مدونة توفيق السيف . . Tawfiq Alsaif Blog فكر سياسي . . دين . . تجديد . . . . . . . . . راسلني: talsaif@yahoo.com
29/03/2010
من أبواب الفساد
18/03/2010
تحولات التيار الديني-3 اعباء السياسة
ما يشاهد من جرأة على معارضة المؤسسات الدينية ونقد رجال الدين ، ليس ناتجا عن تراجع الايمان في نفوس الناس ، وليس سببه قيام جماعات او منظمات ، هدفها النيل من مكانة الدين ورجاله في المجتمع المسلم. خلال الثلاثين عاما الاخيرة تحولت شريحة كبيرة من العاملين في الحقل الديني ، الى العمل السياسي الصريح او الضمني ، بعدما كان همها الوحيد اخلاقيا يتمحور في الدعوة الى مكارم الاخلاق ، واحسان العمل وتعليم الناس عقائدهم وعباداتهم. تبعا لذلك نشأت حالة استقطاب متعدد في المجتمع ، بين المحاور التي تمثلها الجماعات الدينية – السياسية المختلفة ، وكذلك بين الاتجاه الجديد المائل للسياسة ، وذلك الذي يصر على الاستمرار في الطريق التقليدي.
حين تتبنى خطابا سياسيا وحين تدعو
لاهداف سياسية ، فانت بالضرورة تسعى لخلق نظام علاقة بينك وبين الناس ينطوي على
نوع من السلطة. وهذا يستدعي اوتوماتيكيا بروز معارضة من جانب الاطراف التي تشعر
بالمزاحمة او التهديد او حتى التدخل البسيط. هذه الاطراف تشمل الحكومات في المقام
الاول ، لكنها تضم ايضا المجموعات الاخرى التي تتبنى خطابا مماثلا او تتمتع بنفوذ
في المجتمع ، او تشعر بان ظهور دوائر
مصالح جديدة ينطوي على تهديد لدوائرها الخاصة.
نحن نتحدث اذن عن تطور طبيعي يمكن ان
يحدث في اي مجتمع: السعي لفرض دائرة مصالح جديدة ، يؤدي الى رد فعل من جانب
الدوائر الاخرى ، كما يؤدي الى انشقاقات
باعثها هو الاختلاف في تحديد تفاصيل المصلحة المنشودة وكيفية انجازها. وهذا وذاك
يؤدي الى ظهور صراعات بين اطراف التيار نفسه.
شهدنا مثل هذا التطور في التيار السلفي
السعودي ، خلال العقد الاخير من القرن المنصرم. اطلق الغزو العراقي للكويت في
اغسطس 1990 سلسلة من التفاعلات داخل المجتمع السعودي ، ابرزت لاول مرة تيارا يتسع
بالتدريج ويطالب بالاصلاح. بروز هذا التيار اثار رد فعل فوري وسط السلفيين ، الذي
خشي قادتهم من ان تتجه البلاد الى الليبرالية ، بسبب الضغط الاجتماعي الداخلي ، او
بسبب التحالف مع الولايات المتحدة الامريكية ، الذي عمقته الحاجات المتبادلة خلال
الحرب على العراق.
في نوفمبر 1990 نظم 47 سيدة سعودية
تظاهرة بالسيارات في شوارع الرياض ، من اجل اقرار حقهن في قيادتها . ردا على ذلك
امر الشيخ عبد العزيز بن محمد آل الشيخ اعضاء هيئة الامر بالمعروف والنهي عن
المنكر بوقف المظاهرة واعتقال السيدات . لكن الشيخ عزل من منصبه بامر ملكي في
منتصف ديسمبر التالي. اثارت تلك الحادثة جدلا شديدا في الوسط الديني ، وتحولت الى
موضوع رئيسي لخطب الجمعة طيلة الاشهر الثلاثة التالية. ولاحظ عدد من الخطباء ان
الحكومة لم تتخذ موقفا صارما مما اعتبروه هجوما تغريبيا ، بل على العكس من ذلك فان
عزل رئيس الهيئة كان اشارة الى عزم الحكومة تقييد المؤسسات الدينية التي تتصرف دون
اوامر رسمية مباشرة.
في يناير 1991 نشر عدد من الشخصيات
البارزة ، وثيقة مطالب موجهة الى الحكومة ، تطالبها باجراء اصلاحات رئيسية في
الادارة الرسمية وعلاقة الدولة بالمجتمع . وقع على الوثيقة مثقفون بارزون ومسؤولون
سابقون وشخصيات ذات نفوذ اجتماعي ، ولم يكن بينهم اي رجل دين. وفي مايو 1991 قدم
200 من العلماء السلفيين البارزين خطابا مماثلا الى الملك فهد ، لكنه – بدلا من
المطالبة باصلاحات سياسية – ركز على نقد
ما وصفه بالتباعد المشهود عن احكام الشريعة . وطالب الملك بتعزيز دور
العلماء والمؤسسة الدينية في الدولة والمجتمع. تلى ذلك نشر وثيقة اكثر تفصيلا ،
عرفت بمذكرة النصيحة ، وضعت في يونيو 1992 ووقع عليها 400 من المشايخ والدعاة من
الطبقة الثانية والثالثة. كانت هذه المذكرة التي تشبه في صياغتها البرامج السياسية
للاحزاب ، اول ظهور سياسي منظم وواسع النطاق للتيار السلفي المستقل والمعارض
للحكومة. ايد كبار العلماء هذه المذكرة في اول الامر ، لكنهم سارعوا بادانتها ،
كما تنصلوا من الخطاب السابق لان نشرهما يعد خروجا على تقاليد النصيحة لولي الامر.
على خلفية هذا الموقف ، جرى اعتقال معظم الموقعين على "مذكرة النصيحة"
او منعهم من السفر ، وكان هذا بداية لاوسع انشقاق في التيار السلفي.
خلال السنوات التالية تحول عدد من موقعي مذكرة
النصيحة الى رموز سياسية او شبه سياسية ، يلتف حولهم جيل الشباب ، بينما جرى تصنيف
كبار العلماء كتقليديين او حكوميين. وشهدت البلاد للمرة الاولى حالة استقطاب في
الوسط السلفي ، بين القطب الذي يدور في فلك الدولة ، وذلك الذي يحاول البقاء
مستقلا خارج اطارها.
15/03/2010
كتاب اخر يستحق القراءة : كارل بوبر "منطق البحث العلمي"
11/03/2010
تحولات التيار الديني - 2 نهايات المعارك
لكن هذا الانتصار كان مكلفا جدا. فقد ادى الى تشديد عزلة التيار وتوسيع الجدل حول دوره السياسي واساليبه في التعبير عن مواقفه.
كما طال الجدل سلامة الاجتهادات الدينية التي يتبناها. ومنذ اوائل 2007 اصبحت "هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" هدفا ثابتا لحملات صحفية تتبعت نشاطاتها وسلوكيات اعضائها وتصريحات مسؤوليها . وفي سابقة هي الاولى من نوعها اقيمت دعاوى قضائية ضد الهيئة على خلفية اتهامات باقتحام منزل وقتل صاحبه في المدينة المنورة . كما اتهمت الهيئة في دعاوى اخرى بمطاردة اشخاص والتسبب في اضرار مادية وبدنية .
وتعتبر "الهيئة" حصنا منيعا للتيار الديني التقليدي واحد اهم مواقع نفوذه في المجتمع السعودي. ورغم ان القضاء قد برأ الهيئة في جميع تلك الدعاوى. الا ان صورتها كجهة دينية تعرضت لجرح عميق. وترتب على تلك الحوادث تغيير طاقمها الاداري وفرض قيود جديدة على عملها . من بين تلك القيود خصوصا نشير الى منعها من الاستعانة بمتطوعين في اعمالها . وفي الماضي كانت مجموعات المتطوعين الشباب هي الاكثر نشاطا وتشددا بين العاملين في صفوف "الهيئة". وكان هذا العمل يستخدم من جانب بعض الشيوخ كنوع من التدريب الحركي للشباب والدعاة الجدد.
08/03/2010
الليبرالية في نسخة جديدة: رؤية جون رولز
من بين الكتب التي أثارت
انتباهي في معرض
الرياض لهذه السنة (2010)، كتاب «العدالة
كإنصاف» للفيلسوف الأمريكي جون
رولز. هذا الكتاب الذي ترجمه د. حيدر حاج إسماعيل هو الصيغة الأخيرة من هذا
العمل المهم والمثير للجدل، والذي واصل مؤلفه تعديله على ضوء النقاشات والنقد طيلة
العقود الثلاثة التي تلت صدور طبعته الأولى في 1971.
يقدم رولز في هذا الكتاب نظرية جديدة في فلسفة
الدولة والتنظيم الاجتماعي/ السياسي، تبتعد شيئا ما عن الرؤية الليبرالية
الكلاسيكية رغم أنها تنطلق من نفس المنطلقات، لا سيما الحرية الفردية في حدها
الأعلى ومبدأ العقد الاجتماعي كأساس للنظام السياسي / الاجتماعي.
قدم رولز حلا لإشكالية
المغالاة في الفردانية،
والتي تعتبر أحد العيوب الرئيسية في الليبرالية، لا سيما بسبب تركيزها على الجانب
الغرائزي في الفرد، وتمحور فكرة السعادة والنجاح ــ وبالتالي العوامل المؤثرة على
قرار الفرد ــ حول التملك والاستحواذ. انطلق رولز من رؤية متفائلة للطبيعة
الإنسانية.
المثال الذي يشكل خلفية
لرؤيته هو مثال الإنسان الراشد الذي يتمتع بقوى ذهنية ونفسية تسمح له بانتخاب
الخيار الأقرب للعدالة فيما لو عاش تحت نظام تعاون اجتماعي يقوم على الإنصاف ويضمن
لاعضائه الحرية والمساواة. أهلية الإنسان للاختيار الصحيح قائمة على تمتعه بعنصرين
معنويين يحملهما معه منذ الولادة:
أولهما هو إحساسه بقيمة العدالة، أي قابليته
لإدراكها وتمييزها وفهمها وتطبيقها والعمل بموجبها ولأجلها..
والثانية هي إحساسه بمنفعته الخاصة، أي قدرته
على استيعاب تطبيقاتها وتشكيلها ومراجعتها وتنظيم حياته على نحو عقلاني يمكنه من
نيلها. بفضل هذين العنصرين يستطيع الفرد أن يفهم ذاته كما يفهم الآخرين باعتباره
وإياهم أحرارا يتحملون مسؤولية أفعالهم. وبهذا فهما يمثلان الأرضية التي يقوم
عليها استقلال الفرد وأهليته للتعاقد مع الغير والمشاركة في تشكيل النظام
الاجتماعي الذي يعيش في إطاره.
جون رولز (1921-2002) |
والحق أن توظيف مصطلح
«عادل» أو «ظالم» في وصف مجموع النظام الاجتماعي وبنيته القانونية والاقتصادية
والمؤسسية هو واحد من أبرز تجليات الفهم الجديد، خلافا للمفهوم السابق الذي كان
يطلق الوصف على أفعال الأفراد أو الدولة فقط. رأى رولز أن جميع عناصر وأجزاء
النظام يجب أن تقيم وفقا لمعيار مشترك كي نستطيع وصفها ــ كمجموع ــ بالعدالة أو
الظلم. نظرا للتأثير الديناميكي لكل مسار من مسارات النظام الاجتماعي على حياة أعضائه،
فإن تقرير ما هي حقوق المواطنين وواجباتهم في جانب معين، الاقتصاد مثلا، يجب أن
يسبقه تعريف لانعكاس النظام الاقتصادي وتطبيقاته على حياة الأفراد الذين يعملون في
إطاره أو تتأثر حياتهم بمفاعيله، ولا سيما في تمكينهم أو إعاقتهم من ممارسة حقوقهم
الأولية وحرياتهم.
من بين التطبيقات العديدة
لمفهوم الحرية، صنف رولز عددا منها كحريات أساسية، وتشمل الحقوق الخاصة بالضمير
مثل حرية الديانة والتفكير والتعبير والتنظيم، كما تشمل الحقوق الضرورية لصيانة
الكرامة الشخصية مثل حرية الحركة والعمل واختيار المهنة والملكية الشخصية، إضافة
إلى شريحة من الحقوق المرتبطة بالمشاركة في الشان العام. هذه الحريات أساسية لأنها
أكثر أهمية وأعلى قيمة من غيرها من المنافع الاجتماعية أو الحريات الأخرى، وهي
عنده تشكل معيارا لحدود سلطة المجتمع..
طبقا لرولز فإن توفر
منظومة الحريات الأساسية ضروري لتبلور هوية الإنسان المستقل، الكفء، القابل لتحمل
المسؤولية عن عمله، والمشارك في الحياة العامة. ومن هذا المنطلق فإن نظرية العدالة
التي اقترحها رولز تعطي للحريات الأساسية أولوية على كافة المنافع الاجتماعية
الأخرى. فلا تصح التضحية بها من أجل سعادة المجتمع أو زيادة الثروة الوطنية أو
مساعدة الفرد على بلوغ الكمال الذاتي، أو غير ذلك من المنافع.
06/03/2010
اشكالية الهوية والتضاد الداخلي
01/03/2010
طريق اليمن وطريق سريلانكا
25/02/2010
تحولات التيار الديني -1 : تصدعات وقلق المؤامرة
22/02/2010
بعد عقدين على صدوره ، نظام المناطق يحتاج الى مراجعة
08/02/2010
مجتمع محافظ وليس رجعيا
المواطن "الممتاز" والمواطن "العادي"
سألتني السيدة ميره ، وهي مثقفة من دولة الامارات الشقيقة ، عن علاقة المواطنين ببعضهم وعلاقتهم بوطنهم: هل نكتفي بمضمونها القانوني ، ام نحتا...