يعرف علم السياسة الاجماع الوطني بانه منظومة القيم والمفاهيم والتفاهمات والتقاليد المجتمعية التي تشكل قاعدة للتوافق بين اطراف المجتمع على طريقة معينة لتنظيم امورهم العامة ، والامور العامة هي تلك القضايا التي لا تخص فريقا بعينه ولا جهة بعينها ، بل يشترك فيها – غنما وغرما – مجموع المواطنين.
فالاجماع الوطني بهذا المفهوم هو القاعدة المفهومية التي يقوم عليها المجتمع الوطني في صورته الموسعة . ما ندعوه بالمجتمع السعودي ، ليس في حقيقة الامر سوى تلك القاعدة وما يقوم عليها من مؤسسات وانماط عمل وعلاقات. ومن نافل القول ان الاجماع هو مصدر شرعية النظام العام والاستقرار في معناه الاجتماعي والسياسي.
في
عالم اليوم فان "المواطنة" هي المفهوم المحوري للاجماع الوطني ، بمعنى
ان كل مفهوم او قيمة او تقليد او تفاهم بين اطراف المجتمع لا بد ان ينطلق من اقرار
مسبق وغير مشروط بان المجتمع الوطني هو تأليف موسع من مجموع المواطنين الذين
يحملون الجنسية ويقيمون ضمن الحدود الاقليمية للبلد.
مفهوم المواطنة ليس عميق الجذور في ثقافتنا لكنه اصبح جزء لا ينفك منها مع قيام الدولة الحديثة ، الدولة التي تعرف من جانب اهلها والعالم على اساس السيادة ضمن اقليم جغرافي معين ، او ما يسمى بالتراب الوطني. ان اقرب مصطلح عربي تاريخي لمفهوم المواطنة هو مصطلح "الرعية" ، وهو مصطلح يمكن بالرجوع الى معناه اللغوي الاقتراب من مفهوم المواطنة ، لكنه تطور خلال التاريخ ليصب في مفهوم معارض تماما لفكرة المواطنة الحديثة ، ولهذا فانه يستعمل اليوم كمقابل لمفهوم المواطنة لا كمرادف او نظير.
مفهوم المواطنة ليس عميق الجذور في ثقافتنا لكنه اصبح جزء لا ينفك منها مع قيام الدولة الحديثة ، الدولة التي تعرف من جانب اهلها والعالم على اساس السيادة ضمن اقليم جغرافي معين ، او ما يسمى بالتراب الوطني. ان اقرب مصطلح عربي تاريخي لمفهوم المواطنة هو مصطلح "الرعية" ، وهو مصطلح يمكن بالرجوع الى معناه اللغوي الاقتراب من مفهوم المواطنة ، لكنه تطور خلال التاريخ ليصب في مفهوم معارض تماما لفكرة المواطنة الحديثة ، ولهذا فانه يستعمل اليوم كمقابل لمفهوم المواطنة لا كمرادف او نظير.
المواطنة في الدولة الحديثة هي تلخيص لمنظومة من
الحقوق يتمتع بها الافراد مقابل ولائهم للنظام السياسي، وقد تطور هذا المفهوم خلال
الثورتين الفرنسية والامريكية كبديل عن مفهوم "التابع = subordinate" او "الخاضع=subject" اذا اردنا الترجمة الحرفية. قبل القرن العشرين كان العضو في
المجتمع السياسي "التابع او الخاضع في المفهوم الغربي" يتمتع بحق وحيد فقط هو حق الحماية من العدوان ،
ويؤدي في المقابل الواجبات التي تقررها الدولة . وفي كلا الحالين ، فلم يكن له اي
دخالة في تقرير طبيعة تلك الحقوق والواجبات ولا كيفية ادائها.
ادى
تطور علم السياسة والحياة السياسية معا خلال القرنين التاسع عشر والعشرين الى
اعادة صياغة الاساس النظري للعلاقة بين الفرد والمجتمع ، ترتب عليه اعادة صياغة
للعلاقة بين اعضاء المجتمع السياسي حيث ظهرت ثلاثة مفاهيم جديدة : المفهوم الاول
هو ان المجتمع السياسي يتكون من اعضاء متساوين تقوم العلاقة بينهم على اساس
الشراكة . الثاني : ان المجتمع السياسي هو اطار له اقليم جغرافي خاص وحدود تفصله عن
المجتمعات الاخرى. الثالث : ان الحكومة في هذا المجتمع تمثل كل اعضاء المجتمع ،
فهي وكيل ينوب عنهم في القيام بالامور العامة.
هذه
المفاهيم الثلاثة اسست لكيان لم يكن معهودا في التاريخ القديم ، هو
"الوطن" او الدولة الوطنية . وبالتالي فان اعضاء المجتمع السياسي اصبحوا
مواطنين . بناء على المفهوم الاول والثاني ، فان العلاقة بين المواطنين تقوم على
الشراكة المتساوية في التراب الوطني ، وبناء على المفهوم الثالث فان الحكومة هي
مؤسسة تستهدف في المقام الاول خدمة اغراض المجتمع وليس قهره او التسلط عليه.
تطبيقا
لهذا المفهوم ، فان تحول المنظورات والاعتقادات الخاصة ، ثقافية كانت او قيمية او
سياسية ، الى التزامات عامة وقانونية يتوقف على الاختيار الحر والرضا الصريح من
جانب بقية المواطنين . ولا يجوز لاي طرف اجتماعي فرض منظوراته على البقية ، مهما
كانت في نظره صحيحة او مفيدة . علاقة الشراكة تعنى ان قبول الشركاء – وليس صحة
الموضوع المطروح - هو الشرط الاول لكي يتحول الراي الى التزام قانوني عام .
بناء
الاجماع الوطني الجديد يبدأ إذن من اعادة صياغة فكرة المواطنة على اساس الشراكة
المتساوية في التراب الوطني ، الشراكة التي تعني المساواة في الفرص والمساواة في
المسؤولية .