اسوأ ما يحدث لبلد هو تراجع هيبة القانون. خير
لنا ان يكون نظامنا القانوني مرنا وذكيا وقابلا للتكيف ، بحيث يستوعب التحديات
الجديدة ، قبل ان تمسي عامل هدم للقيم والنظام
الاجتماعي.
لا أشك ان النساء السعوديات سيقدن سياراتهن في
المستقبل القريب. وسيحدث هذا في اطار القانون او خارجه. ولهذا ادعو حكومتنا الى التعجيل في فتح هذا
الباب ، بشكل قانوني ، كي لا يضطر الناس الى خرق القانون. لقد طال الجدل حول الموضوع
نحو ربع قرن. ولم تصدر الحكومة – بشكل اصولي - اي قانون يصرح بمنع النساء من قيادة
السيارة. هناك فقط تصريحات لمسؤولين ،
وهناك تحذيرات من دعاة ومشايخ ، وهناك – وهذا هو الاهم – رغبة لدى عامة الناس
لاحترام العرف القائم ، واحترام هيبة الدولة ، التي اتخذت موقفا ضبابيا : لم تمنع
بشكل قانوني ولم تسمح بشكل قانوني.
اشعر ان الناس انتظروا طويلا توضيح الموقف الرسمي
من هذه المسألة الحيوية. لكنهم لم يسمعوا اي جواب. هذا هو بالتحديد الظرف الذي يدفع
الناس الى القفز على اسوار القانون. حين تبرز الحاجة الى تاطير قانوني لما يعتبره
الناس ضرورة لحياتهم ، ثم يرون حكومتهم متراخية في الاستجابة ، من دون تبرير مقنع
، ساعتها سيفكر بعضهم ان الخروج على القانون امر مقبول. وقد شهدنا خلال الايام
القليلة الماضية عشرات من النساء اللاتي قدن سياراتهن ، رغم علمهن بانه لازال في
المنطقة الرمادية ، بين الممنوع والمسموح.
كل سيدة قادت سيارتها ، وكل من عرف بهذا الحدث ، سوف
يستشعر في داخل نفسه ان ما يجري خرق للقانون ، وسيراه ايضا اعتياديا او مقبولا ، بل
ربما اعتبره تطورا طيبا.
استذكر الان مناسبات سابقة ، اصدرت الحكومة فيها
تعليمات "شخصية نوعا ما" ، فلم يلتزم بها احد ، وجرى خرقها دون ان يشعر
احد بانه يفعل خطأ. كلنا نذكر قرار منع جوال الكاميرا واطباق استقبال القنوات
الفضائية ، وكلاهما لم يلتزم به احد يوما واحدا.
معرفة الناس بان ما يفعلونه خرق للقانون ، هو
تطبيق أولي ، يقود تدريجيا الى تراخي هيبة القانون. ما أخشاه حقا ليس قيادة المراة
للسيارة ، فقد كنت ولا ازال ادعو لها. الذي أخشاه هو تأخر الحكومة في اقرار هذه
الحاجة. لانها يومئذ ستكون كمن يدفع الناس دفعا الى التمرد على القانون. وهذا امر
له تبعات سيئة في اماكن اخرى وموضوعات اكثر خطورة. ادعو حكومتنا الى السماح للنساء
بقيادة السيارة اليوم وليس غدا ، كي يشعر الناس جميعا بان نظامنا القانوني ليس
متكلسا ولا جامدا ، وانه قابل لاستيعاب الحاجات والتحديات. عندئذ سيجدون انفسهم
قادرين على تحقيق مراداتهم في اطار القانون وليس بالتمرد عليه.
http://www.aleqt.com/2013/10/15/article_793035.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق