25/06/2013

كن طائفيا او كن ما شئت .. لكن لا تضحي بوطنك

زميلي الاستاذ جمال خاشقجي يقول ببساطة: ياصديقي الشيعي كن معي في موقفي والا سأكون ضدك (الحياة 22 يونيو 2013).
كي لا تختلط الامور فالزميل لا يطالبنا بالخروج في غزوة بدر مثلا ، ولا يدعونا لتحرير الاراضي المحتلة ، بل ولا حتى لنصرة الشعب السوري الجريح. المطلب المحدد للزميل الكريم هو ببساطة : ان تكون عدوا لايران وحزب الله. 

جوهر المسالة التي شغلت باله هناك ليس حق الشعب السوري في صناعة مستقبله بحرية ، جوهرها – حسب ما يشرحه الاستاذ خاشقجي - هو وجود حزب الله وتاييد ايران للنظام. لا يحتاج الامر الى تفسير او تحليل ، فاما ان تكون عدوا لمن يعاديه الاستاذ جمال والا فانت مصنف في جبهة اعدائه.
ليس الامر مهما لو اقتصر على معاداة شخصية ، سيما لو كان عدوك عاقلا مثقفا حصيفا كالاستاذ جمال. لكن الاستاذ جمال لا يتحدث عن عداء شخصي ولا اظنه يفكر فيه. بل يقول كلاما يؤدي – موضوعيا – الى تبرير حالة استقطاب اجتماعي على اساس مذهبي : الاكثرية السنية في طرف والاقليات الشيعية في الطرف المقابل. تذكرت وانا اقرا مقالة الاستاذ جمال خطبة بن لادن "اصبح العالم فسطاطين" ، وتذكرت قسمة بوش الشهيرة "من لم يكن معنا فهو ضدنا". لا اظن خاشقجي يعنيها ، لكن مقالته مجرد تبرير لهذا المنهج. فهو يخير مواطنيه الشيعة بين موقفين : ان يساعدوه ، والا فلينتظروا انقسام المجتمع الوطني. طبيعة المساعدة هنا هي تقليد موقفه الشخصي. عنوان مقال الاستاذ خاشقجي يقول دون مداورة: ساعدني والا سأكون طائفيا ، اي عدوا لك.
حسنا. لنفترض اني رفضت مساعدتك ، فهل ستضحي بوحدة الوطن وسلامه الاجتماعي من اجل سوريا؟. هل تسعى لانتصار السوريين ولو على حساب وحدة بلدك وامنه واستقراره؟.
خاشقجي وكل شخص اخر يتبنى مواقف بناء على تحليله الخاص ، او انطلاقا من دائرة مصالح ينتمي اليها. هذا ليس مشكلة ، فلكل شخص حق ثابت في اتخاذ اي موقف ومناصرة اي طرف او معاداته. لكننا لسنا بصدد قضية وطنية مشتركة ، كي نقول ان مصلحة الوطن او مستقبله او امنه يتوقف عليها. موضع الجدل هو الموقف من الثورة السورية ، وبالتحديد مناصرة الجماعات المسلحة فيها.
لطالما اختلف مجتمعنا حول الموقف تجاه قضايا خارجية. في الثمانينات كان الحماس للثورة الافغانية اوسع كثيرا من الحماس الحالي للثورة السورية. ونعرف اليوم مآل تلك الثورة وما صاحبها من حماسة. هل اخطأ الذين رفضوا الانخراط في دعم الثورة الافغانية يومذاك؟. هل يتوجب علينا القول ان قضايا الخارج يديرها اهلها واننا مجرد مراقبين؟. هل يتوجب علينا الحذر من المبالغة في الانخراط العاطفي ، سيما حين ينطوي على مخاطر مباشرة او غير مباشرة على وحدة بلدنا وامنه وسلامه الاجتماعي؟.
لنفترض ان الشيعة جميعا ابوا مناصرة الثورة السورية ، فهل نهدد بلدنا بالانقسام عقابا لهم على هذا الموقف؟. هل سمعتم بعاقل يرهن علاقته بمواطنيه لموقف سياسي ، خارجي تحديدا ، مهما كانت اهميته؟. اي عاقل يتعامل بهذا القدر من الخفة مع قضية بهذه الخطورة .. اعني وحدة الوطن والسلم الاهلي؟.
الاقتصادية 25 يونيو 2013

18/06/2013

فرصة جديدة لإيران


عودة الإصلاحيين إلى الحكم فرصة جديدة يجب على إيران ألا تفوتها. التصويت الواسع لروحاني لا يعبر فقط عن ثقة بشخصيته المتوازنة، فهو - في المقام الأول – تعبير عن رغبة عامة في تغيير النهج السياسي الذي أرساه الرئيس المنصرف أحمدي نجاد، النهج الذي يتسم بالخشونة والتطرف في العلاقات الدولية.
أفصح بعض الكتاب عن تشاؤم من قدرة الرئيس الجديد على التغيير، وقالوا إن مرشد الجمهورية الإسلامية هو ''الصانع الوحيد'' للقرار في هذا البلد، ولا سيما ذلك المتعلق بالسياسة الخارجية. واقع الأمر أن هذا تقدير لا يخلو من مبالغة. نعرف مثلا أن سياسة إيران في السنوات الثماني الماضية كانت مختلفة كثيرا عن سياستها في عهد الرئيسين خاتمي ورفسنجاني، مع أن الثلاثة حكموا في ظل المرشد نفسه.
هناك بطبيعة الحال حدود للتغيير، لكنه تبسيط مبالغ فيه أن يقال إن التغيير سيكون ضئيلا أو سطحيا. المرشد وجميع أركان النظام الإيراني يستوعبون الرسالة التي وجهها الجمهور، حتى لو كانت بخلاف توجهاتهم الخاصة. في نهاية المطاف لن يأتي الرئيس بمفرده. ثمة مئات من كبار الموظفين الجدد، المتوافقين مع تطلعاته، سيأتون معه، وهؤلاء هم من سيدير البلد في السنوات الأربع المقبلة.
لعل التحول الأكثر أهمية هو الذي جرى تحت السطح ولم يلحظه إلا القليل، أعني انهيار تيار ''المحافظين الجدد'' الذي عمل الرئيس نجاد على إيجاده خلال السنوات السبع الماضية. تتألف القوة البشرية لهذا التيار من أعضاء الحرس الثوري والشباب المهمشين، وأغلبيتهم الساحقة ينتمون إلى عائلات هاجرت من الريف إلى المدن الكبرى، وهي تشعر أنها لا تحصل على الفرص التي تستحقها. كان فوز نجاد في 2005 ذروة بروز هذه الشريحة، لكن المستفيد الحقيقي من وصوله إلى السلطة كان الحرس الثوري الذي نجح في مد نفوذه بشكل لم يسبق له مثيل في الاقتصاد والحياة العامة.
بعد أقل من خمس سنوات شعر المحافظون التقليديون بأن توسع الحرس لم يعد محتملا، وأن توسع التيار الجديد كان على حسابهم وليس على حساب الإصلاحيين، كما ظنوا سابقا. لهذا شهدت السنتان الأخيرتان عزلة متفاقمة للرئيس نجاد بين حلفائه المحافظين. وقد عبر عن هذا بوضوح رئيس البرلمان لاريجاني، الذي تحول إلى واحد من أشد منتقدي الحكومة والرئيس.
لم يستطع المحافظون الجدد تقديم مرشح قوي في الانتخابات الرئاسية، كما أن أكثرية المحافظين لم تعبأ برأي الحرس الثوري الذي ''نصح'' بالتصويت لقاليباف. واضح للجميع أن المزاج الشعبي لم يعد متعاطفا مع السياسات المتشددة، ولا راغبا في دفع ثمنها. هذا لا يقتصر على عامة الناس، فهو واضح أيضا بين النخبة السياسية والأشخاص المؤثرين في صناعة القرار.
هذه فرصة ينبغي لإيران أن تستثمرها. استثمارها يتطلب قرارات شجاعة وجذرية، عنوانها الملاينة والتلاؤم مع المحيط والعالم، بعد حقبة طويلة نسبيا من الانقطاع والتناقض.
الاقتصادية 18 يونيو 2013

مقالات ذات علاقة

رحلة البحث عن الذات

  قلت في الاسبوع الماضي ان كتاب الاستاذ اياد مدني " حكاية سعودية " ليس سيرة ذاتية بالمعنى الدقيق ، وان بدا هكذا. وسألت نفسي حينئذ...