05/11/2013

الخيار الحرج بين الهوية والتقدم


بعد انتهاء مهمته سفيرا للباكستان في طوكيو ، كتب نجم الثاقب خان خلاصة تأملاته في التجربة اليابانية ، وقدمها فيما يشبه التوصية للعالم الاسلامي. في 1993 نشر الكتاب باللغة العربية تحت عنوان "دروس من اليابان للشرق الاوسط". يقدم هذا الكتاب اجوبة بسيطة ، واقعية ، لكنها مبنية على ارضية علمية متينة ، تكشف عن عمق ادراك الكاتب وسعة ثقافته.
نتيجة بحث الصور عن دروس-من-اليابان-للشرق-الأوسط
تناول نجم الثاقب "اشكالية الهوية" ، ولاحظ اعتزاز الياباني ، المبالغ فيه احيانا ، بقوميته ودينه وتاريخه. ولعل بعض القراء مطلع على قصص انتحار تجار وسياسيين وقادة عسكريين ، بعدما شعروا بانهم قصروا في حق وطنهم او فشلوا.
لكن اليابان نجحت في الخروج من قفص التاريخ وتحررت من اسر الهوية ، دون ان تخسر ايا منهما. يشرح نجم الثاقب هذه المفارقة بعبارات بسيطة. يقول: فسرت لي التجربة اليابانية كيف ان الهوية "القومية/الدينية/الوطنية الخ.." اذا فسرت بصوة ايجابية ، واستخدمت على نحو سليم ، قادرة على تشكيل تحالف ملائم مع عملية التحديث. الهوية فرس جموح ، اذا وضع امام عربة التحديث ، فقد يقودها بقوة الى اعلى الجبل ، واذا اعترضها ، فقد يقلبها ويعطلها.
ربما نحتاج للتامل بعمق في هذا التفسير البسيط. فهو يحكي تجربة شعب مر بظرف شبيه لظرفنا الراهن. وضع الدين في مقابل الحداثة ، سوف يضطر الناس الى الخيار الحرج بين الحفاظ على دينهم وهويتهم ، وبين الارتقاء في مدارج العلم والمدنية.
 افترض ان معظم الناس مدرك لعبثية هذا الخيار ، واعلم ان المعادين للحداثة يقترحون تسوية نظرية او تكتيتكية/عملية بين الطرفين. لكن تسوية كهذه ليست سوى حيلة شبيهة بالحيل التي يقترحها بعضهم لحل مشكلة الربا في القروض البنكية.
هذه تسويات لا تنفع ولا تحل مشكلة ، وان ارضت النفوس القلقة. نحن بحاجة الى جواب على السؤال الذي طرحه الامير شكيب ارسلان قبل قرن من الزمن ، سؤال "لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم".
قرأت حديثا مقالات كتبها محمد سرور زين العابدين  في 2002 ، تحت عنوان "السعودية على مفترق طرق" ، تحكي بوضوح المشكلة التي نتحدث عنها ، فهي تصور مسارات التحديث في مجتمع المملكة باعتبارها مسارات "علمنة" يحركها متآمرون على الهوية الاسلامية. هذه الفكرة المتشائمة تشكل ارضية لجانب كبير من التداول الثقافي في الوسط الديني السعودي. واخشى ان الكثير من الناس مقتنع بعمق بفكرة الخيار الحرج او التسوية الشكلية/التكتيكية.
تطوير مفهوم جديد للتدين ، قادر على استيعاب مسار التحديث ، هو حاجة لنا كمسلمين وكسعوديين ، وهو حاجة للدين ايضا. لو واصلنا قسر الناس على الخيار الحرج ، فقد نشهد انحسار مكانة الدين كموجه لحركة المجتمع وناظم للسلوك. ولا اظن احدا يود ان يرى هذه النهاية المؤلمة.
مقالات ذات علاقة

http://www.aleqt.com/2013/11/05/article_797717.html

29/10/2013

نهاية عصر الحركة الاسلامية

سوف يمر عامان او ثلاثة ، قبل ان تظهر التجليات الواقعية للجدلية التي تطرحها هذه المقالة. فهي تعرض ما يظنه الكاتب ظاهرة لاتزال جنينية ، يصعب اثبات معناها ومبرراتها على نحو قاطع. الظاهرة المقصودة هي نهاية الحركة الاسلامية ، بالمفهوم الذي عرفناه خلال العقود الاربعة الماضية ، وتبلور مفهوم جديد ، في شكل جديد ، لا يميزها كثيرا عن معظم الجماعات النشطة في الحياة العامة ، في العالم العربي. لا اتحدث هنا عن انكسار او تراجع ، بل عن عملية تكيف مع التحول الجاري في البيئة الاجتماعية. نعلم ان اولويات الحركيين وطريقة تعبيرهم عنها ، هي انعكاس  لتفاعلهم مع الشريحة الاجتماعية التي تمدهم بمصادر القوة. انها اشبه بالعلاقة بين المنتج والمستهلك ، فكلاهما يؤثر في الآخر ويسهم في تحديد مساراته ، وطبيعة المنتجات التي تشكل وسيط العلاقة بينهما.
تمكين المراة واتساع الانفتاح على الغرب ساهم في تراجع القلق على الهوية والميل للتشدد 
تنقسم الجماعات النشطة في الحقل الديني – وظيفيا - الى ثلاثة انواع: جماعات دعوية بحتة ، منشغلة بالعبادات والسلوكيات الدينية ، وجماعات منشغلة بمسألة الهوية ، نجدها عادة في ميادين الصراع ضد ما يسمى التغريب ، وكانت فيما مضى منشغلة بالصراع ضد الدعوة القومية والاشتراكية ، واخيرا الجماعات التي تركز على قضايا العدالة الاجتماعية.
النوع الاول هو الصورة المكثفة للثقافة السائدة/الموروثة ، وتشكل - بالتالي - تيار الاكثرية. اما النوع الثالث فهو حديث الظهور نسبيا ، يتألف غالبا من شبان غير منسجمين مع رجال الدين.
النوع الثاني هو الصورة الشائعة لما يعرف حاليا بالحركة الاسلامية. هذا الفريق قليل الاهتمام بمسائل العبادات والسلوكيات ، منخرط في الصراع ضد المنافسين. الاخوان المسلمون والجماعات التي ظهرت الى جوارهم ، امثلة على هذا النوع. خلال نصف قرن ، صور هذا الفريق نفسه كمدافع عن الاسلام ، في حرب شنها منافسوه للقضاء على الهوية الدينية ، وفي هذا السياق انشغل احيانا بأسلمة الحياة ، ولو شكليا. فدعا لأدب اسلامي وطب اسلامي ومعمار اسلامي ومصرفية اسلامية.. الخ.. المسألة تتعلق دائما بالهوية الخارجية والعنوان ، وليس باختلاف في المضمون بين ما يحمل عنوان "الاسلامي" وغيره.
هذا الفريق بالتحديد هو الذي سوف يمر - كما أعتقد - بتحول جذري ، محركه الرئيس هو تراجع "قلق الهوية" في نفوس جمهوره. اظن ان تطورات الربيع العربي قد اثمرت عن تزايد ميل الجمهور لفهم مشكلاته كتمظهرات لانعدام العدالة الاجتماعية. كما يتزايد شعورهم بان الاسلام - كدين وخيار اجتماعي - لا يواجه تحديا جديا من جانب الغرب. وبالتالي فان دعوى المؤامرة التغريبية والجهاد لصيانة الهوية الاسلامية ، ما عادت تثير الحماسة كما كان الامر في اواخر القرن الماضي.
تبعا لجدلية العلاقة بين المنتج والمستهلك والسلعة ، فان هذا الفريق مضطر الى تغيير اولوياته ، باتجاه التركيز على مطالب الجمهور ، اي تبني قضايا العدالة الاجتماعية كموضوع رئيسي لعمله. في هذا الاطار لن تجد فرقا يذكر ، بين الحركة الاسلامية وبين اي جماعة نشاط يسارية او ليبرالية ، ولا بينها وبين منظمات المجتمع المدني التي لاتحمل هوية ايديولوجية.
http://www.aleqt.com/2013/10/29/article_796111.html

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...