11/11/2014

درس الفجيعة



سيمر وقت طويل قبل ان ينسى السعوديون جريمة الدالوة. لقد اختلفنا كثيرا وبحثنا عن كل المبررات الممكنة كي نرمي بعضنا بقلة العقل او قلة الدين او قلة العلم ، وكل ما يستدعي الكراهية والتنافر.
لكنا لم نتخيل ان تلك الجهالات ستفضي الى مذبحة علنية كالتي جرت في الدالوة. خسرنا في هذه الحادثة الاليمة 12 مواطنا. وهذا ليس سوى الدفعة الاولى من كلفة باهضة سنضطر الى تحملها ما لم نعمل سويا على لجم السفه المذهبي الذي اوصلنا الى الفجيعة.
ربما نرمي الخارج بالمسؤولية عما جرى ، لكن هذا لن يعالج علتنا. ربما نرمي تجار التغرير والفتن ، لكن هذا لن يمنع تكرار الجريمة. ربما نجلد ذواتنا بالسياط ، لكن هذا لن يغير المسار الذي اوصلنا الى شواطيء نهر الدم. الذي يعالج العلة ويمنع تكرار الجريمة ويوقف الانزلاق الى مستنقع الفتنة هو استراتيجية شاملة لتعزيز الوحدة الوطنية وتجريم دواعي الفتنة واسبابها وكل ممارسة يمكن ان تشعلها او تصب الزيت على نارها.

خلال الايام الماضية اعاد كثير من الكتاب وأهل الراي التاكيد على دعوات سابقة لوضع قانون لتجريم الكراهية ، شبيه بما فعلته دول كثيرة. هذه دعوة صادقة يجب ان تسمع. واني لأعجب ان مجلس الشورى الذي يضم نخبة البلد لم يتخذ مبادرة بهذه الاهمية ، مع ان جميع المواطنين ينتظرون منه ذلك ، وقد تصدى لأمور انفق فيها وقتا طويلا وهي اقل اهمية وحرجا من مسألة الوحدة الوطنية التي لا استقرار ولا سلام ولاتنمية ولا مستقبل من دونها.
نحن بحاجة الى قانون كهذا بلاشك. نحن بحاجة ايضا الى استراتيجية وطنية شاملة لاجتثاث الكراهية. كل تنوع يؤدي الى اختلاف. والاختلاف هو نقطة البداية للتنازع الذي قد يقود الى الفتنة. لا يمكن لنا ايقاف التنوع لانه سنة كونية ، لكننا نستطيع تحويلة الى مصدر اغناء للشخصية الوطنية والثقافة. وهذا ما فعلته المجتمعات المتحضرة سيما الصناعية.
اني ادعو بصورة محددة الى اقامة هيئة ملكية لتعزيز الوحدة الوطنية تركز على ثلاث مهمات: 1) مهمة قانونية تتمثل في وضع اطار قانوني لتجريم الكراهية والممارسات  المؤدية اليها. 2) مهمة ارشادية تركز على اصلاح السياسات واللوائح والاعمال الرسمية التي تسمح او تحمي اثارة الكراهية. 3) مهمة رقابية تتمثل في متابعة الممارسات التي تنطوي على او تؤدي الى الاضرار بالوحدة الوطنية واحالتها الى جهات الاختصاص ، سواء القضائية او الامنية او الادارية.
ظروفنا الراهنة لا تحتمل التهاون مع مسببات الفتنة ، وعلى الحكومة والمجتمع تبني مبادرات جادة لوقف الانزلاق الى هذا المستنقع الخطير. نحن لانستطيع التحكم في ما جرى فعلا ، فهذا اصبح من التاريخ. لكننا نستطيع التحكم في مستقبلنا ، بمنع تكرار مثل هذا الحادث المروع وحماية انفسنا وبلدنا من اخطاره.
الاقتصادية 11-11-2014

مقالات ذات علاقة

تحولات التيار الديني – 5 السلام مع الذات والسلام مع العالم

عن طقوس الطائفية وحماسة الاتباع

ما الذي نريد: دين يستوعبنا جميعاً أم دين يبرر الفتنة

ثقافة الكراهية

تجريم الكراهية

تجارة الخوف

في انتظار الفتنة

الحريات العامة كوسيلة لتفكيك ايديولوجيا الارهاب


الطائفية ظاهرة سياسية معاكسة للدين

28/10/2014

التقصير

الأستاذ فهد الدغيثر مندهش لأننا جميعا نعرف سبب نجاح مشروعات "أرامكو" وأمثالها لكننا لم نحاول التعلم من هذه التجربة التي تعيش بيننا منذ نصف قرن (هات بوست 5 مايو 2014). أما أنا فلم أندهش، لأن الأمر ببساطة يتعلق بإرادة التعلم. من لا يريد أن يتعلم فلن يتغير حاله ولو أمضى ألف سنة يتابع تجارب الآخرين.

شاهدنا مئات التجارب الشبيهة، في المملكة وفي العالم. لكننا اكتفينا بالتسلية. نستأنس برواية نجاحات الآخرين، ثم نوبخ أنفسنا قليلا، ثم نقول لبعضنا: "من لا يعمل لا يفشل"، ثم نمتدح بعض أوهامنا وربما يبالغ بعضنا فيكتب مثلا أن ألمانيا تدعو للاستفادة من تجربتنا التعليمية، ثم نضحك على هذه الكتابات، ثم تأتي قضايا أخرى تنسينا سابقتها ونعيد الكرة: مشاهدة، تسلية، جلد للذات، تبرير للتقصير، امتداح للذات، وهكذا.

زبدة القول إننا لن نستفيد من تجارب الغير ما لم نقبل بدفع ثمن التعلم منهم. نحن بحاجة إلى شجاعة الإقرار بالقصور وعدم تبريره، والجاهزية لدفع الثمن المطلوب، لأن المعرفة لا تأتيك مجانا.

رأى الأستاذ الدغيثر أن المعيار الرسمي في المناقصات الذي يرجح الأرخص ثمنا على الأجود هو سبب تعثر المشروعات العامة أو تدني كفاءتها، وذكر أيضا ضعف التأهيل الهندسي للدوائر المعنية بالمشاريع. وأعلم أن كلا السببين صحيح. ثمة جسر صغير في القطيف، مضى على البدء في بنائه أربع سنوات وما زال ينتظر فرج الله. يدعي أهل البلدية أنهم اكتشفوا عيوبا فيه وأن المقاول اكتشف اختلافا في الوصف الجيولوجي للأرض التي أقيم عليها، واكتشف الجميع لاحقا أخطاء في تقدير الكلف .. إلخ. وكل هذه تساق كتبريرات للتقصير.

لكن السؤال المسكوت عنه دائما هو: ما الإجراءات التي اتخذت بحق المسؤول الذي وقع على تلك المواصفات، والذي فاوض المقاول، ثم وقع على أهليته؟ هل جرت مناقشة إدارية أو فنية صريحة ووضع تقرير كامل عن القضية، هل اكتشفت الإدارة المعنية تقصيرا متعمدا أو جهلا بالعمل أو غفلة عن المتابعة؟ وهل تم تحديد المسؤول أو المسؤولين عن كل تلك الأمور، وهل تمت محاسبتهم؟

اعتقادي الشخصي أن الحال لن يتغير إلا إذا وضع نظام يجبر مديري الإدارات الرسمية على تقديم بيان علني موثق عن أعمالهم في نهاية كل عام، يذكر فيه بوضوح بنود خطة العمل المقررة سلفا وما أنجز منها وما تعطل وأسباب ذلك.

العلنية والشفافية والمحاسبة علاج عظيم لأمراض الإدارة العامة، وقد جربها غيرنا وثبت نجاحها. هذه أعظم تجربة ينبغي لنا تعلمها، لكن التعلم - كما أسلفت - رهن بالشجاعة والجاهزية لدفع الثمن. بعد معرفة تجربة العالم، أجزم أنه لا يوجد علاج دون شفافية ودون محاسبة علنية.


الاقتصادية 28-10-2014
http://www.aleqt.com/2014/10/28/article_899882.html

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...