العقول
المبدعة تولد في البيئة
المحفزة للابداع. كما ان العقول الخاملة هي النتاج المتوقع في البيئات
المستكينة او المتشككة في التغيير.
تحويل
البيئة الى محفز للابداع يبدأ في المدرسة. ولا بد من القول ابتداء انه ليس متوقعا
ان يتحول جميع الناس ، او جميع الطلبة ، الى مبدعين. ما قصدناه تحديدا هو زيادة
نسبة المبدعين الى أقصى حد ممكن ، بالقياس الى المجموع.
يبدأ
تحفيز الابداع بالتركيز على الاشياء العادية المحيطة بنا ، وتحويلها من عناصر
جامدة او غير ملفتة ، الى موضوعات للبحث والتفكير: اجزاء جسدك ، الناس الذين معك ،
التراب الذي تمشي عليه ، الجدار المحيط بالغرفة ، شجر الحديقة ، السيارة التي
تركبها ، الثوب الذي ترتديه .. وكل شيء آخر تراه أو تسمع به أو تتعامل معه ، هي
موضوعات جدية للتفكير والتساؤل. وسوف تنطق فتجادلك أو تخبرك بأسرارها ، لو وقفت
منها موقف المتسائل والمتأمل.
كلنا
، كبارا وصغارا ، نرى هذه الاشياء كما نرى مئات غيرها. لكننا نادرا ما توقفنا
وتساءلنا عن حقيقتها ، او عن سر وجودها في هذا المكان دون غيره ، والعلاقة التي
تربط بينها وبين بقية الاجزاء والعناصر ، التي تشكل المنظومة الكبرى التي نسميها
بالمحيط الحيوي او البيئة الطبيعية.
سيقول
بعض القراء – وهم محقون – ان طلابنا يدرسون القواعد العامة ، التي تؤسس لفهم
العلاقات الكلية بين تلك العناصر. وفي المراحل المتقدمة ، يدرسون القواعد الاكثر
تخصصا وتفصيلا. اي انهم يبدأون بالكلي ، كي يفهموا تاليا الاجزاء والتفاصيل. مثاله
البسيط اننا ندرس قواعد اللغة الانكليزية اولا ، وهي ستقودنا ، كما يفترض ، الى
اتقان اللغة ذاتها. كما ندرس القواعد العامة في الفيزياء مثلا ، كي توصلنا الى فهم
الظواهر الفيزيائية.
هذا
واضح تماما ، وهو ما نفعله على الدوام. ونعرف انه لم يكن مجديا تماما. ولهذا ادعو
الى اتخاذ الطريق المعاكس ، أي البدء بالعناصر والظواهر. هذه الطريقة تخدم هدفا
مختلفا ، هو إثارة اهتمام الطالب بتلك العناصر ، ودفعه للتعامل مع بعضها كموضوع
اهتمام شخصي ، كي يكتشف من خلالها الطريق الذي يظنه اقرب الى تحقيق خياراته
الحياتية ، اي نوع الاكتشاف الذي سيحقق ذاته وسعادته الخاصة.
الفضول
للمعرفة وكشف المجهول ، غريزة طبيعية في كل انسان. وهي في الشباب اقوى من غيرهم.
ولولا هذا الفضول لما تعلم الناس اي شيء. دعنا اذن نأخذ هذه الغريزة الى مداها
الاقصى ، بتركيزها على عنصر او جانب محدد ، وتشجيع الشاب على اختياره محورا لحياته.
الذين
ابدعوا واخترعوا ، هم اولئك الذين استبد بهم الشغف بموضوع محدد ، حتى أمسى شاغلا
لحياتهم ، يفكرون فيه طوال اليوم ، وربما يحلمون به. هذا لا يتحقق الا اذا انضمت
العاطفة الى العقل ، أي حين يمسي ذلك العنصر او الموضوع هواية وحبا يملك حياة
الانسان حتى ينسى ما عداه.
أقول
ان هذا ممكن ، اذا تغافلنا قليلا عن الروتين والنظام واختبار نهاية العام ، وغضضنا
الطرف عن الدروس التي لا تستهوي الطالب ، اذا ساعدنا الطالب على اختيار ما يهواه
ويحبه ، واعتبرنا هذا نجاحا لبرنامجه المدرسي ، حتى لو أهمل كل شيء آخر.
أعلم
ان هذا غير طبيعي ، ولذا فهو عسير. لكني اعلم ايضا ان شحن البيئة بمحفزات الابداع
، ليس في حقيقته سوى قلب المعايير المعتادة ، وتغليب المجهول على المعلوم.
الشرق الاوسط الأربعاء
- 6 شهر ربيع الأول 1440 هـ - 14 نوفمبر 2018 مـ رقم العدد
[14596]
https://aawsat.com/node/1461616
بين النهوض العلمي والتخصص العلمي
تدريس العلوم بالعربية.. هل هذا واقعي؟
تطوير
التعليم من الشعار إلى المشروع
تعريب العلم ، ضرورة اقتصادية ايضا
تعزيز
التسامح من خلال التربية المدرسية
التعليم كما لم نعرفه في الماضي
التمكين من خلال التعليم
الحق
أولا
حقوق الانسان في المدرسة
حول البيئة المحفزة للابتكار
دعـــــوة الى التعــــليم الخــــــيري
سلطة
المدير
شكوك في العلاقة بين
الثقافة والتقدم
صناعة الشخصية
الملتبسة
كتب الطبخ هي
الاكثر رواجا في معارض الكتب
المدرسة وصناعة العقل
المدرسة
ومكارم الاخلاق
معنى ان يكون التعليم العام واسع الافق
مكافحة
الفساد بدء من المدرسة
الوطن
هو الناس وليس الجغرافيا
يوكل علم ؟ ... يعني مايفيد !
مقالات ذات علاقة