مدونة توفيق السيف . . Tawfiq Alsaif Blog فكر سياسي . . دين . . تجديد . . . . . . . . . راسلني: talsaif@yahoo.com
08/07/2015
بحثا عن عصا موسى
01/07/2015
الحل يبدأ في الموصل
ربما ننشغل كثيرا في البحث عن كلمات مناسبة لإدانة المجزرة ، التي ارتكبها تنظيم داعش في مسجد الإمام الصادق في الكويت. وعلى أي حال فقد فعلنا شيئا كهذا بعد الحادث المماثل في الأحساء قبل تسعة أشهر، ثم في القطيف والدمام.
حقيقة الأمر أن بعضنا يضع يده على قلبه خائفا ، من أن
تأتي الجمعة التالية بمجزرة مماثلة في مسجد ما، في هذه المدينة أو تلك. بعض
المتحدثين قال: إن «داعش» بدأ للتو في استهداف المجتمعات الخليجية. وهذا تقدير غير
دقيق، فقد حاول سابقا، وحاول تكرارا. ونحمد الله أن مجتمعات الخليج وحكوماتها ما
زالت مصممة على مقاومة هذا الوحش الأعمى.
أظن أن الهدف المباشر لتنظيم داعش ، هو التشكيك في قدرة
النظام الاجتماعي على الصمود أمام العواصف الصغيرة. وهذا تمهيد ضروري كي يتخلى
الجمهور عن إيمانه بالنظام العام والجماعة الوطنية، ويستبدل بها مبدأ «حارة
كل من ايدو الو» حسب تعبير دريد
لحام في واحدة من مسرحياته القديمة. هذه الحارة مثال لمجتمع مفكك يأخذ أعضاؤه
حقهم بعضلاتهم وليس بالقانون، ويحكمه حملة السلاح وليس الإجماع الوطني أو الإرادة
العامة، كما هو شأن الدول الحديثة والمجتمعات المتمدنة.
بعد عام كامل من إعلان
«داعش» دولته المزعومة في الموصل، لم يعد ثمة شك في أن الدماء والخراب هي
الوعد الوحيد لهذا التنظيم المتوحش. لا زلت واثقا أن مجتمعات الخليج ستقاوم هذا
التوحش. لكني في الوقت نفسه أشعر – مثل جميع الناس – بأن علينا أن لا نستهين
بقدرته على التمدد في أوصالنا وثنايا مجتمعاتنا. لقد قيل الكثير عن الثغراث وخطوط
الانكسار التي يتسرب منها هذا الوحش. وعلينا أن نواصل البحث الجاد والعمل الجاد
لسد تلك الثغرات.
لكن لعل من اللازم اليوم أن نتجه إلى رأس الأفعى أيضا،
وأعني بها تنظيم داعش في العراق، وفي مدينة الموصل
على وجه التحديد. في الأربعينات الميلادية كانت حركات التحرير الماركسية تتحدث عن
الدولة - القاعدة كضرورة لتدعيم وتعزيز انتشار تنظيماتها في المجتمعات الأخرى.
ويعرف جميع أصحاب التجارب الحركية أن وجود سلطة حليفة مستقرة على أرض، توفر دعما
عظيما، ماديا ونفسيا وسياسيا، للتمدد والانتشار.
صحيح أن «داعش» تمدد في مساحة واسعة من الأرض السورية،
فضلا عن انتشاره المادي في العراق وليبيا، وربما غيرهما. لكن «داعش» العراق هو
الرأس وهو مصدر الخطر الحقيقي. «داعش» السوري ليس مستقرا ولا مستقلا عن عاصمته في
شمال العراق. ولهذا فإن القضاء المبرم على هذا التنظيم يبدأ من رأسه أي من عاصمته
في الموصل.
منذ احتلال هذه المدينة نهاية يونيو (حزيران) 2014 حاول
العراقيون جهدهم، ولم يفلحوا في القضاء على رأس الأفعى. يمكننا أن نقول الكثير في
فشل الحكومة العراقية وأسباب إخفاقها والمبررات التي طرحت لتركها وحيدة تصارع
مشكلاتها. لكن الحقيقة الماثلة أمامنا اليوم تخبرنا ببساطة أن كل يوم إضافي يمضيه
التنظيم في الموصل، يزيده قوة وقدرة على التمدد، ليس في العراق فحسب، بل في الخليج
وشمال أفريقيا وصولا إلى أوروبا.
إنني أدعو دول الخليج خصوصا والدول العربية عموما إلى
الوقوف صفا واحدا مع الحكومة العراقية، وتنظيم حملة كاسحة للقضاء على هذا التنظيم
في العراق.
في رأيي أن تبادل اللوم مع العراق وكيل الاتهامات
لحكومته، مهما كانت صحيحة أو جدية، ترف لا يحتمله الموقف الحرج القائم اليوم. لو
واصلنا سياسة التفرج والانتظار فقد نضطر لمحاربة التنظيم، ليس في الموصل، بل في كل
شارع ومدينة على امتداد الخليج.
دعونا إذن نصغي لدعوة الإمام
علي بن أبي طالب «اغزوهم قبل أن يغزوكم فوالله ما غزي قوم في عقر دارهم إلا
ذلوا».
حتى أسابيع قليلة كانت الموصل تبدو بعيدة جدا عن حدودنا،
وكان «داعش» مجرد تهديد يلوح في الأفق. أما اليوم فالواضح أن المسافات طويت، وأصبح
«داعش» تهديدا داهما وجديا. وقد رأينا فعله رأي العين في الكويت والسعودية وفي
تونس ومصر، ولا نعلم أي هدف آخر سينضم إلى هذه القائمة خلال الأسابيع التالية.
رأس الأفعى يوجد في الموصل والقضاء على تهديد «داعش»
يبدأ في الموصل. والطريق إلى ذلك هو الاصطفاف مع الحكومة العراقية، مهما كانت سيئة
أو ناقصة أو معيبة، الاصطفاف معها في مهمة محددة، هي القضاء المبرم على إعصار
التوحش الذي يوشك أن يقضي على مكاسب قرن من المدنية والنظام في بلادنا وجوارها.
30/06/2015
الأمل في المستقبل
17/06/2015
الاقتصاد كأداة لتعزيز الهوية الوطنية
صون القيم الاسلامية وتعزيز الوحدة الوطنية هو الهدف الاول لخطة التنمية العاشرة (2015-2019) كما يظهر من نصها المنشور على موقع وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية. لكن المسارات التي تقترحها الخطة لتحقيق هذه الهدف ليست أكثر من عناوين انشائية لا علاقة لها اصلا باهتمامات خطة التنمية ، فكأنها وضعت كي لا يقال ان الوزارة أغفلت هذا الهدف المحوري.
ليس غرضي معاتبة الوزارة. الحق ان مسألة الوحدة الوطنية
والهوية الجامعة ليست موضوع نقاش جدي في بلادنا ، رغم اتفاق الجميع على انه لم يعد
بوسعنا تأجيل المسألة او التسويف فيها.
هذه القضية الحرجة لا تناقش بجدية ، لسبب بسيط ، وهو ان
الجميع يبدو متفقا على ما أراه توهما ، خلاصته ان ترسيخ الوحدة الوطنية يتم بزيادة
"كمية" الكلام والكتابة ، عن الوطن ووحدة أطيافه والولاء له ، وتجريم اي
قول او فعل يؤدي الى اضعافه. هذا هو مجمل العلاج الذي يتحدث عنه اداريو الدولة
وكتاب الصحافة وبقية المتحدثين في المجال العام. وللانصاف فالكلام "حول"
الهوية والوحدة الوطنية مفيد بالتأكيد ، على فرض وضوح هذين المبدأين واتفاقنا على
مفهوم واحد لكل منهما. وأرى ان هذا الفرض غير متحقق.
نحن بصراحة غير متفقين على مضمون الهوية ، سيما في
التناسب بينها وبين الهويات الموازية او المزاحمة ، ولا متفقين على مفهوم الوحدة ،
سيما في ما يترتب عليها من التزامات ، وما يخرج منها او يدخل فيها من قضايا
ومفاهيم فرعية.
لو اتفقنا على هذه التفاصيل فسوف ينفتح الطريق امام
السؤال الضروري الذي اردته محورا لهذه المقالة ، سؤال: هل يمكن استخدام
الاقتصاد اداة لتعزيز الهوية الجامعة
والوحدة الوطنية؟. واذا كان ممكنا فما هي السياسات والخطط الاقتصادية التي تخدم
هذه الغاية وتلك التي تعيقها؟.
سوف اعرض هنا نموذجا واحدا عن المعالجة الاقتصادية التي
اطمح اليها ، الا وهي مثال "الحلم
الامريكي". جوهر فكرة الحلم الامريكي هي ببساطة ان كل فرد قادر على
النجاح في حياته ، بالاعتماد على جهده الخاص ومبادراته الذاتية ، لأن الفرص التي
يولدها السوق متاحة للجميع ، اي ان القانون يضمن لكل الافراد قابلية الاستفادة من
الفرص المتاحة في المجال العام.
نستطيع التعبير
عن هذه الفكرة بطريقة اخرى فنقول ان تساوي الناس في الفرص يولد في نفوسهم ايمانا
عميقا بالمجتمع الوطني ، ايمانا بانهم ليسوا ضائعين في الحياة ، حتى لو كانوا
بمفردهم ، وايمانا بان التفاوت الطبيعي او المصطنع في الثروة والمكانة ليس صلبا او
غير قابل للاختراق. لهذا يستطيع فرد مثل جان
كوم ، الشاب الذي هاجر وحيدا من اوكرانيا ، ان يتحول الى واحد من ابرز الشخصيات
بعد مشاركته في تطوير تطبيق واتس
اب المعروف. ومثله والاس جونسون ،
النجار الذي اصبح مالكا لشبكة فنادق هوليدي ان ، وعشرات من امثالهم الذين انطلقوا
من بدايات متواضعة ثم اصبحوا شخصيات مرموقة.
جان كوم ووالاس جونسون ليسوا من ابناء الذوات المدعومين.
كلاهما كان يعيش في قرية صغيرة ، وكلاهما وجد امامه فرصا متاحة للجميع ،
فاستثمرها. المهم ان الفرص في بلدهم متاحة بصورة شبه متساوية على امتداد الافق
الوطني وليست محصورة في العاصمة او المدن الكبرى.
هذا يعيدنا الى بداية المقالة ، حيث ارى ان التوزيع
العادل للثروة الوطنية عبر البلاد ، وجعل الفرص المتولدة عن الانفاق العام متاحة
بالتساوي لجميع المواطنين ، يمثل مولدا مهما للحلم ، اي الأمل والثقة في المجتمع
الوطني. الثقة بان عضوية الفرد في هذا المجتمع ليست مجرد رقم على بطاقة ، بل طريق
للنجاح في الحياة وتحقيق الذات.
الى اي حد يا ترى اهتمت خطة التنمية العاشرة ومجمل
السياسات الاقتصادية للدولة ، بهذا المفهوم؟. وما هي المعايير التي يمكن لنا
استعمالها في قياس ما يتحقق من التوزيع الجغرافي لبرامج الانفاق والاستثمار ، وما
ينتج عنها خصوصا على مستوى تعزيز روح المواطنة ، اي تعميق شعور الفرد بالجماعة
الوطنية؟.
الطريق السريع الى الثروة
يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...