‏إظهار الرسائل ذات التسميات بنية الثورات العلمية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات بنية الثورات العلمية. إظهار كافة الرسائل

30/05/2018

الاصلاح يبدأ من الخارج


قدم الفيلسوف المعاصر توماس كون ، مجادلة متينة حول تخالف الانساق الاجتماعية والعوامل التي تقدم بعضها وتهمش الآخر. وهو يقول في كتابه "بنية الثورات العلمية" ان نظريته قادرة على تفسير الانقلابات الكبرى في مجال العلوم الطبيعية. لكنها لا تنطبق بشكل دقيق على التحولات المماثلة في العلوم الانسانية. لكني توصلت في دراسة سابقة الى ان فكرة الانقلاب النسقي ، قابلة للتطبيق في مجال العلم كما في مجال السياسة ، مع بعض التعديلات.
وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف (واحة): فلسفة الحجاب ...
مرتضى مطهري

في رايي ان بذور التحولات الاجتماعية المفاجئة ، تكمن في الاسئلة والتحديات الثقافية القادمة من خارج النسق المهيمن. استعيد هنا مجادلة مطولة للمرحوم هاني فحص فحواها ان الاصلاح الديني الجذري ، لن يأتي من داخل المجتمع الديني. هذا يقترب كثيرا من رؤية توماس كون ، وفحواها ان كل نسق ينتج في داخله ادوات إصلاح جزئي ، دورها الرئيس هو مقاومة التحولات الجذرية.
فيما يخص دعوة الاصلاح الديني ، التي تشهد صعودا ملحوظا في هذه الايام ، فالواضح انها لا تأتي من جانب النخبة الحارسة للنسق الديني الموروث. بل لا نغالي لو قلنا انها تتعارض حديا مع طروحاتهم. هذا لا يقلل مع قيمة المبادرات الاصلاحية في داخل النخبة الدينية التقليدية. لكن يجب القول ، ان غالب هذه المبادرات يأتي ردا على تحدي الرؤى الناقدة للنسق المهيمن ، انطلاقا من فرضيات نقيضة له.
عدت هذه الأيام لمراجعة أعمال اثنين من أبرز الاصلاحيين في النسق التقليدي ، هما محمدباقر الصدر ومرتضى مطهري ، بحثا عن المنهج الذي افترضت انهما اتبعاه في محاولتهما لتقديم بدائل عن الرؤية التقليدية. ركزت اهتمامي على كتاب "اقتصادنا" للصدر و "العدل الالهي" لمطهري ، وهما يشكلان واسطة العقد في التنظير الفلسفي للرجلين. النتيجة التي خرجت بها ، تطابق تماما ما زعمته في السطور السالفة. فالآراء التي يمكن اعتبارها اكثر تقدمية ، جاءت في سياق محاججة الانتقادات الآتية من خارج النسق ، سيما فيما يخص مسألة المساواة والعدالة الاجتماعية.
لازال النتاج الفكري للصدر ومطهري يحظى بالكثير من التقدير. وهما بالتاكيد يستحقانه. لكن بالنظر للتحولات الراهنة فان التفكير الاسلامي قد تجاوز النتائج التي  توصلا اليها. وإنما ذكرتهما كدليل على الاهمية الكبرى للرؤية من خارج النسق ، في بعث الاسئلة وتحديد اتجاهات النقاش ، وصولا الى اطلاق عملية التجديد الفكري.
ولمناسبة الحديث عن الصدر ومطهري ، يحسن القول ان اهم اعمالهما جاءت في سياق مجادلة الطرح  الماركسي للعدالة الاجتماعية. وهي مسألة تشكل حتى اليوم ، تحديا رئيسيا. رغم ان اطار النقاش فيها قد تغير. حيث باتت جزء من جدل أوسع ، يتناول مكانة العامة في انتاج واعادة انتاج التجربة الدينية والخطاب الديني ، والتناسب بين مرجعية النص والعقل في التشريع ، وقضايا مثل موقع غير المسلمين وغير المؤمنين في الخطاب الديني.
هذه امثلة عن مسائل ما كانت ستثير اهتمامنا لولا التحدي الخارجي. ان السبب في بروزها هو عجز الخطاب التقليدي عن معالجتها باجتهادات متينة من داخل نسقه الخاص ، وتوفر معالجات مقترحة من انساق بديلة ، بعضها مؤسس على ارضية دينية وبعضها من خارج الاطار الديني.
هذه وامثالها تخبرنا ان قابلية المجتمع المسلم لاطلاق حركة تجديد ، رهن بمدى انفتاحه على الاراء القادمة من خارج نسقه الخاص ، ليس فقط في اثارة الاسئلة ، بل ايضا في تحديد زوايا النظر ومنهج المعالجة والاجتهاد.
الشرق الاوسط الأربعاء - 15 شهر رمضان 1439 هـ - 30 مايو 2018 مـ رقم العدد [14428]
http://aawsat.com/node/1284421

08/01/2013

"اخبرني من اثق به..."


نحن لا نتفق في افكارنا ورؤيتنا للعالم ، لاننا ننظر الى الشيء الواحد بخلفيات متباينة ، فيفهمه كل منا على نحو مختلف. ولهذا السبب ايضا ، فان النقاش بين المنتمين الى تيارات مختلفة ، لايؤدي غالبا الى الاتفاق على نتيجة واحدة ، او تسليم احدهما برأي الاخر مهما قويت ادلته. هذه خلاصة الرؤية التي قدمها المفكر الامريكي توماس كون في نقده للقائلين بان التجربة العملية برهان على سلامة الفكرة او خطئها.

خصص كون كتابه الشهير "بنية الثورات العلمية" لشرح مفهوم النسق=paradigm ، وكيف تتقاطع في داخله القضايا العلمية البحتة مع المصالح الاجتماعية ، التي تحكمها في معظم الاحوال تصورات انطباعية وغير علمية بالمعنى الدقيق.

 

النسق او الباراديم - كما صاغه كون - نظام اطاري شبه مغلق ، يمنح اتباعه هوية جمعية تميزهم عن غيرهم. يتضمن هذا الاطار نظريات ومناهج تفكير وعمل ، وهيكل علاقات وتراتب، يتعامل معها الاعضاء كمسلمات. مجموع هذه الاعتبارات هي اشبه بايديولوجيا ، تقدم نفسها كصورة حقيقية للعالم. كل شيء داخل النسق يعتبره الاعضاء – او الاتباع - صحيحا ومعياريا، وليس موضوعا للنقاش. وبالعكس من ذلك فكل شيء خارج النسق مرفوض، او على الاقل مشكوك وموضع مساءلة.

يستريح الانسان – غريزيا – الى الاشخاص الذين يالفهم ويشاركونه اراءه وميوله ولغته وطريقة عيشه. ويستريح اكثر الى من يتبعونه ويقدرونه ويخدمونه. ولهذا فهو يتعامل مع المعلومات التي ينقلونها اليه بقدر كبير من الثقة ، ويقبلها من دون نقاش. كما يميل الى قول الاراء التي تستجيب لرغباتهم ، وتلبي تطلعاتهم ، وتعزز علاقتهم به. مقولة "اخبرني من اثق به..." مثال واحد على هذا السلوك.

  تقوم هذه العلاقة بين المنتمين الى نسق واحد. وهي اكثر تركيزا بين الاشخاص الذين يطورون رابطة اعمق فيما بينهم ، مثل الانتماء الى تيار سياسي او فكري واحد ، او جماعة نشاط واحدة. حيث يضاف الى الالفة والقرب الاجتماعي ، وحدة الافكار والاهداف والمواقف والهموم. ويصل التوحد الى اعلى درجاته في مرحلة "التنميط"، حين يتفق اولئك الاشخاص على صفة او بصمة تعبر عن مجموعتهم ، واخرى تعبر عن كل فريق من المجموعات  المنافسة.

صراعات الطوائف والاحزاب والمجموعات الدينية ، النشطة حاليا في بلادنا وحولها ، تكشف عن قوة تاثير النسق في سلوك الافراد ، القادة واتباعهم على حد سواء ، الا ما قل وندر.

 تزداد اهمية النسق في ظروف التازم. وتلعب الثقافة دورا جديدا يتمثل في حراسة الجماعة ، حزبا كانت او تيارا او مذهبا. وفي ظرف كهذا ، يصبح الصراع عاملا مؤثرا في فهم المصادر الثقافية ، وبينها الدين.  ولذا نجد اللغة الدينية مستعملة بكثافة في الصراع بين الفرقاء الذين ينتمون جميعا الى دين واحد ، لكنهم يستعملون مصادره بطرق متباينة ، ولاغراض متعارضة .

 الاقتصادية 8 يناير 2013    http://www.aleqt.com/2013/01/08/article_723228.html

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...