‏إظهار الرسائل ذات التسميات التنمية الاقتصادية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات التنمية الاقتصادية. إظهار كافة الرسائل

21/06/2010

بعد الإعلان عن غزال



   إعلان جامعة الرياض عن النموذج الأولي لسيارة غزال -1 والترحيب الواسع الذي ناله هذا الحدث، يكشف عن حاجة عميقة في نفوسنا جميعا إلى اكتشاف الذات وتحقيق الذات. نعرف أن غزال ليست أول سيارة تنتج في المملكة، ونعرف أن الكلام يدور عن نموذج بحثي صمم لغرض الاختبار، وهو يضم نسبة صغيرة فقط من المكونات المحلية، وهذا خلاف النموذج الصناعي الذي يمثل صورة افتراضية عما سيخرج من خط الإنتاج. أقول إن هذه التحفظات يعرفها معظم الذين تابعوا القصة. لكنها مع ذلك لم تخفف من سعادة هؤلاء وغيرهم.
مدير جامعة الرياض يقدم للملك عبد الله نموذجا مصغرا لسيارة غزال-1
سبب السعادة واضح، فالجميع في بلادنا ومن حولنا يعرفون أن تقدم البلد وقوتها رهن بتحولنا من مستهلكين لصناعات الآخرين إلى منتجين أو مشاركين في إنتاج حاجاتنا. وأذكر أن زميلنا الأديب أحمد عائل فقيهي قد كتب قبل عامين أو ثلاثة متسائلا عن السبب الذي يمنعنا من التحول إلى دولة صناعية.

 وهو سؤال يطرحه كثير من أهل الرأي وعامة الناس، لكنه لم يناقش إلا قليلا. وكنت آمل دائما أن تقوم المجموعات الصناعية الناجحة، شركة سابك مثلا، والهيئات الرسمية المشرفة على الصناعة، مثل الهيئة الملكية للجبيل وينبع، ببذل جهد أكبر لإقناع الجمهور بإمكانية تحقيق هذا الأمل، وإشراكه في التفكير في المسارات والأغراض على المدى القصير والمتوسط، وأن تجتهد – بموازاة ذلك – في دراسة الأسباب التي تعيق الاستثمار المحلي في الصناعة. لكن يبدو أن البيروقراطية لا يمكن أن تلبس ثوب الداعية أو المحرض.

الإعلان عن إنجاز التصميم المحلي للسيارة غزال هو تأكيد مجدد على أن العوائق التقنية ليست من نوع المستحيلات أو المعضلات التي لا تحل.

لكننا على أي حال بحاجة إلى تعامل جاد مع هذا الإنجاز. وأقول هذا لأن بعض ما قيل على حاشية الحدث يستبطن – كما رأيت – تغليبا للجانب الدعائي، مثل دعوى أنها أول سيارة أو أنه يمكن إنتاجها في ثلاث سنوات.. إلخ. بدلا من ذلك أقترح على جامعة الرياض، كلية الهندسة فيها أو غيرها من الكليات القريبة من هذا الموضوع، أقترح عليها أن تقدم مشروعا وطنيا لصناعة السيارات، يتضمن على أقل التقادير إجابة على الأسئلة الأولية مثل: هل ستكون هذه الصناعة مجدية في ظل الظرف الاقتصادي الخاص لبلادنا، وهل ستكون ممكنة تقنيا واستثماريا. وما هي الخطوات التمهيدية اللازمة لإقامة مثل هذه الصناعة.

أجد من الضروري تقديم إجابات علمية على مثل هذه الأسئلة لأن صناعة السيارات تعتبر قاطرة للعشرات من الصناعات المساندة. أعرف من قراءات بسيطة مثلا أن مصنعا واحدا للسيارات ينتج خمسين ألف وحدة في السنة يعتمد على نحو 400 مصنع توفر القطع والتجهيزات والخدمات الأخرى التي تحتاجها السيارة. بعبارة أخرى فإن صناعة السيارة غزال أو غيرها لا تعني إقامة مصنع، بل إقامة قطاع صناعي كامل وكبير بالقياس إلى ما لدينا الآن.

لا أشك أننا قادرون على ذلك، فلدينا الأموال اللازمة للاستثمار ولدينا السوق الكفيلة بإبقاء هذه الصناعة نشطة. كما أن بوسعنا الحصول على المعرفة التقنية اللازمة، لكن هذه المهمة الكبيرة ليست من النوع الذي ينجز في ثلاث سنوات وليست من النوع الذي يحقق أرباحا في العام الأول، وهي تحتاج بالتأكيد إلى دعم حكومي قوي وثابت. فضلا عن ذلك فإنها أحد العلاجات الجادة لبعض مشكلاتنا مثل البطالة وعدم انتظام مستويات المعيشة في بعض المناطق.

أتمنى أن لا يكون الإعلان عن تصميم السيارة غزال مجرد إعلان تكريمي للشباب والأساتذة الذين شاركوا فيه. أتمنى أن يكون فاتحة لعمل حقيقي وجاد يستهدف بالتحديد إدخال الصناعات الميكانيكية إلى بلادنا. مثل هذا التحول سيضيف ليس فقط قيمة اقتصادية، وليس فقط ارتقاء بالمعرفة والتكنولوجيا المحلية، بل سيضيف أيضا محتوى ماديا للفخر والشعور الوطني. الحاجة إلى الفخر بالإنجاز هو الذي جعل الناس يفرحون بالسيارة غزال، فلنجعل من هذا الشعور الأولي بداية لشعور حقيقي غني بالمحتوى المادي. نحن قادرون على الخطوة التالية، التي تتطلب أكثر من الكلام والاحتفال.
« صحيفة عكاظ » - 21 / 6 / 2010م https://www.okaz.com.sa/article/339154

14/03/2006

النموذج الصيني في التنمية

||يعتقد الصينيون ان المهمة الاولى للاقطار النامية هي استئصال الفقر ، فهو علة الازمات والتطرف. تحتاج هذه البلدان الى حكومة تؤمن الخدمات العامة اكثر مما تحتاج للديمقراطية او الليبرالية||

  يشير "النموذج الصيني" الى برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي تبناه الزعيم السابق للحزب الشيوعي الصيني دينغ سياوبنغ واستهدف رفع الناتج القومي من 250 دولارا للفرد في 1978 الى 1000 دولار في العام 2000. 

يتعامل هذا النموذج مع الجانبين السياسي والاقتصادي للتنمية كلا على حدة. فهو يستهدف في المقام الاول تحرير الاقتصاد بصورة تدريجية ، ضمان توزيع متوازن للمنافع المادية يميل بدرجة اكبر لصالح الطبقات الفقيرة ، التركيز على الاكتفاء الذاتي وتوسيع قاعدة الانتاج ، واستخدام الاقتصاد كعامل تعزيز للاستقرار والاستقلال الوطني. بناء على هذا فهو يرحب بالمساعدة الاجنبية على مستوى التمويل والتقنية لكنه يرفض التاثير الثقافي والسياسي. على المستوى السياسي يفترض النموذج اجراءات اكثر محافظة ، فهو يدعو لسيادة القانون ومستوى محدد من التمثيل الشعبي وقدر محدود من الحريات المدنية. بعبارة اخرى فهو ينحو صوب تحول ديمقراطي محدد ومؤطر ضمن الاطارات التي يقررها الحزب الشيوعي ، على نحو يحفظ القرار النهائي والسلطة العليا لقيادة الحزب. 


يختلف النموذج الصيني الى حد بعيد عن نموذج التنمية الكلاسيكي الذي تبشر به الولايات المتحدة الامريكية ومؤسسات التمويل الدولية والقائم على نظرية "العلاج بالصدمة = Shock Therapy" كما يختلف عن "برنامج التعديل الهيكلي" الذي صممه صندوق النقد الدولي للدول الافريقية جنوب الصحراء.
وجوهر اختلاف النموذج الصيني يكمن في مقاربته التجريبية والمتعددة السرعات لمسألة التنمية: ابدأ بمستويات صغيرة ، اختبر النتائج ، ثم عمم التجربة[1]. ويقول باحثون ان هذه المقاربة تستوحي حكمة صينية قديمة تقول : "حين تعبر النهر تحسس الحجارة تحت قدميك قبل الخطوة التالية =Mo zhe shi tou guo he".
من خلال هذه المقاربة نجحت الصين في تفادي الانعكاسات السلبية لنموذج العلاج بالصدمة الذي جربته دول اخرى مثل روسيا ومصر ، وادى الى فوضى اجتماعية وتذمر بين الطبقات المحدودة الدخل. طبقا لباحثين صينيين فان الفصل بين مساري التحديث الاقتصادي والسياسي يرجع الى قناعة بان كلا منهما يحتاج الى اليات مختلفة وظروف مختلفة ، وان البدء بالتحديث السياسي او البدء بهما معا يؤدي عادة الى اطلاق موجات عالية من التوقعات والامال غير الواقعية بين الجمهور. معظم هذه الامال تتوقف على رسوخ الاقتصاد الحديث وتمأسسه ، الامر الذي يتطلب وقتا طويلا.
في مرحلة الانتقال بين الاقتصاد التقليدي والحديث يشعر الكثير من الناس بالاحباط لعدم استجابة النظام الاقتصادي لتطلعاتهم ، الامر الذي يقودهم الى الاحباط وبالتالي التذمر. ولهذا السبب قرر الصينيون ان يبدأوا بتحديث الاقتصاد وجعله قادرا على الاستجابة لتطلعات الجمهور قبل فتح الباب امام تغييرات هيكلية في النظام السياسي. بعبارة اخرى فهم يقولون : دعنا نبدأ بتوفير مصادر العيش الكافية لعامة الناس حتى يستعدوا لممارسة حرياتهم المدنية انطلاقا من ارضية مستقرة[2]. طبقا لباحث صيني فان التنمية الراسخة تتطلب "اجماعا وطنيا على التحديث وتامين الاستقرار على المستويين السياسي والاقتصادي يتيح الفرصة لاصلاحات عميقة على المستوى المحلي" ومن هنا فهو يجادل بان :
المهمة الاكثر الحاحا بالنسبة للأقطار النامية هي استئصال الفقر ، فهو علة الازمات والاشكال العديدة من التطرف. ما تحتاجه المجتمعات النامية ليس حكومة ديمقراطية ليبرالية ، بل حكومة صالحة وقادرة على مكافحة الفقر وتأمين الحد الادنى من الامن والخدمات العامة [3].
 ارادت الصين انشاء شبكة امان لحماية الطبقات الضعيفة من القوى الشرسة للسوق الحرة. وتحقق هذا من خلال استراتيجيات تنموية ذات سرعات متفاوتة. فالمناطق الساحلية التي تتمتع ببنية تحتية مؤهلة للتغيير السريع ، حظيت ببرنامج تنمية مكثف ، ووجهت اليها طلائع الاستثمار الاجنبي ، وجرى تحويل اقتصادياتها بشكل شبه كل الى نظام السوق الحرة. اما الارياف والمناطق الداخلية ، الاقل استعدادا فقد اعطيت جرعات اقل وجرى التركيز بشكل متواز على انماء الاقتصاد ومساعدة الشرائح الفقيرة على التكيف مع النظام الجديد من خلال دعم حكومي مباشر.
رغم الكثير من الصعوبات والتحفظات على التجربة الصينية[4] ، الا ان نتائجها الفعلية كانت مذهلة. بين 1979 و 2003 ارتفع الناتج الوطني الاجمالي من 44.2 مليار دولار الى 1425.6 مليار ، بمعدل نمو سنوي يصل الى 9 بالمائة ، وهو اعلى معدل في العالم خلال هذه الفترة. خطة معالجة الفقر حققت هي الاخرى نتائج مذهلة ، فقد انخفض عدد الفقراء من 260 مليون (حوالي ثلث السكان) في 1978 الى 30 مليون (نحو 3 بالمائة) في العام 2000. وطبقا لتقديرات البنك الدولي فان معدلات الفقر في الريف الصيني قد انخفضت من 42.5 بالمائة في 1990 الى 24.9 بالمائة في العام 2000. ويعتمد البنك معدل دولار واحد للفرد في اليوم كخط عالمي لقياس الفقر[5]. ويظهر انعكاس النمو واضحا على تجارة الصين الخارجية التي تضاعفت 22 مرة خلال العقدين الاخيرين كثمرة لتوسع الصناعات التصديرية[6].
وفر الازدهار الاقتصادي ارضية للاستقرار وتعزيز النظام السياسي ، كما ساعد الصين على تعزيز دورها السياسي على المستوى الدولي. واجتذب نجاح هذا النموذج اهتمام النخب السياسية في العالم الثالث ، خاصة تلك النخب التي تسعى لتحديث اقطارها من دون التضحية بما تملكه من سلطة ونفوذ. فقد اثبت الصينيون ان تحديث الاقتصاد ممكن من دون تغيير بنيوي في النظام السياسي ، كما تفترض نظرية التنمية التقليدية (الغربية). ولاشك ان كثيرا من نخب العالم الثالث التقليدية يروقها النموذج الصيني ، فهي تريد بصدق بناء دولة قوية واقتصاد متطور من دون التضحية بالاركان الكبرى للنظام السياسي ، ولا سيما تلك المعتمدة على ارث ثقافي يمنح المشروعية.
مقتطف من الفصل السابع ، كتاب "حدود الديمقراطية الدينية"

[1] See in this regard, Ramo, Joshua Cooper, The Beijing Consensus, The Foreign Policy Centre , (London  (2004.
[2] Deng Xioping, Quoted in Ramo, ibid., p. 24.
[3]  Zhang, Wei-Wei, "The allure of the Chinese model", International Herald Tribune, Nov., 1, 2006
[4] See for example Dirlik, Arif, "Beijing Consensus: Beijing "Gongshi." Who Recognizes Whom and to What End?", Globalization and Autonomy Online Compendium, e. edition, retrieved in Dec., 2, 2006, from http://www.globalautonomy.ca/global1/position.jsp?index=PP_Dirlik_BeijingConsensus.xml
[5] Nathalie & Riskin, Carl (eds), The Macroeconomics of Poverty Reduction: The Case of China, United Nations Development Programme, (Beijing, 2004), p. 1.

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...