‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاصلاح السياسي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاصلاح السياسي. إظهار كافة الرسائل

07/01/2015

استعادة الايمان بالذات




قد يكون الاحباط من اكثر المشاعر التصاقا بالاجيال الجديدة ، في الامم المتقدمة والمتخلفة على السواء. هذا يرجع الى سعة الفوارق بينها وبين الاجيال السابقة ، في انماط المعرفة والحاجات والتوقعات. اسئلة مثل: لماذا عجزنا عن حل الازمات الصغيرة التي تجاوزها العالم ، تشكل هما مؤرقا للاجيال الجديدة ، تنقض شرعية النظام الاجتماعي.
الامم التي واجهت هذا التحدي عالجته بواحدة من ثلاث وسائل: أ) تصدير أزماتها الى الخارج بافتعال صراعات مع دول اخرى. ب) توسيع قاعدة النظام السياسي باشراك عامة الناس ، سيما الاجيال الجديدة ، في الحياة العامة وصناعة القرار ، الامر الذي يوسع دائرة المسؤولية ويولد روحية جديدة في مواقع القيادة. ج) اطلاق ثورة وطنية في مسار او اكثر ، بهدف تحقيق انتصار حاسم وملموس ، يحيي الايمان بالذات ويعزز الاجماع الوطني.
نتحدث عادة عن معالجة تدريجية للازمات العامة ، تؤدي مع الزمن الى تطوير مؤسسي للمجتمع السياسي. لكن الواضح اليوم ان لدينا كما كبيرا من القضايا التي تحولت الى معضلات مزمنة بسبب الاهمال او اتباع حلول ترقيعية او ناقصة. قضايا مثل ازمة السكن والبطالة والاتكال المفرط على مبيعات البترول الخام وأمثالها ، كانت معروفة منذ زمن طويل. كانت خطة التنمية الاولى التي اطلقت في 1971 قد لاحظت هذه التحديات وأكدت على محوريتها. ومع هذا فلا زلنا نتحدث عنها كما لو انها اكتشاف اليوم. هذا يشير الى اهمال او غفلة يصعب تبريرها.
مرور الزمن لا ينسي الناس الازمات التي تؤرقهم. ربما يتكيفون معها ، وربما يستسلمون لها ، لكنهم لن يشعروا ابدا بانهم يعيشون وضعا طبيعيا. ان تعبيراتهم البسيطة عما يواجهون من عسر في حياتهم ، تؤدي مع التكرار الى نقض الايمان بالذات وتثبيط ارادة الاصلاح ، حتى في الامور الصغيرة. ويرجح عندي ان هذه المشاعر تساهم على نحو غير مباشر في تغذية الميول المتطرفة ، سيما بين الشباب.
اعتقد ان زمن الحلول المؤقتة والتدريجية قد فات ، وان العالم العربي كله بحاجة الى ثورة تجديد جذري وواسع النطاق ، ثورة تشارك فيها الحكومات والأهالي على نحو يكسر حلقة الفشل المريرة التي تشكل ربما اهم نواقض الايمان بالمستقبل ، كما تضعف شرعية النظام الاجتماعي.
نحن بحاجة الى ثورة صناعية تحررنا من الارتباط الحرج باسواق البترول العالمية. نحن بحاجة الى ثورة في مجال الادارة العامة تقود الى توسيع قاعدة النظام الاجتماعي – السياسي وارساء عقد اجتماعي جديد يكفل الحقوق والحريات المدنية ، كما يستوعب تطلعات الجيل الجديد.
قد يكون سهلا على اناس في مثل عمري ان يتكيفوا مع الواقع القائم ، مهما كان عسيرا. لكن هذا ليس حال الاجيال الجديدة التي تريد مستقبلا مختلفا. الانتقال للمستقبل يتوقف على اعادة بناء الاجماع الوطني على اسس تستوعب تحديات عصرنا والزاماته. ويجب ان نبدأ اليوم قبل فوات الاوان.
الشرق الاوسط 7 يناير 2015 العدد 13189

http://classic.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=800987&issueno=13189#.VL6V9SuUcbg

26/08/2014

مقدسات التغيير


لو اردنا الاعتبار بدروس التاريخ ، فسوف نعرف ان الازمات الكبرى شكلت نقطة انبعاث للمجتمعات المغلوبة ، يوم  حظيت بشجاعة التحرر من الغرائز البدائية وقيود العادة.
كان ارنولد توينبي ، وهو ابرز مؤرخي القرن العشرين ، قد اعتبر الصراع محركا رئيسيا للتحولات الحضارية وحركة التاريخ بشكل عام. الامم التي تواجه تحديات وجودية تبدع وسائل جديدة لاستيعاب التحدي ومواجهته. صنف توينبي تلك التحديات الى ثلاثة مستويات: تحد ضعيف لا يثير اهتمام المجتمع ، وتحد جارف يقوده الى الاستسلام وربما تدمير الذات ، وتحد متوسط القوة يطلق طاقة حيوية جديدة ، تقاوم عوامل الوهن والهزيمة ، فيشكل - بالتالي- نقطة انطلاق الى مسار جديد نحو التقدم والقوة.
Arnold Toynbee
ارنولد توينبي
مناسبة الكلام هو التحولات الهائلة التي تواجه العرب هذه الايام ، وتحمل في مجموعها صفة التحدي الوجودي ، على النحو الذي شرحه توينبي. كشفت هذه التحولات عن نقاط ضعف كبرى في البنية الاجتماعية/السياسية لكافة المجتمعات العربية. لكنها كشفت ايضا عن نقاط قوة عظيمة الاهمية ، لا يصح اغفالها او تهوين اهميتها. 
ويهمني في هذه الكتابة التنبيه على ما اظنه شرطا ضروريا لتحديد اتجاه "الاستجابة للتحدي". الا وهو توفر ايديولوجيا التغيير. تتألف ايديولوجيا التغيير من مجموعات مقولات ميتافيزيقية (نتبناها بها لاننا نريدها وليس بالضرورة لانها ثابتة علميا او تجريبيا). 
تتمحور هذه المقولات حول ثلاثة مباديء ينبغي رفعها الى درجة القداسة:
 واولها تعزيز الايمان باننا - كمجموع - قادرون على حل مشكلاتنا بانفسنا ، قادرون على منافسة الاخرين والتفوق عليهم ، واننا – كأفراد – قادرون على تجاوز خلافاتنا والانصهار في بوتقة فكرة قائدة ، هي فكرة التقدم.
 المبدأ الثاني: هو ثنائية المتعدد/الواحد وخلاصتها ان كل مواطن فرد ، رجلا او امرأة ، مختلف عن الاخر في عقله او فكره او تطلعاته او همومه ، وان هذا التنوع في الافكار والتعبيرات والقدرات والتطلعات يقود طبيعيا الى فتح مسارات كثيرة ، يجب تأطيرها على نحو يجعلها روافد تصب في المجرى الرئيس لنهر التغيير وتساهم في حركة التقدم. 
المبدأ الثالث يتناول موضوع التغيير ، ويتلخص في اصلاح سياسي باتجاه توسيع ومأسسة المشاركة الشعبية في  الحياة العامة ، وتحول اقتصادي باتجاه التركيز على الصناعة سيما الصناعات الاساسية والتحويلية ، وتحول اجتماعي محوره صون الحريات الشخصية والمدنية لكافة الافراد.
زبدة القول ان الازمات الهائلة التي نمر بها هذه الايام يمكن ان تعصف بوجودنا كله (وقد شهدنا بدايات هذه الكارثة في اكثر من دولة مجاورة) ، كما يمكن ان تشكل مفتاحا لعصر جديد وتاريخ مختلف ، نحقق فيه اكثر آمالنا. اعلم ان احدا لن يختار الكارثة ، لكن اختيار البديل رهن بالاستعداد لدفع ثمنه السياسي والثقافي والنفسي. ولهذا حديث آخر ربما نعود اليه لاحقا.
الاقتصادية 26 اغسطس 2014
http://www.aleqt.com/2014/08/26/article_880253.html

22/07/2014

احتواء التحدي وتحييده


اعلان داعش عن دولتها وخليفتها كان الشغل الشاغل للمجتمع السعودي خلال الاسبوع المنصرم. كان هذا واضحا في احاديث المجالس والصحافة وفي مواقع التواصل الاجتماعي.
كثير منا لا يرى في داعش تهديدا وشيكا. لكن كثرة النقاش حولها تشير الى قلق عميق في نفوس الناس من تحد لا يبدو اننا متفقون على "كيفية" تحييده. والمؤكد ان هذا القلق ازداد بعد العدوان الآثم على مركز الوديعة الحدودي الذي كلف البلد خمسة شهداء من رجال الامن. هذا الحادث ذكرنا جميعا بأن داعش ليست في شمال العراق ، بل هي ، بعض منها على الاقل ، على حدودنا.
لا ينبغي تهويل الامر. فهذا العدوان الغادر ليس دليلا على تهديد وشيك من النوع الذي تمثله داعش العراقية. لكن المسألة ككل تمثل خطرا ثقافيا وسياسيا لا ينبغي التقليل من اهميته. اعلان داعش عما تسميه "خلافة اسلامية" يستهدف مباشرة التشكيك في الشرعية السياسية والقانون الجاري في دول المنطقة كلها. وقد يكون مجتمعنا ابرز المستهدفين بهذا المخطط ، نظرا لأن النموذج الثقافي- الديني السائد يحمل سمات مقاربة ويعبر عنه بلغة مماثلة. وهو قادر على التاثير خصوصا في الشرائح الاجتماعية التي تشعر بالاحباط او تتطلع الى حلول سحرية للمشكلات التي تعانيها او تتخيلها.
يتجه تهديد الخطاب الداعشي في المقام الاول الى "الاجماع الوطني" ، أي ذلك التوافق الضمني على نظام العلاقة بين ابناء الوطن والسبل المتعارفة لادارة تعارضات المصالح.
حكومتنا هي اللاعب الوحيد في الميدان السياسي والقانوني. فهي تحتكر بشكل كامل العمل السياسي ، كما تراقب بشدة  العمل المدني (الذي يفترض ان يكون اهليا). ولذا فهي تتحمل الجانب الاعظم من الاعباء الخاصة بصيانة الاجماع الوطني وتعزيزه.
هذا يعني ان على الحكومة الكثير مما ينبغي القيام به لتحصين البلد من اخطار الخطاب الداعشي. واشير هنا الى عنصر واحد اراه ضروريا وعاجلا ، الا وهو التخلي عن السياسات الخشنة التي اتبعت خلال العامين الاخيرين ، واستبدالها بسياسات ملاينة للمجتمع والقوى الاجتماعية. نستذكر هنا الخطاب الرباني للرسول عليه الصلاة والسلام "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر".
في 1993 سمعت المرحوم الملك فهد يقول ان "الحكومة اقوى من كل احد في البلد وانها قادرة على سجن من تشاء وقهر من تشاء لو ارادت ، لكن هذا لا يقيم مجتمعا متعاطفا مترابطا. التفاهم والحلول اللينة هي التي تبني الاوطان". واني اجد بلادنا بحاجة الى هذه الرؤية اليوم ، اكثر من أي وقت مضى. اني ادعو حكومتنا الى تبني استراتيجية الملاينة والتفاهم واعادة استيعاب المختلفين والمخالفين ، أيا كان رأيها فيهم ، فهذا هو السبيل اليوم لسد الثغرات التي يتسلل منها اعداؤنا لضرب السلم الاهلي وخلخلة الاجماع الوطني.
الاقتصادية 22 يوليو 2014
http://www.aleqt.com/2014/07/22/article_869551.html
مقالات ذات علاقة
·         فلان المتشدد
·         ثقافة الكراهية
·         تجريم الكراهية
·         تجارة الخوف
·         في انتظار الفتنة
·         العامل السعودي
·         قبل ان نفقد الامل
·         تعـزيــز الامــل


15/07/2014

احتواء الخطاب المتطرف


ستمر بضعة اسابيع ثم تتراجع الموجة الداعشية كما حدث لاخواتها من قبل. هذه طبيعة الامور في بلدنا وفي سائر البلدان. لكن هذي ليست نهاية القصة. فكل حادث يخلف اثرا في النسيج الاجتماعي ، سطحيا او عميقا. ويهمنا اليوم التامل في الاجراءات الوقائية التي تتناول بصورة خاصة البيئة الاجتماعية التي يحتمل ان تمد تيار العنف بالقوة البشرية والمادية.
طبقا لما نعرفه عن المجموعات العنيفة التي ظهرت في منطقة الشرق الاوسط ككل ، فان ابرز نقاط قوتها تتمثل في القدرة على استثمار نسق ايديولوجي ، وخصوصا ديني او مذهبي ، استثمار مقولاته باعادة تفسيرها على نحو يبرزها كجواب على عوامل الاحباط القائمة في المحيط. بعبارة اخرى فان الاحباط والايديولوجيا يتفاعلان لانتاج أمل جديد يعيد للشاب المحبط ثقته بنفسه وقدرته على تحقيق مراداته. الداعية المتطرف لا يقول للشاب ان الصلاة في المسجد هي التي ستجعله ناجحا ، بل يعرض له نماذج عن الاشخاص الذين اكتشفوا ذواتهم وتحولوا من اصفار على هامش الحياة الى ارقام في قلب المجتمع والحياة حين انضموا الى الجماعة المتطرفة. اكتشاف الذات وتحقيق الذات يأتي هنا متوازيا مع شعور داخلي عارم بالرضى عن الذات وضمان رضا الله ايضا.
مهمة دعاة التطرف ليست صعبة لانهم يستثمرون القناعات الدينية التي يجري شحنها في عقول وقلوب الشباب منذ الطفولة حتي اخر العمر. بعبارة اخرى فالشاب يسمع ذات اللغة والمفاهيم التي يقولها الجميع ، لكنه يضعها في اطار مختلف ويعطيها تفسيرا مختلفا تؤدي غرضا معاكسا لما يريده معلم المدرسة او خطيب المسجد مثلا.
العلاج اذن ليس في الغاء التربية الدينية او الوطنية ، بل في تغيير النسق الاحادي الذي اعتدنا عليه منذ عقود ، اي اقرار التعددية الثقافية والدينية والحياتية ، واستبعاد العناصر التي تصف الاراء والمناهج المختلفة باعتبارها بدعا او كفريات او خروجا عن الدين. ويستتبع ذلك فتح المجال امام الرموز الثقافية والاجتماعية التي تقدم خيارات موازية في فهم الدين واهدافه ، ولا سيما تلك التي تتبنى خطابا يعزز الامل في الحياة والمستقبل.
اما الخط الثاني فيركز على معالجة بواعث الاحباط ، ولعل ابرز تمثيلاته هي دعم المناشط الاجتماعية الاهلية ، سيما تلك التي يقيمها الناس بانفسهم لانفسهم من دون تدخل الدولة وبيروقراطييها. اني اشعر بالاسف لان نظام الجمعيات الاهلية الذي كان ينبغي اصداره في بداية 2011 لازال الى اليوم حبيس الرفوف في مجلس الوزراء ، واظن انه كان سيلعب دورا فعالا في استيعاب الهموم  وفائض الحركة الذي هو سمة للمجتمعات الشابة كالمجتمع السعودي.
زبدة القول ان التعامل الجاد مع احتمالات تمدد الايديولوجيا الداعشية ونظائرها يتطلب قرارات صعبة ، لكن الامر ما عاد يحتمل التردد أو التأجيل وعلينا ان نبادر اليوم قبل فوات الاوان.
الاقتصادية 15 يوليو 2014
http://www.aleqt.com/2014/07/15/article_867319.html
مقالات ذات علاقة
·         فلان المتشدد
·         ثقافة الكراهية
·         تجريم الكراهية
·         تجارة الخوف
·         في انتظار الفتنة
·         العامل السعودي

·          

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...