10/11/1996

الديمقراطية والاسلام السياسي


بالنسبة للعديد من الناس ولاسيما الفاعليات السياسية الوطنية في بلداننا ، فان السؤال الذي لا يزال مطروحا وبالحاح ، هو حقيقة ايمان الحركات الاسلامية بالتداول السلمي للسلطة مع القوى الاخرى المنافسة ،  في اطار  نظام ديمقراطي مبني على القبول بالتعددية السياسية والثقافية ، فهل يقبل الاسلاميون بالالتزام المستمر بنظام كهذا ، ام ان القبول بالديمقراطية وشعاراتها مجرد طريق يسلكونه لنيل الغلبة والسلطان ، ثم هل تحقق الشورى التي يدعو لها بعضهم ، الحد الادنى من متطلبات وفضائل الديمقراطية ، ونعني بها حرية الراي والتعبير والتعددية في اطار المجتمع الواحد ؟ بل هل ثمة ضمان لان يحفظ الاسلاميون اذا امسكوا بزمام الامور ، الحد الادنى من الفرص التي تحققت لعامة الناس في ظل النخب القائمة على قواعد فكرية اخرى غير اسلامية ، والتي سبق ان جاءت الى الحكم عن طريق الوراثة او الانقلاب العسكري ، بل حتى تلك التي تعتبر وريثة للعهد الاستعماري ؟ .
تتردد هذه الاسئلة ، كصيغة اتهام من جانب المخالفين للمشروع السياسي الاسلامي ، بهدف التشكيك في صدقية دعاوى الاسلاميين ، باستعدادهم للدخول في حلبة المنافسة السلمية على الحكم جنبا الى جنب مع الاخرين . لكن بعض الاسلاميين المستقلين قد انضموا في السنوات الاخيرة الى قائمة المتسائلين ، فتجربة الحكم الاسلامي في ايران والسودان ، وتجربة العمل السياسي للاسلاميين الذين شاركوا في السلطة في بلدان اخرى ـ اليمن مثلا ـ وتجربة الاسلاميين الذين حصلوا على قدر من القوة المادية ـ الجزائر وافغانستان مثلا ـ هذه التجارب كلها تثير القلق ، ليس في نفوس المعارضين للتيار الاسلامي ، بل في نفوس بعض الاسلاميين ، الذين يخشون ان يكون قبض زملائهم على ازمة الامور ، مدخلا لاستشراء القمع وانتهاك حريات الافراد تحت هذا العنوان او ذاك ، ومما يزيد القلق ان ممارسة القمع باسم الاسلام لاتنتهي نتائجها عند حدود الاضرار المادية ، بل تتواصل الى تصفية الشخصية المعنوية للضحايا ، باعتبارهم معاندين للاسلام او مرتدين ، وما سوى هذا من الاوصاف .

وكان هذا الجدل زادا للكثير من الكتاب والمحللين ، من مخالفي المشروع الاسلامي ، حتى حينما دخل الاسلاميون الجزائريون حلبة المنافسة الانتخابية ، وحينما اجهض العسكر الديمقراطية الوليدة ، فقد كان المبرر الوحيد الذي دافعوا به عن انقلابهم هو عدم صدقية دعاوى جبهة الانقاذ ، في استعدادها لاحترام اللعبة الديمقراطية ، وقد وجدوا في خطابات علي بلحاج ، الرجل الثاني في الجبهة الذي وعد بالغاء الدستور وتطهير الحياة السياسية ممن اسماهم ببقايا الاستعمار الفرنسي اذا فازت الجبهة ، خير مبرر لقرارهم بالغاء الديمقراطية الوليدة . وتجد مثل هذا المبرر يتكرر في كل دولة يتمتع فيها الاسلام السياسي بوجود حركي فاعل .

على ان الشك في جدية ايمان الاسلاميين بالديمقراطية ، لا ينبغي ان يعالج من منظور واحد فقط هو تشكيك المعادين ، الجوهري في تقديرنا هو الاجابة على السؤال ، ان التنظير الفكري ، كما الممارسة السياسية للاسلاميين لا تعطي دليلا مؤكدا عن توافقهم على ممارسة السلطة بالصورة التي يتطلبها النظام الديمقراطي ، وفي الوقت ذاته فان التنظير المضاد او بعض الممارسات ، لا تستطيع الوقوف دليلا على نفى ايمانهم بالديمقراطية سبيلا للحياة والعمل السياسي ، فما دمنا نتحدث عن جماعات اسلامية في بلدان متعددة ، فاننا نتحدث في الحقيقة عن ظروف مختلفة واجتهادات مختلفة ، وبصورة خاصة عن خلفيات اجتماعية مختلفة ، ان الممارسة السياسية اكثر تأثرا بمعطيات المجتمع وثقافته الخاصة منها بدلالة النظرية ، ان الاشتراك في تبني الاسلام كقاعدة للعمل السياسي من جانب عدد من الجماعات ، ليس دليلا على وحدة المشروع او تطابقه ، اننا في الحقيقة بصدد مشروعات مختلفة تقوم على قاعدة تتحمل التباين تبعا للاختلاف في الاجتهاد والاختلاف في المعطيات الموضوعية .

وعليه فان من الصعب جدا قبول الاحكام المطلقة والتعميمية حول الايمان بالديمقراطية او نفيها ، مما يطلقه مؤيدو الفكرة او معارضوها ، فليس من المقبول ـ منطقيا ـ وضع قاعدة نظرية عامة للحكم على ايديولوجيا ينتمي اليها الملايين من الناس ، اعتمادا على قراءة فكرة  او متابعة تجربة حزب محدد او عدد من الاحزاب ، لان هذا المنهج ـ لو قبلنا به ـ قابل لان ينسحب على جميع التيارات الاخرى ، ستجد ماركسيين يمارسون الديمقراطية ويتبنونها عقيدة سياسية ، كما فعلت الجبهة الساندينية التي وصلت الى الحكم في نيكاراغوا عن طريق الثورة الشعبية المسلحة ، ثم تخلت عن السلطة بعد ان فشلت في الانتخابات العامة ، فأقامت بايثارها مصلحة البلاد واحترامها للقانون نموذجا مشرفا ، يحسب لها اليوم وفي المستقبل ، بينما لا يزال اشقاؤها الماركسيون في كوبا المجاورة يحكمون شعبهم منذ اربعين عاما بالحديد والنار ، وتجد الى صف هذا وذاك موالين للغرب الليبرالي يطيحون بالديمقراطيات في عديد من دول العالم ، ويحصلون على دعم الدول الغربية التي تنصب نفسها اليوم مثالا للديمقراطية ومدافعا عنها ، كما هو الحال في الجزائر وتونس ، وتجد في نفس السياق اسلاميين على هذا الخط والخط المقابل ، ولكل نموذج اشباه في اكثر من بلد على امتداد المعمورة ، فهل يصح الاستدلال باي من هذا التجارب ، او المبررات النظرية التي تطرحها الجماعات السياسية في كل قطر ، لوضع احكام مطلقة عن ديمقراطية الماركسية او دكتاتورية الليبرالية ، او العكس .
الذي اردنا قوله هو ان الاسلام السياسي كتيار واسع في العالم الاسلامي ، هو مجرد تيار في الحياة الاجتماعية ، يتاثر تقويمه لنمط العمل السياسي الذي يراه مناسبا لكل بلد بظروف ذلك البلد ، وبالمؤثرات الخاصة التي تشكل التكوين الثقافي والاجتماعي لاصحابه ، ومثل هذه المؤثرات تكون في العادة مرتبطة بالتاريخ الاجتماعي او السياسي لبلد معين ، بكلمة اخرى فانه يمكن التأكد من ايمان  جماعة معينة بنمط معين في العمل السياسي ، انطلاقا من تصورنا لعنصرين اساسيين ، يمكن اعتبارهما ابرز اركان الحياة السياسية في كل بلد :

الاول : التجربة التاريخية لهذا البلد ، ما يتعلق منها بالسياسة خصوصا ، ثم موقع الجماعة التي تتعرض للتقييم من هذه التجربة ، فثمة بلدان لا يتصور قيام الحكم الدكتاتوري فيها حتى لو حصل فريق على القوة المادية التي تمكنه من التسلط ، كما رأينا في التجربة اللبنانية المعاصرة ، وثمة بلدان على الخط المعاكس ، لا يتصور قيام نظام ديمقراطي مفتوح فيها ، لان تجربتها محدودة في اطار نظام التغلب او الاستبداد الفردي ، او ان ثقافتها لا تحتمل قيام مؤسسات النظام الديمقراطي بدورها الكامل ، فحتى لو اعلنت الديمقراطية كنظام فان مؤسسات النظام التقليدي هي التي ستبقى فاعلة وذات تاثير ، ان نتاج التجربة التاريخية اكثر اهمية وتاثيرا من المتبنيات النظرية غير المؤسسة تاريخيا ، وهذا ينعكس على كل الجماعات السياسية التي تعمل في وسط البلد المعني ،  بدون اي فروق حقيقية بين الاسلامي واليساري والليبرالي .

الثاني : العلاقة السابقة بين المجتمع والدولة ، فكلما كان المجتمع مستغنيا عن الدولة ، قادرا على حل مشكلاته بنفسه ، كانت الديمقراطية اقرب منالا واقوى في الصمود امام المطامح الفردية لمن يملكون القوة والنفوذ ، اما اذا كان المجتمع معتمدا بكله على الدولة ، فان التوازن سيكون راجحا لمصلحة القابضين على ازمتها ، وسيكون في وسعهم الانقلاب على الشعب في اي وقت شاؤوا ، يقول علي بن ابي طالب (احسن الى من شئت تكن اميره ، واحتج الى من شئت تكن اسيره ، واستغن عمن شئت تكن نظيره) وهنا ايضا لاتجد فروقا حقيقية بين تيار اجتماعي وآخر ، او بين اصحاب نظرية واخرى ، فالانسان ـ حين يملك القوة المطلقة ـ هو الانسان ، ومن ملك استأثر .
واذا نظرت الى اي بلد عربي فستجد خريطة القوى السياسية متشابهة الى حد كبير ، ففي جبهة الديمقراطيين ستجد تمثيلا لجميع التيارات الفكرية ، وستجد نظائرها ايضا في الجبهة المعادية للديمقراطية .

 لكن تجربة التاريخ القريب تعطي ادلة قوية على ان الاسلاميين الذين نادرا ما اتيحت لهم فرصة السلطة منفردين او مشاركين ، لم يكونوا اسوأ من غيرهم في ممارسة السلطة ، واذا اضفنا الى هذا الامر جانب الطهارة السياسية فان نظافة الكف والتعفف عن استغلال النفوذ في الاثراء وسرقة الأموال العامة ، كان اظهر في وسط الاسلاميين ، بينما توجد فضائح بلا حدود في الجماعات السياسية الاخرى ، واذا نظرنا في محاولات الاسلاميين الوصول الى السلطة فان تجاربهم لم تكن شذوذا عن الاعراف المتبعة في العالم الثالث ، فقد استخدموا الجيش مثل غيرهم ، واستخدموا صناديق الاقتراع كما فعل منافسوهم ، ولعلهم تميزوا عن اولئك المنافسين بصدقية تمثيلهم للطبقات الاجتماعية الجديدة ، لا سيما في المدن الرئيسية التي لا يتاثر سكانها بالعلاقات الطائفية او العائلية عند اختيار ممثليهم السياسيين ، ان هذه الطبقات هي الاشد رغبة في التغيير وهي الاكثر تضررا من بقاء النظام السياسي التقليدي ، ولذلك فان القوة السياسية التي تمثلها هي الاكثر التزاما بقضايا المستقبل  .

وخلاصة ما اردنا الوصول اليه هو ان الممارسة السياسية لا تعبر عن الايديولوجيا ، الا بقدر ضئيل يصعب الاستدلال به في الحكم على هذه الايديولوجيا ، وبالنسبة للاسلاميين فان الحكم عليهم بالعجز عن الانخراط في الحياة السياسية بصورة سلمية وديمقراطية ، قابل لان ينسحب على كل فريق آخر اذا كان الاستدلال قائما على تجربة هنا وخطاب هناك ، او شعار يرفعه زيد وبيان يوقعه عمرو ، ففي كل تيار سياسي وفي كل مدرسة فكرية ثمة انواع من الناس والتوجهات تنتمي لبيئتها وتتاثر في سلوكها السياسي بمعطياتها ، ويصعب في الحقيقة النظر الى الحركة الاسلامية كفريق واحد مع الاختلاف المشهود في الاجتهادات والمصادر الثقافية ومعطيات البيئة الاجتماعية لكل منها .

26/10/1996

(4) من الحلم الى السياسة



قد يكون التركيز في الدعاية السياسية على الشعار العام دون برامج العمل ، مدخلا الى تزييف او تحريف الوعي الشعبي ، ذلك ان الشعار يختصر اجمل ما يتمناه الناس ، فينصب تركيزهم العاطفي على اللغة متأثرين بجماليات الاسلوب ، بدلا من التأمل في الفجوة العريضة التي تفصل الشعار عن تجسيداته الواقعية .

تهدف الدعاية السياسية ـ كما هو متفق عليه ـ الى اقناع الجمهور بتسليم قياده الى شخص معين او جماعة سياسية معينة ، أي التخلي عن بعض ارادته وتكثيفها في اراداة الداعي ، باعتباره ممثلا للجمهور او نائبا عنه ، ومن المفترض ان يكون الداعي مخلصا في وعوده بتحقيق الاماني التي تعبر عنها شعاراته ، لكن الاخلاص وحده لايكفي ، ان الاخلاص لايزيد عن كونه نية ، يلزمه بعدها توفير الامكانات اللازمة لانزال الاماني من عالمها المثالي المجرد الى ارض الواقع ، فينبغي ان يكون الظرف ملائما ، وينبغي ان يتمتع الداعي بالامكانات المادية والعلمية ، هذا على افتـراض كونه مؤهلا ـ من الناحية الذاتية والاجتماعية ـ للقيام بهذه المهمة .

واذا نجحت الجماعة السياسية في عرض برنامج عمل تفصيلي ، بدلا من التركيز على الشعارات والامينات ، فانها ستحقق مكسبا عظيما لنفسها وللايديولوجيا التي تنطلق منها ، مكسب يتجلى في تحقيق الربط الضروري بين المباديء النظرية والمصالح الواقعية ، بين طموحات الناس وآمالهم وبين ممارستهم الحياتية العادية ، وعندها فان الذين ايدوها سيكونون اكثر من اتباع تحركهم العاطفة ويجرون وراء الامل ، سيصبحون شركاء يتحركون عن وعي بما يستهدفون ، ومتضامنين في ايمان ومعرفة بالطريق الذي يسلكون ، سوف تستفيد الجماعة من هذا الوعي الذي اوجدته ، في تثبيت نفسها كجزء من ثقافة المجتمع وتاريخه ، لا كنقطة ضوء عابرة في مرحلة من مراحل التاريخ.

ونلاحظ من خلال استقراء التجربة العربية المعاصرة ، ان بعض الجماعات السياسية قد تحولت من صورتها الاولية كتعبير عن تيار اجتماعي محدد ، الى زعامة تقليدية تمثل المجتمع كله او اكثريته ، كما هو الشأن بالنسبة لحركة فتح الفلسطينية ، التي نجحت رغم كثرة الانشقاقات التي اصابتها ، في تحويل نفسها من حزب اعتيادي الى قاطرة للحياة السياسية الفلسطينية ، ذلك لانها نجحت ـ مع كل ما يقال عنها من مؤاخذات ـ في الربط بين الامال التي تراود نفوس جمهورها ، بعض الامال على الاقل ، وبين سياساتها اليومية ، وبالتالي علاقاتها اليومية مع الجمهور .

تسييس الجمهور

ينبغي لكل جماعة سياسية ان تضع تعميم الوعي في اعلى سلم اولوياتها ، تعميم الوعي يعني بصورة محددة تسييس عامة الناس ، جمهورها الخاص على اقل التقادير ، وتحريرهم من الارتباط العاطفي بالحلم المجرد ، الى تفهم ودعم السياسات العملية التي تستهدف تحقيق ما يمكن تحقيقه من الاحلام ، ثم توسيع نطاق اهتمامهم من الحاجات الشخصية ، او المتعلقة بعدد محدد من الناس ، الى الحاجات العامة التي تتعلق بجميع المواطنين ، واخيرا مساعدتهم على اكتساب القدرة النظرية على تحديد ما يريدون وما لا يريدون ، ما هو حاجة حقيقية يكافحون لاجلها ، وما هو مجرد حلم ، يغرقون في بحوره الرومانسية اثقال همومهم .

بالنسبة للحركة الاسلامية فان هذا الموضوع يتمتع باهمية مضاعفة ، ذلك ان الانحدار الذي منيت به الثقافة الاسلامية في العصور السابقة ، قد اثمر انفصالا شبه كامل بين الصورة المثالية للحياة في هذه الثقافة ، وبين واقع الحياة الذي يعيشه المسلمون في جميع اقطارهم ، نحن نتحدث ـ مثلا ـ عن مجتمع القوة الذي يريده الاسلام ، وليس في اقطارنا مجتمع واحد يمكن وصفه بالقوة ، قياسا الى مجتمعات العالم المعروفة بهذا الوصف ، ونتحدث عن التسامح بينما نفتقر تماما اليه ، على المستوى النظري فضلا عن الممارسة العملية ، الا نادرا ، ونتحدث عن الحضارة التي يمكن ان يقيمها الايمان ، ونحن نعيش على استهلاك منتجات حضارة الاخرين .

وقد يظن احد ان في الامر اضطرارا ، لكن الحقيقة اننا غير مضطرين الى هذا ، الا بقدر ما نتهاون في البحث عن مخارج من حالنا البئيس ، بكلمة اخرى فان الاضطرار ـ على فرض وجوده ـ هو ثمرة لانعدام ارادة الخلاص في نفوسنا ، او عدم تحول ارتقاء الرغبة فيه ، من مستوى التمني الى مستوى التعقل والعمل .

ندعو الله مرات كثيرة في كل صباح ومساء ، ليهدينا الى الطريق المستقيم ، ولو كنا على هذا الطريق لتغير حالنا الى احسن حال ، نحن اذن نتمنى ان يهدينا الله سبيل الخلاص ، لكن ما نبذله من جهد للانتقال لايتناسب وحجم المهمة ، وهذا نموذج واضح للانفصال الحقيقي بين ما نرغب فيه وما نعمل لاجله .

وبسبب مرور الزمن على الانفصال بين المثل التي تدعو اليها الثقافة الاسلامية ، وبين انماط الحياة التي يعيشها المسلمون ، فقد ازدادت المسافة بين المثال وبين الواقع ، فتسامى المثال ، بقدر ما هبط الواقع ، ثم تجرد وتحول من ارادة وهدف الى مجرد حلم ، لهذا فان كثيرا من الناس لا يتحدثون عن اقامة الشريعة باعتباره هدفا موضوعيا ، يتمثل في اقامة علاقات جديدة بين الناس ، وبين الناس من جهة والاشياء من جهة اخرى ، وبالتالي فانهم لا ينظرون الى مشروع ذي عناصر مادية ، قابل للفشل والاعاقة ، بقدر ما هو قابل للنجاح ، بل يتحدثون ـ في الحقيقة ـ عن حلمهم برؤية نموذج مصغر للجنة على الارض ، حيث يصبح الناس والاشياء في اجمل صورة يمكن لهم ان يتخيلوها ، وحيث يتدخل الغيب في كل لحظة ، فيتحول الجهد البشري الى عامل ثانوي في تصريف اسباب الحياة .
الراي العام 26 اكتوبر 1996

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...