؛؛ اسلام المتعصبين معناه
أن الفتنة هي خلاصة ما تستطيع الامة الاسلامية فعله، او ان ديننا عاجز عن صياغة
نموذج سليم للتعايش بين اتباعه؛؛
المتعصبون شيوخا كانوا او سياسيين ، لا يرون
في الدنيا غير المؤامرات والصراعات. هؤلاء يقدمون الغذاء الذي يستهلكه مجاهدو
الانترنت ذوو الوجوه الخفية والسيوف الافتراضية، والكتاب المتساهلون الذين
يتعاملون مع أعظم القضايا وأصغرها مثلما يتعامل البقال وطالب الابتدائية الذي لا
حظ له من المعرفة سوى ما يطالعه على شاشة التلفزيون او يسمعه في مجالس الكلام.
وراء ذلك الكم الهائل من مقالات الشتيمة
والتحريض الطائفي والقومي، ثمة رسالة واحدة بسيطة فحواها ان المسلمين عاجزون عن
اصلاح امورهم، عاجزون عن الاتفاق فيما بينهم، عاجزون عن التسالم والتعايش مع
اختلافاتهم المذهبية والسياسية، منشغلون بإعادة كتابة التاريخ الماضي بدلا من
التركيز على صناعة مستقبل افضل من حاضرهم.
هذه الرسالة التي ربما لم يلتفت اليها الكتاب
المتساهلون، ولا يفهمها ابطال الانترنت، ولا يهتم بها المتعصبون والتكفيريون، تدمي
ضمير المسلم العادي مثلما يدمي السيف نحر الضحية. المسلم العادي لا يربح شيئا من
صراعات السياسيين ولا جدالات المشايخ ولا خيالات الكتاب، لكنه يخسر الكثير من وراء
التشكيك في قدرة دينه على احتواء جميع ابنائه، المحسنين منهم والعصاة، المستقيمين
والمائلين، المتحمسين والفاترين.
*** أشد ما
يؤرق ضمير المسلم المعاصر هو السؤال القديم الجديد :
-
لماذا
تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟. قدم الغربيون جوابا بسيطا فحواه ان المسلمين مصابون
بعجز ذاتي/ ثقافي عن الاقلاع عن حالة التخلف، لأنهم مشغولون بأنفسهم، منغمسون في
تاريخهم، غافلون عن رؤية العالم الحاضر والآتي. وهم يرجعون هذا العجز إلى «التزام
المسلمين بدينهم».
طوال العقود السابقة كافح المسلمون لدحض هذا
الجواب وإثبات ان الاسلام ليس معيقا لنهضة المسلمين، الاسلام ليس عصبياً ولا يجيز
العصبية، وأنه منفتح متسامح يستطيع احتواء الخلافات والاختلافات ويتعامل بالحسنى
مع ابنائه وغير ابنائه.
الاسلام
ليس ضد العلم بل يحترم النقاش العلمي والخلاف في الافكار والمتبنيات. الاسلام
لا يجيز التقاتل والتشاحن والشتم والتحريض. الاسلام
يدعو الى السلم الاهلي والاحترام المتبادل بين ابنائه وبين الامم المختلفة.. الخ.
هذا هو الجواب الذي يرغب المسلم العادي في
سماعه، وهذه هي الرؤية التي يريد المسلم العادي تحويلها الى واقع حي في حياته
اليومية.
بعبارة اخرى فان المسلم العادي يريد ان يجمع
في ضميره عنصر الايمان وعنصر المحبة وعنصر النهضة كي تشكل صورة واحدة هي صورة
المسلم المعاصر وهويته وطموحه.
اذا اردنا تثبيت وصيانة هذا الضمير فعلينا ان
نبحث في وقت الازمة عن خيوط الضوء، أي الطريق الذي يقودنا الى نهاية النفق.
علينا ان نفصل انفسنا عن ابطال الفتنة، لا ان
نتحول الى جنود في كتائبهم او مصفقين لانتصاراتهم او بكائين على هزائمهم. في كل
ازمة ثمة متقاتلون من اجل السلطة والسياسة، وثمة مستفيدون ومتاجرون بالصراعات،
وثمة من يبحث عن مغانم وسط الاشلاء، وثمة من يركب الموجة بحثا عن دور او مكانة
يعجز عن ضمانها من خلال المنافسات الشريفة العادلة. وثمة متساهلون لا يهمهم كم
يراق من الدم وكم تراق من الكرامات وكم يدمى من ضمائر.
كل واحد من هؤلاء يسعى لتبرير عمله وإقناع
الاخرين بتأييده، وهو لا يتورع عن استعمال الرمز الديني او القومي، ولا يتورع عن استدعاء
التاريخ واختزاله واستخدامه في غرضه الخاص.
أي رسالة نريد ايصالها الى عقول الناس؟. هل
نريد القول بأن الفتنة المذهبية الراهنة هي خلاصة ما تستطيع الامة الاسلامية فعله،
ام نريد القول بأن ديننا عاجز عن صياغة نموذج سليم للتعايش بين اتباعه على اختلاف
قومياتهم ومذاهبهم ؟.
أي رسالة يتمنى المسلم المعاصر سماعها : اهي
رسالة المتقاتلين والمتاجرين بالفتنة والمتساهلين، ام رسالة التسالم والتعايش؟.
دعونا نستمع لصوت العقل ونداء الضمير، ليس من
اجل مذهب او حزب او منصب، بل من اجل انفسنا جميعا، من اجل مستقبلنا، ومن اجل
ديننا.
دعونا نثبت لانفسنا واولادنا فضلا عن الغرباء
بأن ديننا قادر على استيعابنا جميعا مهما اختلفنا، قادر على توحيدنا مهما تباعدت
أوطاننا او تعارضت آراؤنا.
فبراير 2007
بل التقارب قائم ومتواصل بين السنة والشيعة
التسامح وفتح المجال العام كعلاج للتطرف
التعايش أو التقارب.. طريق واحد
تعزيز التسامح من خلال التربية المدرسية
عن طقوس الطائفية وحماسة الاتباع
في التسامح الحر والتسامح المشروط
في ان الخلاف هو الاصل وان الوحدة استثناء