![]() |
د. محمد عابد الجابري |
مدونة توفيق السيف . . Tawfiq Alsaif Blog فكر سياسي . . دين . . تجديد . . . . . . . . . راسلني: talsaif@yahoo.com
16/05/2010
أين تضع المرحوم محمد عابد الجابري
25/01/2024
عقل العرب ، عقل العجم
"تكوين العقل العربي" هو الكتاب الاول في مشروع د. محمد عابد الجابري الخاص بنقد العقل العربي. وقد حظي بشهرة قل نظيرها ، فطبع 16 مرة ، أولها في 1984.
في تقديمه
للكتاب ، تساءل الجابري: هل ثمة فرق جوهري بين العقل العربي ونظيره الاوروبي
والافريقي وغيره.
سؤال الجابري
هذا يعيدنا لسؤال اسبق ، حول ماهية العقل وجوهره. الجواب على سؤال: ما هو العقل ، مقدمة
لازمة لفهم سبب الاختلاف بين ما زعمنا انه عقل عربي وغير عربي ، على فرض ان هذا
الاختلاف حقيقي وقابل للملاحظة.د. محمد عابد الجابري
حسنا.. هل
فكرت في حقيقة عقلك ، ما هو ولماذا يختلف بين شخص وآخر ، وبماذا يتمايز بين
جماعة/امة واخرى؟.
الواضح ان
اختلاف العقول منشؤه اختلاف محتواها ، اختلاف الذاكرة ، وطريقة التفكير والفهم.
العقل الذي نتحدث عنه هو مجموعة الأدوات الذهنية التي نستعملها في معرفة الأشياء
وتحديد قيمتها. فهل لهذا أهمية في تعريف العقل؟.
في ماضي
الزمان اعتقد بعضهم بوجود صلة بين العقل والجغرافيا او العرق. فقالوا ان عقول الساميين
تنبذ التعقيد ، بينما يعمل العقل الآري بطريقة مركبة او رياضية ، ولهذا فهو اعمق
استيعابا لعناصر الطبيعة وما يربط بينها من خيوط.
نعلم الآن ان
تلك الأوصاف لا تتصل بالتكوين البيولوجي للانسان. كما نعلم أن العقل ليس شيئا ماديا ، بل وصف
لعمليات لا مادية معقدة ، تجري في مختلف اعضاء الجسد الانساني بصورة متزامنة ،
ولذا لا يمكن القبض على جزء منها وايقاف العمليات العقلية برمتها ، الا اذا توفي
الانسان تماما وتوقفت جميع اعضائه عن الحياة.
وقد ذكرت في كتابات
سابقة بعض من زعم وجود صلة بيولوجية لعمل العقل ، مثل البروفسور ادوارد ويلسون
، الذي عرض نظريته في كتاب "البيولوجيا الاجتماعية ، التوليفة الجديدة" وأثار جدلا واسعا جدا ، مع انه قصر مدعياته على
جانب ضيق من السلوك الحيواني ، وهو وجود امكانية لوراثة عوامل جينية ، وظيفتها مقاومة
فناء الجنس. وهذا من الامور التي سبق طرحها ونقاشها ، لكن التيار العام في علم
الاحياء لم يتقبلها.
اقول ان الفوارق
بين العقول المختلفة ، ناتج عن اختلاف محتواها ، اي المواد التي يختزنها عقلك
وعقلي وعقول الآخرين ، وليس الفارق في حجمه او شبكته الدموية والعصبية وجيناته ،
كما زعم مدعو الصلة البيولوجية. ومن هنا فان الفارق بين ما نسميه عقلا عربيا وبين
غيره ، هو فارق في محتواه ومخزونه.
اذا صدق هذا
الوصف ، فسنذهب للخطوة التالية ، اي: من أين جاء هذا المخزون ، وكيف تكون على هذا
النحو الخاص الذي اعطاني هذه الصفات الثقافية والسلوكية ، اي ما نسميه "الشخصية"
، بينما اعطى الآخر القادم من اليابان او أوربا مثلا "شخصية" مختلفة ، أي صفات ثقافية
وسلوكية مغايرة.
يعمل العقل كمرسل
ومستقبل بصورة متوازية. يستقبل المعلومات والمؤثرات والمشاعر ويختزنها ثم يعيد
انتاجها في صورة افكار ومواقف وسلوكيات. ومن هنا فانه لا يوجد عقل مستقل عن محيطه.
ان الجانب الاعظم من تكوين العقل يأتي على شكل انفعال بالاشياء ، اي شعور بالرغبة
او الخوف او السعادة او الالم او الحب او البغض او الدهشة او الاستغراب ، وكل من هذه
الانفعالات يحمل معلومة عن العالم المحيط ، قد لا تكون منظمة ، لكنها تتحول حين
يستقبلها عقل الانسان الى مخزون منظم ، يستعمله حين يتأمل في عالمه. كل شيء تلقيته
بالامس يخدم تفكيري في الشيء الذي اتلقاه اليوم ، وهذا يخدم تفكيري غدا وهكذا.
من هنا فان البيئة المحيطة وما فيها من بشر
واشياء وجغرافيا وتجارب ، تتدخل بصورة عميقة في صناعة عقل الانسان ، الذي يعيش
فيها ويتفاعل معها. قد يشعر بهذا او لا يشعر ، لكنه على اي حال جزء من هذه الثقافة
العامة التي نسميها "العقل الجمعي".
الشرق الاوسط الخميس - 14 رَجب 1445 هـ - 25 يناير 2024م https://aawsat.com/node/4811716
مقالات ذات صلة
02/01/2025
تأثير الحرارة على العقل الاوروبي
كرس د. محمد عابد الجابري (1935-2010) جانبا هاما من أبحاثه ، لدراسة الفارق بين الذهنية العربية ونظيرتها الغربية. ومثل سائر الذين درسوا تاريخ المعرفة ، يعتقد الجابري ان كلا من العقلين العربي والغربي ، تشكل في سياق تجربة تاريخية طويلة ، أعطت لكل منهما بنيته الخاصة المتمايزة عن غيره.
نعرف أن بعض الباحثين حاول النظر في فوارق بيولوجية بين الأعراق والاقوام ، تؤثر على حجم الدماغ وطريقة عمله. بل ان بعض قدامى الكتاب المسلمين اعتقد ان المناخ ، ولاسيما مدة الليل والنهار ودرجة الحرارة ، يؤثر هو الآخر على القابليات العقلية. ومن هذا القبيل ما ذكره أبو الحسن المسعودي في "التنبيه والاشراف" من ان أفهام الاوروبيين بليدة ، بسبب شدة البرد عندهم ، فكلما اتجهنا شمالا ، حيث البرد اشد ، وجدنا سكانه أكثر غباء وجفوة. وأرى ان قول المسعودي – ومثله ابن خلدون واخرون – منقول عن آخرين ، او هو كلام سائر في المجتمع ، وليس نتاج ملاحظة مباشرة او دراسة ميدانية.
وعلى أي حال فهذه التقديرات لم تثبت ابدا ، رغم انها كانت تبرز بين حين وآخر
، ولا سيما في ظروف الأزمة. ولهذا فليست ذات شأن او تأثير. اما الرأي المرجح في
الوسط العلمي ، فهو الأول الذي ينسب تشكل الذهنية الخاصة للمجتمع ، أي ما يسمى
"العقل الجمعي" ،
الى التجربة التاريخية لهذا المجتمع. وهذا أيضا سبب التمايز بين المجتمعات التي
تتفق في الذهنية العامة ، لكنها تختلف في بعض التفاصيل ، مثل اختلاف المجتمعات
العربية في طرق العيش والتعبير عن الذات ، رغم انها جميعا تتفق في الخطوط العامة
للثقافة والتفكير ومعايير السلوك.
تحدث الجابري عن ثلاثة اركان ساهمت في
صنع العقل العربي ، هي العقيدة والقبيلة والغنيمة. وأريد التركيز في هذه السطور
على الركن الثاني (القبيلة) الذي يرمز لمعنى يتجاوز وصف القبيلة السائد اليوم ، فهو
يشير ، في الجوهر ، الى معنى الجماعة المترابطة ، ذات الهيكلية الهرمية / الأبوية
، التي يشد أجزاءها تصور عن الذات المشتركة والتاريخ المشترك ، وليس بالضرورة عن
التوافق الفكري او الأهداف ، انها اذن أقرب الى نظام بيولوجي (عائلات متحدة) وليس
شرائح او اطيافا متوافقة.
النظر من هذه الزاوية ، ربما يسهل فهم السر وراء صرف معنى "العقل"
عند علماء اللغة العرب ، الى الربط والعقد ، وليس التفكيك وإعادة التركيب ، كما هو
المتبادر من معنى التفكير. وهي – إضافة لذلك – تكشف عن سبب الحساسية الشديدة التي
تظهرها الذهنية العربية إزاء مخالفة التيار العام أو التمرد على التوافقات
الاجتماعية. بعبارة أخرى فان هذه الذهنية مشغولة ، في المقام الأول ، بالمحافظة
على الوحدة والانسجام ، وليس بصناعة الفكرة الجديدة ، التي ينبغي ان تنطوي –
بالضرورة – على تعارض مع السائد والمتعارف.
الجماعة والمحافظة على وجودها ، هو محور التفكير العربي في الذات. الذات هنا
لا تتجلى الا بوصفها ذاتا جمعية. وبهذا المضمون فان الرابطة التي تجمع أعضاءها الى
بعضهم ، تشكلت في الماضي ، وهم حريصون على عدم مساءلتها او تحديها ، لأنهم بهذا
يهددون وحدتهم والرابطة التي تجمع بينهم. من هنا نعرف لماذا لا يتقبل المجتمع
العربي الأفراد المستقلين والأفكار المعارضة للقيم السائدة والموروثة ، ولماذا
يتهم الذين يخالفون اعراف المجتمع وقناعاته ، بأنهم معقدون او مرضى نفسيون او
عملاء للأجانب او ساعون للشهرة ، ولماذا يتقبل عامة الناس هذه الاتهامات ولا يستنكرونها
، رغم انها قد تطالهم بالسوء إذا تجرأوا على الاختلاف.
- حسنا.. هل هذا امر طيب ام سيء؟
اظن ان الجواب يبدأ بتحديد الأولويات ، أي ما الذي نريده أولا: وحدة الجماعة
وراحة بالها ، ام استنهاض العقول وتجديد الفكر والحياة. ربما نقول ان لكل من
الخيارين زمنه ، لكن المؤكد ان جمعهما مستحيل. اختيار العقل يعني اختيار الفرقة ،
واختيار الوحدة يعني تقبل الجمود.
الخميس - 02 رَجب 1446 هـ - 2 يناير 2025 م
https://aawsat.com/node/5097210
مقالات ذات صلة
الانشغال بالعلم والانشغال بالجن
أين تضع المرحوم محمد عابد الجابري
ثقافة المجتمع.. كيف تحفز النمو الاقتصادي او تعيقه
مغامرات العقل وتحرر الانسان - كلمة في تكريم الاستاذ ابراهيم البليهي
22/10/1998
الهجوم على الثوابت .. اين هي الثوابت ؟
26/02/2020
من المناكفة الى النهضة

"أيها الألماني اللعين"!
هذه قصة نقلها د. عبد الله الغذامي ، المفكر السعودي المعروف ، وتحكي معاناة شاب أفغاني الأصل ، ولد في ألمانيا ويحمل جنسيتها ، لكنه مع ذلك و...
