غرضي في هذه الكتابة هو
لفت الانظار الى حاجتنا لاتخاذ كارثة
الزلزال في سوريا وتركيا ، باعثا لانشاء نظام عربي مشترك ، للتعامل مع الكوارث
الطبيعية والمآسي العامة. هذه تجربة يجدر بنا ان نتعلم فيها كيف نتفادى الخسائر
وكيف نحولها الى فرص. لقد خسرنا في هذا الزلزال ما يزيد عن 30 الفا من اخوتنا.
فياويلنا ان مررنا بمصيبة كهذه فلم نتوقف ولم نعتبر.
دعنا ننظر ما حدث على
الجانب الآخر من الحدود: الفعالية الملفتة للحكومة التركية ليست فقط ثمرة
الامكانات المادية المتوفرة ، بل ايضا انفتاحها على العالم ، وتواضع ادارتها التي
بادرت بالاتصال مع كافة الحكومات والمنظمات الدولية لطلب العون ، ولهذا وصلتها فرق
بحث وانقاذ من 70 دولة كما
صرح رسميا ، بينما انصرفت سوريا الى العزاء على الضحايا ، فهل يعيد العزاء
ميتا او يعالج مشكلة؟. الم يكن الخيار الصحيح هو المبادرة بالاتصال بكافة الدول
العربية ودول العالم - حتى التي تقاطعها - لطلب العون ، بل الم تكن هذ فرصة لاعادة
ما انقطع من حبال الوصل؟. كيف يمكن لحكومة ان تحافظ على حياة شعبها وهي بهذا القدر
من الفتور والتردد؟.
يقال عادة – في سياق
التبرير للاخفاق – ان القوى الكبرى والاعلام العالمي احتشد وراء الحكومة التركية
واهمل دمشق. وهذا صحيح ، لكنه نتيجة وليس سببا. هل كانت دمشق تدرك أهمية الاعلام
ومع ذلك لم تبادر بدعوة وسائل الاعلام العربية والدولية كي تدعم جهودها. بيروت على
بعد ساعة من دمشق ، وفيها مئات من مراسلي الاعلام الدولي ، فهل كان صعبا عليها ان
تقنعهم بالمجيء في ساعات الحدث الأولى؟.
الغرض من هذا الكلام هو
التأكيد على ما ذكرته في اول المقال ، أي أهمية ان تكون هذه الكارثة درسا وعبرة ،
للسوريين وللعرب كافة ، بل لكل ذي عقل فالسعيد "من اتعظ بتجارب غيره"
كما ورد في
الأثر الشريف.
اول الدروس التي تستفاد
من هذه الكارثة هو ان العالم العربي في امس الحاجة الى إنشاء نظام مشترك للاستجابة
السريعة في حالات الكوارث ، نظام يتضمن قوة بشرية مدربة على التعامل مع الطواريء
المختلفة ، طواقم طبية مدربة خصيصا على احتواء التحديات الميدانية ، سيما في ظروف
ندرة الامدادات الطبية ، خطط للتعبئة والانتشار السريع ، إضافة الى مخزون
للامدادات او نظام فعال لسحب الامدادات من السوق فور وقوع الكارثة.
اعلم ان الكوارث لا تقع
كل يوم ، لكن وضع النظام المذكور سيمكن العالم العربي من دعم الشعوب الأخرى التي
تواجه الكوارث. هذا سيمثل تمرينا فعليا ، فوق انه يشكل أداة مهمة لتحسين العلاقة
مع شعوب العالم ، ويسهم بالتالي في تعزيز الأمن القومي.
يهمني في ختام هذه
الكتابة دعوة الأمين العام للجامعة العربية ، وجمعيات الهلال الأحمر العربية لاخذ
المبادرة ، بالدعوة الى انشاء النظام الذي ذكرته ، ووضع الخطط اللازمة لجعله قوة
فعالة وقادرة على احتواء التحديات والتعامل مع الكوارث ، مع الدعاء بان يكون الله
في عون المكلومين واهل الضحايا وان يعوضهم خيرا عما فاتهم وأن يصون اوطاننا من الشرور
والاخطار صغيرها وكبيرها.
الأربعاء - 24
رجب 1444 هـ - 15 فبراير 2023 مـ رقم العدد [16150]
https://aawsat.com/home/article/4158776/
مقالات ذات صلة
هذه خرافة وليست عقاب الله
حرب تلد حلاً
عالم يتداعى ، لكننا بحاجة اليه
التجديد السياسي في الخليج : الفرص والصعوبات
اجتياح الحدود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق