16/04/2011

شراكة التراب وجدل المذاهب


سواء استطعنا الفراغ من الجدالات المذهبية ، او عجزنا عن ذلك ، فاننا بحاجة الى الفصل بين هذا النوع من الاختلافات وبين العلاقة التي تفرضها علينا شراكة الوطن والمصالح . منذ زمن طويل وحتى سنوات قليلة مضت ، جرت عادة النخبة السياسية الخليجية على انكار – او على الاقل اغفال - التعدد القبلي والطائفي الذي لا تخلو منه اي دولة في الخليج كما في العالم كله . وفي ظني ان هذا الاغفال كان سببا مهما لتحول التعدد الطبيعي من عامل اغناء للحياة الثقافية والاجتماعية الى عامل انقسام مؤثر في الحياة السياسية نشهد بعض تأثيراته السلبية اليوم .

كان علينا منذ قيام النموذج الاول للدولة الخليجية ان نبادر بتعريف نظامنا السياسي : هل هو دولة اقلية ام دولة اكثرية ام دولة الجميع . هل نحن كتلة اجتماعية واحدة (في اطار قبيلة او طائفة) ام مجتمع متنوع . وهل ترتبط شرعية السلطة بتمثيلها لمصالح الجميع ام هي مستمدة من مصادر خارج الدائرة الاجتماعية . واخيرا هل هي دولة المجموع ام سلطة عليهم .

مثل هذه الاسئلة كانت قائمة ، لكنها بقيت محصورة بين النخبة الثقافية القليلة العدد والبعيدة عن التاثير في السياسة . اما في السنوات الاخيرة فقد تحولت تلك الاسئلة الى خلفية للكثير من النقاشات في كل ركن من اركان المجتمع الخليجي . وقد لا يكون من قبيل المبالغة الادعاء بان جميع النقاشات الدائرة حول الاصلاح السياسي ، والمشاركة الشعبية ، وحاكمية القانون ، والدور السياسي للدين ، ومشاركة النساء في الحياة السياسية ، بل وحتى تحديث الاقتصاد والتعليم ، هي اطراف لعقدة واحدة اسمها : غياب تعريف متفق عليه للنظام السياسي .

في هذه الايام فان جميع الناس ، الحاكمين والمحكومين ، يتفقون على القول بان النظام السياسي الامثل هو النظام الذي تتمثل فيه جميع الكتل الاجتماعية بعيوبها وهمومها ومصالحها وتطلعاتها واشخاصها. لكن بين الاعتقاد بافضلية هذا النظام وبين تحقيقه على ارض الواقع ثمة مسافة طويلة ، يجب علينا – مجتمعا ودولة – ان نتعاون في تقريبها . طريقنا الى ذلك النظام المأمول يمر عبر محطات ثقافية وسياسية وقانونية نستطيع بناءها الواحدة بعد الاخرى . واول تلك المحطات واهمها هو اعادة تعريف المواطنة . المواطن في كل بلد شريك في ملكية ذلك البلد ، شريك في ملكية التراب وما تحته وما فوقه. شريك في كل حبة تراب يقف عليها هو او غيره . شراكة متساوية في المغانم والمغارم ، في الفرص والمسؤوليات ، في الحاضر والمستقبل. شراكة التراب شراكة مادية حقيقية سابقة على كل انتماء الى دين او مذهب او قبيلة  اوثقافة  او جماعة.

ويترتب على هذه الشراكة حقوق للافراد والمجموعات ، يجب حمايتها بالقانون من اجل صيانة العلاقة التي تربط بين جميع الشركاء . وابرزها الحق في التعبير الحر عن الراي والمعتقد ، والحق في الانتماء والحق في المشاركة في كل شأن عام.

في ظني ان الجدل المذهبي لن ينتهي في المدى المنظور ، كما انه في الوقت نفسه لن ينجح في الوصول الى اي هدف من اهدافه ، وتكفينا تجربة خمسة قرون من الزمن لاكتشاف ان هذه الجدالات قد اساءت الى اخلاقنا واساءت الى مصالحنا واساءت الى ثقافتنا بما يزيد كثيرا على ذلك القدر من الانتصارات الوهمية التي كسبناها . ولهذا فلا يجب ان نعلق الاصلاح السياسي على الفراغ من هذا الجدل العقيم . بل يجب ان نقر بمجتمعنا كما هو : مجتمع متعدد مذهبيا واجتماعيا وثقافيا. وان نقر بان لكل اهل البلاد حقوقا طبيعية قائمة على كونهم شركاء متساوين بغض النظر عن انتماءاتهم الاجتماعية والثقافية . يجب ان يعامل الشيعي باعتباره مواطنا اولا واخيرا ، ويجب ان يعامل السني باعتباره مواطنا اولا واخيرا ، وكذلك الامر بالنسبة للقبلي والحضري ، الاصيل والمتجنس ، يجب ان يعاملوا كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات.

السبيل الوحيد لضمان الوحدة الوطنية هو احترام المجتمع كما هو ، بتنوعاته واختلافاته . كما ان سر الاستقرار السياسي يكمن في تمثيل جميع الكتل الاجتماعية في جهاز الدولة ولا سيما في الجزء الاعلى من الهرم السياسي . واظن ان من واجب الكتل الاجتماعية ان تكافح للحصول على مكان في قمة الهرم ، كما ان من واجب الدولة ان تساعدها للحصول على ذلك المكان . هذا ليس حقا اضافيا يمكن التنازل عنه ، بل هو ضرورة للسلام الاجتماعي والاستقرار.

15/04/2011

آل سيف: إخماد الطائفية يستوجب إصلاحات سياسية ودستورية


العدد 678 - الأحد 20 ذو الحجة 1428 هـ - 30 ديسمبر2007

»أخبار وتقارير«

آل سيف: إخماد الطائفية يستوجب إصلاحات سياسية ودستورية
رأى الباحث الإسلامي توفيق آل سيف أن ''الحوارات بين المذاهب، ضرورة ثقافية وأخلاقية، لكن جدواها تنحصر في تسهيل الحلول''، موضحا أن ''الحلول نفسها، تتوقف على إصلاحات سياسية - دستورية في النظام السياسي، كما تتوقف على إقرار توزيع عادل للموارد العامة والتنمية''.
واعتبر آل سيف في ورقته بشأن ''المسألة الطائفية: بحثا عن تفسير خارج الصندوق المذهبي'' أن ''التوتر القائم حاليا بين الطوائف الإسلامية، خصوصا الشيعة والسنة يمثل نسخة أخرى من التوترات الاجتماعية المنتشرة في شرق العالم الإسلامي وغربه''.
ولفت إلى أن ''الباعث لهذه التوترات، هو التفاوت المعيشي، عدم التوازن في التنمية، مع توزيع الموارد بشكل غير عادل، مقابل انحسار الخيارات المتاحة للجمهور العام لتحسين مستواه الحياتي خارج إطار التخطيط المركزي الرسمي''. واقترح آل سيف 3 مسارات لمعالجة التوتر الطائفي ''بدءاً من مسار الإصلاح السياسي باتجاه إقرار التعددية وتنشيط دور المؤسسات السياسية والدستورية في حل المشكلات الحياتية''. وتابع ''ومسار آخر اقتصادي يستهدف توفير خيارات أكثر للأفراد كي يصلحوا حياتهم بأنفسهم، وأخيراً مسار ثقافي يعالج إشكالية الوطن وضبابية مفهومه في الثقافة العامة''.
وأضاف أن ''المشكلة الطائفية، أقرب إلى كونها خلافا اجتماعيا ناتجا عن التزاحم بين دائرتي مصالح متمايزتين، تظهر حين يخترق أحد الطرفين المجال الاجتماعي الخاص بالطرف الثاني، من خلال التبشير أو الاستقطاب السياسي والثقافي''. وأضاف أن ''الطائفة تسعى إلى إحاطة دائرة النفوذ من خلال المبالغة في إظهار أحقيتها أو إبراز عناصر ضعف الطرف المنافس''، مشيرا كذلك إلى ''الظلم وانعدام العدالة الاجتماعية في البلدان التي تقودها حكومات أوتوقراطية، أو تفتقر إلى الضمانات الدستورية لحقوق الأقليات، أو تلك التي تطبق حكوماتها نظاما لا يضمن العدالة في توزيع الموارد''.
وعزا آل سيف، ظهور بعض الفرق الدينية في الإسلام إلى ''القمع السياسي، إذ بدأت كموقف سياسي، وما لبثت أن تحولت تدريجياً إلى فرق دينية فرارا من بطش الدولة''، منوهاً إلى أن ''بعض الحكومات في التاريخ الإسلامي اهتمت بتعزيز المذهب كوسيلة لتعزيز شرعيتها السياسية وتسوير المجتمع من تأثير المنافسين، كالصراع العثماني الصفوي''، وفق ما قال.
ورأى آل سيف أن ''تصنيف المذاهب والفرق، كان أقرب إلى السياسي منه إلى الديني (....) معظم زعماء الفرق حسموا أمرهم باتجاه التخلي عن الربط بين المذهب والموقف السياسي لمعتنقيه''.
وتابع ''عندئذ ظهر النموذج الأكثر اكتمالا للمذهب الديني الخالص، الذي يضم بالإضافة إلى المدرسة الفقهية، منظومة آراء خاصة في الاعتقاد''.
وأوضح آل سيف أن ''التعدد السياسي كان حقيقة قائمة في معظم حقب تاريخ المسلمين، وكان إلى جواره تعدد في الخيارات الفكرية أو العقائدية أو الثقافية، التي كان بعضها انعكاسا لاتصال المسلمين الأوائل بالآخرين''.
وأضاف أن ''بعضها الآخر، كان انعكاسا لتطور مفهوم المجتمع من الصورة البدوية القديمة إلى الحضرية أو شبه الحضرية، بما انطوى عليه هذا من تطور في العلم والثقافة والقيم الاجتماعية''.


رحلة البحث عن الذات

  قلت في الاسبوع الماضي ان كتاب الاستاذ اياد مدني " حكاية سعودية " ليس سيرة ذاتية بالمعنى الدقيق ، وان بدا هكذا. وسألت نفسي حينئذ...