01/06/2009

جائزة القطيف للانجاز

مساء الجمعة احتفلت القطيف بجائزة الانجاز لعام 2009. فاز بالجائزة 13 شابا وشابة بين 115 مرشحا في مجالات الهندسة والادب والطب والفنون . من نافل القول ان المجتمع بحاجة الى تشجيع الابداع والابتكار كتمهيد ضروري للاقلاع من مستنقع الجمود والاستهلاك الطفولي لمنتجات الاخرين . ثمة نواقص كثيرة في مجتمعنا ، بعضها قابل للعلاج بجهد اهلي وبعضها عسير . واظن ان غياب العقل العلمي والتفكير العلمي هو واحد من ابرز النواقص واشدها تاثيرا . لكن علاجه لم يعد اليوم صعبا كما كان في الماضي ، كما لم يعد صعبا على المجتمع اتخاذ مبادرات لتشجيع المبدعين والمبتكرين وحث الاجيال الجديدة على السير في هذا الطريق الطيب.

سعيد الخباز

جائزة القطيف للانجاز هي مثال على هذا النوع من المبادرات التي تؤكد قدرة المجتمع على معالجة التاخر عن ركب العلم وانتشار التفكير الخرافي والاسطوري والتعامل الساذج مع منتجات الحضارة. بدأت الفكرة بمبادرة شخص واحد هو الاستاذ سعيد الخباز . لكنها اثارت اهتمام الكثير من الناشطين من الرجال والنساء الذين ارادوا ان يقدموا لمجتمعهم شيئا جديدا . شيئا لا يخصهم  كاشخاص ولا يفيدهم بشكل مباشر ، لكنهم يعبرون من خلاله عن رغبة المجتمع الاهلي في ان يفعل شيئا لنفسه ، يحل مشكلاته ، او يعالج عيوبه ، او يدفع بقاطرته خطوة الى الامام .

في كل قرية ومدينة على امتداد المملكة ، ثمة جيل جديد يفكر بصورة مختلفة عما اعتدنا ، جيل منفتح على مصادر المعرفة وقادر على النفوذ اليها بطرق لم نعرفها ابدا . وسط هذا الجيل مئات من الشباب والشابات الذين تجاوزوا حدود استهلاك المعرفة الى نقدها واعادة انتاجها او تطوير جوانب منها . نحن لا نعرف الكثير من هؤلاء لان معظمهم لا يظهرون في وسائل الاعلام . ولان الامر على هذا النحو فانهم لا يحصلون على التشجيع الضروري كي يطوروا معارفهم وابداعاتهم .

 العلوم الجديدة والابداع فيها لم يحصل على المكانة الملائمة في منظومة القيم الاجتماعية . ولهذا تجد الناس يحتفون بتاجر يكدس الاموال ، او شاعر يجيد القاء قصيدة ، بينما يتجاهلون عالما يعرض نظرية جديدة او يبتكر علاجا لمرض او حلا لمشكلة تقنية .

قبل بضع سنوات تشكلت في القطيف لجنة لتكريم العاملين في المجال الاجتماعي ، كرمت في احتفالاتها السنوية الماضية علماء وشعراء وناشطين وروادا للنشاط الخيري . وكانت تلك اول مبادرة منتظمة تركز على تكريم المتميزين وخدام المجتمع. لكن فكرة التكريم ارتبطت في هذه المبادرة بالتجربة الكاملة للشخص المكرم. ولهذا فقد كان التقدم في العمر هو الصفة المشتركة بين الذين حصلوا على التكريم في السنوات الماضية .

في المقابل فان جائزة الانجاز تركز على الجيل الجديد بصورة خاصة ، فهي تشترط ان لا يتجاوز عمر المرشح 40 عاما. بعبارة اخرى فان التكريم سيكون هنا للشباب ، على انجازات محددة ، وليس لمجمل التجربة الحياتية للشخص. كما ان اختيار الفائزين يعتمد في المرحلة الاولى على مبادرة المبدع نفسه . افتتحت لجنة الجائزة موقعا الكترونيا يترشح من خلاله من يرى نفسه متصفا بالمواصفات المقررة ، ويعرض اعماله ، ثم تقوم لجنة تحكيم محايدة بتحديد الفائز. ومن العناصر الجديدة في هذه المبادرة هو تخصيص نصف عدد الجوائز للنساء . وتقديمها مع جوائز الرجال في احتفال واحد ، الامر الذي يعالجة مشكلة التمييز الجنسي ، وهي مشكلة لا زالت تعرقل التوازن في النمو الاجتماعي .

هذه مبادرة تستحق التقدير ويستحق اصحابها الشكر ، وهي تغريني بدعوة باقي المواطنين لتكرارها في كل مدينة وقرية من مدن البلاد كي نرسخ قيمة الابتكار وكي نعطي لشبابنا املا في انفسهم ودافعا لانتخاب الخيارات التي تخدم البلد ككل. كما اتمنى ان يؤخذ بالنموذج المتقدم الذي اعتمده القائمون على جائزة القطيف للانجاز ، اي التركيز على الشباب ، والمساواة بين الجنسين وجعله عملا اهليا مدنيا بالكامل.

عكاظ 1 يونيو 2009
https://www.okaz.com.sa/article/266548

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...