12/12/2011

(3/3) الاساس النظري لدور الامة في الدولة




السلطة باعتبارها وكالة عن المجتمع

2003

غرضنا من هذا المبحث ، هو استكشاف امكانية القول بمشروعية التعاقد كاساس للسلطة ، انطلاقا من نفس التأسيس العقلي الذي قام به متكلمو الشيعة وفقهاؤهم ، وسوف نسلك في البحث ثلاثة طرق ، أولها تحليل الارادة السابقة لقيام السلطة ، ثم ملكية الناس لعناصر الطبيعة ، وتحليل فكرة ولاية الانسان على نفسه وماله ، واخيرا سنبحث في الربط بين الولاية الربانية وولاية الامام وولاية الانسان ، واخيرا نشير بايجاز إلى دور الامة المؤسس على ذلك الاصل .
وسوف نبدأ بالاشارة إلى نقطة ضعف في التأسيس الكلامي المشار اليه قبل الانطلاق إلى بيان التعديل الذي نقترحه .
الفساد والتظالم كطبع في الانسان
استند المتكلمون ثم الفقهاء في تأسيسهم لمشروعية السلطة ، على القول بان ضرورتها نابعة من عادة الناس في التظالم والتزاحم إذا اجتمعوا ، مما يؤدي إلى الفساد ومرجع هذا القول ، ان الانسان طبيعته البغي والظلم ، لانه (مادي مركب من القوى الغضبية والشهوية ، والدار دار تزاحم ، محدودة الجهات وافرة المزاحمات ، مركباتها في معرض الانحلال وانتظاماتها واصلاحاتها في مظنة الفساد ومصب البطلان ، لا تتم الحياة فيها إلا بالحياة النوعية ، ولا يكمل البقاء فيها إلا بالاجتماع والتعاون ، فلا تخلو من الفساد وسفك الدماء) [1] وهذا يوجب اقامة رئيس يمنع تحول الحياة الاجتماعية إلى مولد للفساد ، وحسب تعبير العلامة الحلي فان (الغالب على أكثر الناس القوة الشهوية والغضبية والوهمية بحيث يستبيح كثير من الجهال لذلك اختلال نظام النوع الانساني ..) [2] ويبرر الكلبايكاني ضرورة الرئاسة بان (الطبيعة البشرية ، والغرائز الحيوانية ، تقتضى وقوع الاختلاف ، والتزاحم والجدال ، والتنازع والتشاح ، وكذا تقتضى سلسلة من الامور وتحققها في بقاء نظمهم ، وصيانتهم وحفظهم من النفاق والافتراق والتشعب والشقاق ، والا لفسدت عيشتهم وضاقت معيشتهم ، ولما كانت تلك الامور مما لا يمكن تحققها ، ولا يصح صدورها من اي شخص واي فرد ، فلا بد لهم من زعيم ورئيس وقيم وحاكم وان لم يكن نبيا او وصيا ، فحينئذ يقال : القدر المتيقن من الامة والرعية للرياسة والزعامة في الجملة هو العالم الفقيه العادل) [3] .
ومؤدى هذه المقدمة هو تسويغ فكرة الولاية على المجتمع ، باعتبار الاجتماع مسببا للفساد ، فكأنها تقول بان الانسان فاقد للقدرة على الاجتماع الطبيعي ، المؤدي للمصالح البحتة ، المانع للفساد ، أو ان الفساد ناتج ضروري للاجتماع ، بسبب فساد في طبيعة الاصل الذي تكون منه الاجتماع أي الانسان الفرد ، فحينئذ لا بد من قيم عليه يحد من تصرفاته ويجبره على خصوص ما هو صالح .
وفي رأيي ان هذا البناء غير واف بالغرض لثلاثة اسباب :
** فهو اولا متناقض مع كون السلطة ضرورة تبانى عليها عقلاء البشر ، بمعنى انهم قد توصلوا إلى ضرورتها بمحض عقولهم ، اذ لا يعقل ان من طبيعته البغي والظلم ، يقرر بمحض ارادته تأسيس رادع يمنعه عما هو مريد له ومعتاد عليه .
** وهو ثانيا يؤدي إلى نفي ضرورة الامامة في غير موارد الفساد والتظالم ، ولا شك ان بعض الناس ، ولو قلة قليلة منهم ـ قادر على العيش دون تظالم ، فاذا امكن ذلك ، صح ـ بناء على المقدمة المذكورة ـ القول بسقوط الولاية ، وهذا مخالف لوجوب الامام في كل زمن ، والذي مقتضاه وجوب ان يكون لكل مؤمن إمام .
ولا يرد هذا الاشكال بالقول بان الامامة لازمة لمعرفة الدين والاهتداء بالتعاليم ، لان هذا قابل لان يحصل عليه الانسان بالطرق المختلفة الموصلة إلى العلم ، ولا شك ان الائتمام ليس ضرورة في مثل هذا المورد ، كما لا يرد عليه بان لزوم الامامة متعلق بنوع البشر والمسلمين ، وليس بافراد معينين ، وان القلة المعدودة ليست مقياسا ، لان الروايات الدالة على وجوب الائتمام ، تدل على الوجوب التعييني ، وادلتها العقلية والنقلية تدل على تعلق الوجوب بكل فرد ، فاذا امكن القول بامكانية الاستثناء منها ، جرت فيها شبهة عدم الاضطراد ، وهو مخالف للضرورة كما هو واضح .
** وهو ثالثا غير قطعي ، فليس بالوسع اثبات ان الانسان طاغية بالفطرة ، أو انه فاسد بالفطرة ، ولهذا فانه يذهب إلى الفساد متى رأى فيه سعة ، أو ان الاجتماع يستلزم الفساد بالضرورة ، لأن الانسان يميل إلى الاجتماع لأنه يرى فيه تمثيلا وضمانا للحال الاصلح ، وهو يحرص على بقائه في الجماعة ، ولهذا فليس منطقيا القول بانه يسعى إلى افساد ما سعى اليه ، بل نعلم ان الانسان مخلوق في احسن تقويم واعدله (الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك) [4] وهو مكرم لانسانيته وعقلانيته (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) [5] والبديهي ان التكريم لا يكون مستحقا لمن طبيعته البغي والفساد ، وحسب صدر المتألهين فقد (اختص الانسان بتشريف الخلافة ومسجودية الملائكة من بين سائر الموجودات من الاملاك والافلاك وجميع من في طبقات السماوات والارض والجبال) [6] ومن هو بهذه الاهلية لا يوصف بفساد الطبيعة .
كما وردت آية صريحة في نفي هذا الطبع عن الانسان (واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة ، قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، قال اني اعلم ما لا تعلمون) [7] فكأن قول الملائكة معناه ان الانسان شأنه الفساد مقارنة بالملائكة ، بينما قوله تعالى (اني اعلم ما لا تعلمون) اشارة إلى ان الفساد المحتمل من الانسان ، ليس فطريا ، فالانسان ليس شأنه الفساد ، ولا هو جزء من جوهر انسانيته ، وان عرض له لكونه مركبا من العقل الداعي للصلاح والشهوة الداعية للفساد [8] كما يدل عليه قوله تعالى (ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها) [9] وقوله (ألم نجعل له عينين * ولسانا وشفتين * وهديناه النجدين ) [10] وقول الرسول عليه الصلاة والسلام (كل مولود يولد على الفطرة ..) [11] وقوله تعالى في الاشارة ان التعلق بالخالق وتوحيده هو فطرة الانسان (فاقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها) [12] ثم ان الايات التي ورد فيها ذكر البغي في معنى التجاوز ، وهي نحو 27 آية ، كان ظاهرا فيها ان البغي ياتي بعد العلم ، أو حصول البلاغ بوجه الحق ، مثل قوله تعالى (وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم) [13] ولم ترد آية واحدة تشير إلى ان البغي طبيعة في الانسان ، سابقة على وصول البلاغ اليه .
ثم ان هذا القول ينطبق بصورة اخص على المسلمين ، فنحن نعتقد ان المسلمين ، لكونهم مسلمين ، اقرب إلى التراحم والتعاضد منهم إلى التظالم ، وهذا ما يستفاد من الآية المباركة (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم) [14] والحديث الشريف (مَثـلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي توَادّهِمْ وترَاحُمِهمْ وَتعَاطفِهمْ مَثـلُ الجَسَدِ إِذا اشْتكىَ مِنهُ عُضْوٌ تدَاعَىَ لهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسّهَر وَالحُمّىَ) [15] ولا يعيب هذا العموم ، ظهور بعض الفاسدين في الجماعة ، فالمعيار هو موقف الاكثرية ، ولهذا السبب وضع الاصوليون قاعدة حمل عمل المسلم على الصحة [16] التي تستبطن فرضية ان المسلم قاصد للعمل الصحيح وملتزم باتباع الحق والعدل عادة .
لكننا لا نرمي من هذا إلى القول بعدم الحاجة إلى السلطة [17] بل إلى رد فكرة ان الانسان فاسد بالطبع ، وهي الفكرة التي طالما كانت مبررا للاستبداد واستئثار اقلية بالسلطة دون الجماعة .
ولا يقدح في هذا القول وجود فاسدين وطغاة في كل جماعة ، اذ المدار على صفة الاكثرية ، اللهم إلا ان يقال ان مجموع الطغاة والفاسدين ، أي مجموع العقلاء ، اسسوا السلطة كي تنوب عنهم في ممارسة الطغيان والفساد ، فهذا القول يطيح بالنظرية من اساسها ، كما يطيح باصالة العقل فهو باطل بالضرورة .
وخلاصة ما أردنا قوله هنا هو ان الانسان صالح بالطبع ، وان الصلاح هي فطرته التي فطره الله عليها ، وانما يعرض له الفساد بعد ذلك ، فاذا تم ذلك ترتب عليه ان الفساد هو الاستثناء وان الصلاح هو الاصل في الانسان ، وان أكثر افراد الانسان اميل بطبعهم وفطرتهم ، ومقتضى تعقلهم إلى الصلاح ، وانهم بنفس النسبة يعتبرون الميل عن الصلاح إلى الفساد خروجا عن الجادة وهجرانا لمقتضيات الانسانية السوية ، وهذا هو الاساس في القول بقدرة العقل على ادراك الحسن والقبح ، فلو لم يكن أكثر الناس ميالين إلى اتباع ما هو حسن واجتناب ما هو قبيـح ، لم يكن ثمة قبح وحسن عقلي اطلاقا .
وبناء عليه فان الضرورة العقلية لقيام السلطة ، ليست مبررة بطبع التزاحم والتظالم في مجتمع الانسان ، بل هي لمنع ما يعرض لهذا الاجتماع من اسباب الفساد ، ولان هذا ليس هو الطبع الاولى بل الاستثناء ، فانه لا يكفي لاعتبار اقامة السلطة ناتجا قطعيا ووحيدا لتلك المقدمة ، كما لا يسمح بتدخل السلطة فيما يزيد عن منع التظالم والفساد ، ومنه نعرف ان تلك المقدمة قاصرة عن حمل نتيجتها على وجه الكمال .

تحليل ارادة العقلاء للسلطة

تتمة لما سبق فاني أرى ان كون الناس عقلاء ، وميل العاقل بالفطرة إلى الاحسان ، هو الذي كان دافعه إلى تأسيس السلطة ، ولهذا فان اقامتها كان مما تبانى العقلاء على تحسينه ، وأرى أيضا ان ارادة العاقل قيام السلطة ، لا يستهدف بصورة محددة ردع الظالم والباغي ، بل حماية كل فرد من البغي والظلم المحتمل، والقيام بالامور التي لا يستطيع كل فرد اقامتها بمفرده [18] فالسلطة لها مهمتان :
** سلبية تتمثل في منع الفساد .
** وايجابية تتمثل في جلب الاحسان .
وهذا ما يفهم أيضا من رأي ابن خلدون الذي ذهب إلى ان التعاون في سبيل الانتاج الحضاري هو الاصل في طبيعة الدولة ، ثم تاتي المظالم بعذ ذلك عرضا [19].
ثم ان الفساد لا يتحدد بالضرورة في البغي والتظالم ، فقد يمكن ان يكون تزاحم المصالح ، أو تكرارها بما يلزم ضياع الفائدة المرجوة من التنوع والاختلاف .
لا شك ان اقامة السلطة ـ بمعنى تعيين رئيس للجماعة ـ من المحسنات العقلية في مقابل الفوضى والاضطراب والتظالم القبيح ، ولهذا فان العقلاء في مختلف الامم قد قالوا بها واقاموها في كل الازمان ، بغض النظر عن قول الشرائع بها أو سكوتها عنها ، وحسب ما نقله الفضل ابن شاذان عن الامام الرضا فانا (لا نجد فرقة من الفرق ولا ملة من الملل بقوا وعاشوا إلا بقيم ورئيس)[20] ، وهذا لا يتنافى مع القول بالوجوب السمعي لنصب الامام ، فالاول يتحدث عن مرحلة سابقة ، لا تختص بتحديد نوعية السلطة وصفات القائمين عليها واغراضها الاضافية .
وكما رأينا في الصفحات السابقة فان قدامى المتكلمين قد بنوا على هذا التحسين العقلي ، في القول بالوجوب العقلي للمرحلة التالية ، أي تحديد نوع السلطة والقائم بها ، بعدما ضموا إلى التحسين العقلي البديهي ، نظرية اللطف الواجب على الخالق [21] أو نظرية التمكين التي اشار اليها البحراني في وقت لاحق [22] لكننا سوف نعالج الامر بصورة مختلفة ، حيث نعيد تحليل الحسن العقلي للسلطة ، ولا سيما طبيعة الارادة الناتجة عن الاستحسان ، لاختبار امكانية اعتبار فكرة التعاقد هي نتاج تلك الارادة .
ان توافق العقلاء في مختلف الازمان على الحاجة إلى السلطة والرئيس ، يستبطن سبق ارادتهم لاقامة السلطة ، على قيامها الفعلي ، ولضرورة اعتبار عقلائية تلك الارادة ، فالمؤكد انهم قد وعوا بما يتطلبه انفاذ تلك الارادة ، من تنازل عن اختصاص كل منهم بالولاية على نفسه وماله ، وغير ذلك مما هو ولي فيه ، وهو تنازل لا يقدم عليه الانسان ، إلا بعد معرفته لما يترتب عليه من مصالح أكبر ، لا تتناقض ولا تتعارض مع ولايته الاولية ، بل تكملها وتوسع حدودها وتزيد في تأثيرها .
وهذا المعنى يستبطن ـ ضرورة ـ انهم كانوا واعين لحقيقة ان السلطة التي اقاموها ، وان لم تخضع لكل واحد منهم على وجه الخصوص ، إلا انها خاضعة لمجموع المجتمع ، فالمجتمع ككل هو الذي اقامها لخدمة أغراضه ، فهي من حيث الترتيب القانوني ، دون المجتمع ، وان كانت فوق كل فرد بمفرده ، بمعنى ان المجتمع كهيئة كاملة هو سيد للسلطة وحاكم عليها ، والسلطة ـ من ثم ـ حاكمة على كل فرد بمفرده ، في حدود ما اقيمت لاجله ووكلت فيه ، فمشروعية حكم السلطة على الفرد ، نابعة من حق السيادة التي منحه المجتمع لها .
والمؤكد أيضا ان العقلاء الذين ارادوا ذلك ، لا يقدمون على ذلك التنازل ، لو علموا انه يؤدي إلى استبداد القائمين بالسلطة بالامر ، وسوق قواها فيما يتعارض مع الوظائف التي قررتها الجماعة ، حين ارادت اقامة السلطة وحين انفذت هذه الارادة ، وذلك بديهي ، لان اصل ظهور الحاجة إلى السلطة في اذهان العقلاء ، انما هو حل لوجود قصور في قدرة الفرد ، أو تعارض في المصالح ، ادى أو احتمل ان يؤدي إلى الفساد ، والفساد هنا ليس سوى ظلم البعض للاخر ، أو تجاوز البعض على حقوق الغير ، أو عجز الفرد عن انجاز بعض حاجاته ، التي يحتاج انجازها إلى جهد جماعي ، ولا يمكن اقامتها بالاعتماد على الجهد الفردي ، فالحل الذي تبانى العقلاء عليه ، ينبغي ان يكون مضمونه ان احتمالات الصلاح فيه اقوى من احتمالات الفساد ، ولا شك ان الاستبداد بامر الجماعة من اجلى مظاهر الفساد .
ثم ان السلطة عند العقلاء ، بما هي صاحبة الامر والنهي فيهم ، لا تملك شيئا على نحو شخصي ، فما تحت يدها وما تتصرف فيه ، ليس ملكا بالمعنى الحقيقي ، بل بمعنى الاختصاص بالتصرف ، وهو ادنى من الملكية الحقيقية ، هذا الاختصاص مسموح به لها بما هي هيئة حكم ، وبغض النظر عن اشخاصها [23] فاذا اصبحت مالكا شخصيا ، زاحمت الاخرين ، لانها تتمتع دونهم بالقوى المادية والمعنوية الناشئة عن سيادة السلطة وفوقيتها على كل فرد ، بل زاحمتهم بالقوى التي يفترض ان تكرس لخدمتهم ، ولهذا شدد الشرع الاسلامي على حرمة قيـام الدولة بمنافسة الرعيـة في معايشهم ومصادر رزقهم ، كما يظهر من الحديث النبوي (من أخون الخيانة تجارة الوالي في رعيته) [24] وهذا المعنى من اقدم ما توصل اليه الحكماء ، كما يظهر من رأي الفيلسوف اليوناني افلاطون ، الذي منع على العاملين في الدولة ان يملكوا أي شيئ حتى البسيط من الاملاك ، لانهم ـ حسب ما لخصه ابن رشد من كتاب السياسة ـ إذا تملكوا الاموال (صار كل منهم يكسب لنفسه فينجر إلى تكديس الاموال دون اهل المدينة) [25] .
وبناء على هذا فان السلطة غير مالكة لشيء ، يعيش منه الافراد المشاركون فيها ، فمصدر معيشتهم هو المال العام [26] المملوك للناس كما سيأتي ، فالقائمون بامر السلطة موظفون يعملون مقابل اجر ، أما رب العمل الذي يدفع اجورهم فهو المجتمع ، وهذا من اجلى مظاهر فوقية المجتمع ـ كمجموع على السلطة ـ وكونها عاملة له وخادمة لاغراضه ، فالمجتمع هنا هو صاحب اليد العليا ، والى هذا المعنى يشير تعبيـر القرآن عن القائمين على جمع الزكاة والخـراج بوصف (العاملين عليها) [27] في بيان اصناف المستحقين للصدقات ، ونعرف ان الزكاة والصدقات ليست حقا للحاكم شخصيا فهي مال الرعية ، وهو خازن لها ووكيل عنها في جمعه وانفاقه ، في الوجوه التي قررها الشارع كما يقول امير المؤمنين u[28].
وخلاصة ما اردنا بيانه ، ان القول بعقلانية السلطة ، بمعنى كونها من الامور التي توصل العقلاء في مختلف ازمانهم إلى ضرورتها ، هذا القول بذاته ينطوي على معنى كون السلطة وظيفة اجتماعيـة ، قررها المجتمع لترتيب ما يحتاج إلى قوته المشتركة ، واقامها لغرض محدد هو الاصلاح ، ولان المجتمع هو الذي اقام السلطة ، وهو الذي منحها السيادة ، وهو الذي يدفع اجور العاملين فيها ، فلا بد حينئذ من ان تكون السلطة ـ كهيئة عمل ـ في منزلة ادنى من منزلة المجتمع الذي اقامها وحدد مهماتها ودفع اجرها .
إذا كان المجتمع بهذه المنزلة ، وكانت السلطة بتلك المنزلة ، فكيف يمكن تصوير مضمون وطبيعة العلاقة بينهما ؟ .
ان الوصف الوحيد الذي يناسب هذا الترتيب هو الوكالة ، وقد ورد هذا التعبير عنها في كتاب الامام علي السالف الذكر إلى عماله على الخراج (.. فانكم خزان الرعية ووكلاء الامة ..) [29] ويعني مفهوم الوكالة ان المجتمع قد اقام هيئة تقوم بوظيفة معينة ، واوكل إليها استخدام قوته المشتركة ، وخصها بالتصرف فيما ليس لواحد على وجه التعيين ، واجاز لها ان تكون فوق كل واحد بمفرده ، وان تمثل المجتمع أمام المجتمعات الاخرى . وهذا الترتيب يقتضي بالضرورة ، شرطا ضمنيا هو بقاء المجتمع صاحبا لليد العليا ، ومالكا للسيادة الاصلية ، وان استمرار هذا التوكيل ، رهن بالتزام الهيئة المعنية للوظائف التي وكلت فيها ، ومنحت الاجر مقابل القيام بها ، وهذا هو مضمون ما نطلق عليه مصطلح الشرعية ، وعلى هذا جاز للمسلمين عزل الوالي ، إذا ظهر منه ما يخرج ولايته عن أغراضها الشرعية [30] أو يطعن في كفاءته لتولي المنصب [31].
قد يناقش هذا الاستنتاج ، بانه ليس محرزا ان السلطة قد اقيمت ـ بالفعل ـ نتيجة لارادة العقـلاء واتفاقـهم ، بل ان كثيرا من السلطات والدول انما اقيمـت بالتغلب [32] ووجد الناس انفسهم مرغمين على طاعتها ، فهم لم يختاروا أي شيء مما له علاقة بها ، وبالتالي فان هيئة السلطة هي جهة تسلـط وسيطرة ، وليست قطعا وكيلة عن الناس ، والجواب عليه اننا لا نتحدث عن حادثة تاريخية ، بل عن الاصل العقلائي للسلطة وهو معنى نظري بحت ، ان افتراض دور ما للمجتمع ، مبني على ان قيام السلطة حسن عقلا ، أما تسلطها واستبدادها فهو قطعا قبيح ، وهو بالتالي خارج عن نطاق بحثنا .

مالكية المجتمع للمال العام

لا شك ان السلطة ضرورية لمنع التظالم والفساد ، لكن هذا ليس دورها الوحيد ، فهي مطلوبة من اجل البناء والعمران ، واستغلال ما هو مشترك بين الناس من اجل ترقية حياتهم ومعايشهم ، ونريد هنا التأكيد على هذا الغرض من اغراض السلطة ، استفادة من الافكار التي قدمتها الشريعة الاسلامية ، وما يستفاد من تطور تجربة الانسان فيما يتعلق بوظائف الدولة ، باعتبار ان هذه التجربة وتلك الافكار لها دخل كبير في تطوير تعريف السلطة ، بحيث يأخذ بعين الاعتبار واقعها كموجود اجتماعي ، وليس فقط صورتها البدائية المتخيلة .
ان القول بان السلطة ضرورة للنظام ، مؤداه ان وظيفتها الاساسية هي حفظ النظام ، لكنه لا يحدد وسيلة معينة للقيام بهذه الوظيفة ، ثم ان قيام السلطة لضرورة النظام شيء ، واستعمالها للموارد العامة شيء آخر ، وبالتالي فهو بحاجة إلى دليل مختلف ، لكننا نرى ان قصر التعريف على ضرورة النظام ، لا يكفي لتقديم صورة صحيحة عن السلطة التي قامت بالفعل في مختلف الازمنة ، ولهذا يلزم ضم الوظائف الايجابية للسلطة إلى التعريف ، بحيث تصبح جزء من القول بضرورتها الاولية ، ونقترح فكرة (اشتراك الناس في الموارد العامة) كمدخل لتنسيج الوظائف الايجابية ضمن فكرة الضرورة الاصلية.
والموارد العامة أو الاموال العامة هي كل مال أو مصدر للمال لا يملكه واحد معين ، ضمن اراضي الدولة الاسلامية أو امتداداتها ، أو يملكه مجموع المسلمين لنوعهم ، أو لخصوص منطقة يسكنونها ، وقد بحث موضوع المال العام في الكتب الفقهية تحت عنوان الزكاة  [33] والخمس [34] والمشتركات [35] والارضين [36] واحياء الموات [37] والانفال [38] وكل منها كما هو واضح من المسمى ، يشير إلى نوع من هذه الاموال ، ويجمع كتاب الارضين بين الاخيرين ، ويلحظ ان تركيز البحث حول هذه الموارد يرجع إلى طبيعة الاقتصاد القديم في العالم الاسلامي ، الذي كان زراعيا في معظمه أو مرتبطا بالارض.
وذكر البستاني ان الخراج هو نوع من الضريبة أو الاجرة أو المقاسمة على زراعة الارض المملوكة للدولة [39] وكان في العصور الاسلامية الاولى ، وحتى قيام الدولة الحديثة من ابرز مصادر بيت المال ، ويضاف اليه الزكاة وخمس التجارات والمعادن وما يستخرج من الارض ، وقيمة ما يباع من الاملاك العامة .
وسوف نعرض هنا تصنيف الفقهاء للارضين المتعلق بها الخراج ، لمعرفة كيفية تقريرهم لكونها مالا عاما مملوكا لمجموع المسلمين ، وقد صنفوا هذه الاراضي إلى نوعين ، وسوف نلحق بها تاليا المشتركات التي لا تصنف كاراض خراجية والزكاة والخمس :
الارض المفتوحة عنوة : اي بالقهر والغلبة والسيف فما كان منها عامرا - يوم الفتح - فهو للمسلمين قاطبة ولمن يدخل في الاسلام ولمن يوجد بعد ذلك إلى يوم القيامة ، بالسوية من غير تفاضل بينهم [40] وهو موضع اتفاق بين العلماء كما صرحت به الروايات [41] فلا يصح بيعها ولا رهنها ولا هبتها ولا غير ذلك مما يتوقف صحته على الملك ، وهذا من موارد الاجماع فضلا عما دل عليه من النصوص [42] وثمة اختلاف بين الفقهاء في تحديد طبيعة ملكية عموم المسلمين لهذا النوع من الاراضي ، ويفيد عرضه في بيان طبيعة تملك المال العام .
قال بحر العلوم : الاقوى إنها لهم على جهة الملكية للرقبة ، دون الاختصاص ، بمعنى انها ملك مشاع ، لكن هل هي لكل واحد منهم ، ام هي لهم بما هم مجموع ، أي لنوعهم ؟ .
ويترتب على هذا تحديد مصارف العوائد التي تاتي من استثمارها ، فان قلنا بملكية كل منهم لها ، كان عائدها لكل واحد منهم بمفرده ، وحيث يتعذر التوزيع والقسمة بين الكل ، تعين الصرف في المصلحة الراجعة إلى الكل ، كحفظ الثغور والامن ، ورواتب الولاة والقضاة ، ومطلق ما يرجع إلى تقوية الدين ومصالح كافة المسلمين كبناء المساجد والطرق ، فهذه منافع معلومة لكل واحد منهم ، بل هي من ضرورات الاجتماع .
 وان قلنا بملكيتها لكلي المسلمين ونوعهم جاز دفع نمائها للبعض الذي يصدق عليه مسمى النوع والكلي ، بل أمكن أن يقال بجواز دفع الرقبة - كلا أو بعضا - له لصدق النوع عليه ، فتكون من دفع المملوك إلى مالكه ، إلا أن هذا التخصيص مردود بما ورد من النصوص وما هو متفق عليه بين الفقهاء من وجوب بقاء الرقبة مطلقة ، ابدا ودائما [43].
وقال النجفي انها ملك لمجموعهم لا لكل واحد منهم ، فلا يملك أحـد منهم بالخصـوص رقبتها [44] وخلافا لهذا قال الاردبيلي بان ملكية المسلمين لهذا النوع من الارض ليست ملكيـة حقيـقية ، بل هي من نـوع الوقف على ما هو مصلحة عامـة لهم [45].
وظاهر الاخبار وكلام الفقهاء دال على ان ماكان عامرا وقت الفتح فهو للمسلمين كافة ، ويشمل الارض وما فيها من تلك الاثار يومئذ ، وان مرجع ذلك إلى الامام عليه السلام يقبله ويصرف حاصله في مصالح المسلمين [46].
ولا يجوز للامام عليه السلام ، أو لمن يلي امر المسلمين ، بيع جزء من هذه الارض إلى احد، لدلالة الروايات على ان منع تمليكها معلل بكونها مملوكة فعلا للمسلمين ، لا للامام ، ولا يؤثر على حجب الملكية لحق غير المالك في البيع ، كون البائع هو الامام أو غيره [47] وذهب الآخـوند إلى جواز بيعـها إذا رأى الامـام مصلحة [48] وقال الشهيد الثاني ان رجوع هذه الارض إلى الامام قائم حال ظهوره وبسط يده (أما مع غيبته كهذا الزمان ، فكل أرض يدعي أحد ملكها بشراء وإرث ونحوهما ، ولا يعلم فساد دعواه ، يقر في يده كذلك ، لجواز صدقة وحملا لتصرفه على الصحة ، فإن الارض المذكورة يمكن تملكها بوجوه ، منها احياؤها ميتة ، ومنها بيعها تبعا لاثر المتصرف فيها من بناء وغرس ونحوهما) [49] ويعالج هذا القول وضع هذا النوع من الاراضي في الازمنة الحاضرة ، حيث لا يعرف على وجـه التحقيق ، ما كان منها ارض عنوة وما لم يكن ، كما لا نعرف كيف انتقلت إلى ملكية الناس ، فالمحتمل انها انتقلت بطريق شرعي ، حملا لعمل المسلم على الصحة [50].
الانفال : وهي كل أرض فتحت من غير أن يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، والاراضي الموات ، وتركة من لاوارث له من الاهل والقرابات ، والآجام والمفاوز ، وبطون الاودية ورؤوس الجبال وقطائع الملوك [51] وأصلها من كلمة نفل ، وهي الزيادة عما يلزم من حق ، ومنها نوافل الصلاة [52] وهي للرسـول r لقـوله تعالى (يسألونك عن الانفال قل الانفال لله والرسول) [53] ثم للامام u كما في رواية  محمد بن مسلم عن الامام الصادق (كل قرية يهلك اهلها أو يجلون عنها فهى نفل لله عز وجل نصفها يقسم بين الناس ونصفها لرسول الله r فما كان لرسول الله فهو للامام) [54] وخلافا للقسم الاول فان الانفـال ـ نظرا لعائديتها للامام ـ يجوز تملكها بالشراء أو الاستيهاب أو الاحياء باذن الامام [55] .
جدير بالذكر ان بعض الفقهاء قد توقف أمام التعارض بين روايات نصها أو فحواها ان الانفال ملك للامام [56] وبين ما دل على انفاق عوائدها في المصالح العامة ، أو جواز تمليكها للمسلمين بوسائل التمليك المختلفة [57] ومرجع هذا التوقف هو احتمالهم لكون الملكية المذكورة شخصية لا جهوية ، أو ان ملكية الجهة لها ، عائدة إلى خصوصية مفقودة في غير المعصوم ، وننقل هنا تصوير المسالة كما عرضها السيد الخميني ، الذي يقول (الاحتمالات فيها كثيرة ، منها كون الله تعالى ورسوله مالكين لها بالمشاركة ملكا اعتباريا يكون لكل منهما نصفها بالاشاعة ، ومنها كونهما مالكين كذلك كل تمامها بنحو الاستقلال ، ومنها : كونهما مالكي التصرف أي يكون لكل منهما ولاية التصرف لله تعالى بالاصالة وللنـبي r بجعل الله تعالى ، ومنها : كونه تعالى مالك التصرف والرسول مالك الرقبة أو بالعكس ، ومنها - كون المالك جهة الالوهية وجهة الرسالة أو جهة الرئاسة الالهية ، إلى غير ذلك .
 أما مالكية الله تعالى ملكا اعتباريا عقلائيا ، كملك زيد لفرسه ، ففي غاية السقوط ، سواء كان بنحو الاشاعة أو بنحو الاستقلال ، لعدم اعتبار عقلائى ، وعدم إمكان ترتب لوازم الملك عليه ، كما أن استقلال المالكين لملك واحد غير صحيح ، لمخالفته لاعتبار العقلاء ، وهو واضح ، فعليه لا ينبغي الاشكال في أن كون الانفال لله ليس بنحو المالكية الاعتبارية ، وحيث لم يذكر اللام في الرسول ، فلا ينبغي الاشكال في أن مالكية الرسول كمالكية الله تعالى) [58] .
وجادل الهمداني طويلا في صحة التعبد بظاهر الروايات ، القائلة بجواز ملكية الرسول والائمة لهذه الاموال ـ على نحو شخصي ـ مستدلا بروايات فحواها انهم يملكون الارض كلها ، بل قارن العلاقة بين المعصومين صلوات الله عليهم وسائر المؤمنين ، بالعلاقة بين السادة والعبيد في مورد التدليل على ان القول بملكية المسلمين لهذه الاراضي لا ينافي ملكية الامام لها ، لان الارض وما عليها ملك للمعصومين [59] لكن اكثرية الفقهاء ـ بناء على ترجيحهم كون الملك لجهة الامامة ، لا شخص الامام ـ قرروا ان نائبه يليها إذا كان مبسوط اليد ، والا فالسلطان ولو كان متغلبا [60] يقول السيد الخميني بهذا الصدد (الملك للجهات لا للاشخاص ، فتكون جهة الربوبية والالوهية مالكة وجهة الولاية كذلك .. المراد ولاية التصرف ، وهو للوالي بهذا الوجه ، نبيا كان أم إماما واحدا بعد واحد ، وهذا أحسن الوجوه المطابق للاعتبار العقلائي ، الموافق لبناء الدول ، من كون الاراضي الموات والمعمورة من غير معمر للدولة ، والاسلام في هذه الامور السياسية ونحوها ، لم يأت بشئء مخالف لما عند العقلاء ، إلا فيما فيه المفسدة ، فاذا كان مفاد الآية الشريفة كذلك تنحل العقدة في الاخبار أيضا) [61]. وهذا الرأي مطابق لمعظم ما ذهب اليه فقهاء الشيعة في شأن عائدية المال العام لجهة الامامة ، أي للهيئة التي تتحمل مسؤولية الولاية ، لا شخص الامام أو الوالي ، وصرح الشيرازي بان الانفال وكل مال لا مالك له على وجه الخصوص عائد إلى الحكومة الاسلامية [62].
المشتركات : وهي ما يتعلق بمصالح العمران كالطرق ومصادر المياه ومطارح القمامة وقنوات الـري ومراعي الماشية ، والغابات التي يستفاد منها للاحتطاب ، ويدخل فيها المباحات الاصلية ، فهذه أيضا مما هو وقف على المنفعة العامة ، فلا يملك بالشراء ولا بالاحياء ولا باي طريقة اخرى لضرورته للعمران ومنافع المجموع [63] وتعتبر ملكا لمجموع المسلمين ، ويدل عليها الحديث النبوي (المسلمون شركاء في ثلاث : فِي المَاءِ وَالكلأِ وَ النار وَثمنهُ حَرَامٌ) [64] وقال النجفي ان هذه الموارد لا تملك على وجه الاختصاص ، ولا يجوز حيازتها لواحد دون الغير [65] والمقصود حيازة المجموع مثل البئر أو النهر ، لان حيازة جزء غير مؤثر ، مثل بعض الماء يؤخذ من النهر أو البئر فحيازته غير ممنوعة [66] إلا إذا زادت فوصلت إلى حد الاضرار بحق الغير [67].
ويستدل على ملكية الناس لتلك الموارد ، بالايات التي وردت في تسخير الخالق جل وعلا ، ما خلقه في البر والبحر للانسان مثل قوله تعالى (ألم تر ان الله سخر لكم ما في السماوات وما في الارض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ..) [68] والايات التي أوضحت خلافة الانسان لله ، مثل (وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) [69] والتي يفهم منها جميعا ان الله سبحانه ، قد وضع هذه العناصر تحت تصرف الانسان بما هو مخلوق لله ، وخليفة له في ارضه [70].
وقد ذكر المال العام في القرآن الكريم ، بصيغة النسبة إلى المخاطبين ، أي مجموع المسلمين ، وذكرت خصوصا في تسويغ قيام المجتمع باستخدام سلطته ، لمنع تضييع هذا المال ، مثل قوله تعالى (ولا تأكلـوا أمـوالكم بينكم بالباطل وتدلـوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من اموال الناس بالاثم وانتم تعلمون) [71]وقال (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل إلا ان تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما)[72] وقال سبحانه (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما) [73].
وقال الطباطبائي في تفسيره للآية الاولى ان تقييد الحكم الوارد في قوله تعالى (ولا تأكلوا اموالكم) بقوله (بينكم) فيه دلالة على ان جميع الاموال لجميع الناس ، فهي كالشارحة لقوله تعالى (خلق لكم ما في الارض جميعا) فالاصل ان ما خلقه الله على هذه الارض ملك للناس ، وقد تكرر ذكر هذا الاصل في الايات القرانية في أكثر من 100 مورد بالفاظ مختلفة ، مثل الملك والمال والاستخلاف ولام الملك [74] .
كما ذكر في تفسيره للاية المباركة (ولا تؤتوا السفهاء اموالكم …) ان فيها دلالة على حكم عام، وهو ان المجتمع ذو شخصية واحدة ، له كل المال الذي اقام الله به صلبه وجعله له معاشا ، فيلزم على المجتمع ان يدبره ويصلحه وينميه، ويرتزق به ارتزاقا معتدلا ، ويحفظه من الفساد والضياع [75] ان مالكية مجموع الناس لمجموع المال ، حقيقة قرآنية هي أصل لاحكام وقوانين هامة تفيد ان ملكية الخالق له ملكية حقيقية وانه جعله قياما للناس ، وقفا لمجموعهم ، دون اختصاص لشخص ، وقفا ثابتا دائما ، ثم اذن في اختصاص كل منهم ببعضه بطرق الحيازة المشروعة مع مراعاة المصلحة العامة وترجيحها على المصلحة الخاصة حيثما تزاحمتا [76] .
ويمكن تصور الملكية ـ من حيث تسويغها للحق في التصرف ـ على وجهين :
 اولهما : الاختصاص الحقيقي والمباشر ، مثل ملكية شخص محدد لحيوان أو قطعة ارض .
 والثانية : ملكية جزء مشاع ضمن كل يشارك فيه الغير ، مثل ملكية انسان واحد للمشتركات في بلده ، كالمراعي ومصادر المياه العامة وغير ذلك ، فهذه ملكية للمنافع لا للرقبة ، فان له حق الانتفاع بقدر ما يحتاج ، لا لكونه مالكا منفردا ، بل لانه شريك في القدرة على التصرف ، والقدرة على التصرف هي وجه من وجوه الملك ، بدليل قدرته على اخراج بعضه من حالة الاشتراك إلى الانفراد ، مثل قطعه حطب الغابة أو عشب المرعى أو سوقه لبعض ماء النهر إلى زرعه الخاص ، أو استخراجه لما في باطن الارض من معادن . وأمثال ذلك من الموارد المشتركة للجماعة ، ومقصودنا ان هذه الدرجة من الملكية ، وان لم تكن تامة ، إلا انها تفيد معنى العائدية وتسمح بتدخل المالك (المنتفع) كما تمنع دخالة الغير الذي ليس شريكا .
فالجماعة تملك هذه العناصر على وجه المشاع ، ولا يقدح في هذا القول ان الملكية لا تقتصر على الجيل الحاضر بل تشمل الاجيال التالية ، فكل جيل يملك بعضها إذا لم نقل بملكية المجموع .
 لكن على الرغم من ذلك فان حدود الملكية غير واضحة ، فاستغلال ما هو مملوك للجماعة في منفعتها ، أما ان يكون باطلاق حق الحيازة بحسب الحاجة أو القدرة ، والثاني موجب لظلم الضعيف ، أو ان يكون باقامة هيئة مشتركة وظيفتها ادارة استغلال هذه الموارد [77] خاصة تلك التي يعجز عنها الافراد بمفردهم ، بحيث يصرف واردها في منفعة الجماعة [78] ولا سيما في الامور التي لا يسع الجماعة تركها وليس لها مكلف خاص بها ، مثل تهيئة العدة للدفاع عن ارضهم ، وبناء السدود التي تحميهم من الفيضان ، والطرق التي تسهل تنقلهم وما إلى ذلك ، مما صنف في الفقه الاسلامي باعتباره امورا حسبية [79] وكذلك تخصيص بعضها لبعض الافراد على وجه التملك أو الانتفاع ، أو ملكيتها بالاحياء ، وهذه كلها تلزم وجود هيئة ، هي موضع اجماع من المالكين ، لتقوم بالتخصيص والتصرف على الوجه الاحسن كي لا يتسبب الاختصاص في الفوضى والتعارض بين بين المصالح الفردية ، اضافة إلى حفظ المشتركات اللازمة للعمران ، وصيانتها وتنميتها .
وتظهر الدراسات التاريخية ، ان المجتمعات في كل الازمنة اوكلت المهمات المشتركة ، من الدفاع عنها ضد العدوان ، إلى العمران العام مثل شق الطرق وبناء السدود وتنظيف الانهار ، إلى هيئة السلطة ، وسمحت لها بالانفاق على هذه المهمات من الموارد المشتركة ، فان لم تكف ، فمن الضرائب التي تفرض على عامة الناس ، وعلى هذا سار الفقهاء ، حيث احتيج إلى المال لدفع ملمات تهم المجتمع كله ، دون ان يتوفر المال الكافي لدى السلطة [80] فهذه المهمات هي الجانب الثاني (الايجابي) من عمل السلطة ، والذي ارى ضمه إلى تعريف ضرورتها الاولية ، واعتباره ضمنا من موارد حسنها العقلي .
قد يشكل على الرأي السابق بأن حق التصرف الذي للسلطة في الاموال العامة ، ربما لا يكون ناشئا ـ بالضرورة ـ عن ملكية مجموع الناس لهذه الاموال ، وبالتالي فان الدولة لا تديرها وكالة عنهم ، بل لان لها ولاية أصلية عليـها ، أي ولاية مستقلة غير صادرة عن الناس ، وهم ليسوا مرجعها ، ويمكن التدليل على هذا القول بولاية الامام ، القائمة اصلا على تولية الله له ، وليس باختيار البشر ، فولاية من ياتي بعد الامام ، بحق أو بباطل ، لا تستمد مشروعيتها أو صحتها من اختيار الناس أو رضاهم ، بل لها مصدر آخر .
ولي في الرد على هذا الاشكال طريقان ، أذكر احدهما الآن ، وأترك الآخر إلى الفقرة التالية حين يصل البحث إلى أصالة ولاية الانسان على نفسه .
أما الطريق الاول فخلاصته ان الولاية على الاموال العامة ، ليست منفصلة عن الولاية السياسية (السلطة) وقد سبق بيان انها وكالة عن المجتمع ، ولا يقتضي هذا حصول الدور ، بمعنى ان القول بملكية الناس للاموال العامة اتخذ دليلا على كون السلطة وكالة ، ثم الاستدلال بهذه النتيجة ـ وهي متأخرة ـ لنفي الاشكال عليها ـ وهو سابق لها ـ اقول لا يحصل الدور لان جوهر المسألة هو ملكية المال العام ، فنحن نعلم انها ـ قطعا ـ غير مملوكة لشخص الحاكم ، وغير المالك لا حق له في التصرف إلا بمسوغ ، وبالنسبة للامام الحق ، فامامته هي المسوغ [81] أما غير الامام  فلا يوجد أي مسوغ لتصرفه حتى لو تولى السلطة ، إلا إذا جرى تسويغ سلطته بتفويض الامام ، وهو منتف لغيبته ، أو اذن نائب الامام [82] وقد عرضنا سابقا عدم قيام الدليل عليها في مورد الولاية خاصة ، فلا يبقى غير موافقة الناس الذين سيتولى عليهم ويتصرف في مالهم [83] لدلالة الحديث النبوي (المسلم أخو المسلم لا يحل ماله الا عن طيب نفسه) [84] ولأصالة سلطة الانسان على ما تحت يده [85] المدعومة بالرواية (الناس مسلطون على ما تحت ايديهم[86] بديهي ان ادلة ولاية الامام ليست ممتدة ولا دالة على ولاية غيره ، وعندئذ فان ادعاء ولاية غير الامام ، لا يقوم بمجرد نفي ملكية الناس للاموال العامة ، بل باثبات مصدر آخر لشرعية ولايته ، ومنه يظهر ان الاشكال غير ذي محل .
ثم ان الهيئة الاجتماعية المكلفة بادارة المال العام ، أي هيئة السلطة ، تقوم بهذه الوظيفة نيابة عن المالك الاصلي لتلك الموارد المشتركة ، وهو مجموع افراد المجتمع ، وحينئذ فلا بد من تصوير طبيعة العلاقة التي تربط بين صاحب الملك والقائم عليه ، وفي رأيي ان (الوكالة) هي الوصف الوحيد الذي يمكنه تفسير هذه العلاقة ، اذ البدائل منتفية ، فلا يصح القول بان حق السلطة في التصرف في الموارد العامة ، قائم على ملكيتها لهذه الموارد ، فالسلطة في الاصل ليست جهة حقيقية بل تمثيلية ، بمعنى ان الوظيفة هي علة وجودها ، وانها بالتالي ليست مالكا حقيقيا ولا اعتباريا ، بل مفوضة في التصرف ، ولهذا لم يجز لاحد اعضائها امتلاك شيء من الموارد العامة بمقتضى ولايته عليه ، ولم يجز له بيعها أو هبتها ، كما ان ولايته عليها وحقه في التصرف فيها تنتهي بمجرد تنحيه عن الوظيفة بالموت أو التقـاعد أو العزل ، ولا تبقى تحت يده كما لا تنـتـقل إلى ورثته بعد موته [87] وعليه تدل رواية محمد بن راشد (قلت لابي الحسن الثالث انا نؤتى بالشيء فيقال هذا كان لأبي جعفر u عندنا فكيف نصنع فقال ما كان لأبي بسبب الامامة فهو لي وما كان غير ذلك فهو ميراث على كتاب الله وسنة نبيه) [88]. وهذه الرواية تتعلق بالانفال ، أما القسم الاول أي الارض المفتوحة عنوة والمشتركات ، فلا كلام في عائديتها للامام أصلا ، رغم ولايته عليها .
ثم ان القول بملكية الدولة للمال العام ، لا يقوم إلا بنفي ملكية عموم المسلمين لها ، اذ لا تتصور المشاركة في الملكية ، إلا إذا ثبت طريق شرعي للتملك ، فالثابت ان ملكية المسلمين للمال العام متحققة بالامر الرباني ، ولم تثبت ملكية السلطة بدليل ، خاصة مع القول بان السلطة ليست شخصا حقيقيا ، بل اعتباري ، فما تملكه ، عائد إلى المالك الحقيقي الذي يقف وراءها .
 وحتى على القول بان حقيقة الملكية هي التصرف والقدرة على النقل ، وان هيئة السلطة تتمتع بهذه  القدرة ،  فان ابسط دليل على انتفاء ملكيتها للمال العام ، هو عدم قدرة الافراد القائمين بها على نقل هذا الملك بالتوريث أو البيع أو الاختصاص بثمن المبيع ، وهذا جار على كل صاحب سلطة حتى المعصوم [89] ولهذا أيضا تجري محاسبة اصحاب السلطة على ما يحصل تحت ايديهم من المال ، بينما لا يحاسب المالك العادي .
قد يشكل على الرأي السابق ، ان ملكية الناس لهذا المال ، لو ثبتت لجاز لكل منهم التصرف فيه دون استئذان احد ، والثابت ان التصرف مفتقر إلى اذن الوالي ، والجواب عليه ، ان الملكية لانها مشتركة على وجه الشياع ، فكل تصرف من فرد يقع على ملك غيره ، فيحتاج إلى اذنه ، ولان استئذان الجميع مستحيل فقد جاز استئذان وكيل الجميع وهو الوالي ، فالاذن هنا ليس دليلا على عدم ملكية الانسان الموجب لمنع تصرفه ، بل لمنع تصرفه في ملك غيره ، ثم ان بعض الفقهاء قد اجاز التملك بالاحياء مطلقا ودون حاجة إلى استئذان الوالي ، مستدلا بالنصوص الدالة على تحقق الملكية بمجرد الاحياء ، مثل قول النبي صلوات الله عليه (من احيا ارضا مواتا فهي له) [90] وما جرى مجراه من روايات [91] وهي تدل على ان الانسان مالك بالقوة ، ويتحقق ملكه الفعلي بالاحياء ، ولو لم يكن مالكا في الاصل ، لتعين طريق لنقل المال من مالكه الآخر .
وخلاصة ما يتضح من البيان السابق هو ان المال العام ، اعيانه ومنافعه ، مملوك لجميع الناس أو جميع المسلمين ، وقيام الدولة على ادارته والتصرف فيه ، معلل بكونها الجهة التي وظيفتها ادارة ما هو عام ومشترك بين الناس ، ولهذا فان تصرفها في هذا المال مشروط بمصلحة المالك الاصلي أي عموم المسلمين ، أو المسلمين من اهل البلد المعني .
وبناء عليه فان صيغة ما يجب ان تكون اطارا للعلاقة بين المالك (الناس) والموظف بالتصرف في هذا المال (الدولة) وقد سبق ان بينا ان هذه الصيغة هي الولاية ، وهي ثابتة للمعصوم حال حضوره بالنص ، أما مع غيبته فليس ثمة صيغة ممكنة سوى ما ينتج عن الاتفاق بين الطرفين ، مما يمكن وصفه بالوكالة .

أصالة ولاية  الانسان على نفسه

والغرض من هذه الفقرة ، بيان ان الانسان له الولاية الفعلية على نفسه وماله ، وان ولاية غيره عليه تفتقر إلى دليل . فقد ذكرت سابقا ان الفقهاء متفقون على ان الامام يلي الاموال العامة ، باعتباره جهة السلطة [92] أما على القول بان السلطة التي يرأسها ، وكيل عن الناس ، وهم المالك الاصلي ، أو على القـول بانها واقعة تحت الولاية الاصليـة لله (الولايـة الربانية بالخلق والانشاء) وانتقـلت اليه بواسطة الرسول r [93] فالامام ولي عليها بمقتضى ولايته المتفرعة عن ولاية الخالق سبحانه .
فاذا قلنا بالاول فلا خلاف ، واذا قلنا بالثاني ، فان المؤدى ان موضوع الولاية ، أي المال العام ، يبقى في عهدة الجهة التي تقوم بوظيفة الامام بعد غيبته ، وهذا احد مفاتيح الرأي الذي أذهب اليه ، وخلاصته ان الولاية الربانية على الناس ، وهي كما نعرف ولاية تكوينيـة سببها الخلق والانشاء [94] تترجم في بعض ابعادها على صورة ولاية فعلية مادية ، يختص بها المنصوب ـ نصا وتخصيصا ـ من قبل الله سبحانه ، أي الرسول ثم الامام ، فاذا لم يوجد ، وقدر الناس على ترتيب وسيلة اخرى ، عادت الولاية إليهم ، لانهم في الاصل لم يكونوا عاجزين عن الولاية على انفسهم ، شأن كل عاقل ، وانما لزمت ولاية المعصوم ، لطفا بالناس ، وتمكيـنا لهم من بلوغ الغاية القصوى من الاحسان [95] وهذا يشبه وضع القاصر الذي يليه جده أو احد العدول ، فاذا بلغ رشده انقطعت ولاية وليه عليه ، لزوال الحاجة اليها [96] كما يمكن مطابقته مع صورة الهداية الثانية الواردة في الآية المباركة (يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام) [97] فالولاية بذاتها ليست غرضا ، بل هي وسيلة إلى غرض آخر ، وهو السلوك بالمؤمن سبيل الاحسان ، فان امكن بلوغه باي طريق لم يعد ثمة داع للتمسك بهذا الطريق دون غيره ، بكلمة أخرى فان الولاية ليست مطلوبة لذاتها بل لطريقيتها ، وهذا جوهر نظرية اللطف والتمكين [98].
هذه الولاية ليست في الاصل لحفظ النظام ، ان السلطة بدون أي قيد هي الضروري ، هذه الولاية غرضها توجيه الناس وهدايتهم ، وتمكينهم من النهج الحق أي التزام اوامر الله ونواهيه .
قد يرد على هذا ان الولاية مقام مخصص للمعصوم [99] وليس لغيره ولاية ، كما انها ليست قابلة للانتقال منه إلا بدليل ، وقد استفيد من مجمل الادلة للقول بنقلها إلى نائب المعصوم أي الفقيه .
وفي رأيي ان هذا القول غير صحيح ، لما ثبت من ان للمؤمن ولاية ، بنص القرآن في قوله تعالى (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) [100] وهي وان لم تفد المعنى الكامل للولاية ، إلا انها تفيد دون شك معنى اهلية كل مؤمن للولاية [101] وهذا بحد ذاته دليل قاطع على بطلان القول بان الانسان لا ولاية له بصورة مطلقة .
لكن هذا ليس محل النقاش ، بل تخصيص مقام الولاية للمعصوم ، وعدم قابليتها للانتقال عنه ، فالذي يظهر لي ان ولاية المعصوم ليست اصلية بما يماثل ولاية الله ، فولايته سبحانه تكوينية ربانية عائدة إلى تفضله بالخلق والانشاء [102] وقد تعينت ولاية المعصوم بالنص القرآني أو النبوي [103] أي بالتعيين ، لا بالتكوين ، فهي تشريعية ، ثم ان الانسان هو الولي بعد الله على نفسه ، وهذا يطابق القول بانه لا ولاية لاحد على احد ، لان الناس متساوين في العبودية لرب البرية [104] فكل انسان ولي ـ بعد الله ـ على نفسه [105] إلا إذا ثبت بدليـل ولايـة غيره عليه [106] وقد ثبـتت ولاية المعصوم بالنص [107] فحين غاب لم يعد ثمة ولاية فعلا ، فتعود الامور إلى معهودها ، ووهذا ما دعا العلامة الطباطبائي إلى الجزم بانه لا اشكال في ان أمر الحكومة بعد غيبة المعصوم عائد إلى المسلمين [108] فلوكان ثمة ولاية عليهم لعاد امر الحكومة إلى الولي لا اليهم .
ثم ان ولاية الانسان على نفسه ، واقعة في عرض ولاية غيره عليه ، بل وراجحة عليها في العموم ، حتى مع القول بأولوية ولاية المعصوم على نفس الانسان من الانسان ، لان مقام الولاية الدنيوية الثابتة للمعصوم ثم الرئيس ، ليست من جنس الولاية الربانية ، لان ولاية الخالق تكوينية وولاية المعصوم تشريعية ، فلا تقارن هذه بتلك ، إلا بالنظر إلى احد المتعلقات وهو الطاعة ، والطاعة كما نعرف ليست فرعا عن الولاية بل عن الامر بموضوعها [109] ولهذا جادل بعض الفقهاء في وجوب طاعة المعصوم في اوامره الشخصية [110] باعتبارها خارجة عن موضوع اشتغال الولاية ، فالولاية بذاتها ـ ولا سيما الجبرية منها ـ لا تستوجب الطاعة ، حتى للمعصوم ، إلا عندما يخرج الانسان عن حدود الاحسان ، لقوله تعالى (ما على المحسـنـين من سبيل) [111] أما في غيره ، فيلزم منه رضا المولى عليه وقبوله لمقدمات الامر أو للامر ذاته ، بكلمة اخرى فان ولاية الانسان على نفسه عامة مطلقة ، وهو قادر على تجنب ما يضعه تحت ولاية المعصوم بتحاشي الخروج عن سبيل الاحسان ، أما ارجحية ولاية المعصوم فهي محددة بحال التزاحم ، ونعلم ان التزاحم استثناء من القاعدة ، فظهر انها اضيق نطاقا من ولاية الانسان على نفسه .
ودليلنا على ان كل مؤمن أهل للولاية قوله تعالى (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) [112] وحسب المنتظري فان الولاية المذكورة في الآية ليست من مقام بيان الاحكام ، بل من مقام الولاية المولوية والسلطة الشرعية [113] .
ودليلنا على اصالة ولايـة كل انسان على نفسه ، قوله تعالى (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) [114] فكلمة أولى في صيغة افعل ، تفيد ترجيح احد الجانبين [115] المتحدين في الماهية ، الذين يفترض سلفا احتمال التساوي بينهما ، فكأن الفهم السابق ، هو ان ولاية النبي على المؤمن مساوية لولاية المؤمن على نفسه ، فجاءت الآية لتقرر ان ولاية النبي عليه ، ارجح من ولايته على نفسه واعلى [116] فهي تثبت ان للمؤمن ولاية على نفسه ، وتثبت ان ولاية النبي راجحة ، ويفهم من الرجحان انه يجري في حال التزاحم ، وحيث لا تزاحم فانه لا موضوع للمفاضلة .
ثم ان استعمال القرآن للفظة (أولى) يدل ـ كما سلف ـ على الترجيح ، وهو في الوقت ذاته يدل على تثبيت الراجح والمرجوح معا ، فلا محل لاحتمال ان ولاية النبي على نفس المؤمن ، تؤدي أو تعني نفي ولاية المؤمن على نفسه ، بل تخفيض مرتبتها عند تزاحمها مع ولاية النبي لازالة هذا التزاحم [117] وهي في هذا المقام بمثابة المخصص لعموم ولاية المؤمنين على بعضهم ، الواردة في آية (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) [118] .
وذكر الشيخ الانصاري تفسيرا لمعنى الولاية ، قد يمكن الاستفادة منه في توضيح فكرة ولاية الانسان على نفسه ، فهو يقول ان الولاية وان اشتهرت بكونها جبرية على القاصر مثلا ، إلا انها في الحقيقة له لا عليه [119] فمتعلقها ليس الشخص نفسه ، بل ما ينتج عن تصرفاته ، فهي وسيلة لتحديد تصرفاته في ما يقتصر على الصلاح ، ويمكن القول ان ولاية الحاكم على سائر الناس ، وان اشتهرت بانها تفيد معنى الولاية على النفوس ، إلا انها في الحقيقة ولاية لهم ، لا عليهم ، أي ان متعلقها ليس نفس الانسان ، بل ما هـو مشترك بينه وبين الغير ، فالانسان ضمن حدوده الذاتية ، لا ولاية لاحد عليه ، لكن موضوع الولاية يوجد ، حين تقوم علاقة بينه وبين الغير ، حيث يصبح حينئذ موضوعا للقانون.
ونستطيع التمثيل لهذا بتصرفات الانسان داخل بيته ، فهو يستطيع ان ياكل ما يريد ويلبس ما يريد ويقول ما يريد ويفعل ما يريد ، شرط ان لا تؤثر هذه التصرفات على الغير ، فالاحكام التي تتعلق به في ذلك الظرف هي الاحكام الالهية الواجبة الاطاعة ، عند الانفراد والاجتماع ، وهي قائمة على اصل  التكوين والخلق الذي سبق الاشارة اليه ، فهي تتعلق بالانسان في كل احواله ، منفردا أو مجتمعا ، دون فرق ، لانها قائمة على اصل العلاقة بين العبد والمالك ، المخلوق والخالق .
أما ولاية الحاكم ، فهي قائمة على ضرورة النظام واشتراك الانسان في الحياة الاجتماعية ، أي ـ بكلمة اخرى ـ ان ولاية الحاكم على الانسان هي الثمن الذي يدفعه الانسان مقابل التمتع بفضائل الحياة الاجتماعية ، ولهذا فانها لا تتحول إلى فعلية بالنسبة للشخص نفسه ، إلا حين تظهر تصرفاته غير المقبولة إلى العلن ، فتدخل حينئذ في دائرة المشترك مع الغير ، أي ضمن مجال فاعلية الولاية .
ومن هذا يظهر ان ولاية الحاكم على الانسان ، ليست مثل ولاية الله تعالى ، من حيث الشمول والاستمرار وموضوع الاشتغال ، وثانيا انها ولاية للانسان على ما هو مشترك بينه وبين الغير ، وليست ولاية عليه ، فموضوع الولاية هنا هو المشتركات وليس الانسان نفسه .
وخلاصة ما نراه هنا هو ان الولاية شان رباني في الاصل ، وهي تكوينية ، أما الفعلية فهي للناس على انفسهم ، لانهم عقلاء ، وانما لزمت للمعصوم بالنص ، ولما قيل من ادلة التمكين أو اللطف ، فاذا غاب المعصوم ، عادت إلى صاحبها أي الانسان نفسه.
فاذا ثبت ان للانسان ولاية على نفسه ، غير مزاحمة ـ واقعيا ـ بوجود المعصوم ، فانه ليس لاحد التسلط عليه أو امره أو نهيه إلا بمسوغ ، والمسوغ المعقول في رأينا هو قبول الانسان نفسه لرئيس فوقه [120].
ثم ان الولاية مطلقا ، هي ـ اضافة إلى حفظ النظام ـ وسيلة لادارة الموارد العامة ، وتنظيم سبل الحياة لترقية الشعب ، فهي هنا وظيفة لادارة العام والمشترك بين الناس ، واستعمال القوة المتولدة عن الاجتماع في منفعة المجموع ، وهو ما لا يمكن لاي فرد القيام به بمفرده ، وحسب العلامة النائيني فان (من الثابت لدينا ، ان أصل السلطة في الاسلام ، بل في جميع الشرائع السماوية السابقة ، يرجع إلى باب الامانة والولاية ، أي ولاية احد المشتركين في المصلحة على انجاز حاجات البقية ، دون تمييز له بما يتجاوز حقه ، ومع اشتراط ضمان ان لا يتحول بالولاية ، إلى الاستفراد والتحكم ، وتقديم اراداته الشخصية على ارادة المجموع ، فهـذه الحقيقــة من اظهر الضــروريات في الدين الحنـيف ، بل في كل الاديان والشرائع) [121] .
ولان حقيقة السلطـة كذلك فان قيام بعض افراد المجتمع بادارة ما هو مصلحة مشتركة للمجموع ، يقتضي تنازل كل فرد عن جزء من مختصاته ، وتتضمن هذه المختصات جزء من ولاية الانسان الخاصة على نفسه ، وجزء من ماله ، وجزء من رغباته .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل يجوز للانسان ان يتنازل عن هذه الاشياء ؟ .
وأرى ان ذلك جائز ، بل هو مفاد القول بتباني العقلاء على حسن السلطة ، فالعاقل يبذل ما تحت يده ، لقاء ما هو اصلح وانفع ، والثابت ان الحياة في الجماعة والاستفادة من الموارد المشتركة التي سخرها الخالق للخلق ، لا تتم إلا بالاجتماع والتعاون [122] وايكال المشترك إلى من يديره ، وقد مثل له العلامة النائيني بتكليف احد المشتركين في منفعة الوقف المشترك ادارته لمصلحة الجميع [123] فنفس التوكيل يتضمن تنازلا عن بعض المختصات ، ومنها جزء من ولاية الانسان على نفسه وجزء من ولايته على ما يشترك فيه مع الغير .
لكن هذا التنازل ، لا يتضمن انتقال الملك ، ولهذا فانه اقرب إلى مفهوم الوكالة ، فكأن مجموع الشعب في بلد ، وكلـوا احدهم ليقوم مقامهم في ادارة ما هو مملوك بصورة مشتركة أي مشاعا ، وادارة ما لا يستطيع كل منهم القيام به بمفرده ، وتنازلوا لهذا الوكيل عن جزء من ولايتهم على انفسهم واملاكهم ، لقاء مصلحة منظورة ومعروفة ، تفوق قيمتها ما جرى التنازل عنه .
 ومقتضى هذه النتيجة :
اولا : ضرورة وجود صيغة واضحة لتحديد طبيعة العلاقة بين المتنازل والمتنازل له ، والمكاسب المقابلة التي يحصل عليها مقابل التنازل .
ثانيا : بما ان الامر يقوم اصلا على توافق عقلائي بين طرفين ، فلكل منهما وضع ما شاء من الشروط التي تضمن حفظ حقوقه وحصوله على المكاسب التي يأملها من وراء تنازله عن مختصاته .

دور الشعب

بناء على النتائج السابقة ، فانه يمكن الادعاء بوجود امكانية لتاسيس نظرية للسلطة ، تستند إلى نفس الادلة المتعارفة في الفقه الجعفري ، مضمونها ان الامة هي صاحبة السلطة ، وانها بالتالي تملك المسوغ الشرعي لتنظيم الطريقة المناسبة لتعيين من يقوم بها نيابة عن الجماعة .
وما دمنا قد وصلنا إلى هذه النقطة ، فمن المفيد ان نسلط الضوء ولو بصورة مختصرة على الارء المتداولة بين الاسلاميين ، بشأن دور الشعب في السلطة .
يذهب الرأي المعياري في الفقه السني إلى ان البيعة هي التي تضفي الشرعية على الحكم [124] وهم ينطلقون في ذلك من ان اقامة الحكم واجبة على الناس [125] وقال متكلمو الشيعة الاقدمون بانه لا دخالة للناس في نصب الامام [126] وقد اوضحنا في فصل سابق ، ان هذا مختص بالامامة الدينية دون الولاية السياسية [127].
وقال ابرز فقهاء السنة المتقدمين انه يكفي في البيعة بضعة رجال ، أو أهل مدينة واحدة ، رجوعا إلى ما جرى في زمن الصحابة الاوائل [128] وقال بعضهم ان الخليفة يتعين باختيار اهل الحل والعقد في البلاد [129] وقال بعض الزيدية ان الامام متعين متى ما استكمل الصفات الواجـبة في الامام ودعا الناس [130].
بالنسبة للشيعة ، فان ظهور المرجعية ترافق مع قيام نظام غير مكتوب لانتخاب المرجع ، يقوم على الاختيار الحر من جانب المكلفين لمرجعهم ، الذي يصبح بالنسبة لهم حاكما شرعيا واجب الطاعة في الامور الدينية [131] .
ولعله يمكن القول ان انعدام طريق آخر شرعي لتعين الحاكم ، لا يترك مجالا لغير الانتخاب ، رغم عدم القطع بأي دليل عليه بالخصوص ، سوى الرجوع إلى اعتبار رضى الامة شرطا في تعين رئيسها [132] وقدم السبحاني عرضا موسعا لاثبات مشروعية انتخاب رئيس الدولة ، وكونه مقدمة لمشروعية قيامه بامر الرئاسة ، وفيه استدلالات تصلح لاثبات ما هو اعلى من هذا المورد ، لكنه لم يبذل جهدا في مناقشة الآراء المعارضة [133].
وقد قرر دستور الجمهورية الاسلامية الايرانية ، نظاما يجمع بين الانتخاب الحر من قبل عامة المكلفين ، واختيار اهل الحل والعقد ، حيث ينتخب الايرانيون اعضاء مجلس الخبراء ، ويقوم هؤلاء بدورهم بانتخاب ولي الامر الولي (الفقيه) [134].
لكن ينبغي الالتفات إلى ان ما قدمناه من كون السلطة ملكا للشعب ، وما يترتب عليه من كون رايه هو الاساس في شرعية تولي السلطة ، لا يتحدد  قصرا في البيعة أو الانتخاب ، فهذه هي احدى تجسيدات المسألة ، ان جوهر المسألة هو كون الشعب مرجعا اخيرا ، أي كونه سيدا للدولة ، وبهذا المعنى فان ولي الامر لا يتمتع بمشروعية مستقلة ، ولا يستمد مشروعية عمله من أي جهة أخرى سوى الشعب .
الذين قالوا بان الشعب ليس مرجعا للدولة ، وجادلوا في صحة اختيار الشعب للرئيس ، انطلقوا من مقولة ان الحاكمية لله ، ولهذا أيضا فانهم لا يرتضون فكرة تمثل الشعب في مجلس له سلطة وضع القانون ومحاسبة الرئيس [135]) لانهم يرون ان الامام (الرئيس) له سلطة مطلقة ليس فوقها سلطة ، كما قالوا بان التشريع ليس من حق الناس بل من حقوق الله [136]) دون ان يحددوا وسيلة لمعالجة الموضوعات الجديدة ، ولا سيما في الكيفية التي يتحول بها الحكم إلى قانون عام ، وعلى أي فان هذا الاحتجاج قابل للدفع ببعض المعالجات الدستورية .
لكن جوهر المسالة يبقى في مصدر السيادة والسلطة ، الامر ـ بكلمة اخرى ـ لا يتعلق بالتشريع بل بالسيادة ومشروعية ممارسة السلطة ، فالبديهي ان التشريع ، بمعنى القواعد العامة والثوابت والاحكام المنصوصة ، تستمد من مصادر الشريعة الاصلية ، والاحكام في المتغيرات والمستجدات ، يرجع فيها إلى اهل الاختصاص ، وهم الفقهاء العدول فيما هو موضوع للفقه ، وهذه ليست ضمن مجال نقاشنا ، انما مجاله هو ممارسـة الولاية السياسية ، ضمن اطار الشرع القويم ، فنحن نقول ان الحاكمية العليا لله سبحانه ، أي لشريعته ، أما السيادة أي المسوغ الذي يسمح لشخص أو جهة بممارسة الامر والنهي والتصرف في اموال الناس وانفسهم ، فهو رضى عامة الامة [137]) في كل قطر من اقطارها ، لان الناس هم المخاطبون بالاحكام العامة [138]) ولا سيما تلك التي تقتضي تشكيل حكومة ، فكيفية الحكم وحدوده راجعة اليهم.
ان جوهر المسألة كما عرضنا آنفا هو موقع الشعب من السلطة ، ونعتقد ان السلطة في الدولة الاسلامية ملك للشعب ، فاذا قرر تخويل ممثليه السياسيين (البرلمان مثلا) محاسبة الرئيس أو بعض معاونيه أو أي جهاز أو مسؤول في الدولة ، فله الحق في ذلك ، لانه مالك الدولة ، والدولة هي جهاز الموظفين المكلف من جانب الشعب ، وباموال الشعب ، ادارة اموره العامة والمشتركة .
وقبل ان ننهي هذه الفقرة ، نود الاشارة إلى الرأي القائل بان اهل الحل والعقد يمكن ان ينوبوا عن الشعب في تعـيين الرئيس [139]) ومحاسبته ، وهذا القول وان بدا معقولا ، إلا انا لا نجده افضل مما قلنـاه ، اضافة إلى انه معيب بان تعـريف اهل الحل والعقـد يحتمل الخـلاف ، وانه يستبعد عامة الناس [140]) وهذا يخالف مفهوم الوكالة التي نقترحها لتعريف العلاقة بين الشعب والسلطة ، فضلا عن عدم صدقية تمثيل اهل الحل والعقد لبقية الناس ، مالم يعبر عن هذا التمثيل صراحة وتفصيلا  ، بل يمكن القول ان جوهر فكرة انتخاب اهل الحل والعقد للرئيس ، تخالف جوهر فكرة ملكية الشعب للدولة ، بمثل ما تختلف فكرة التمثيل عن فكرة الوكالة .





[1] الطباطبائي ، محمد حسين : الميزان في تفسير القرآن 1/116 مؤسسة الاعلمي ، بيروت
[2] العلامة الحلي : الالفين 26 مكتبة الالفين ، الكويت 1985
  أيضا الطوسي : الاقتصاد 183
[3] الصابري : الهداية إلى من له الولاية 39
[4] الانفطار 7-8
[5] الاسراء 70
[6] الشيرازي ، صدر المتألهين محمد بن ابراهيم : تفسير القرآن الكريم 2/299 ط 2 انتشارات بيدار ، قم 1366 هـ.ش.
   أيضا الغنوشي ، راشد : الحريات العامة في الدولة الاسلامية 52
[7] البقرة 30
  وذكر بعض المفسرين ان خلافة الانسان المذكورة في الاية ، ليست خلافة عن الله بل عن خلق سابق على الانسان كالجان أو غيرهم . انظر الطوسي ، محمد بن الحسن : التبيان في تفسير القرآن 1/131 تحقيق احمد حبيب العاملي. دار احياء التراث العربي ، بيروت .
   لكن الطباطبائي عارض هذا الرأي ، قائلا ان سياق الاية ، ولا سيما قوله تعالى (وعلم آدم الاسماء ..) تدل على انه خليفة لله لا لخلق سابق . الطباطبائي : الميزان في تفسير القرآن 1/116 وهذا أيضا رأي صدر المتالهين : المصدر السابق .
[8] المشهدي ، محمد رضا القمي : كنز الدقائق وبحر الغرائب 1/318 وزارة الارشاد الاسلامي ، تهران 1366 هـ.ش
[9] الشمس 7-8
[10] البلد 8-10
[11] المجلسي ، محمد باقر : بحار الانوار 3/281 عن غوالي اللئالي .
 وقال في شرح الحديث ان المولود يولد على التوحيد والايمان بالله ، وان الانسان قادر على ادراك الوهية الله حتى لو لم تبلغه الدعوة ، وقال المرتضى في معناه انه يولد للفطرة وهي الدين ، بمعنى ان غرض الخلق هو التدين .
وورد منسوبا إلى الامام الصادق مع اختلاف يسير في الالفاظ . الحر العاملي : وسائل الشيعة 15/125
[12] الروم 30
[13] الشورى 14
[14] الفتح 29
[15] احمد بن حنبل : المسند 4/270
[16] انظر الشيرازي ، ناصر مكارم : القواعد الفقهية 1/113  ط 3 مكتبة الامام امير المؤمنين ، قم 1411
  أيضا المصطفوي ، محمد كاظم : مائة قاعدة فقهية 149 قم 1412
[17] ذهب فريق من الخوارج والمعتزلة إلى ان السلطة ليست حاجة اصلية ، وانما تجب لردع الفساد ، فلو عدم لم يكن ثمة ضرورة لها ، فلو ان المسلمين تناصفوا فيما بينهم، وبذلوا الحق من أنفسهم لم يجب عليهم أن ينصبوا إماما يتولى ذلك . وهو قول لم يوافقهم فيه أي من المسلمين على اختلاف مقالاتهم . انظر القرطبي : الجامع لاحكام القرآن. تفسير الآية 30 من سورة البقرة.
[18]  افلاطون : الجمهورية 56 ترجمة حنا خباز ، دار القلم ، بيروت
[19] الوردي ، علي : منطق ابن خلدون 251 ط2 دار كوفان ، لندن 1994
[20] الصدوق : علل الشرائع 253  وقد وردت هذه الفقرة ضمن نص طويل كتبه ابن شاذان مؤلفا من منقولاته عن الامام علي بن موسى الرضا u .
[21] انظر المرتضى : رسائل الشريف المرتضى 4/339
     أيضا الطوسي : الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد 184
[22] البحراني ، ميثم : النجاة يوم القيامة في تحقيق امر الامامة 48
[23] يقول الشيخ الاصفهاني في سياق حديثه عن الولاية (الاراضى الخراجية فالاخبار بالولاية للامام u عليها مستفيضة مع بسط يده وتمكنه من صرف حاصلها في مصالح المسلمين ، والفقيه بناء على عموم النيابة كذلك بالشرط المذكور ، ففي الحقيقة انما له الولاية بما هو رئيس المسلمين وحافظ حوزة المؤمنين ، ومع عدم التمكن من التصرف على الوجه المزبور يرجع الامر إلى من يقوم بهذا الامر ، وان كان متغلبا لان فوات مصلحة قيامه بالامر لا يسوغ تفويت مصالح المسلمين) الاصفهاني : حاشية المكاسب 1/216
     انظر أيضا بحر العلوم : بلغة الفقيه 1/251
[24] الهندي : كنز العمال 3/468 حديث 7466
[25] ابن رشد ، ابو الوليد محمد بن احمد : الضروري في السياسة ، مختصر كتاب السياسة لافلاطون 106 ترجمة د. احمد شحلان ، اشراف محمد عابد الجابري ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت 1998
انظر ايضا : افلاطون : الجمهورية 111
[26] يقول الطوسي في بيان مصارف المال العام (ما احتاج إليه الكراع وآلات الحرب كل ذلك من بيت المال من أموال المصالح ، وكذلك رزق الحكام وولاة الاحداث والصلوة وغير ذلك من وجوه الولايات ، فإنهم يعطون من المصالح ، والمصالح تخرج من ارتفاع الاراضي المفتوحة عنوة ، ومن سهم سبيل الله على ما بيناه .  ومن جملة ذلك مما يلزمه فيما يخصه من الانفال والفئ وهو جنايات من لاعقل له ودية من لا يعرف قاتله وغير ذلك مما نذكره ونقول إنه يلزم بيت المال) الطوسي : المبسوط 2/75
[27] الطوسي : التبيان في تفسير القرآن 5/244 في تفسير الآية المباركة (انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم ..) التوبة 60
  وقال السيوطي ان اجر العاملين على الزكاة بقدر عمالتهم فيها . السيوطي ، جلال الدين : الدر المنثور في التفسير بالمأثور 3/252 دار المعرفة ، بيروت
[28] يقول الامام علي في رسالة له إلى عماله على الخراج (فأنصفوا الناس من أنفسكم ، واصبروا لحوائجهم ، فانكم خزان الرعية ووكلاء الامة وسفراء الائمة) الشريف الرضي : نهج البلاغة 3/80
[29] الشريف الرضي : المصدر السابق
[30] نقل السبحاني عن امام الحرمين ان لاهل الحل والعقد من المسلمين خلع الامام ولو بالحرب إذا جار وظلم. جعفر السبحاني : بحوث في الملل والنحل 1/199 عن الجويني : شرح المقاصد 2/272. 
[31] قال الهادي يحيى بن الحسين ان إمامة الإمام تزول اذا أتى (بكبيرة من الكباير والعصيان فيقيم عليهم ولا ينتقل بالتوبة عنها ، فإذا كان كذلك وأقام على ذلك زالت إمامته / وبطلت عدالته ولم تلزم الأمة بيعته ، وكان عند الله من المخذولين المعلونين المسخوط عليهم الفاسقين ، الذين تجب عداوتهم وتحرم موالاتهم) الهادي يحي بن الحسين : الاحكام في الحلال والحرام 2/464
[32] انظر علي الوردي : منطق ابن خلدون 248
[33] انظر مثلا البحراني : الحدائق الناضرة ج 12، الانصاري : رسائل الشيخ الانصاري ج3
[34] انظر مثلا الانصاري : كتاب الخمس ، الشهيد الثاني : الروضة البهية 2/65 ، ابن فهد الحلي : الرسائل العشر 183
[35] انظر مثلا النجفي : جواهر الكلام 38/34 ، الشهيد الثاني : الدروس 294
[36] انظر مثلا الكركي ، الاردبيلي ، الشيباني ، القطيفي : الخراجيات ، بحر العلوم : بلغة الفقيه 1/210
[37] انظر مثلا الشهيد الثاني : مسالك الافهام 3/54 ، العاملي : جامع المدارك 5/228 ، الكركي : رسالة الارض المندرسة . ضمن رسائل المحقق الكركي 2/201 ، بحر العلوم : بلغة الفقيه 1/210
[38] انظر مثلا الاردبيلي : مجمع الفائدة والبرهان 4/333 ، الحكيم : مستمسك العروة الوثقى 9/596
[39] انظر مقدمة د. محمود البستاني لرسالة المحقق الكركي : قاطعة اللجاج . في الكركي وآخرون : الخراجيات 24
[40] بحر العلوم : بلغة الفقيه 1/211
[41] البحراني : الحدائق الناضرة 18/256
[42] النجفي : جواهر الكلام 38/17 
[43] بحر العلوم : المصدر السابق 216
[44] النجفي : المصدر السابق
[45] الاردبيلي : مجمع الفائدة والبرهان 7/471
[46] ابن ادريس : السرائر 1/477
  أيضا الاردبيلي : مجمع الفائدة والبرهان 7/470
[47] بحر العلوم : المصدر السابق 249
[48] الآخوند الخراساني : حاشية المكاسب 104
[49] الشهيد الثاني : مسالك الافهام في شرح شرائع الاسلام 3/55
[50] النائيني : المصدر السابق 332
[51] الكركي : قاطعة اللجاج في تحقيق حل الخراج ، ضمن الخراجيات 55
[52] الشيرازي ، ناصر مكارم : الامثل في تفسير الكتاب المنزل 5/325 في تفسير قوله تعالى (يسألونك عن الانفال ..) ط1 مؤسسة البعثة ، بيروت 1413
[53] الانفال 1
[54] الحر العاملي : وسائل الشيعة 9/521 ابواب الانفال وما يختص بالامام
[55] الطباطبائي ، السيد علي : رياض المسائل في بيان الاحكام بالدلائل 2/319 مؤسسة آل البيت للطباعة والنشر ، قم 1404
   أيضا : ابن ادريس : السرائر 1/479
[56] الحر العاملي : وسائل الشيعة 9/521 ابواب الانفال وما يختص بالامام
     انظر أيضا البحراني : الحدائق الناضرة 18/263
[57] النجفي : جواهر الكلام 38/15
[58]  الخميني : كتاب البيع 3/13
[59] الهمداني : مصباح الفقيه 3/108
   وانتقد السيد الخميني بشدة تمسك بعض الفقهاء بظاهر الروايات التي تدل على ملكية الائمة للارض وما عليها ، مثل تلك التي تمسك بها المرحوم الهمداني ، يقول في ختام بحثه عن احكام الارضين (أما ظواهر تلك الروايات فهي ضرورية البطلان ، ومخالفة للكتاب والسنة وفتاوى الفقهاء ، ولازمها مفاسد وأمور قبيحة يزرى بها المذهب الحق) الخميني : كتاب البيع 3/16
[60] بحر العلوم : بلغة الفقيه 1/251 ، 252
   أيضا  الجناجي : كشف الغطاء 415
     وعارض البحراني القول بوجوب تسليم الخراج إلى الجائر اختيارا ، وقال بان الاراضي الخراجية لا خراج عليها مع غياب السلطان العادل (الامام المعصوم) ، بل ان تسليم الخراج إلى الجائر اختيارا يدخل في باب التعاون على الاثم والعدوان وتمكين الجور . البحراني : الحدائق الناضرة 18/262
[61]  الخميني : كتاب البيع 3/14
[62] الشيرازي ، ناصر مكارم : المصدر السابق
     أيضا الكرمي ، محمد : التفسير لكتاب الله المنير 4/1 المطبعة العلمية ، قم 1402
[63] النجفي : المصدر السابق 38/34
[64] الهندي : كنز العمال 4/82 ح 9635
  ورواه الصدوق عن محمد بن سنان عن الامام الصادق . الصدوق : من لا يحضره الفقيه 3/238 ح 3874
  ونقله النوري عن ابن ابي جمهور  بلفظ (الناس شركاء ..) وهو يفيد ما هو اعم من المسلمين. النوري : مستدرك الوسائل 17/114 ح 20914
  أيضا السرخسي ، محمد بن ابي سهل : المبسوط 23/164. دار المعرفة ، بيروت.
  والحديث ضعيف لوجود عبد الله بن خراش في السند . ابن ماجة محمد بن يزيد القزويني : سنن ابن ماجة 2/826 ح 2472 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، دار احياء التراث العربي 1975
  ونقل العظيم ابادي عن الشوكاني في نيل الاوطار قوله ان احاديث الباب تنهض بمجموعها فتدل على الاشتراك في الأمور الثلاثة مطلقاً، ولا يخرج شيء من ذلك إلا بدليل يخصص به عمومها . العظيم ابادي ، محمد شمس الحق : عون المعبود شرح سنن أبي داوود ج 18 حديث 3547
أيضا الشهيد الاول : الدروس 294 كتاب المشتركات
[65]  النجفي: جواهر الكلام 38/35
[66] الآخوند الخراساني : المصدر السابق 104
[67] النجفي : المصدر السابق 38/116
[68] لقمان 20
[69] الحديد 7
[70] الطباطبائي : الميزان في تفسير القرآن 4/176
[71] البقرة 188
[72] النساء 29
[73] النساء 5
[74] الطباطبائي : المصدر السابق 2/53
[75] الطباطبائي : المصدر السابق 4/176
[76] الطباطبائي : المصدر السابق 4/177
[77] السبحاني ، جعفر : معالم الحكومة الاسلامية 632 دار الاضواء ، بيروت 1984
[78] بحر العلوم : بلغة الفقيه 1/256
[79] الاصفهاني : حاشية المكاسب 1/217
[80] الجناجي : كشف الغطاء 394
[81] الاصفهاني : حاشية المكاسب 1/240
[82] بحر العلوم : بلغة الفقيه 1/251
[83] السبحاني ، جعفر : معالم الحكومة الاسلامية 227
[84] النوري : مستدرك الوسائل 3/331
    أيضا ابن ابي جمهور : عوالي اللئالي 1/222
   أيضا البيهقي : السنن الكبرى 6/100 مع اختلاف يسير في النص
   وذكر النوري نصا للرواية منسوبا إلى الامام علي بن ابي طالب ، مع اختلاف يسير في المتن . النوري : مستدرك الوسائل 13/230 ومفاد الرواية من القواعد الثابتة التي عليها مدار الاحكام في الفقه الاسلامي .
[85] السبزواري : كفاية الاحكام 103
[86] ابن ابي جمهور : عوالي اللئالي 1/222 ومفهوم هذه الرواية مثل سابقتها ، من القواعد التي عليها مدار الاحكام ، ويندر ان يخلو منها بحث فقهي .
[87] الحلبي ، ابو الصلاح : الكافي في الفقه 261 في الانفال
[88] الحر العاملي : المصدر السابق 9/537 ح 12663
[89] الخميني : كتاب البيع 3/12
[90] الطوسي ، محمد بن الحسن : تهذيب الاحكام 7/152 ح 673
    أيضا البيهقي ، احمد بن الحسين : السنن الكبرى 6/99
    ونقل الطوسي رواية بنفس المعنى عن علي بن ابي طالب ونصها (من أحيا ارضا من المؤمنين فهي له). الطوسي : المصدر السابق 4/144 ح 404  وهي من اسباب الخلاف بين الفقهاء حول حق غير المسلم في تملك الموات بالاحياء . لتفصيل حول مورد النقاش واطرافه . انظر الخميني : كتاب البيع 3/23
[91] الخميني : كتاب البيع 3/22
[92] الخميني : كتاب البيع 3/12
   أيضا الشهيد الثاني : مسالك الافهام 3/54
[93] الخميني : المصدر السابق 3/25
[94] بحر العلوم : بلغة الفقيه 1/12
[95] العلامة الحلي : الالفين 26
[96] في انقطاع الولاية برشد المولى عليه ، يقول الحق سبحانه (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا اليهم اموالهم) النساء 6
    وقال الشيخ الانصاري في شرحه لمفهوم رواية (السلطان ولي من لا ولي له ) المنسوبة مرسلة إلى الرسول r (قوله من لا ولي له في المرسلة المذكورة ، ليس مطلق من لا ولي له ، بل المراد عدم الملكة ، يعني أنه ولي من من شأنه أن يكون له ولي ، بحسب شخصه أو صنفه أو نوعه أو جنسه ، فيشمل الصغير الذي مات أبوه ، والمجنون بعد البلوغ والغائب والممتنع والمريض والمغمى عليه والميت الذي لا ولي له ، وقاطبة المسلمين إذا كان لهم ملك كالمفتوح عنوة والموقوف عليهم في الاوقاف العامة ونحو ذلك) الانصاري : المكاسب 155
[97] المائدة 16
[98] يقول العلامة في شرح طريقية اللطف (الامام الذي حددناه إذا كان منصوبا يقرب المكلف بسببه من الطاعات ويبعد عن المقبحات وإذا لم يكن كذلك كان الامر بالعكس … وكل ما يقرب المكلفين إلى الطاعة ويبعدهم عن المعاصي يسمى لطفا) العلامة الحلي : الالفين 25
     انظر أيضا المرتضى : رسائل الشريف المرتضى 4/343 حول النسبة بين الافعال وما هو لطف منها .
[99] الطوسي : الاقتصاد 183
     انظر أيضا الشهيد الثاني : رسائل الشهيد الثاني 2/154
[100] التوبة 71
[101] قال الحائري في مناقشته لاستدلال الشهيد الصدر بهذه الآية على تساوي المؤمنين في الولاية ، بان الولاية من الالفاظ المشتركة التي تفيد أيضا معنى التآزر ، ولا دليل على حملها على خصوص معنى الولاية بالمعنى الذي نحن بصدده . الحائري ، كاظم : ولاية الامر في عصر الغيبة 163
[102] بحر العلوم : بلغة الفقيه 3/211
[103] الآخوند : حاشية المكاسب 92
[104] الجناجي : كشف الغطاء 394
[105] ولاية الانسان على نفسه ، ثابتة بانتفاء المعارض للاصل أي بعدم حدوث ولاية غيره عليه النافية أو المزاحمة لولايته على نفسه ، لان قيام الثانية محل الاولى يحتاج إلى دليل ، بينما الاولى لا تحتاج لانها الاصل الاولي ، كما عبر عنه الجناجي بقوله (الأصل ان لا سلطان لأحد على أحد ، فان الخلق متساوون في العبودية ووجوب الانقياد لرب البرية) الجناجي : المصدر السابق . وهذا الرأي محل اتفاق بين جميع الفقهاء .
[106] يقول النراقي في هذا الصدد (الأصل عدم ثبوت ولاية أحد على أحد الا من ولاه الله سبحانه أو رسوله أو أحد من اوصيائه على أحد في أمر ، وحينئذ فيكون هو وليا على من ولاه فيما ولاه) النراقي : عوائد الايام 186
[107] بحر العلوم : بلغة الفقيه 3/212 وهو يرى ان ولاية المعصوم ثابتة نصا وعقلا .
[108] الطباطبائي : الميزان 4/128
[109] بمعنى ان ولاية المعصوم على الانسان جارية فيما هو موضوع لها ، أي فيما يخص الانسان باعتباره جزء من المجتمع لا باعتباره قائما بذاته ، ولهذا فان الولاية لا تدخل فيما هو موضوع شخصي للانسان لا يتعلق بشخص آخر سواه ، ان ولاية الولي على المشترك بين الناس أي على ما يتضمن ارتباطا أو علاقة بين الانسان وغيره أما ما يتعلق به وحده فالانسان هو الولي الفعلي على نفسه فيه .
[110] الاخوند الخراساني : المصدر السابق 92
[111] التوبة 91
[112] التوبة 71
[113] منتظري : دراسات في ولاية الفقيه 2/225
[114] الاحزاب 6
[115] الطباطبائي : الميزان 16/288
[116]  قال العلامة الطباطبائي في تفسير هذه الآية (معنى الاولوية هو رجحان الجانب إذا دار الامر بينه وبين ما هو اولى منه ... ولو دار الامر بين النبي وبين نفسه في شيء من ذلك كان جانب النبي ارجح من جانب نفسه .. ولو دعته نفسه إلى شيء والنبي إلى خلافه أو اردت نفسه شيئا واراد النبي خلافه كان المتعين استجابة النبي (ص) وطاعته وتقديمه على نفسه ، وكذا النبي اولى بهم فيما يتعلق بالامور الدنيوية او الدينية كل ذلك لمكان الاطلاق في قوله النبي اولى بالمؤمنين من أنفسهم) الطباطبائي : المصدر السابق 16/291
     وذهب العلامة فضل الله إلى الرأي نفسه ، لكنه تحفظ على اطلاق الاولوية الذي قال به الطباطبائي . انظر فضل الله ، محمد حسين : من وحي القرآن 18/277 .
[117] رجح السيد بحر العلوم اقتصار ولاية الامام على معنى وجوب طاعته ونفوذ امره ، لا ان له التصرف في نفوس الناس واموالهم بمطلق ارادته (لقوة احتمال أن يكون المراد ـ في اية النبي اولى ـ بيان الاولوية عند التزاحم في التصرف ، وتقدم ارادته عند التخالف في الارادة ، بحيث لو أراد الانسان شيئا وأراد الامام غيره ، قدمت ارادته ـ النبي ـ على ارادته ـ الانسان ـ لكونه إنما يأمره بشئ أو ينهاه عنه ، ليس الا لمصلحة ملزمة راجعة اليه ، ضرورة أنه في مرتبة المكمل لنقص المولى عليه ، الذي اقتضى اللطف وجود مكمل له ، متبوع في أوامره ونواهيه ، بل ولو كان لمصلحة نفسه ، لرجوعها أيضا إلى مصلحة النوع المقدم على مصلحة الشخص ، فيرجع حينئذ إلى معنى الاول ـ الاوامر الشرعية ـ المدلول عليه بما سواه من الادلة ، فلا تكون ناهضة لافادة المعنى الثاني ـ الاوامر الشخصية ـ إذ لادليل على ثبوتها بهذا المعنى لهم كان مقتضى الاصل عدمه ، مؤيدا بما هو المعهود من سيرتهم في الناس على حد سيرة بعضهم مع بعض ، من الاستيذان من البالغة الرشيدة في تزويجها ، وبيع المال عن المالك باذنه وعدم التصرف في مال الصغير مع وجود وليه الاجباري ، وعدم التصرف في مال أحد إلا باذنه ، إلى غير ذلك من الموارد التي يقطع الانسان بمساواة معاملاتهم بين الناس مع معاملات بعضهم من بعض) بحر العلوم : بلغة الفقيه 3/215
[118] الطباطبائي : الميزان 16/272
[119] الانصاري : المكاسب 1/412
[120] السبحاني : معالم الحكومة الاسلامية 212
[121] العلامة النائيني : تنبيه الامة وتنزيه الملة 281
[122] الطباطبائي : الميزان 1/116
[123] النائيني : المصدر السابق 278
[124] الماوردي : الاحكام السلطانية 8
[125] الواعي ، توفيق : الدولة الاسلامية 207
[126] الشريف المرتضى : رسائل المرتضى 2/264
[127] يقول نجف ابادي ان البيعة هي التي تعطي حاكمية الامام عينيتها ، وتمنحه القدرة على الحكم ، أما قبل البيعة فامر الامام مثل الفتوى ، لا الحكم الولائي ، الذي هو صفة امره بعد البيعة . نجف ابادي : ولايت فقيه حكومت صالحان 68
[128] انظر الماوردي : الاحكام السلطانية 7
[129] ‏انظر الجزيري ، عبد الرحمن : الفقه على المذاهب الأربعة ج 5 القسم 2 مبحث شروط الإمامة . ضمن برنامج المحدث . اصدار 8.63
[130] المرتضى ، احمد : شرح الازهار 4/522
[131] انظر الحكيم ، السيد محسن : مستمسك العروة الوثقى 1/31 ط 4 مكتبة اية الله المرعشي ، قم 1404
[132] انظر الحائري : ولاية الامر في عصر الغيبة 160
[133] انظر السبحاني : معالم الحكومة الاسلامية 206
[134] دستور جمهورية ايران الاسلامية . المادة 107
[135] انظر نوري ، فضل الله : رساله حرمت مشروطه . في زركري نجاد ، غلامحسين : رسائل مشروطيت ، كتاب اول 151 انتشارات كوير ، تهران 1374 هـ.ش.
[136] انظر مالك العاملي : الفقيه والسلطة والامة 423
[137] السبحاني : معالم الحكومة الاسلامية 223
[138] الطباطبائي : الميزان 4/126
[139] ‏انظر الجزيري : الفقه على المذاهب الأربعة ، ج 5 مبحث أساس القوانين الشرعية.
[140] قال الشربيني في بحث البيعة (اختلف في عدد المبايع والأصح .. بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يتيسر اجتماعهم ،لأن الأمر ينتظم بهم ويتبعهم سائر الناس ولا يشترط اتفاق أهل الحل والعقد من سائر الأقطار البعيدة ولا يشترط عدد … بل لو تعلق الحل والعقد بواحد مطاع كفت بيعته ولزمه الموافقة والمتابعة ، وقيل لا بد من اثنين .. وقيل من ثلاثة .. وقيل من أربعين)  الخطيب الشربيني : مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج 4/130

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...