مدونة توفيق السيف . . Tawfiq Alsaif Blog فكر سياسي . . دين . . تجديد . . . . . . . . . راسلني: talsaif@yahoo.com
09/03/2016
في رثاء د. طه جابر
02/03/2016
خطوط الانكسار
التحولات الجارية في الشرق الاوسط ، سيما تعثر مسيرة الربيع
العربي وتفاقم العنف ، اعادت احياء نقاشات قديمة حول ما نسميه احيانا خطوط
الانكسارfaultlines .
يشير هذا المفهوم الى اي عامل أو ظرف يسهم في تقليص رضا الناس عن النظام الاجتماعي ، أو تدهور الثقة في الدولة ، أو تراجع هيبة القانون ، أو شيوع العنف وتجاوز القانون ، أو تراجع الأمل في المستقبل. وهذه تترتب عادة على انهيار الامن او تدهور مستوى المعيشة او شيوع الفساد واستغلال السلطة او التمييز بين المواطنين. اي - بعبارة موجزة - فشل الدولة في القيام بواجباتها ، وعدم توفر بدائل تملأ الفراغ.
ظروف الثورات والحرب الاهلية ، تعتبر حالات نموذجية لظهور خطوط
الانكسار في النظام الاجتماعي. اما في حالات السلم ، فان ابرز العلامات التي تشير
الى ذلك الظرف هي انتشار الفساد بين موظفي الدولة. وهي ظاهرة تتوازى غالبا مع بروز مراكز قوى او
جهات نافذة ، تعالج المشكلات بالرشوة ، وتتاجر بالرشوة. تعتبر هذه الظاهرة في
بداياتها مخرجا مناسبا من العسر. لكنها تصل في وقت متأخر الى ما يسمى في الاقتصاد
بحالة الاشباع الحدي ، أي تفاقم الظاهرة وتصاعد الكلفة المالية للحلول ، على نحو
لا تعود معه متيسرة الا للاثرياء ، فتتساوى عندئذ قيمة الغرض المطلوب وكلفة الرشوة
، فتتسع نتيجة لذلك شريحة المحرومين والمستبعدين وتتقلص الشريحة المحظوظة.
طبقا لاستنتاج صمويل هنتينجتون
في كتابه الشهير "النظام
السياسي لمجتمعات متغيرة" فانه اذا تحول الفساد الاداري الى ظاهرة عامة ،
فان معالجته باصدار المزيد من القوانين قد يأتي بنتيجة معاكسة ، اي مضاعفة فرص
الفساد بدل تقليصها. بل ان هنتينجتون كان يعتقد ان السماح بالرشوة قد يكون افضل –
في المدى القصير – من اصدار المزيد من القوانين التي تزيد الامور تعقيدا. زبدة
القول ان الرشوة بذاتها ليست بالأمر الخطير ، لكن تفاقمها وتحولها الى ظاهرة عامة
يكشف عن وجود ظرف خطير قد لا يكون مرئيا بوضوح.
يضرب المثل عادة بالهند ، وهو مثال يساعد في فهم العوامل
المختلفة التي تتدخل في تحديد مستوى خطورة خطوط الانكسار. تشتهر الهند بانتشار
الرشوة واستغلال الوظيفة للاثراء. لكن هذا لا يعتبر دافعا محتملا للثورة ، ولا
دليلا قويا على قيام ظرف ثوري. ذلك ان الهند تتمتع بنظام مؤسسي يوفر فرصا واسعة
للمشاركة الشعبية في العمل السياسي والتعبير عن الرأي ، في جميع المستويات. لا يتم
التستر على الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية التي تفتح الباب امام الفساد ، فالحكومة
صريحة مع الناس ، كما ان الاحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني الكثيرة
والصحافة الحرة تتولى فضح اي تستر. يمكن للجمهور ان يغيروا الحكومات المحلية
والحكومة القومية كل أربع سنوات اذا غضبوا على أي منهما. هذا التنظيم المؤسسي
الراسخ يشكل خط تفريغ للأزمات والاحتقانات ، ويجري باستمرار التأكيد على قيمة هذه
البدائل من جانب النخبة الحاكمة.
ان فشل النظام الاداري للدولة او عسر القانون وكذلك الصعوبات
الاقتصادية والسياسية ، قد تسهم في تشكيل خطوط انكسار للنظام الاجتماعي ، لكن توفر
عوامل تبريد وامتصاص للتازمات ، كما ذكرنا في مثال الهند ، يمكن ان يشكل صمام أمان
، اي أداة تحييد للتوترات، تسهم بفاعلية
في تبديد الزخم الثوري والحيلولة دون تراكم الانكسارات.
مقالات ذات صلة
ارامكو واخواتها : الشفافية الضرورية في قطاع
الاعمال
تحسين الخدمات العامة
في المكاتب المهلهلة
حتى لا تكون الادارة الحكومية عش دبابير
الخطوة الأولى لمكافحة الفساد.. تيسير القانون وتحكيمه
عسر القانون كمدخل للفساد الإداري
عيوب المركزية
الادارية كما تظهر في الطرق
قليل من صور الفساد
فاتورة الوزير
اللامركزية الادارية
اليوم وليس غدا
ميكنة الإدارة شيء.. وجودة الخدمة العامة شيء
آخر
24/02/2016
رأي الجمهور
17/02/2016
حول مكانة الهيئات الدينية
خلال الأسبوعين الماضيين انشغلت الصحافة السعودية بعدد
من الحوادث التي كانت هيئة
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كانت طرفا فيها. قد تبدو المسألة محلية جدا ،
الا انها تثير تأملات حول مكانة الدين في الحياة العامة ، أظنها موضع جدل في معظم
المجتمعات العربية ، سيما المحافظة منها.
تمتاز "الهيئة" عن بقية الاجهزة الحكومية بتصنيف العرف لها كجزء من المؤسسة الدينية. ويلحقها بالتالي ما يلحق هذه المؤسسة من صفات وهالات. ولهذا فكل جدل حولها يستنهض في العادة مخاوف حول الدين عند فريق من المجتمع ، وحول القانون عند فريق آخر ، وحول الحريات الشخصية عند فريق ثالث.
يقر الجميع بطبيعة الحال ، ان على الهيئة وكل منظمة
حكومية أخرى ، ان تلزم حدود القانون في كل أعمالها. وفي هذا الاطار فان تجاوزات
موظفيها تستدعي العقوبات الادارية التي ينص عليها القانون. لكن الفريق الأول يشعر بالقلق مما
يعتبره تركيزا استثنائيا في الصحافة على اعمال "الهيئة". وهم يقولون –
مباشرة او مداورة – ان الدين هو المستهدف في شخص "الهيئة" ، وأن هذا
الاستهداف يتمثل غالبا في تضخيم أخطاء قد تصدر من أي منظمة رسمية أو أهلية أخرى.
اما الفريق الثاني فيجادل بأن
الخطأ ، سواء كان فرديا أو مؤسسيا ، لا يترك او ينسى ، لأنه يشير الى علة في
المؤسسة تستدعي العلاج لا الاغفال. الهيئة جزء من منظومة الادارة العامة وينفق
عليها من المال العام ، والمبرر الوحيد لوجودها هو خدمة أفراد المجتمع ، فلا يصح
ان تتسلط عليهم او تخرق حقوقهم. ارتباطها بالدين لا يغير من حقيقة كونها جهاز خدمة
عامة ، محكوما بالقانون. إذا تصرف موظف حكومي بموجب اجتهاده الشخصي فهو مذنب ، لأن
الموظف العمومي ممنوع بحكم القانون من اتباع رأيه أو اجتهاده الشخصي.
ينظر الفريق الثالث الى عامل مشترك بين الحوادث التي
أثارت ضجة حول عمل الهيئة ، وهو اشتمالها على خرق واضح لحريات شخصية. ولحسن الحظ
فان معظم الحوادث المثيرة كانت موثقة بالصور التي تدل قطعا على الخروقات المزعومة.
لا يتعلق الأمر في هذه الحوادث بمجرم يدعي خرق حريته ، بل بشخص عادي يتعرض للاذلال
او حتى الايذاء البدني ، لأن موظفا حكوميا اجتهد فاعتبر سلوكه مخالفا للآداب
العامة أو احكام الشريعة.
هذا يثير سؤالا جديا حول العلاقة بين الالتزام الديني
والحرية الشخصية. ونعلم ان مثل هذا السؤال يبدو للمجتمعات المحافظة ، غامضا ،
وربما فارغا. الا انه يكشف من ناحية أخرى عن الحاجة الى مراجعة الفهم الموروث
للحرية الشخصية ونقاط الاشتباك بينها وبين الاحكام الشرعية المنظمة للسلوك ، فضلا
عن الاعراف والتقاليد التي تحمل ظلالا دينية.
ينصرف جدل العلاقة بين الحريات الشخصية والاحكام
الشرعية الى ثلاثة أسئلة محورية ، اولها يتناول الترتيب بين الحرية والحكم الشرعي
او العرف الاجتماعي ، ايهما حاكم على الآخر ومقدم عليه. بينما يتعلق الثاني
بالمسافة بين القانون والحرية ، اي: هل نعتبر صون الحريات الفردية شرطا لعدالة
القانون ، وبالتالي هل يلزمنا طاعة القانون الذي يسمح بخرق حرياتنا؟. يتناول
السؤال الثالث القوانين المستمدة من احكام شرعية او معتمدة عليها ، هل نعتبرها مثل
القوانين العادية ، ام نبتكر لها مرتبة فوق القانون العادي. هذا السؤال يتناول
بالضرورة المؤسسات الدينية أيضا ، فهل نعاملها كاجهزة خدمة عامة ، ام نبتكر لها
وصفا خاصا يرفعها عرفيا ووظيفيا عن مستوى تلك الاجهزة؟.
الشرق الاوسط 17 فبراير 2016
مقالات ذات علاقة
تحولات التيار الديني - 2 نهايات المعارك
تحولات التيار الديني-3 اعباء السياسة
السعادة
الجبرية: البس ثوبنا أو انتظر رصاصنا
الليبرات
والليبرون المكبوتون المخدوعون
نقاط الاحتكاك بين
المجتمع والدولة
10/02/2016
حول الحرية والعنف
الطريق السريع الى الثروة
يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...