‏إظهار الرسائل ذات التسميات الارهاب. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الارهاب. إظهار كافة الرسائل

01/07/2014

في مواجهة التيار الداعشي


اعلان داعش عن دولتها وتنصيب زعيمها خليفة للمسلمين ، يمثل نقطة تحول كبرى تستدعي حسم الخيارات: مع نمط الحياة الذي يمثله التيار الداعشي او نمط الحياة الذي اختاره المجتمع بارادته. لقد جربنا العيش كما نريد وعلمنا عن نمط العيش الذي ارادته داعش في العراق وسوريا وشقيقتها طالبان من قبلها. 
داعش ليس فزاعة صنعتها طهران او دمشق او واشنطن كما حاول البعض ايهامنا. حوادث العقدين الماضيين علمتنا ان هذا التيار لا يستطيع العيش الا منفردا متحكما في محيطه. لا يتعلق الامر بهزيمة الشيعة كما يود البعض ، ولا بالمشاركة في السلطة كما يتمنى آخرون. اجتهد الجزائريون عقدا كاملا لاقناع زعماء هذا التيار بترك العنف والمشاركة في الحياة السياسية. كذلك حاولت الحكومة الافغانية لما يزيد عن ثمان سنين. وتكرر الامر في الصومال. لكن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل التام. هذه تجارب تكفي لاستنتاج ان التيار الذي تمثله داعش ، لا يرى نفسه مدينا لاحد ولا شريكا لاحد ، ولا جزءا من اي عملية سياسية طبيعية. هذا تيار يتمثل مقولة اسامة بن لادن المشهورة في 2001 "هذه الأحداث قد قسمت العالم بأسره إلى فسطاطين ، فسطاط  ايمان لا نفاق فيه وفسطاط كفر أعاذنا الله وإياكم منه ". والرسالة التي ينطوي عليها هذا القول هي ببساطة: اما ان تكون جنديا في صفوفنا والا فانت في فسطاط الكافرين.
قبل بضعة ايام نشرت على الانترنت خريطة تظهر ان قوات داعش اصبحت على بعد 60 كيلومترا من الحدود السعودية. واعلم ان هذه كذبة واضحة ، هدفها استثمار القوة الظاهرة للتشكيك في شرعية الانظمة الاجتماعية القائمة. لكن على اي حال فانه لاينبغي التهوين من خطر داعش او اخواتها ، على السلم الاهلي والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط باكملها. وعلى حكومات المنطقة ان تأخذ الموضوع بمنتهى الجدية ، قبل ان يصبح الخطر على ابوابها او ربما اقرب.
وفي ظني ان الخطوة الحاسمة لمواجهة خطر التيار الداعشي هو حسم الخيارات باتجاه الحداثة الصريحة واستيعاب المتغيرات الثقافية والاجتماعية الناتجة عن تحولات الاقتصاد وانضمام الاجيال الجديدة الى ساحة الفعل الاجتماعي. لن نستطيع مقاومة المد الداعشي بالاعتماد على سياسات الاحتواء والاستيعاب القديمة ، ولن نستطيع صيانة السلم الاجتماعي والتطور المنتظم من دون تحولات كبيرة في اتجاه المشاركة الشعبية في صناعة القرار وتحقيق اكبر قدر من الرضا العام عن سياسات الدولة.
لن تصل داعش الى الحدود السعودية اليوم ولا بعد خمس سنين. ولا ينبغي ان نخدع انفسنا بهذا الخطر المتوهم. الخطر الواقعي يكمن في امكانية احتلال داعش لقلوب الناس من خلال التشكيك في شرعية النظام الاجتماعي ونمط الحياة القائم. ولهذا نحتاج الى حسم خياراتنا ، اليوم وليس غدا. واظن ان المشاركة الشعبية في صناعة القرار هي اول الطريق.
الاقتصادية 1 يوليو 2014
http://www.aleqt.com/2014/07/01/article_863117.html
مقالات ذات علاقة
·          خيار الصفر
·          فلان المتشدد


04/03/2014

نقد مقولة "التغرير"


يميل الخطاب الرسمي الى تفسير تمرد الشباب كنتيجة لعجز ذهني. وهو يعبر عن هذا المعنى من خلال القول بانهم وقعوا ضحية التغرير من جانب اخرين. ويقصد بهؤلاء – عادة – المجموعات الايديولوجية او الحركية.
هذا التفسير يغفل حقائق اجتماعية بسيطة ، ابرزها التحولات الحياتية التي تسهم في تشكيل هوية الجيل الجديد على نحو مختلف عن الاجيال السابقة ، من حيث الهموم والتطلعات وفهم العالم. تطلع الشباب لحياة جديدة ، هو في العمق بحث عن ذات مباينة ومستقلة ،  بحث عن فرصة لتحقيق عالم خاص يبنيه بيديه ، كي يجسد همومه الخاصة واهتماماته.
في المجتمعات التقليدية يفسر هذا المسعى كتمرد يبرر الكبح والمواجهة. ان حرص الكبار على استمرارية النظام الاجتماعي ، يتساوى تقريبا مع استهانة الشباب بفائدته. يعرف الاجتماعيون ان الفرد في سن الشباب أقل اكتراثا بالأعراف ونظم القيم السائدة ، وأكثر ميلا إلى المثاليات المجردة ، كما أن تقديره للعواقب منخفض ، فهو لا يرى في أفكاره وطموحاته ، غير نتائجها الجميلة ، دون الثمن الواجب دفعه لبلوغها ، أو العقبات التي تحول دون الوصول إليها. وحين يواجه عقبة ما ، فان عجزه عن تجاوزها ، ينقلب الى نقمة على النظام الاجتماعي الذي يظنه سببا فيها. ولسوء الحظ فان المجتمعات العربية تحفل بالكثير من اسباب النقمة ، فالأزمات الاقتصادية والانسداد على المستوى السياسي ، تمثل كلها أسبابا لفشل الشباب في تحقيق طموحاتهم ، وشعورهم ـ اللاحق ـ بالاحباط تجاه النظام الاجتماعي.
عجز المجتمع عن تطوير الاطارات المناسبة لاستيعاب حاجات الاجيال الجديدة ، يوفر ارضية مناسبة لعمل الجماعات الايديولوجية والسياسية ، الساعية للاستحواذ على مصادر القوة. تعمل هذه الجماعات على تأجيج نزوع الأفراد إلى التعبير عن أنفسهم ضمن المجال الأوسع ، ثم تستقطبهم إلى دائرتها ، فتشكل ـ عندئذ ـ البديل الضروري لإشباع نزعة التوافق الاجتماعي الكامنة في كل إنسان. العلاقات المتينة بين اعضاء الجماعة المتمردة تسهل تحويل نزعة التوافق الفطرية عند الفرد ، من المجتمع العام إليها. توفر الجماعات السياسية إطارا مناسبا للتعبير عن الرغبة التي تجتاح الشباب في الحصول على مكان ، تقتضي سنة الحياة وضرورات النظام القائم في الكون ، أن يكون على حساب التراتب الاجتماعي السائد.
ومن هنا فان الطريقة التي يتعامل بها المجتمع مع أجياله الجديدة ، تقرر إلى حد كبير ، مكان هذه الأجيال:  ضمن قوى البناء والتجديد في المجتمع ، أو ضمن قوى الفتنة. ولكي نضمن السلامة وحسن استثمار الطاقة الكبيرة التي ينطوي عليها الشباب ، فلا بد من فسح المجال أمامهم كي يلعبوا الدور الذي يستوعب طموحاتهم ويتناسب مع قدراتهم ، فوق منحهم حرية التعبير عن ذواتهم وعناصر تميزهم ، ولو على حساب الجيل السابق.

الاقتصادية 4 مارس 2014   http://www.aleqt.com/2014/03/04/article_830240.html

مقالات ذات علاقة

·         تجارة الخوف
·         تجريم الكراهية
·         طريق التقاليد
·         فلان المتشدد


17/01/2007

عن طقوس الطائفية وحماسة الاتباع


يقول لي كثير من الناس ان الفتنة المذهبية في العراق سوف تؤدي الى كثير من النتائج الوخيمة. لكني لا اشك ان اسوأ تلك النتائج سوف يكون تراجع الايمان الديني في نفوس الناس. بل قد لا يكون من ضروب المبالغة القول بان هذا التراجع قد بدأ فعلا، رغم ما يظهر على السطح من تضخم في التيار الديني– السياسي وتضخم في ممارسة الطقوس ذات اللون الديني من جانب الجمهور. كثير من الدعاة غافل عن هذه المفارقة، أي تضخم التيار وممارسة الطقوس من جهة وتراجع الايمان من جهة أخرى. وسبب الغفلة هو التباس الايمان الديني بالتدين الطائفي، وتحول الانتماء الديني الى انتماء طائفي.
 ثمة علامات واضحة تسهل التمييز بين الايمان الديني والتدين الطائفي، فالايمان قرين التواضع والمسالمة والمحبة والصبر والايثار، بينما الطائفية قرين الترفع والكبر والكراهية والوجل والاستئثار. المؤمن محب لخير الناس متعاطف معهم في مصابهم ولو كانوا بعيدين عنه او مخالفين له. اما المتدين الطائفي فهو محب لنفسه منحاز لقومه حين يصيبون وحين يخطئون. والمؤمن منشغل بحياة الروح وصيانة جمالها، اما الطائفي فهو منشغل بحسابات الربح والخسارة المادية الدنيوية. من كل هذه الصفات نستطيع التمييز اذن بين دعاة الطائفية ودعاة الإيمان ، فدعوة الطائفيين محورها الصراع مع الغير، وهم لا يرون الدين الا منابذا للغير، اما دعاة الايمان فمحور اهتمامهم هو المسالمة والتقارب والمحبة والحوار.

 في تسعينات القرن المنصرم، اهرق الكتاب والخطباء المسلمون انهارا من الحبر وساعات طويلة من الكلام في تفنيد نظرية المفكر الامريكي صمويل هنتينجتون عن صدام الحضارات، وهاهم اليوم يتفرجون على انهار من دماء المسلمين تراق في سبيل مقعد اضافي في الحكومة، او مكسب هنا او هناك. والغريب في هذه المقارنة ان متفرجي اليوم لا يسألون انفسهم عما اذا كان الدين الذي خافوا عليه عندما نشر هينتنجتون نظريته المشهورة هو دين الله الذي يجمع المسلمين كافة، وهو رسالة الرحمة والمحبة لجميع البشر – كما هو المفهوم في العموم-، ام هو الدين الشخصي (او المدني حسب وصف جان جاك روسو) الذي لا يتجاوز حدود الفرد والجماعة الخاصة التي ينتمي اليها.

 يتبارى دعاة الطائفية في تحليل مكاسب وخسائر الصراع الطائفي في العراق وغير العراق، ويستدلون بكل منها على وجوب تشديد النكير على الغريم (أي المسلم من الطائفة الاخرى) والتنكيل به والمبالغة في النيل منه، ويكيلون الشتائم ضد الداعين الى السلام ونبذ العداوة والكف عن العدوان. جميع هؤلاء يعرفون تجاوز اصحابهم لحدود الله بقتل الآمنين وتدمير دورهم ومصادر رزقهم ونيلهم من الضعيف والمسكين، لكنهم يغضون الطرف عن هذا وذاك بينما يضخمون ما فعل الغريم ولو كان تافها او صغيرا، ويصحّ عندهم قول من قال «قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب كامل مسألة فيها نظر».

 حين يسيطر الطائفيون على ساحة الفعل يتوارى دعاة الفضيلة والايمان. فاذا سمعت قعقعة السلاح، واذا سمعت الاصوات العالية المنادية بالويل والثبور وعظائم الامور، فاعلم ان الايمان قد انحسر. يُروى في الاثر ان الله عز اسمه قد اوحى الى احد انبيائه عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام «تجدني عند المنكسرة قلوبهم»، فأين انكسار القلب عند من يدعو الى القتل والتدمير او يبرر القتل والتدمير؟.

 الايمان مثل النسيم يهب على النفوس فينعش فيها الامل و الرغبة في البناء والكمال. والطائفية مثل النار تشعل القلوب والنفوس اينما حلت. وفي مثل هذا العصر الذي تجاور اهله واتصلت اطرافهم وتواصلت احوالهم، فان اندلاع النار الطائفية في أي بلد حري بان يوقظ مخاوف الاباعد فضلا عن اهل الجوار. وحري بنا نحن جيران العراق ان نتبادر الى اطفاء هذه النار قبل امتدادها. ثمة من قومنا من ترك هموم العالم كله وفرغ نفسه كي يستثمر ما يجري في العراق وغير العراق في شحن النفوس بالعداوة والبغضاء لهذه الطائفة او تلك.

اولا يخشى هذا وامثاله من امتداد تلك النار، ام انه لا يفرق بين صراع من اجل الدين وصراع من اجل الطائفة؟، او لعله نسي ما يمتاز به الدين الحنيف من دعوة الى المسالمة والرحمة والحوار والاخوة، مع الابعدين فضلا عن الاقارب. لقد كنا نقارع الذين اتهموا ديننا بالارهاب وتبرير الارهاب بحجج من مثل ان الاسلام الحنيف يحض على السلام وانه دين السلام، فاين هذا الكلام من الخطب النارية التي نسمعها اليوم في بعض المساجد او نقرأها في بعض الصحف ومواقع الانترنت والمجالس من تهجم على بعض طوائف المسلمين وسخرية بمعتقداتهم ونيل من اشخاصهم وتحريض للاتباع والجهال عليهم ؟.

 اول العقل هو التمييز، والعاقل هو من يميز بين الاشياء المختلفة فيضع كلا منها في موضعه، خلافا للجاهل الذي يخلط بين الشيء ونقيضه. بدأ الخصام في العراق بين احزاب وجماعات سياسية يسعى كل منها للحصول على حصة الاسد من الغنيمة وهذا طبع السياسة، واستثمر كل منها بيئته الاجتماعية للوصول الى اغرضه. وقد اثمر هذا عما نعرفه اليوم من اصطفاف طائفي وقبلي يوشك ان يقود الى تقسيم العراق.

وسط هذا الموج المظلم نسي الكثير من الناس ضرورات الايمان وحلت في انفسهم ضرورات القبيلة والطائفة. يفهم العاقل ان هذا شأن يخص العراقيين، وليس له من علاقة ضرورية بمعتقدات او قناعات. انه بعبارة اخرى حراك اجتماعي مرتبط بالشروط الاجتماعية الخاصة بالعراق لا بعقائد اهله. 
ومن العقل حينئذ ان لا نخلط بين هذا وذاك، فضلا عن ان نتلبس بأوصاف لا تخصنا ولا مبرر لها في بلدنا، وهي ليست من الطيبات كي نتشبه بأهلها، وليس اهلها قدوة لنا كي نفعل ما فعلوا.

 بدل نقل النار الى ثيابنا، دعونا نسعى في اطفائها، فهذا خير واقرب لرضا الله من ذاك. واذا لم نسع في اصلاح ذات البين فان الدين سيكون الخاسر الاكبر. ربما يزيد الاتباع ويشتد حماسهم، وربما تتضخم الممارسات الطقوسية، لكن ايا منها لا يدل على ارتقاء الايمان بل هيمنة الطائفية، والفارق بين الطائفية والايمان مثل الفارق بين النار والنسيم.

عكاظ 17 يناير 2007     

18/04/2005

جرائم امن الدولة : وجهة نظر اخرى



كتب زميلنا الاستاذ محمد المقصودي داعيا مجلس الشورى الى التعجيل في وضع قانون لجرائم امن الدولة (الوطن 13-4-2005) على خلفية الحوادث الارهابية التي شهدتها البلاد اخيرا. واود التاكيد على ما ذكره من تمايز هذا النوع من الافعال الجرمية عن غيره من الجنايات ، بالنظر الى الدوافع ، والآثار وكذلك الجهة المستهدفة . 
واتفق مع المقصودي على امكانية ارجاع هذه القضايا الى المحاكم العادية ، لكني ارى ان اجراءات التقاضي ينبغي ان تكون متمايزة ، بالنظر الى تمايز موضوع ومادة الجرم فيها . هذا التمايز وما يترتب عليه من اجراءات يمكن ان يلحظ في القانون الذي يعرف موضوعات الفعل الجرمي وعقوباته.

من ناحية اخرى فاني اخالف الاستاذ المقصودي ما يبدي من تعجل اصدار قانون كهذا. ذلك ان جرائم امن الدولة ، مثل سائر الاعمال المخلة بالنظام العام هي اعراض لمشكلات اعمق منها ، فاذا كان وضع القانون يستهدف معالجة اثار المشكلة ، فاللازم ان يسبقه توصيف للمشكلة نفسها وتحديد لسبل علاجها . الاساس في هذه الفكرة ، هو تعريف العمل الجرمي باعتباره بغيا ، اي سعيا الى اغراض تخالف الصالح العام بوسائل لا يقرها القانون المعلن . وفي هذا الاطار فانه يلزم اولا تحديد الاغراض الموافقة للصالح العام وتلك المخالفة له ، وينبغي تحديد الوسائل التي يقرها القانون وتلك التي يمنعها .

تقع جرائم امن الدولة ضمن نطاق الجرائم السياسية ، وهي تعرف في الجملة بالمحاولات التي تستهدف تغير النظام العام او الاساءة الى الامن الاجتماعي والاستقرار او فرض اراء وتوجهات على الجمهور بوسائل عنيفة او غير قانونية. هذا النوع من التحديد ضروري لتمييز الاعمال السياسية العادية عن تلك التي تدخل ضمن تعريف الجرم . وقد شهدنا في الايام الاخيرة بعض الامثلة على الحاجة الى مثل هذا التعريف ، واخص بالذكر الدعاوى التي اقيمت على الاساتذة الافاضل د. حمزة المزيني وعبد الله بن بخيت وغيرهم ، والتي يظهر في طياتها اختلاط عسير بين ما هو تعبير مشروع عن الراي وما هو خروج عن العرف ، وبين ما هو تعريض بمصلحة خاصة وما هو اساءة الى الصالح العام .

بكلمة اخرى ، فان الحاجة تقتضي اولا اصدار مدونة قانونية تعرف حقوق المواطن ، ولا سيما حقه في التعبير السلمي عن رايه تجاه اوضاع مجتمعه ومؤسساته ومنظوماته الادارية. وتحديد الاطارات والوسائل القانونية التي يستطيع من خلالها مناقشة تلك الاراء والتعبير عنها والدعوة اليها . واظن انه ينبغي البدء بهذا بالنظر الى عاملين :

الاول : ان اصدار القانون المذكور يستهدف كما هو واضح تحديد الممنوعات والردع عنها . ترى ، هل حددنا المسموح اولا حتى نحدد الممنوع؟ . ربما يعترض قائل بان المسموح هو كل ما لم يحدد باعتباره ممنوعا (رجوعا الى الاصالة الشرعية للبراءة او الاباحة في الاعمال) ، لكن الواقع يظهر ان مثل هذه القاعدة لا يمكن تطبيقها في السياسة بالنظر الى صعوبة التوفيق بين التحديد الشرعي والتحديد العرفي - والاداري بطبيعة الحال- للمباحات . فاللازم اذن ايضاح المجالات الممكنة للعمل السياسي لكافة الناس والتذكير بحقهم في استثمارها للتعبير عما يريدون.

العامل الثاني: يتعلق بالحذر من اتخاذ القلق من تكرار الاعمال الارهابية مبررا للتجاوز على الحقوق الفردية . وقد شهدنا في اوقات سابقة ، وفي دول عديدة ، ممارسات من هذا النوع ، تضمنت في بعض الاحيان ما يمكن وصفه بعقوبات جماعية ، اي معاقبة عائلة او عشيرة او قرية باكملها لجرم ارتكبه واحد او عدد صغير من افرادها . هذا العقاب قد يكون ماديا (كالحرمان من وظائف معينة) او معنويا (كالاشارة اليهم باعتبارهم بيئة الجرم او التشهير بخصوصياتهم الثقافية باعتبارها قرينة للجرم) . 
ان الكلام في قانون لجرائم امن الدولة في ظرف يشهد تعبئة نفسية واعلامية مكثفة ، قد يرجح الميل الى التشدد ، وهو ما يظهر من كلام الاستاذ المقصودي عن اعتبار الجرم متكامل الاركان حتى قبل الشروع فيه . مثل هذا التعريف المتشدد الذي يميل اليه الناس في اوقات الازمات ، يخشى ان يتخذ مبررا لتشدد في الردع ربما يطال الابرياء او يبرر استعمال القانون على نحو متعسف . او ربما تتخذه الاجهزة الادارية واجهزة الضبط ذريعة لتجاوز صلاحياتها ، او حتى الاستيلاء على صلاحيات القضاء ، كما يظهر في حالات الامر بتوقيف الافراد او منعهم من السفر او الحجز على املاكهم بقرارات ادارية.

لا يختلف اثنان على  ضرورة وضع جرائم العنف ضمن نطاق قانوني واضح ، يراعي حقوق المجتمع كما يراعي حقوق المتهمين ، لكن ينبغي اولا عرض البدائل التي نريد الناس ان يستعملوها للتعبير عن ارائهم كي لا ينزلقوا الى مساقط 
العنف.

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...