يجب ان يتواصل الاصلاح كي لا يتبدد زخمه او تتآكل ثماره.
طبقا للاستاذ هما
كاتوزيان فان تباطؤ التحديث في المجتمعات النامية يرجع في المقام الاول الى كثرة التقلبات السياسية وغير
السياسية ، التي تعيق تراكم الخبرات وتحول التحديث من مبادرة الى حراك متصاعد.الملك عبد الله يزور منازل فقيرة بحي الشميسي- الرياض في نوفمبر 2002
شهدت المملكة في عهد المرحوم الملك عبد الله مجموعة مبادرات اصلاحية ، هي مؤشر على
الامكانات المتاحة لتطوير الحياة العامة ، سيما في مواجهة الدعاية السوداء القائلة
بان السعوديين عاجزون عن تطوير بلدهم او ان المجتمع السعودي عصي على الاصلاح.
لابد أولا من وضع هذه المبادرات ضمن ظرفها التاريخي ، كي لا نستهين بقيمة الجهد الذي بذل
لاطلاقها. وأشير هنا الى نماذج مثل الجمعية الوطنية لحقوق الانسان ، هيئة مكافحة
الفساد ، برامج مكافحة البطالة ، برنامج تطوير القضاء والتعليم ، الحوار الوطني ،
ومجموعة المبادرات الخاصة بتمكين المرأة. كل من هذه المشروعات واجه عسرا شديدا في
بدايته. ونعلم ان قوى نافذة في المجتمع والادارة الرسمية تنظر لمبادرات من هذا
النوع كخطر على نفوذها ومصالحها المستقرة. ولهذا فهي تحاربها بشتى السبل ، بما
فيها اثارة المشاعر الدينية وغرائز العدوان. اذكر بهذه الحقيقة كتبرير لما يعتبره
كثير من الناس بطئا او تعثرا في مسارها. لكن التبرير مفيد للماضي وليس للمستقبل ،
وهو لا يشكل عذرا ان استمر التباطؤ والتعثر.
وأعود الى مقولة الاستاذ كاتوزيان للتذكير بالحاجة الى
صون هذه المنجزات وترسيخها وتوسيع نطاقات عملها ، اي منحها زخما جديدا ، كي تؤتي
ثمارها الطيبة. الاصلاح تراكمي بمعنى انه يبنى على ما انجز في الماضي ويتوسع في
اتجاهات جديدة. ويهمنى هنا التأكيد على ثلاثة مسارات اراها محورية ، وهي ترسيخ
سيادة القانون وتوسيع المشاركة الشعبية في القرار ، والضمان القانوني للحريات
والحقوق الشخصية والمدنية.
فيما يخص سيادة القانون ،
فلعل البداية المناسبة هي تطوير النظام الاساسي للحكم الى دستور متكامل ، يوفر
الاساس والمرجع القانوني لجميع الاصلاحات التالية ، ولتنظيم الحياة العامة في اوسع
اطاراتها. اما توسيع المشاركة الشعبية في القرار ، فأولها في ظني هو اتباع آلية
الانتخاب العام لاعضاء مجلس الشورى ، في دورته القادمة ، وتوسيع صلاحيات المجالس
البلدية ، وتشكيلها بالكامل من اعضاء منتخبين. من المهم ايضا اصدار مدونة وطنية
لحقوق المواطن ، تشكل اطارا للعلاقة بين المجتمع واجهزة الدولة ، سيما في
الموضوعات التي يكثر فيها التباين بين مطالب الطرفين.