05/08/2014

المدرسة كأداة لمقاومة العنف


بعد ايام يعود شبابنا الى مدارسهم ، في ظرف مليء بالهموم. ثمة اتفاق – فيما يبدو – بين شرائح واسعة من المثقفين ونخبة البلد على الدور المحوري للتعليم  في تفكيك الحاضن الاجتماعي للعنف ودعاته. ولاتقاء الافراط في التوقعات ، ينبغي التاكيد على ان هذا جهد وقائي ، يحجم دعوات العنف ، لكنه لا يقضي على المجموعات القائمة. هذه مهمة تقوم بها جهات اخرى بوسائل مختلفة. 
لا أملك تصورا عمليا كاملا حول كيفية قيام المدرسة بتلك المهمة. لكني سانطلق من فرضية الحاجة الى تغيير الباراديم او فلسفة العمل السائدة في نظامنا التعليمي ، وأضع بعض الافكار التي اظنها مفيدة في هذا السياق.
 اولى واخطر المهمات في رايي هي تعزيز قابلية الشباب لمقاومة الافكار الهدامة ، ومفتاحها تربية العقل النقدي الذي يحاور ويجادل ويتأمل ولا ينبهر ببليغ الكلام او التصوير. هذا يقتضي تخصيص جانب من وقت الصف للنقاش في المنهج او خارجه. تعويد الشباب على النقاش يرسخ ثقتهم بذواتهم واهليتهم لنقد الافكار ومجادلتها.
الثانية: هي نشر احترام الحياة والانسان والزمن. ومفتاحها التركيز على تدريس العالم المعاصر بدل التاريخ القديم. ومحاولة فهمه وفهم الفرص التي وفرتها تجارب البشر وابداعاتهم ، وكيفية استثمارها لتحسين مستوى المعيشة وتحقيق الطموحات. لقد جرت عادتنا على تقديم تاريخ انتقائي لشبابنا ، يركز على الجوانب المشرقة لماضي المسلمين دون التعرض لكلفتها المادية والمعنوية والانسانية ، ودون الاشارة الى الجانب الاخر المظلم ، فتحول التاريخ عند كثير منهم الى كائن مقدس يريدون احياءه بأي ثمن. اللباس والمظهر الذي نراه في جماعات العنف مثل "داعش" وأخواتها توضح تماما هذا النزوع الشديد لفرض الماضي على الحاضر.
التأكيد على احترام الحاضر وأهله واحترام تجربة البشرية يساعد ايضا على تحرير المجتمع من "قلق الهوية" اي الشعور العميق باننا ضعفاء مهمشون قليلو الحيلة في عالم يتفق ضدنا ، ويتآمر للقضاء علينا. قلق الهوية واحد من اهم الثغرات التي تستثمرها جماعات العنف لكسب الانصار والدعم المادي والسياسي.
الثالثة: التاكيد على شراكة الشباب في امور بلدهم وفي ملكية ترابه ، وقابلية مجتمعهم وحكومتهم للاصلاح والتطور وتحسين الاداء ، وكونهم شركاء في اي مسعى تطويري او اصلاحي ، بما فيها اصلاح القانون والسياسات وتوسيع الاطارات والمسارات الضرورية للاصلاح والتقدم. هذا التفكير يجب ان يبدأ بفتح الباب للنقاش في امور المدرسة والمجتمع القريب ، وتقبل المعلمين والاداريين لاراء الشباب المختلفة ، وتمكينهم من عرضها بحرية. اما الغرض النهائي فهو التأكيد على قابلية الاصلاح من خلال القانون وليس بالانقضاض على النظام الاجتماعي.
اخيرا فان شبابنا بحاجة الى فهم الدين كتجربة يشارك فيها كل مسلم ، وليس كصندوق مغلق يحمل اعباءه مرغما. ولهذا حديث آخر نعود اليه في قادم الايام.
الاقتصادية 5 اغسطس 2014
 http://www.aleqt.com/2014/08/05/article_873535.html

29/07/2014

"داعش" قد تكون مفيدة في غزة


لا أظن ان معركة غزة ستفضي الى تحولات استراتيجية في المشهد الفلسطيني. سيكون المسار على الارجح شبيها بما جرى في 2012 وقبلها. ويبدو ان المطلب الرئيس لحماس وحلفائها هو احياء اتفاق 2012 الذي رعته القاهرة ، والذي كان اهم مكاسبه هو فتح معبر رفح.
اسرائيل – على الجانب الاخر - تريد تجريد غزة من صواريخها وتدمير الانفاق التي استخدمت لكسر الحصار. لكن ليس مرجحا ان تحصل اسرائيل على هذا المطلب ، فلا حماس ولا غيرها قادرة على ضمانه.
فتح معبر رفح لن يفيد الفلسطينين كثيرا ، سيما في ظل تردي العلاقة بين حماس والقاهرة ، وفتور الاهتمام المصري بالقضية الفلسطينية عموما ، كما كان واضحا خلال الاسابيع الثلاثة الماضية.
اظن ان على الفلسطينيين والعرب المطالبة بفتح ميناء غزة ، ليكون البوابة الرئيسية للقطاع المحاصر. نعلم ان اسرائيل كانت ترفض اي بحث في هذا الموضوع. لكني اظن ان الظروف الراهنة في المنطقة تسمح بالاصرار على هذا المطلب. واظن ان العالم العربي وحلفاءه قادرون اليوم على فرض خيار كهذا.
عنصر القوة الرئيس في الموقف الفلسطيني هو صمود المقاومة وسلاحها الذي اربك الحياة في اسرائيل طيلة ايام الحرب ، ومنع جيشها من اجتياح غزة كما تمنى قادتها. وفي جانب الحلفاء نشير الى استعداد بعض الدول الاسلامية – تركيا مثلا – لارسال سفن اغاثة عبر الميناء المحاصر. وعلى المستوى الدولي شهدنا تعاطفا مع الغزاوايين لم يسبق له مثيل في الاعوام السالفة. بالتامل في حادثة الاعتداء الاسرائيلي على سفينة مرمرة التي كانت تحاول خرق الحصار في مايو 2010 ، نستطيع القول ان اسرائيل ليست في وضع يمكنها من المغامرة بتأزيم علاقاتها مع تركيا.
ثمة ايضا عنصر جديد لا علاقة له مباشرة بالموقف الفلسطيني ، لكنه يؤثر في التصور الدولي العام ، اعني به ظهور "داعش" كرمز لتصاعد التطرف الديني- السياسي القادر على تعبئة الجمهور المسلم. رأينا حتى الان كيف أثر هذا التطور على موقف اوربا والولايات المتحدة من الازمة السورية. ونعلم ان فكرة "التعبئة الاممية" تمثل احتمالا مرعبا لهذه الدول التي اختبرت تاثيرها خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق وخلال الحرب في افغانستان. تمدد "داعش" او نظائرها الى الساحة الفلسطينية بات اليوم احتمالا وشيكا اذا ما دفع الفلسطينيون الى حافة اليأس. ولعل بعض المراقبين قد التقطوا اشارات قوية الى مثل هذه المشاعر في نداءات الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
زبدة القول ان الظرف الفلسطيني والظرف الاقليمي لا يسمح بتحولات سياسية جوهرية. لكنه يسمح بدفع المطالب الفلسطينية خطوة الى الامام. واظن ان الاصرار على فتح ميناء غزة تحت اشراف الامم المتحدة هو المطلب الذي ينبغي الاصرار عليه الان. واذا تحقق ، فانه سيمثل لبنة قوية في مسار "حل الدولتين" الذي تتبناه الولايات المتحدة.
الاقتصادية 29 يوليو 2014
http://www.aleqt.com/2014/07/29/article_871648.html
مقالات ذات علاقة
·         خيار الصفر
·         فلان المتشدد





الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...