‏إظهار الرسائل ذات التسميات منتدى التنمية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات منتدى التنمية. إظهار كافة الرسائل

30/11/2023

مجتمع المعرفة لازال هدفا ضروريا

 مضى نحو 40 عاما على نشر  كتاب "تربية اليسر وتخلف التنمية" للدكتور عبد العزيز الجلال. وهو واحد من الدراسات المبكرة التي عالجت بشكل صريح اشكاليات التنمية الاقتصادية في مجتمع الخليج.

صدر الكتاب في اطار النقاشات التي ادارها "منتدى التنمية" ، وهو تجمع سنوي للمفكرين المهتمين بالشأن العام في المنطقة ، تأسس في ديسمبر 1979 ، وتركز نقاشاته على الاسئلة التي تثيرها سياسات التنمية ، وما يتحقق في إطارها.  لقد مضىى على نشر الكتاب اربعة عقود. وبهذا فان البيانات التي اعتمدها في دراسته لواقع القطاع التعليمي ، باتت قديمة. ولا شك ان الحال قد تغير كثيرا  منذ ذلك الوقت. لكن العديد من المستخلصات التي توصل اليها ، وتبناها المنتدى أيضا ، ما تزال صحيحة وهي تستحق المزيد من الاهتمام.

د. علي خليفة الكواري مؤسس منتدى التنمية

لقد قرأت الكتاب منذ وقت طويل ، لكني اشعر بالأنس حين أعود اليه بين حين وآخر. وللمناسبة فهناك عدد قليل من الكتاب الذين يرتاح الانسان إذ يعود اليهم حينا بعد حين ، ولا يمل من تكرار قراءتهم. وأقول – من باب الاستطراد – ان العلامة د. محمد شحرور واستاذنا ابراهيم البليهي من هذا النوع ، بغض النظر عن مقدار ما تتفق معه او تختلف. المهم - في حقيقة الأمر - هو تلك الومضات التي تنقدح في الذهن ، حين تقرأ هذين الرجلين أو حين تقرأ كتاب د. عبد العزيز الجلال.

اني اعود الى هذا الكتاب في اطار دراسة ، قادتني ايضا الى عمل شبيه له من نواح كثيرة ، لكنه يفوقه من حيث سعة الموضوع وعدد الكتاب ومستوى المقاربة ، اعني به كتاب "التحدي امام الجنوب: تقرير لجنة الجنوب" الذي صدرت ترجمته العربية في 1990. وكما يتضح من اسمه ، فالكتاب الذي شارك فيه 25 كاتبا يمثل الرؤية العامة لفكرة الجنوب ، وهو عنوان أريد له ان يصف الاقتصاد السياسي لمجموعة البلدان النامية ، في مقابل "الشمال" الذي يضم الدول الصناعية.

تأسست لجنة الجنوب بجهود مشتركة ، قاد مرحلتها الاخيرة مهاتير محمد ، رئيس حكومة ماليزيا السابق ، واستهدفت وضع رؤية تنموية مشتركة للاولويات التنموية لبلدان الجنوب ، اضافة الى وضع ارضية للتعاون فيما بينها. ونعلم ان هذه اللجنة كانت رد فعل على "لجنة برانت" التي اقيمت في 1980 من اجل وضع منظور مشترك لاقتصاديات الدول الصناعية ، وترأسها مستشار المانيا الغربية يومذاك "ويلي برانت".

قدم تقرير "لجنة الجنوب" تصورا موسعا حول مفهوم التنمية الشاملة ، الواجب تبنيه من قبل دول العالم الثالث ، وأولوياته وطرق تنفيذه ومتابعته وتجديده. والذي يهمنا في هذا الخصوص هو المساحة الواسعة نسبيا ، التي خصصها لشرح مشكلات التعليم وتطوير المعرفة والتقنية. وأذكر في هذا الصدد نقطة مركزية مشتركة بين مقاربة د. الجلال وتقرير لجنة الجنوب ، اعني تركيزهما على مجتمع المعرفة ، اي البيئة الاجتماعية الحاضنة للتعليم والاقتصاد. ويؤكد الاثنان على الحاجة لنشر المعرفة والعلم في الوسط الاجتماعي العام ، حتى يتحدث الناس جميعا بلغة العلم ، ويستذكرون قواعد العلم واسماء العلماء. اذا حصل هذا فان عامة الناس سيفكرون في امورهم الحياتية العادية ، بطريقة منطقية او علمية.

ليس المقصود ان يتحدث الناس باللغة الفصحى ، ولا المقصود ان يناقشوا نظريات الفيزياء على العشاء او في المقهى ، بل ان يتفكروا فيما يسمعون او يقرأون ، فان وصلهم خبر عن مسألة علمية ، فهموه وتفاعلوا معه ، وان وصلهم خبر او فكرة غير معقولة رفضوه وانكروه.

في هذه الحالة سيكون المحيط الاجتماعي مساعدا ودافعا للباحث والمبدع ، كما يكون البحر الصافي بالنسبة للسمك. بديهي انه لا يمكن التحول الى مجتمع صناعي ، مادامت الخرافة هي الحاكمة على الثقافة العامة وكان منطق العلم هو الغريب. هذا – ببساطة – الغرض الجوهري للتعليم العام الذي دعا اليه الدكتور الجلال ولجنة الجنوب ، قبل ثلاثة عقود من الزمن ، واظننا لانزال بحاجة الى استذكاره.

الشرق الأوسط الخميس - 16 جمادي الأول 1445 هـ - 30 نوفمبر 2023 م

https://aawsat.com/node/4698826

 مقالات ذات علاقة

 اول العلم قصة خرافية

بين النهوض العلمي والتخصص العلمي

التخلي عن التلقين ليس سهلا

تدريس العلوم بالعربية.. هل هذا واقعي؟

تطوير التعليم من الشعار إلى المشروع

تعريب العلم ، ضرورة اقتصادية ايضا

التعليم كما لم نعرفه في الماضي

التمكين من خلال التعليم

حول البيئة المحفزة للابتكار

كيف نجعل الثقافة محركا للاقتصاد؟

المدرسة وصناعة العقل

معنى ان يكون التعليم العام واسع الافق

يوكل علم ؟ ... يعني مايفيد !

12/02/2020

تحكيم القانون وليس التعويل على الاخلاق

وفقا لرأي د. ابراهيم البعيز فان التوجيه الاخلاقي – رغم ضرورته – ليس علاجا كافيا للانحرافات السلوكية والمشكلات التي تلازم الحياة المدينية. وكان البعيز ، وهو استاذ جامعي مهتم بقضايا التربية والاعلام ، يتحدث امام منتدى التنمية  المنعقد في الكويت (7 فبراير 2020) ، حول الدور المحوري للقانون كضابط للحياة المدينية التي تزداد عمقا وتعقيدا.
اننا نسمع من الارشادت والمواعظ الشيء الكثير ، وبشكل شبه يومي. واذا كنت سعوديا تجاوز الثلاثين من العمر ، فالمؤكد انك حصلت على نحو 2000 ساعة من التعليم الديني. وهذا قدر يكفي لجعلك متخصصا في علم الدين. لكني أجد – ولعلكم مثلي - ان التخصص العلمي شيء والتعامل الاخلاقي شيء آخر. يود الناس بطبيعة الحال المطابقة بين المعرفة الدينية والاخلاق الرفيعة. لكن هذا مجرد افتراض. 
إن معايير السلوك (في جانبها التطبيقي خصوصا) مستمدة من العرف. وغرضها تسويغ التعاملات الاجتماعية. ولذا فهي تصعد او تهبط ، تبعا لتحولات الحياة الاجتماعية: ما يستنكر  بالامس ربما يقبل اليوم ، وما يرحب به اليوم قد يستنكر غدا ، وهكذا. ارتباط الاخلاقيات بالعرف قد يصل الى حد التعارض مع تعاليم الدين ، التي يجري التاكيد عليها كل يوم. من ذلك مثلا إحسان التعامل مع الاجير والفقير والضعيف. ومنه افشاء السلام وايثار الاخر  والاحسان ، ومنه الرحمة والعطف ، ومنه المبادرة باقرار الحقوق المالية والمعنوية لاصحابها ، وعدم السكوت عنها ، فضلا عن انكارها او الحط من قدرها. 
فهذه أمثلة عن اخلاقيات معروفة تحث عليها جميع الاديان ، ويتفق على حسنها كافة الناس ، لكنها مع ذلك ضعيفة التأثير في الحياة الاجتماعية. ولذا نرى ان المشكلات الناتجة عن اساءة التعامل ، لا يختلف عددها وحجمها بين بلد مسلم متدين وبلد غير مسلم او غير متدين. ونعلم على سبيل المثال ان السجناء في نزاعات مالية يعدون بالالاف ، وان قضايا العضل واساءة المعاملة للنساء والعمال والشرائح الضعيفة في المجتمع ،  تعد بعشرات الآلاف وليس المئات او الآلاف في كل عام.
هذا أمثلة نراها كل يوم ، وهي تخبرنا عن ضعف الصلة بين الارشاد والوعظ من جهة ، والتعاملات الواقعية بين الناس في حياتهم اليومية ، من جهة اخرى.
تتسم الحياة في المدينة بالسرعة والتعقيد وكثرة المستجدات. ان التغير هو السمة الرئيسية للحياة المدينية. ولهذا فهي تزداد تعقيدا وعسرا ، بقدر ما تدخل عليها من عناصر جديدة ، وأبعاد غير مألوفة في كل يوم. وهذا بدوره يؤكد الحاجة الى القانون الذي يشكل حدا نهائيا لحركة البشر والمال والاشياء ، كي لا يسقط الضعفاء في الزحام فتسحقهم الاقدام.
كان ارسطو  يعتقد ان الناس يطيعون القانون خوفا من العقاب ، لا حبا في الفضيلة. هذا تصور مبني على رؤية متشائمة للطبيعة البشرية ، كانت سائدة في الأزمنة القديمة. اني أعارض هذه الرؤية ، لأسباب قد اعرضها في وقت آخر. لكني اعترف بان بدائل القانون ، ومنها الوعظ ، ليست فعالة في هذه الاوقات. ولو كانت فعالة ومفيدة لكان اهل الأديان احسن حالا ، على الاقل في مجال التعاطي مع بعضهم البعض.  
ومن هنا ، فاني سوف اقبل – ولو على مضض - الرؤية الداعية لتحكيم القانون في كافة اجزاء الحياة المشتركة بين الناس ، بحيث يتوفر لدينا ضابط فعال لكل ما امكن من التبادلات داخل المجتمع. وسوف يكون علينا ابقاء الامر على هذا الحال ، حتى نعتاد على الاقرار بالحقوق الضرورية المتبادلة فيما بيننا ، عندئذ سيكون للوعظ محل.
الشرق الاوسط الأربعاء - 17 جمادى الآخرة 1441 هـ - 12 فبراير 2020 مـ رقم العدد [15051]
مقالات ذات علاقة 


الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...