28/09/2012

دعونا نحتفل بالمستقبل

لكل مواطن طريقة في استذكار اليوم الوطني. قد نشغل وقتنا باستذكار التاريخ. او تكرار البحث المكرر اصلا في الجدلية القديمة حول مشروعية الاحتفال او عدمها. او ربما نسلك الطريق السهل الذي اختارته قنواتنا التلفزيونية في نفض الغبار عن الارشيف.. الخ.

الخيار الذي اجده انفع لنفسي واهلي هو: أ) استذكار القوانين التي اقرت ولم توضع على سكة التنفيذ. ب) استذكار القوانين التي تحتاجها البلاد ، لكنها – لسبب ما – لا تجد حماسا بين اولي الشان.

سمعت قبل ايام ان مجلس الوزراء (او ربما الديوان الملكي) طلب من مجلس الشورى وضع سقف زمني لانجاز مشروعات القوانين التي ترسل اليه ، لتلافي التعطيل غير المبرر.

هذا توجيه يلامس حاجة جدية ، لا يستشعر معظم الناس اثرها. لكن المؤمنين باهمية القانون وحاجة البلاد الى نظام قانوني متكامل ، يدركون ان غياب القانون او تاخيره علة من علل الفشل الاداري وانحدار مستوى الاداء.

بنفس المنظار وعلى نفس المستوى ، فان مجلس الوزراء مطالب بوضع سقف زمني لاجازة القوانين التي جرى اقرارها في لجانه المتخصصة او في مجلس الشورى. يوضع القانون كاطار لعلاج حاجة وطنية انكشفت في وقت معين. حاجة تتعلق بحياة الناس او بادارة الاقتصاد او حفظ الامن الاجتماعي او غير ذلك من شؤون البلد. وليس من المنطقي ان نحدد الحاجة ونضع لها علاجا ، ثم نضع هذا العلاج في الادراج شهورا او سنوات.

احد اكثر الامثلة الحاحا هو نظام الجمعيات الاهلية الذي اقره مجلس الشورى بصورة نهائية قبل عامين ، بعدما قضى اربعة اعوام دائرا بين المجلسين ولجانهما.

ومن الامثلة على النوع الثاني ، اي القوانين التي نحتاجها ولا تجد حماسا بين ذوي الشأن ، اشير الى القوانين الضرورية لحماية حقوق الافراد وحرياتهم.  انضمت المملكة الى جميع مواثيق حقوق الانسان العربية والاسلامية والدولية ، وانشأت في السنوات الاخيرة "هيئة حقوق الانسان" التي يفترض ان تراقب التزام الدوائر الرسمية بحقوق الانسان. لكن بنود تلك المواثيق لم تصبح جزء من القانون الوطني ، ولم تصدر لوائح تنفيذية تجعلها ملزمة ، او تمكن الاطراف ذات العلاقة من الاحتكام اليها.

ثمة قوانين يفترض ان تحمي حقوق المواطنين ، مثل نظام المطبوعات والنشر الذي يشكل الاطار القانوني للتعبير عن الراي. لكن هذا النظام مكرس في معظمه لبيان القيود على حرية التعبير وليس لتاكيدها او بسط الوسائل القانونية لحمايتها. النصوص العامة والمختصرة يمكن ان تستعمل على اوجه متعاكسة. انا وغيري من الكتاب ومنتجي الفكر لا يرون في هذا القانون اداة لحماية حرياتهم قدر ما يرون فيه تقييدا لحقوقهم.

نحن بحاجة الى التعجيل في وضع اللوائح التنفيذية للقوانين التي اقرت ، وتحديد موعد نهائي لتنفيذها. ونحن بحاجة الى وضع وثيقة وطنية لحقوق الانسان تشكل مرجعية يحتكم اليها الناس اذا شعروا ان حقوقهم تتعرض للخرق او العدوان من جانب اي طرف ، رسمي او غير رسمي.

نريد احتفالا باليوم الوطني يكون فاتحة لتطوير حياتنا وبلدنا وصيانة امن مواطنيها وضمان حقوقهم ، كي ينصب فخرهم بوطنهم على اعتزاز بحلم مستقبلي قابل للتحقيق ، لا مجرد استذكار لزمان مضى ورحل اهله.

الاقتصادية 25  سبتمبر 2012
http://www.aleqt.com/2012/09/25/article_695938.html

18/09/2012

اعلام القاعدة في تظاهرات عربية

في التظاهرات التي شهدتها الاسبوع الماضي بنغازي وتونس والخرطوم وصنعاء احتجاجا على الفلم الامريكي المسيء للرسول (ص) ، هتف بعض المتظاهرين بشعارات تؤيد "القاعدة" ورفعوا اعلامها السوداء.

مبدئيا لا استطيع الجزم بان هؤلاء اعضاء في التنظيم او مناصرون ملتزمون له. في غالب الاحيان يبحث الناس عن اشد التعبيرات نكاية بعدوهم ، اذا شعروا بالعجز عن رد ظلمه. انها عملية تعويض نفسي تجري بشكل عفوي ، مثلما قيل في المثل العربي القديم "اوسعتهم سبا واودوا بالابل". 

لكن المسألة اعمق من مجرد غضب مؤقت. المسألة هي ان شريحة في الشارع العربي تؤمن في اعماقها بان "القاعدة" هي المعادل السياسي "المسلم" للتحدي الغربي ، الامريكي على وجه الخصوص. هذا يعني اولا انها تفهم العلاقة بين المسلمين والغرب باعتبارها حربا ، وليست مجرد صراع سياسي او ثقافي. ويعني ثانيا ان هذه الشريحة ترى في عمل "القاعدة" نموجا صحيحا لمواجهة ذلك التحدي.

كتب استاذنا د. عبد الوهاب الافندي قائلا ان الهجوم على السفارات الامريكية قد لا يكون عملا عفويا. وان علينا ان نضع في اعتبارنا احتمال وجود ايد خفية تعمل لدفع الامور في الشارع العربي في اتجاهات تخدم اجندات خاصة ، معلنة او مكتومة. ولا استبعد وجود من يسعى لاقناع الاجيال العربية الجديدة بالعودة الى تراث العنف القديم ، بعدما اصبح "اللاعنف" قيمة معيارية في الجدل السياسي . وهو امر لم تعرفه  المجتمعات العربية قبل انطلاق الثورة التونسية. كما لا استبعد وجود من يسعى لدفع الحكومات الجديدة نحو قمع المعارضين بدل ترسيخ الحريات المدنية والسياسية.

في كل من تونس وليبيا ، قال مسؤولون حكوميون انهم حددوا الاشخاص المتورطين في الهجوم على السفارات. وظهر لهم ان المسالة لم تكن عفوية كما بدا لأول وهلة. هذا قد يعزز الاحتمال الذي ذكرته ، رغم اني لا اثق في كلام الرسميين في حالات كهذه.

ايا كان الامر ، فان ما يهمنا في المسألة كلها نقطتان:

 الاولى: اذا صح ان شريحة في المجتمع العربي تنظر لتنظيم القاعدة كمعادل للغرب ، فهذا يعني ان التنظيم يرسخ وجوده في الثقافة والمجتمع العربي ، خلافا للاعتقاد القديم بانه يحتضر بعدما فقد زعيمه.

الثانية: يكشف تاريخ التنظيم ان المجتمع السعودي كان من بين البيئات التي افتتنت بخطابه. وقد تحمل جراء ذلك عسرا وعنتا وكلفا جسيمة ، بشرية ومادية وسياسية.

نحن بحاجة الى دراسة معمقة لتلك الاحتمالات ، ولا سيما انعكاساتها في مجتمعنا . وربما نحتاج – على ضوء هذه الدراسة - الى مراجعة سياسات الاحتواء والمواجهة التي طبقت في السنوات الماضية. ظهور "القاعدة" في الشوارع ليس مجرد حدث نرد عليه باستنكار الغلو او رمي الناس بالجهالة. فهو اكثر جدية واشد خطرا من كلام بارد يقوله مذيع في التلفزيون او خطيب على منبر.

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...