مدونة توفيق السيف . . Tawfiq Alsaif Blog فكر سياسي . . دين . . تجديد . . . . . . . . . راسلني: talsaif@yahoo.com
01/07/2000
الحرية وحق الاختلاف في منظور الاسلاميين: عرض كتاب "الاسلام في ساحة السياسة"
08/05/2000
بانوراما الخليج: نظرة على السطح السياسي عند بداية القرن
10/11/1999
عن العولمة والبقالين والحمالين و السمكرية و…
22/06/1999
العولمة فرصة ام فخ ؟
رغم مرور بضع سنوات على شياع تعبير العولمة
، فلا زلنا في مرحلة القراءة الاولى للمفهوم وتجلياته ، كثير من المجلات المتخصصة
أفرد ملفات لدراسة الموضوع ، كما عقد كثير من الندوات لمناقشته ، لكن العالم
العربي لم يتوصل إلى موقف محدد وقطعي من هذا المفهوم ، الذي يخفي تحته موجا هائلا
من التحديات ، ليس للعربي المعاصر فحسب ، بل للاجيال القادمة من العرب أيضا .
قد تكون العولمة فخا
وقد تكون فرصة ، لكنها في كلا الحالين ليست خيارا نقبله أو نرفضه ، فهي واقع
قائم ، يتضخم أثره وتتفاقم انعكاساته يوما بعد يوم ، ان المبرر الرئيسي لشيوع
المفهوم وارتفاع الاصوات المطالبة بمناقشته ، خلال السنوات الاخيرة بالذات ، هو
تطور المفاهيم الناظمة للعلاقات بين الدول والشعوب ، وتطور وسائل الاتصال والتواصل
، وعلى الصعيد الاول ، فقد أدت التغييرات السياسية ، ولا سيما نهاية عصر الاستقطاب
الثنائي ، إلى التقليل من شأن (السيادة
الوطنية) أي ما كان يعتبر الحق المطلق
للدولة في التصرف ضمن حدودها الاقليمية ، دون تدخل الدول الاخرى . بيل غيتس: الميل الاخير في رحلة العولمة
هذا المفهوم (السيادة
الوطنية) لم يعد اليوم مقبولا على اطلاقه ، وأقرب الشواهد الماثلة أمامنا ، هو التدخل العسكري الغربي
في يوغوسلافيا ، الذي جرى تحت مبرر التزام المجتمع الدولي بالحيلولة دون وقوع
كوارث انسانية ، مثل التطهير العرقي أو
الابادة الجماعية ، ان فكرة (المجتمع
الدولي) لم تكن أكثر جلاء مما هي عليه الآن ، وهي لا تعني شيئا سوى ان الدولة
القومية ليست حرة تماما في التصرف ضمن حدودها الاقليمية .
أما على الصعيد الآخر فان
تطور وسائل الاتصال ، قد جعل الخطاب الدولي قادرا على الوصول إلى المتلقي ، في ذات
الوقت الذي يصله فيه الخطاب المحلي أو الاقليمي ، ولأن هذا الخطاب يأتي عير الفضاء
المفتوح ، فان الخطاب المحلي قد خسر الميزة النسبية التي كان يتمتع بها ، يوم كانت
الحدود الاقليمية حاجزا حقيقيا ، يتيح للدولة القومية التحكم في نوعية وحجم المادة
الثقافية ، المسموح بوصولها إلى المتلقي أو المستهلك النهائي .
وفي وقت سابق من هذا العام
أشار بيل
غيتس رئيس شركة ميكروسوفت ، العملاق العالمي المنتج لبرامج الكومبيوتر ، إلى
مشروع يعتبره التحدي الحقيقي لانسان القرن الواحد والعشرين ، يتضمن هذا المشروع
انتاج نوع من التلفزيون الرقمي التفاعلي رخيص الثمن لكي يباع في الدول النامية ،
مدعوما بشبكة اتصالات عبر الاقمار الصناعية ، ضمن مشروع آخر أطلق عليه (تيليديسك).
وقد اختار غيتس الصين
كميدان اختبار اول لهذا الجهاز ، الذي يتيح تواصل الانسان المقيم في الارياف
النائية مع القنوات الفضائية الدولية ، وشبكة المعلومات الدولية (الانترنت) دون
الاضطرار لدخول دورات تدريبية لتعلم استخدام الكومبيوتر ، أو دفع مبالغ كبيرة ثمنا لاجهزة معقدة وصعبة الاستعمال ، وحسب غيتس
فان هذا الجهاز سيكون في مثل رخص وبساطة التلفزيون العادي ، لكنه سيكون في مثل
فاعلية الجيل الاحدث من الكومبيوتر ، وإذا نجح المشروع في الوصول إلى 40 مليون
عائلة كما يخطط غيتس ، فسيكون هذا دليلا لا يرد على انتهاء عصر السيطرة الحكومية
على تدفق المعلومات .
تيار العولمة ليست خيار معروضا علينا ، بل حلقة أخرى في سلسلة من الالزامات
، المبررة جميعا باختلال التوازن بين المجتمعات الصناعية المتقدمة ونظيرتها
النامية أو المتخلفة ، ولهذا السبب بالذات
فان مجرد التنبه إلى أخطارها وتحذير الاخرين مما سيأتي في طياتها ، ليس حلا
للمشكلة بقدر ما هو إعلان عن وجودها ، أما العلاج فيجب ان يتوجه إلى الانسان
المعني بالمشكلة ، والى المجتمع الذي سيتفاعل مع الوافد الجديد ، فالعولمة قد تكون
أسوأ شيء لكنها واقع يمشي على قدمين ، وهي تتطاول يوما بعد يوم وتتفاقم آثارها سنة
بعد سنة .
وأريد التنبيه هنا إلى
مسألة واحدة ، شغلت كثيرا ممن كتبوا عن العولمة ، إلا وهي انعكاسات العولمة على
الثقافة المحلية ، ووجدت مثلا من يشير إلى ان التزام المسلمين بهويتهم الدينية ،
لن يتضرر بالهجمة الثقافية الغربية ، ويستدل على هذا بنهوض الانتماء الديني في الشعوب المسلمة ، التي وقعت تحت اسر الحكومات الملحدة
سنوات طويلة ، كما حصل في دول اسيا الوسطى والبلقان ، ونهوض الدعوة الاسلامية في
الولايات المتحدة واوربا الغربية ، حيث ينضم إلى الدين الإسلامي عشرات من الناس كل
يوم ، وهذا رأي صحيح تماما ، فالدين الإسلامي له قابلية فريدة للنزول إلى اعماق
النفس حين يتعرض للقهر ، ثم العودة للتجسد في مظاهره الخاصة حين يزول القهر .
لكن ما نخشاه حقيقة ليس تحول الناس عن دينهم ، فهذا أمر مستبعد تماما ، ان
ما نخشاه هو اتساع الفجوة بين الدين والحياة ، الذي يتجسد في أبسط صوره ، في
التناقض بين هوية الانسان وطريقة حياته ، وفي الربع الثالث من هذا القرن أدى
الانفتاح المكثف للمسلمين على الغرب إلى تغيير نمط حياتهم ، لكنه لم يترافق مع
تجديد مواز في نظامهم الثقافي ، فحدث ما اصطلح عليه وقتها بالصدمة الثقافية ، التي
تعني وقوع الانسان في حالة تجاذب بين قطبين متعاكسين ، يشير أحدهما إلى الانتماء
الكبير (الديني أو القومي) ويشير الآخر إلى الانتماء الجديد (الشخصي أو الاجتماعي)
المتسق مع متطلبات الانفتاح على الخارج ، حيث القيم الحاكمة هنا تختلف عن نظيرتها
هناك ، وحيث ترتيب العلاقات والمصالح تتأثر بالحدث اليومي المتغير ، لا بالثوابت
الاخلاقية والثقافية المستمدة من الهوية والانتماء الكبير.
الانسان العربي سيكون مهددا بالتمزق بين هويته ومتطلبات حياته ، ودلت
التجربة الاولى في منتصف السبعينات وما بعدها ، على الحجم الكارثي لهذه المشكلة ،
رغم انها لم تكن أكثر من (بروفة) لما سيأتي في ظل تحول العولمة من تهديد يلوح في
الافق ، إلى نظام فعلي للحياة في العالم العربي وعلاقاته مع الخارج .
05/06/1999
المدرسة وصناعة العقل
الغرض الرئيسي للتعليم العام هو صياغة شخصية الطالب ، للانتقال به من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج ، وثمة عدد من المعايير يؤخذ بها لتقدير مستوى النجاح الذي حازه الطالب والهيئة التعليمية عند انتهاء حياته الدراسية ، من بينها مدى ما يتمتع به الطالب من تفكير نقدي وابداعي ، وقدرته على الانسجام والتوافق مع البيئة الطبيعية والمحيط الاجتماعي ، وكفاءته العملية في المهنة التي أعد نفسه للعمل فيها ، فلنذهب إلى المعيار الاول :
ان ما يحدد النجاح أو الفشل في تطبيق
هذه المعايير ، هو طريقة توصيل المعلومات إلى الطالب ، ومن بين أجزائها ما اشتهر
الكلام فيه في السنوات الاخيرة ، أي
التحول من طريقة التلقين والتحفيظ إلى الحوار بين المقرر العلمي وعقل الطالب ، حيث
يتركز دور المعلم في مساعدة الطالب على التوصل إلى القاعدة التي يريد المقرر
الدراسي ترسيخها في ذهنه ، وفي هذا المجال فان الجهد الأكبر ينصب على تنشيط عقل
الطالب وتشجيعه على التامل والتفكير ، بدل استنزاف قواه في حفظ نصوص القواعد أو
المعلومات.
لكي نصل إلى هذا المستوى ، فقد نحتاج
إلى تخصيص وقت أكبر للاعمال ، ولنأخذ مثلا من مادة الرسم والفنون ، التي تعتبر ـ
حسب النظام القديم ـ هامشية ، فهذه المادة هي حجر الرحى في تكوين ذهنية الطالب ،
حين تكلف طالبا برسم بيت أو منظر طبيعي ، فانك في حقيقة الامر تساعده على تجربة
التخيل أي تحويل الملموس والمنظور إلى صورة ذهنية.
ويختلف الاشخاص المفكرون عن غيرهم ، في القدرة
على ضخ أكبر عدد من تفاصيل الصورة الواقعية في اطار الصورة الذهنية ، الطفل الصغير
يرسم خطوطا محددة توحي بالمشهد لكنها لا تعكس حقيقته ، ويضيف الاكبر منه خطوطا
أكثر تفصيلا ، حتى يصل إلى نقل الصورة الواقعية ، لكن الاكثر تقدما منه ، هو ذلك
الذي يضيف خطوطا غير موجودة في المشهد الواقعي ، لكنها موجودة في المركب الجمالي
أو الثقافي الذي يوحي به المشهد ، أو يتدخل لتغيير بعض الخطوط بالاضافة أو الحذف ،
لتكوين صورة أجمل من الأصل ، درس الرسم يمكن ان يساعد عقل الطالب على التامل في
الموجودات والبحث عن الاجزاء الصغيرة فيها ، ونقد عيوبها ، واكتشاف ما يوحي به
المشهد ، وان كان لا يرى في الواقع .
مادة الرسم يمكن ان تدرس ـ كما هو قائم حتى الآن ـ باعتبارها مقررا لا
يرسب فيه أي طالب ، أي مجرد إضافة تكميلية ، يمكن حذفها احيانا إذا
تزاحمت مع غيرها من الدروس ، ويمكن ان تدرس باعتبارها مادة تستهدف تكوين ذهنية الطالب
، لكي ينظر في الاشياء من حوله بعمق ، ينظر في الخطوط الكبرى والتفاصيل ، وينظر في
المعاني التي تخفيها الحدود الضيقة للواقع المادي ، ويمارس النقد على ما حوله
ويقترح البدائل .
فلنذهب إلى مادة أخرى قليلة الاهمية
أيضا مثل التعبير أو الانشاء ، فهي تذكرني بزميل لي في المرحلة الابتدائية كان
مغرما بالكتابة عن النخيل ، وكان المعلم يغضب من إصراره على الكتابة في هذه المادة
تحديدا ، ولذلك فقد حصل على اقل العلامات في المادة ، لكن هذا الزميل أصبح اليوم
طبيبا يشار له بالبنان ، وله أبحاث منشورة في مجلات علمية متخصصة.
ولا زالت حتى هذه اللحظة غير مدرك للاسباب التي
أزعجت معلمنا من ذلك الزميل ، لكن ما يهمني هنا هو ان مادة التعبير هي القاعدة
الاساس لما نسميه اليوم بالبحث العلمي ، وربما اعتبر المعلم ان غرض المادة مقصور
على تحسين القدرات البلاغية وتذوق جماليات البيان ، لكننا نستطيع اليوم الانتقال
إلى مرحلة أرقى ، بجعل مادة الانشاء اختبارا يوميا لمدى استيعاب الطالب لما يدرس
في المقررات الاخرى ، أي احلالها محل
الامتحان الاسبوعي والشهري في كل مادة من المواد ، فهذه تحقق غرض الامتحان أي دفع
الطالب للاهتمام بالدراسة ، وتحقق الغرض العلمي الاساسي ، أي توجيهه إلى البحث
والتفكير في تطبيقات المنهج خارج إطاره.
وأذكر هنا للمناسبة ان استاذي الذي
علمني الكتابة كان يصر على التمييز بين الاغراض المختلفة للدرس ، فمرة كان يركز
على جماليات اللغة ، وكان يلزمنا بالبحث عن مرادفات الالفاظ لاختيار اجملها
واقواها تعبيرا ، ومرة كان يصر على الاستدلال ومناقشة كل دليل ، وثالثة كان يشكك
في صدقية ما كنا نعتبره في العادة بديهيا ، ويطلب اثباته اولا ، ولست واثقا هذا
اليوم من نجاحي في بلوغ ما كان معلمي يريد ايصالي اليه ، لكني واثق تماما من ان
اهتمامي بالبحث والدراسة واستقصاء المعلومات ، هو ثمرة لدروس ذلك الاستاذ .
تعويد الطالب على التفكير النقدي في أمور الحياة
المادية والنظرية ، ومنحه الشجاعة لاقتراح الافكار والبدائل ، هو الركن القوي
لصياغة شخصية المبدع الطموح .
مقالات ذات علاقة
اول العلم قصة خرافية
بين النهوض العلمي والتخصص العلمي
تدريس العلوم بالعربية.. هل هذا واقعي؟
تطوير التعليم من الشعار إلى المشروع
تعريب العلم ، ضرورة اقتصادية ايضا
تعزيز التسامح من خلال التربية المدرسية
التعليم كما لم نعرفه في الماضي
التمكين من خلال التعليم
الحق أولا
حقوق الانسان في المدرسة
حول البيئة المحفزة للابتكار
دعـــــوة الى التعــــليم الخــــــيري
سلطة المدير
شكوك في العلاقة بين الثقافة والتقدم
صناعة الشخصية الملتبسة
كتب الطبخ هي الاكثر رواجا في معارض الكتب
المدرسة وصناعة العقل
المدرسة ومكارم الاخلاق
معنى ان يكون التعليم العام واسع الافق
مكافحة الفساد بدء من المدرسة
الوطن هو الناس وليس الجغرافيا
يوكل علم ؟ ... يعني مايفيد !
اخلاقيات السياسة
أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...