث الاقتصاد يؤدي بالضرورة إلى تعزيز النزعات الليبرالية في المجتمع.
الليبرالية كسلوك ورغبة عامة ، ليست أيديولوجيا كما
تصورها النقاشات المدفوعة بتوجهات أيديولوجية. من المؤسف أننا لم نستطع تجاوز
الفرضيات السقيمة التي تناولت الليبرالية كمذهب متناقض مع التقاليد أو بديل عن
الدين. هذا النوع من النقاش غيب الحقيقة التي نستطيع مشاهدتها عيانا كل يوم وفي كل
مكان ، حقيقة أن الناس جميعا يرغبون في أن يعترف بهم كأفراد أكفاء ، قادرين على
تقرير طريقة حياتهم وتحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية التي تترتب على
خياراتهم.
جوهر الليبرالية هو تقدير قيمة الفرد باعتباره إنسانا
حرا عاقلا ومسؤولا.
قد لا أكون مبالغا لو قلت إن أغلبية الناس سوف يذهبون في
هذا الاتجاه ، لو خيروا بينه وبين المنهج القديم الذي ينكر على الفرد هويته المستقلة ، ويعتبره مجرد امتداد بيولوجي لعائلته أو قبيلته أو طائفته أو جنسه ،
المنهج الذي يعتبر الفرد عاجزا عن سلوك طريق الإحسان ما لم يخضع لمراقبة مرشد ، أو
آثما بطبعه ما لم يقيد أحد يديه وعقله كي لا يبغي على الغير.
الاقتصاد الجديد يخلق فرصا ويفتح أبوابا أمام الجيل الذي
استوعبه وتعامل معه واستفاد منه. هذه الفرص هي أدوار ومسارات تأثير تختلف عما
اعتاد عليه المجتمع التقليدي. نحن إذن إزاء نظام اجتماعي يولد وينمو تدريجيا.
الطريق الصعب هو استيعاب هذه الحقيقة وإعادة هيكلة النظام الاجتماعي القائم ، على
نحو يستوعب القادمين الجدد. الطريق السهل هو إنكار هذه الحاجة ، والاكتفاء بالفرجة
على ما يحدث من تحولات. الطريق الأول صعب لأنه يتطلب اتخاذ قرارات غير معتادة ، والتنازل
عن أعراف ترسخت واعتادها الناس لزمن طويل. الطريق الثاني سهل لأن الإهمال هو أسهل
المواقف.
لكن عواقب الإهمال قد تكون كارثية. يؤدي الإهمال إلى
قيام نظام اجتماعي مزدوج كما لاحظ سعد الدين
إبراهيم: يرغب الناس في نمط حياة حديث، لكنهم يتظاهرون بالالتزام بالتقاليد.
يتحول هذا التظاهر في أحيان كثيرة إلى نوع من التكاذب الجماعي. يشعر الناس أحيانا
بأنهم محتاجون إلى التظاهر كي يسهلوا حياتهم. يتحدث شخص ما عن فضائل التقاليد ، وهو
يعلم أنه غير صادق ، لأنه شخصيا يفضل نمط معيشة حديثا ومنهج عمل حديثا. الذين
يستمعون إليه يشعرون بذات الشعور ويفهمون أنه غير صادق ، ولعله يفهم أيضا أنهم
يستمعون إليه وهم يضحكون في دواخلهم على مبرراته.
بدلا من هذه الازدواجية ، فإن الطريق السليم ، مهما كان
صعبا ، هو تشجيع الناس على التعبير عن حقيقة ما يحبون ، حتى لو تعارض مع التقاليد
والعادات الجارية أو مع اللغة السائدة في التخاطب. يجب أن نقبل بحق الفرد في أن
يكون كما يريد، ثم نضع القانون الذي يوضح الحدود النهائية ، التي ينبغي للفرد
رعايتها حين يعبر عن إراداته.
تحرير الفرد من قلق الرقابة الاجتماعية ، هو أحد المبادئ الكبرى
لليبرالية. لكن الليبرالية لا تتحدث عن أفراد منعزلين أو حشود في غابة ، بل عن
مواطنين في مجتمع يحترم القانون. القانون في مجتمع حديث يعتبر ضرورة لحماية
الحريات وموازنتها مع المسؤوليات التي تترتب على ممارستها. الليبرالية إذن ليست
دينا يتوازى مع الأديان ولا هي أيديولوجيا مغلقة ، تأخذها كلها أو تطرحها كلها.
الليبرالية تعبير عن رغبة الإنسان في استعادة هويته
الخاصة ، وتحرير ذاته من العقد والأعراف والرقابة. قد لا يكون هذا الأمر محبوبا في
مجتمعات كثيرة ، لكنه محطة في طريق بدأنا السير فيه فعلا ، فبلغنا تلك المحطة أو
نكاد.
01/06/2009
جائزة القطيف للانجاز
مساء
الجمعة احتفلت القطيف بجائزة الانجاز لعام 2009. فاز
بالجائزة 13 شابا وشابة بين 115 مرشحا في مجالات الهندسة والادب والطب والفنون .
من نافل القول ان المجتمع بحاجة الى تشجيع الابداع والابتكار كتمهيد ضروري للاقلاع
من مستنقع الجمود والاستهلاك الطفولي لمنتجات الاخرين . ثمة نواقص كثيرة في
مجتمعنا ، بعضها قابل للعلاج بجهد اهلي وبعضها عسير . واظن ان غياب العقل العلمي
والتفكير العلمي هو واحد من ابرز النواقص واشدها تاثيرا . لكن علاجه لم يعد اليوم
صعبا كما كان في الماضي ، كما لم يعد صعبا على المجتمع اتخاذ مبادرات لتشجيع
المبدعين والمبتكرين وحث الاجيال الجديدة على السير في هذا الطريق الطيب.سعيد الخباز
جائزة
القطيف للانجاز هي مثال على هذا النوع من المبادرات التي تؤكد قدرة المجتمع على
معالجة التاخر عن ركب العلم وانتشار التفكير الخرافي والاسطوري والتعامل الساذج مع
منتجات الحضارة. بدأت الفكرة بمبادرة شخص واحد هو الاستاذ سعيد
الخباز . لكنها اثارت اهتمام الكثير من الناشطين من الرجال والنساء
الذين ارادوا ان يقدموا لمجتمعهم شيئا جديدا . شيئا لا يخصهم كاشخاص ولا يفيدهم بشكل مباشر ، لكنهم يعبرون
من خلاله عن رغبة المجتمع الاهلي في ان يفعل شيئا لنفسه ، يحل مشكلاته ، او يعالج
عيوبه ، او يدفع بقاطرته خطوة الى الامام .
في
كل قرية ومدينة على امتداد المملكة ، ثمة جيل جديد يفكر بصورة مختلفة عما اعتدنا ،
جيل منفتح على مصادر المعرفة وقادر على النفوذ اليها بطرق لم نعرفها ابدا . وسط
هذا الجيل مئات من الشباب والشابات الذين تجاوزوا حدود استهلاك المعرفة الى نقدها
واعادة انتاجها او تطوير جوانب منها . نحن لا نعرف الكثير من هؤلاء لان معظمهم لا
يظهرون في وسائل الاعلام . ولان الامر على هذا النحو فانهم لا يحصلون على التشجيع
الضروري كي يطوروا معارفهم وابداعاتهم .
العلوم الجديدة والابداع فيها لم يحصل على
المكانة الملائمة في منظومة القيم الاجتماعية . ولهذا تجد الناس يحتفون بتاجر يكدس
الاموال ، او شاعر يجيد القاء قصيدة ، بينما يتجاهلون عالما يعرض نظرية جديدة او
يبتكر علاجا لمرض او حلا لمشكلة تقنية .
قبل
بضع سنوات تشكلت في القطيف لجنة لتكريم العاملين في المجال الاجتماعي ، كرمت في
احتفالاتها السنوية الماضية علماء وشعراء وناشطين وروادا للنشاط الخيري . وكانت
تلك اول مبادرة منتظمة تركز على تكريم المتميزين وخدام المجتمع. لكن فكرة التكريم
ارتبطت في هذه المبادرة بالتجربة الكاملة للشخص المكرم. ولهذا فقد كان التقدم في
العمر هو الصفة المشتركة بين الذين حصلوا على التكريم في السنوات الماضية .
في
المقابل فان جائزة الانجاز تركز على الجيل الجديد بصورة خاصة ، فهي تشترط ان لا
يتجاوز عمر المرشح 40 عاما. بعبارة اخرى فان التكريم سيكون هنا للشباب ، على انجازات
محددة ، وليس لمجمل التجربة الحياتية للشخص. كما ان اختيار الفائزين يعتمد في
المرحلة الاولى على مبادرة المبدع نفسه . افتتحت لجنة الجائزة موقعا الكترونيا
يترشح من خلاله من يرى نفسه متصفا بالمواصفات المقررة ، ويعرض اعماله ، ثم تقوم
لجنة تحكيم محايدة بتحديد الفائز. ومن العناصر الجديدة في هذه المبادرة هو تخصيص
نصف عدد الجوائز للنساء . وتقديمها مع جوائز الرجال في احتفال واحد ، الامر الذي
يعالجة مشكلة التمييز الجنسي ، وهي مشكلة لا زالت تعرقل التوازن في النمو
الاجتماعي .
هذه
مبادرة تستحق التقدير ويستحق اصحابها الشكر ، وهي تغريني بدعوة باقي المواطنين
لتكرارها في كل مدينة وقرية من مدن البلاد كي نرسخ قيمة الابتكار وكي نعطي لشبابنا
املا في انفسهم ودافعا لانتخاب الخيارات التي تخدم البلد ككل. كما اتمنى ان يؤخذ
بالنموذج المتقدم الذي اعتمده القائمون على جائزة القطيف للانجاز ، اي التركيز على
الشباب ، والمساواة بين الجنسين وجعله عملا اهليا مدنيا بالكامل.
اخلاقيات السياسة
أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...