‏إظهار الرسائل ذات التسميات تاريخ التقدم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تاريخ التقدم. إظهار كافة الرسائل

22/08/2018

فكرة التقدم باختصار

مفتاح التقدم اذن هو الايمان بان كل ما في الكون يعمل وفق قانون ثابت ، هو سنة الله في الخلق. وكل جزء من هذا القانون آية ، تدعو الانسان لفهمها واستيعاب مخرجاتها
لوسألتني عن تعريف مختصر لفكرة التقدم ، لاجبتك بانها تحول الانسان من اسير لقيود الطبيعة ، الى سيد يتحكم فيها أو في جوانب منها. انه تحول يحدث باستمرار ولا يكتمل مطلقا. التقدم ليس مشروعا محدد النهايات. بل حركة متواصلة طالما بقي الانسان على هذا الكوكب. قارن انسان اليوم بنظيره الذي عاش في العصور القديمة. سترى ان جميع الفوارق تقريبا ، تكمن في علاقته بالطبيعة.
عثر الانسان على مفتاح التقدم ، يوم ادرك ان الكون ليس صندوق اسرار مغلق. بل كتاب مفتوح يعمل وفق نظام واحد هائل الحجم. لا يمكن للانسان الامساك به كله. لكنه يتعرف تدريجيا على اجزائه وعناصره. وكلما فهم جزء ، تمكن من تكييف علاقته به واستثماره في تطوير حياته.
مفتاح التقدم اذن هو الايمان بان كل ما في الكون يعمل وفق قانون ثابت ، هو سنة الله في الخلق. وكل جزء من هذا القانون آية ، تدعو الانسان لفهمها واستيعاب مخرجاتها ، من اجل استخدامها وليس الفرجة عليها ، او الانبهار بما تنطوي عليه من بديع الصنع. نظام واحد ، يشمل كل شيء فيه: الافلاك والمجرات ، والحجر والشجر والحيوان والانسان ، وكل مخلوق جامد او حي.
الخطوة التالية هي الايمان بأن هذا القانون منطقي ، يمكن لعقل الانسان استيعابه وفهم غوامضه وادراك اعمق اعماقه. فهم منطق الامور يعني ان فهم بداية المعادلة يمهد الطريق الموصل الى نهايتها ، كما ان فهم نهايتها يسهل استيعاب المسار الذي انتهى بها ، فكل طرف يقودك الى ما يقابله.
الخطوة الثالثة في مسار التقدم ، هي الايمان بان الانسان كائن تتطور قابلياته الذهنية والسلوكية والروحية ، كلما ازدادت معارفه. تطور المعرفة الانسانية يقود لتحولات شبه قسرية ، في العلاقة بين الناس ، وفي القيم الناظمة لها. وهذا ينعكس بالضرورة على سلوكهم اليومي وتفكيرهم في المستقبل. الشرائع والقوانين والاعراف والتقاليد والاخلاقيات والاداب ، تتعرض لنفس المؤثرات. ربما يظن احدنا انه يستطيع تثبيت القيم والاعراف والعلائق ، وحمايتها من تاثير التاريخ وتطور المعرفة. لكن هذا وهم  ، يمر الزمن فيكشف فساده.
يتجسد تقدم الانسان على شكل سياحة في الكون ، مادية واقعية او افتراضية او تخيلية. فهو ينتقل بين اصناف المعارف وانماط العيش ، ويتجاوز قيود الجغرافيا والزمن ، فيرى نفسه متحررا مما قيد اسلافه.وخلال هذه الحركة المادية او الذهنية ، يضيف ابعادا جديدة  الى ذاته ، وتتعدد دوائر هويته وانتماءاته ، ويتفوق على مألوفاته وموروثاته ، فلا يرى نفسه جديرا الا بما أملاه عليه عقله وما اختبره بحواسه ، او ما انجذب اليه. 
في هذه السياحات ، يحاول الانسان شق حجاب الغيب والعبور من جدر المجهول. فيفلح حينا ويخفق حينا آخر. لكنه في كلا الحالين ، النجاح والفشل ، يتعلم اشياء جديدة ، كما يكتشف الذات التي يريد ان يكونها يوما ما. تطور المعرفة يقود بالضرورة الى تغيير رؤية الانسان لنفسه وعالمه. يتحرك التطور دائما في نفس الاتجاه: من الخضوع للغير الى الاستقلال عنهم ، من التسليم للطبيعة الى التحكم فيها ، من المحلي الى الكوني.
تصميم الاستراتيجيات الثقافية والتعليمية ، بل والنظم الداخلية للمجتمعات ، ينبغي أن يقوم على هذه الحقيقة: ان العالم يتغير بصورة متسارعة ، وان التغير يؤثر مباشرة في الناس المعنيين بتلك الاستراتيجيات والخطط. الناس يميلون الى الاستقلال بحياتهم ، ويزدادون قدرة على التحكم في عالمهم.
الشرق الاوسط الأربعاء - 11 ذو الحجة 1439 هـ - 22 أغسطس 2018 مـ رقم العدد [14512]
http://aawsat.com/node/1369831

01/11/2017

حين تكره الدنيا: طريق البشر من الخرافة الى العلم


|| تاريخ التقدم الانساني هو مسار الخلاص من الخرافة ، ونفي الحتميات الموهومة والمسلمات الجامدة ، وتكريس حاكمية العقل وفوقية العلم ، انه قصة الانتقال من رهبة الطبيعة الى استثمارها والتحكم فيها.||

اراد القاضي البريطاني دينيس لويد (1915-1992) تقديم شرح موجز لتطور القانون. لكن كتابه القيم "فكرة القانون" قدم ما هو أكثر من ذلك. فقد فسر بذكاء العامل المشترك في كل تقرير تاريخي عن المعرفة والانسان ، اعني به: تراجع الاسطورة وتقدم العلم.

في كل خطوة على طريق التاريخ الطويل ، يظهر واضحا ان تحرر الانسان ارتبط بازدهار الاتجاهات العقلية. يتسع دور العقل فيتطور العلم ، فيزداد فهم البشر للطبيعة ، فترتفع قدرتهم على استثمارها ، فيتقدمون ماديا ، فتبرز انعكاسات التقدم المادي على علاقة الناس ببعضهم ، فيعودون الى ذات المعايير العقلية ليضعوا قواعد اكثر تقدما للعلاقة فيما بينهم. وهكذا يتطور المجتمع ماديا واخلاقيا ، ويتسع فهم الانسان لنفسه وعالمه الكبير.

ولفت انتباهي في دراسة لويد اشارته الى دور الرسالات السماوية في اغناء هذا المفهوم ، واسهامها – من خلاله - في تفكيك الاساطير الخاصة بالكون وعلاقة الانسان بالطبيعة.

المسألة على النحو التالي: في قديم الزمان ظن البشر ان الاعاصير والعواصف والسيول وبقية الظواهر الطبيعية المخيفة ، علامات على غضب الآلهة التي تتحكم فيها. اذا غضب اله النار حرك البراكين الخامدة ، واذا نازعه اله المطر حرك السيول الجارفة. لم يجد البشر الضعفاء حيلة للنجاة من غضب الالهة المزعومة ، سوى منحها القرابين والاعطيات. ويحكي القرآن الكريم قصة النبي يونس ، الذي القى به ركاب السفينة قربانا لإله البحر الغاضب ، كي لا يغرق سفينتهم.

زبدة القول ان القلق على الوجود شكل المؤثر الابرز في حياة الانسان القديم. ونعلم ان الانسان القلق على وجوده لا يفكر في شيء سوى النجاة بنفسه.

ركزت رسالات السماء على ان الكون يعمل وفق نظام دقيق ، منطقي وقابل للادراك ، كما ركزت على وحدانية الله ، خالق الكون الرحيم الذي لا يعبث ولا ينتقم من خلقه. مع هذا الفهم الجديد اضافة الى مجموعة الشرائع والقيم الاخلاقية ، تخلص الانسان من قلق الفناء والخوف من طغيان الطبيعة وآلهتها المزعومة ، وبدأيفكر في السيطرة عليها واستثمارها. ومن هذه النقطة بالتحديد تحرك قطار العلم والتقدم في مختلف الاتجاهات.

تاريخ التقدم الانساني إذن هو تاريخ الخلاص من الخرافة ، ونفي الحتميات الموهومة والمسلمات الجامدة ، وتكريس حاكمية العقل وفوقية العلم ، انه قصة الانتقال من رهبة الطبيعة الى استثمارها والتحكم فيها.

لا يخلو العالم من بواعث القلق ، ولن يستريح الانسان من التوتر. لكن الفارق بعيد وجذري بين قلق سببه العجز ازاء الطبيعة القاهرة ، وقلق منشؤه تمرد الانسان على واقعه ، وسعيه للتحكم في حياته وعالمه. القلق الاول يحيل الانسان الى الهروب نحو الوراء ، اي الخرافة وتغييب العقل ، بينما يحيله القلق الثاني للهروب نحو الامام ، اي الهجوم على المشكلة والبحث في عقله وعالمه عن حلها.

مثل بقية الاديان السماوية ، اراد الاسلام تفكيك الخرافة وعقلنة الفهم البشري للعالم ، وأكد على استثمار الطبيعة. لكن – لسبب ما – فان المسلمين قرروا في ازمان الانحطاط ، ان الطبيعة والدنيا كلها لا تستحق العناء. قرر جمهورهم ان الحياة الدنيا ظرف مؤقت ومهلة قصيرة في انتظار الحياة الاخرة. لم يعد المسلم قلقا من بؤس الحياة وتخلفها ، وهو لا يرى نفسه شريكا في بناء حضارة العالم. فكل همه هو النجاة من النار في الحياة التالية.

ترى.. هل يمكن للاسلام ان يسهم في تقدم الدنيا ، واتباعه منصرفون عنها ، مشغولون بما بعدها؟.

 الشرق الاوسط الأربعاء - 12 صفر 1439 هـ - 01 نوفمبر 2017 مـ رقم العدد [14218]

http://aawsat.com/node/1069596

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...