‏إظهار الرسائل ذات التسميات حرية الاعتقاد. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حرية الاعتقاد. إظهار كافة الرسائل

22/01/2013

فلان المتشدد

لا نستطيع التعويل على وصف الناس لأنفسهم ، في الحكم عليهم بالتسامح أو التشدد. كما لا نستطيع الاتكال على وصف أعدائهم لهم. علمتني التجربة أن أحكام الناس على بعضهم تنطلق في أغلب الأحيان من مواقف شخصية أو سياسية. صديقك سيرى شخصك وفعلك بعين الرضا، وعدوك أو منافسك سيراك بعين البغض أو الارتياب.


معيار التشدد والتسامح ليس وصف الإنسان نفسه وليس تقييم أصحابه له، وليس بالتأكيد تقييم المنافسين له ولأعماله. لا يمكن أيضا الركون إلى الأوصاف المتداولة في المجال العام، فهي انطباعية في الغالب، روجها شخص ما وتداولها الآخرون دون أن يكلفوا أنفسهم عناء التساؤل عما إذا كانت تحليلا محايدا أو مجرد تنميط سطحي.

هذا يجعل الأمر أكثر صعوبة، لكنه يضطرنا، وهذا هو الجانب المشرق في المسألة، إلى البحث عن معايير أكثر موضوعية قبل أن نحكم على الآخرين. وأود هنا اقتراح معيارين يتصفان - في ظني - بالموضوعية، هما معيار التسامح ومعيار الليونة أو الشدة في التعبير:

1- جوهر مبدأ التسامح هو الإقرار بحق الآخرين في مخالفتك: كل منا يعطي لنفسه الحق في اختيار فكرة أو عقيدة أو منهج حياة أو طريقة عمل يراها حقا، وربما استشهد لأجلها بالكتاب والسنة... إلخ، وهو بالتأكيد سيدافع عن هذه الخيارات إذا تعرضت للنقد أو طولب بالتخلي عنها.

الحق الذي أعطيته لنفسك، هو ذاته الحق الذي يجب أن تقر به للآخرين. طبقا للمأثور عن الإمام علي بن أبي طالب- عليه السلام- فإن الحق ''لا يجري لأحد إلا جرى عليه، ولا يجري على أحد إلا جرى له''، فالمتشدد هو من ينكر على الآخرين حقوقا أعطاها لنفسه، أو يعاقبهم لو طالبوا بحقوق كالتي أقرها لنفسه، هذا معيار عام ومطلق في كل الأحوال.

2- لأن الإنسان كائن اجتماعي، فإن علاقته مع الآخرين تشكل معظم نشاطه الحيوي. المتشدد هو الذي يتعامل مع الآخرين بخشونة، ويخاطبهم بخشونة، أو يتحدث عنهم بخشونة. بخلاف المعتدل الذي يتبع اللطيف واللين في كل الأحوال. سلوك المتشدد يتسم بالخشونة، حتى في معاملة أصدقائه ومناصريه إذا اختلفوا معه، بينما يلتزم المعتدل سلوكا لينا حتى مع أعدائه. هذا معيار نسبي يرتبط بالعرف الاجتماعي السائد. نحكم على سلوك معين بالخشونة أو الاعتدال رجوعا إلى عرف المجتمع أو الزمن الذي نحن فيه، وهذا قد يختلف من مكان إلى آخر ومن زمن إلى آخر.

الاقتصادية 22 يناير 2013
http://www.aleqt.com/2013/01/22/article_726541.html

مقالات ذات علاقة

إشارات على انهيار النفوذ الاجتماعي للقاعدة

اعلام القاعدة في تظاهرات عربية

تحولات التيار الديني – 5 السلام مع الذات والسلام مع العالم

عن طقوس الطائفية وحماسة الاتباع

فلان المتشدد

خديعة الثقافة وحفلات الموت

ما الذي نريد: دين يستوعبنا جميعاً أم دين يبرر الفتنة

اتجاهات في تحليل التطرف

ابعد من تماثيل بوذا

ثقافة الكراهية

تجريم الكراهية

تجارة الخوف

في انتظار الفتنة

كي لا نصبح لقمة في فم الغول

تفكيك التطرف لتفكيك الإرهاب-1

تفكيك التطرف لتفكيك الارهاب-2

الحريات العامة كوسيلة لتفكيك ايديولوجيا الارهاب

العامل السعودي 

غلو .. ام بحث عن هوية

09/12/2008

في التسامح الحر والتسامح المشروط


ثلاث لافتات ضخمة على ناصية شارع رئيسي تتحدث عن التسامح. محاضرة لرئيس الادارة التي انفقت على هذه اللافتات تحدث في ندوة عامة عن التسامح وعرض العديد من الاحاديث النبوية والحوادث التاريخية التي تدعم تصوره عن مبدأ التسامح . وضرب في الاثناء امثلة عن حروب وحوادث تكذب ادعاء الغربيين للتسامح ، ولم ينس الاشارة الى ان دعوى حقوق الانسان والحوار بين المختلفين التي يروج لها الاوربيون والامريكان هي دعوى كاذبة وغرضها الدعاية لانفسهم ومنتجاتهم وتسويغ تدخلهم في شؤون المجتمعات الاخرى.


 في النقاش الذي تلى المحاضرة سأله احدهم عن رأيه في جدل يدور في دولة اوربية واظنها سويسرا حول السماح للمسلمين ببناء مآذنة في احد مساجدهم ، فتهلل وجه المحاضر وقال ان هذا يثبت ما قاله سلفا عن سياسة الكيل بمكيالين ، ثم اكد هذه المقولة بذكر قصة الحجاب في فرنسا ومنعه في المدارس الرسمية. سأله شخص آخر حول امكانية السماح للفرنسيات المقيمات في البلدان الاسلامية بدخول المدارس الحكومية بملابسهن المعتادة في فرنسا ، وحول امكانية السماح للسويسريين باقامة كنيسة من دون برج للصليب ، وكان الجواب معروفا للجميع ، لهذا لم ينتظر السائل ، بل عقب على اسئلته بان سلوك الغربيين الذي نذمه لا يختلف عن سلوكنا الذي نبرره . لدينا مبررات نطرحها ولديهم مبررات اخرى ، هذه المبررات مثل تلك مستمدة من الثقافة الخاصة لاصحابها وليست معيارية او ملزمة لكل الاطراف.

لم يشأ المحاضر ترك الكلام دون تعقيب ، لكنه بدلا من مناقشة السائل دخل في موضوع قتل محاضرته كلها فقد بدأ بالسخرية من "تلك الاكذوبة الكبرى التي يسمونها الحرية وهي في واقع الامر عبودية للاهواء والشهوات وضلال ما بعده ضلال" وذهب في حديث طويل نسبيا حول ما وصفه بالانهيار الاخلاقي في الغرب من كثرة الجرائم والمخدرات والشذوذ.. الخ . ولم نفهم علاقة هذا كله بمبدا التسامح ، الا حين عاد في نهاية الحديث الى التاكيد بان التسامح الذي يعنيه هو "التسامح المضبوط باحكام الشرع ونظر العلماء وتقاليد المجتمع والمصلحة العامة" وليس التسامح الذي "يدندن به رويبضات الصحافة والمبتدعة واهل الاهواء". قال الشخص الجالس ورائي ساخرا "ريحتنا يا اخي ، ظننتك ستقول شيئا جديدا علينا". وكان هذا ختام الندوة ، فحتى الذين سجلوا اسماءهم للمداخلة تخلوا عنها وسكتوا عدا شخص واحد قال كلاما حول الاختلاط والعفة والقنوات الفضائية والغزو الثقافي وتطاول النساء على الرجال ، وأطال حتى اضطر مدير الندوة الى مطالبته بانهاء المداخلة لاتاحة الفرصة للكثير من الذين سجلوا اسماءهم . وحين سكت المتحدث لم يتقدم احد للحديث . نادى المدير على ثلاثة اسماء فاعتذروا بان المحاضر قال كل شيء .

سألت زميلي ونحن نحث الخطى خارجين : هل خرجنا من هذه الندوة بفكرة جديدة ؟ اجابني ضاحكا : تعلمنا التسامح ، لقد جلسنا ساعة ونصف نستمع الى متحدث يقدم مفهوما زائفا عن قيمة اخلاقية عالية ولم نقاطعه او نجادله .. اليس هذا مثال على التسامح؟. قلت للزميل : لعله مثال على الهروب من المواجهة ، قال لي : مواجهة من ؟.. الذي امامك ليس الا طاحونة هواء تدور وتدور وتدور ، هذا عملها وهذا عالمها وغرض وجودها ، فهي لا تعرف شيئا سوى ان تدور وتدور . صاحبك المحاضر مثل الطاحونة ، عمله الكلام والهجوم اللفظي على الاعداء الحقيقيين والمفترضين ، الواقعيين والمتخيلين ، هذه هو علمه وهذا هو عالمه. هل تريد مواجهة الطاحونة؟. 

قلت للزميل : الا ترى ان المحاضر كان واضحا في الربط بين التسامح والحرية؟ . معنى كلام الرجل ان التسامح نوعان : تسامح مقترن بالحرية : انا متسامح معك بمعنى انني اعترف بحقك في انتخاب خياراتك الخاصة ، وهو المعنى الذي يتحدث عنه العالم اليوم ، وتسامح مشروط بالتقاليد واراء العلماء والمصلحة العامة ، ولولا الخجل لربما اضاف اليه شرط رضا الاب والزوج والاخ الاكبر وشيخ القبيلة وامام مسجد الحي وعمدة القرية وربما اشخاص اخرين ، فالتسامح هنا يعني ان تبحث عما يوافق عليه كل هؤلاء ثم تفعله ، وتستمتع بتسامحهم معك . الا ترى اننا تعلمنا شيئا جديدا؟.

مقالات ذات علاقة


06/03/2004

عن الحرية والاغـتراب


كلنا نريد الحرية لانفسنا وكلنا نخافها . حرية الانسان هي القدرة على اختيار ما يريد . وعلى الضد من هذا فان العبودية هي العجز عن الاختيار اي تعليق الارادة الفردية على موافقة الغير ، السيد او المالك ، الخ ...
لو امكن تلخيص الخط العام لحياة البشرية منذ بواكيرها وحتى اليوم في جملة واحدة ، لكانت هذه الجملة هي "الكفاح لتوسيع دائرة الخيارات" اي التخلص من القيود والمعوقات التي تفرضها الطبيعة ، او يفرضها نظام العلاقات الاجتماعية على حركة الانسان الفرد. كانت الحرية ولا تزال هما شاغلا للفلاسفة والاجتماعيين مثلما شغلت الادباء والشعراء والفنانين فضلا عن عامة الناس .
مثل كل المفاهيم ، فان الصور الذهنية التي يولدها لفظ الحرية ، تختلف من مجتمع الى آخر ومن عصر الى آخر . وعلى نفس النسق فان تصور كل شخص لحريته الخاصة يختلف كثيرا عن تصوره لحرية الاخرين ، لا سيما اولئك الذين يخضعون واقعيا - او يمكن ان يخضعوا - لسلطته .
ونجد اقرب مثال على هذا التفاوت في العلاقة بين الاباء والابناء ، وبين العلماء ومريديهم ، وبين الزعماء واتباعهم.  في هذه الامثلة الثلاثة جميعها ، يؤمن الطرف الاقوى – الاب او العالم او الزعيم – بان حقه في حرية اوسع ، قائم على معرفة اوسع وعقلانية اكبر . اي بمعنى آخر ، قدرة افضل على ادارة الخيارات الاضافية التي تتيحها الحرية . هذا التفاوت المدعى هو المكون الرئيس لفكرة السلطة الاجتماعية ، ان شخصا يدعي لنفسه الحق في التحكم في الاخر لانه يرى في نفسه أهلية للتمتع بثمراتها تتجاوز أهلية الاخر . جوهر مشكلة الحرية اذن يكمن في القدرة على استثمارها على نحو مناسب ، اي الموازنة بين الحرية والمسؤولية .
المجتمعات المحافظة تخشى من الحرية ، لما تتصوره فيها من زوال او ضعف الضوابط الاجتماعية ، التي تحفظ القيم ومعايير السلوك الفردي . ولعل القراء لاحظوا ان كثيرا من كتابات الدعاة وخطبهم ، تتعمد المبالغة في التحذير من عواقب التحرر ، وتذكير القاريء والمستمع بان الحرية قد جرت على العالم الغربي مفاسد اجتماعية واخلاقية . بمعنى آخر ، ان الخوف من الحرية ومعارضتها كان – ولا يزال – يبرر على اساس الحاجة الى صيانة القيم الاخلاقية .
هذا الخوف ناشيء بطبيعة الحال عن حقيقة ان "الانضباط السلوكي" يمثل الهم الاكبر للمجتمع المحافظ .  ولو كان التقدم العلمي والاقتصادي ، اي الارتقاء الانساني والحضاري ، هو الهم الاكبر للمجتمع لكان الخوف من الحرية في المستوى الادنى ، او ربما كان منعدما .
ما ينبغي ان يقال في هذا الصدد هو ان حرمان المجتمع من الحرية ، لا يجعله فاضلا او نظيفا بل يزرع فيه بذور النفاق. وتدل تجارب التاريخ المعاصر على ان الناس قد نجحوا في توفير بدائل لما منعوا منه . الحريات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية تمارس في السر ، وهي تشكل اسلوب حياة متكامل لشريحة غير صغيرة في المجتمعات التي تطبق قوانين ضبط متشددة.
لكن قيام مجتمع سري ليس هو المشكلة الوحيدة التي تترتب على تحديد الحريات العامة . ان اخطر الاثار في ظني هو اغتراب الانسان.
يتخذ الاغتراب شكلين رئيسيين :  الاستسلام السلبي والتمرد . وبينما يتحول الفرد المتمرد الى آلة هدم للمكتسبات الاجتماعية – وربما للنظام الاجتماعي بمجمله - ، فان الاستسلام السلبي يولد في نفس الفرد عزوفا شديدا عن المساهمة في اي عمل اجتماعي مشترك حتى في المستويات الدنيا . تصور هذا المعنى مقولة (حارة كل من ايدو الو) التي اطلقها في صورة كاريكاتورية الفنان السوري  دريد لحام . في هذه الحارة ، كل فرد هو جزيرة مستقلة ، لا يشارك ولا يتحمل المسؤولية ، يعيش حياته بيولوجيا ، ويفكر في داخله لنفسه وحول نفسه ، انسان مغترب وغريب مثلما كل من حوله مغترب او غريب.

 

http://www.okaz.com.sa/okaz/Data/2004/3/6/Section_2.xml

Okaz ( Saturday 6 March 2004 ) - ISSUE NO 993


مقالات ذات علاقة

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...