عدم رضى المعلمين بقرارات
تحسين المستوى التي اصدرتها وزارة التربية ، مثل عدم رضى كادرالجامعات عن نظام
البدلات الجديد ، يخفي وراءه مشكلة اخرى هي انعدام اليات التفاوض الجماعي الضرورية
لضمان الرضى بالحلول المطروحة. عدم رضى الموظف عن وضعه او عن دخله سيؤثر مباشرة في
انتاجيته وادائه .
لا يوجد حل قطعي لاشكالية
التعارض بين الموارد المؤكدة وتوقعات الموظفين الا باتباع طريقة جديدة في تصميم
واصدار قرارات الزيادة . الطريقة المتبعة حاليا تشبه طريقة التلقين الشهيرة في
مدارسنا . ثمة عدد من الموظفين يقررون في اجتماع مغلق طبيعة المشكلة التي يعانيها
غيرهم ، ويقررون نوعية الحل وطريقة تنفيذه . اما صاحب المشكلة نفسه ، اي الموظف
الذي يطالب بالزيادة ، فهو غائب تماما ، ينتظرالخبر في الصحف بعدما يتحول الى قرار
نهائي او شبه نهائي ، فيرضى عنه او يضرب براسه عرض الحائط.
البديل الاصلح هو الية
التفاوض الجماعي المتبعة في دول العالم المتقدمة.
في التفاوض الجماعي يؤلف المتضررون لجنة تمثلهم ، تضع الحلول التي
يقترحونها وتحدد التنازلات الممكنة ، ثم تتفاوض مع الجهات المعنية ، سواء الوزارة
التي يتبعونها مباشرة او وزارة المالية على هذه المطالب . تؤدي المفاوضات في
العادة الى تفهم كل طرف لحاجة الطرف الاخر ، وتعزز استعداده لتقديم تنازلات اكبر ،
ثم اقناع الجهة التي يمثلها بالعرض المضاد . ولا شك ان كلا الجهتين ، الوزارة
والموظفين ستكون اكثر استعدادا لتقديم تنازلات او قبول عروض اقل من مطالبهم
الاصلية اذا سمعوا تبريرات الطرف الاخر وناقشوها مع ممثليهم .
يفترض الموظفون عادة ان
الحكومة او الشركة لديها ما يكفي من المال كي تزيد رواتبهم ، وفي المقابل يرفض
القياديون في الشركة او الحكومة اي زيادة في النفقات الا اذا كانت ضرورية جدا ،
وهم لا يوافقون عليها الا مضطرين . بعض المطالب عقلانية ومبررة تماما وبعضها غير
عقلاني او غير مبرر . كما ان موقف الجهة صاحبة القرار قد يكون مبررا وقد يكون مجرد
تحكم اعتباطي . ولهذا فاننا بحاجة الى عقلنة المطالب ، والطريق الى ذلك هو النقاش
الداخلي بين المطالبين حول الجوانب المختلفة لهذه المطالب ، بما فيها مبررات الجهة
الاخرى . النقاش الجدي سوف يكشف عن العلاقة بين هذه المطالب وبين المصالح العامة
التي تمثل معيارا مقبولا عند جميع الاطراف ، الامر الذي يسمح بتحويل هذه القضية الجزئية الى قضية عامة ، وبالتالي
الحصول على دعم اطراف اخرى في المجتمع او الدولة .
المقدمة الطبيعية لالية
التفاوض الجماعي هي وجود نوع من الرابطة التي تجمع بين اصحاب مصلحة واحدة مثل
المعلمين او موظفي شركة او قطاع انتاجي . هذه الرابطة قد تكون جمعية او لجنة تنسيق
او لجنة عمالية . وهي قابلة للتطبيق في كل مجالات الحياة الاجتماعية ، وتنطوي كلها تحت عنوان واحد هو مؤسسات
المجتمع المدني . مؤسسات المجتمع المدني هي الاطار الذي يتوسل به المجتمع لحل
مشكلاته من خلال النقاش فيها وعقلنتها وكشف العلاقة بينها وبين المصالح العامة
الاخرى ثم التفاوض بشانها مع الجهات المعنية في الدولة او في قطاع الاعمال او في
القطاعات الاهلية الاخرى.
للدولة مصلحة اكيدة في قيام
اليات التفاوض الجماعي وقيام مؤسسات المجتمع المدني التي تمثل اطارا لها ، لانها
تتكفل بتحقيق الرضى عن الحلول المقترحة وتخفف عن الدولة اعباء التذمر الذي قد يصدر
من جانب فئات اجتماعية تشعر ان مطالبها اهملت او لبيت على غير الوجه المطلوب.
لو كان لدى المعلمين او
اساتذة الجامعات رابطة تمثلهم لامكنهم التفاوض من خلالها مع وزارة التربية او
التعليم العالي او المالية حول الحلول المقترحة لمشكلاتهم وكيفية طرحها وتنفيذها .
هذه الحلول التي تتطور بمشاركة جميع الاطراف هي الاقرب الى قبول الجميع وهي الادعى
الى توفير الاستقرار الوظيفي والانتاجي.
نحن بحاجة ايها السادة
الى الافراج عن نظام الجمعيات التطوعية الذي سبق اقراره في مجلس الشورى ، فهو يمثل
الاطار القانوني المناسب لاقامة اليات التفاوض الجماعي ، فضلا عن فوائده الاخرى
الكثيرة.
1-10-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق