06/06/2007

التغطية الفقيرة لتقرير حقوق الإنسان



تقرير حالة حقوق الانسان في المملكة الذي اصدرته الجمعية الوطنية لحقوق الانسان يستحق متابعة اكبر مما وجدناه حتى الآن في وسائل الاعلام المحلية. كان ينبغي للجمعية ان تحتذي نهج المنظمات المماثلة التي تجعل اطلاق تقاريرها السنوية الحدث الابرز في عملها خلال العام. ويجري الاعداد لاطلاق التقارير السنوية قبل وقت طويل وتقوم اقسام متخصصة بالاتصال بوسائل الاعلام حتى يستقطب التقرير ما يستحقه من اهتمام اعلامي واجتماعي وسياسي.
نشر التقرير على موقع الجمعية على الانترنت هو عمل توثيقي وليس اعلاما. الاعلام هو ايصال التقرير، كخبر او كتفاصيل، الى نسبة من المواطنين المستهدفين لا تقل عن نصف قراء الصحف ومشاهدي التلفزيون. وهذا يتطلب بطبيعة الحال حملة علاقات عامة مع وسائل الاعلام هدفها المحدد حجز مساحة محددة من حيث الوقت والمكان للاعلان عن موضوع التقرير والجمعية التي اصدرته. ونعرف من خلال التغطية الفقيرة للتقرير ان ذلك لم يحدث او انه لم يحدث بالشكل المناسب.

لاحظت الجمعية في التقرير المذكور ان ثقافة حقوق الانسان ليست شائعة في المجتمع السعودي، او ان اكثرية السعوديين ليسوا على وعي تام بالمفهوم وبالجهات العاملة في هذا المضمار، ومنها بطبيعة الحال جمعية حقوق الانسان نفسها. 

ولهذا السبب فقد توقعنا ان تستثمر الجمعية هذه الفرصة الهامة للتعريف بنفسها وبنشاطها. يتضمن التقرير الاول عن حالة حقوق الانسان في المملكة مادة في غاية الاهمية، وربما لم يسبق لهيئة محلية ان عالجتها على هذا النحو من التوسع والمباشرة. واظن ان هذه المادة بذاتها هي اقوى وسيلة لتقريب فكرة حقوق الانسان كمفهوم وكممارسة فردية او كنشاط جمعي الى عقول عامة المواطنين.

من المفهوم ان كثيرا من الناس متشكك في جدوى هذا النشاط او في قدرة الجمعية على معالجة الخروقات المتكررة لحقوق الانسان من قبل هيئات رسمية او غير رسمية. لكن مادة التقرير تدل بصورة قاطعة على ان الجمعية قادرة – رغم المعوقات والحدود المعروفة – على مباشرة المسألة ومعالجة بعض اجزائها، او على اقل التقادير تسليط الضوء عليها وتعريتها من المبررات.

ليس من المنتظر ان تقوم منظمات حقوق الانسان بدور الدولة، وهي لا تستطيع ذلك حتى لو ارادت. فدورها في الاساس رقابي، يتمحور حول المتابعة والمقارنة وتسليط الضوء على الافعال التي تنطوي على انتهاك للحقوق الاساسية للمواطنين، ثم مطالبة الجهات الرسمية بمعالجة المشكلة المرصودة. اما تنفيذ العلاج فهو مسؤولية الجهة الرسمية التي جرى الخرق في اطارها. بالنظر الى هذه الحدود، فان ما ورد في التقرير من معلومات ومعالجات يكشف عن جهد يستحق التقدير. ويبدو لي ان معظم من اطلع على التقرير قد توصل الى مثل هذا الاستنتاج.

لن يكون عمل الجمعية ذا تأثير اذا كان عدد المتابعين له او العارفين بتفاصيله محصور في اقلية صغيرة. ولا اظن اهل الجمعية غافلين عن اهمية الاعلام في صناعة المكانة والتأثير. لا يزال الوقت مناسبا للقيام بحملة اعلامية موسعة تستهدف اطلاع عامة المواطنين على التقرير. وينبغي ان تضع الجمعية قيمة كمية، تمثل حدا ادنى للتغطية الناجحة، تتضمن فقرات خبرية حول التقرير نفسه وحول الجمعية، وفقرات اخرى يشار ضمنها الى ما ورد في التقرير من مادة ذات علاقة، ومقابلات مع اعضاء الجمعية اوالخبراء في مجال حقوق الانسان او الاشخاص الذين كانوا طرفا في مشكلات عالجها التقرير.

هذا النشاط الاعلامي الموسع يحتاج الى تنظيم استثنائي خارج اطار الاعمال اليومية للجمعية. تختلف الحملة الاعلامية عن النشاط الاعلامي الاعتيادي في انها تستهدف صناعة جو جديد وفهم جديد عن الجمعية وعملها. ويتحقق هذا من خلال سلسلة من الاعمال المتزامنة تدور حول حدث محدد (هو التقرير) وتستهدف غرضا محددا، هو الوصول الى نسبة معتبرة من متابعي وسائل الاعلام.

http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20070606/Con20070606116135.htm
الأربعاء 20/05/1428هـ ) 06/ يونيو/2007  العدد : 2180

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخلاقيات السياسة

  أكثر الناس يرون السياسة عالما بلا أخلاق. ثمة اشخاص يأخذون بالرأي المعاكس. انا واحد من هؤلاء ، وكذا العديد من الفلاسفة الاخلاقيين وعلماء ...