05/02/2014

من غزال - 1 إلى غزال - 2

 

بدل الاستمرار في الجدل حول قصة غزال- 1 ، دعونا نتحول للتفكير الجاد في غزال- 2، أي تأسيس صناعة سيارات وطنية. وليكن لنا من سيرة غزال الأول عبرة ودرس.

كشف الجدل عن إرادة شعبية قوية لدخول ميدان الصناعة. لكن ثمة من ينتابه الشك في ضرورتها وجدواها الاقتصادية، أو في قدرتنا على استيعاب تحدياتها.

غزال-1

السؤال الأول البديهي: هل تحتاج المملكة إلى صناعة السيارات؟

أظن أن كل قارئ سيجيب بنعم. توسيع قاعدة الإنتاج وتعظيم الدورة المحلية لرأس المال وزيادة عرض الوظائف، هي بعض المبررات التي تطرح للتدليل على هذا الرأي.

وهذا يقودنا إلى السؤال الثاني: هل توفر صناعة السيارات محليا قيمة مضافة جديرة بالاهتمام؟ ولماذا ننفق أموالنا في مشروع قليل العائد وأمامنا فرص بديلة أكثر ربحية؟

جواب هذا السؤال يجب أن يترك للاقتصاديين وليس التجار أو كتاب الرأي. لكن لو أردنا تقديم مقارنة انطباعية فإن أول ما يرد إلى الذهن هو نجاح صناعة السيارات في اليابان وأمريكا وأوروبا، رغم ارتفاع تكلفة الإنتاج من الأجور إلى المواد الأولية والضرائب والشحن... إلخ. مصانع السيارات في تلك البلدان تصدر إلينا وتربح. تربح تويوتا اليابانية ــــ كما قرأت ــــ 15 ألف ريال في كل سيارة. أفلا يدل هذا على احتمالات ربح جيدة؟

يقول المتحفظون إن تلك البلدان تملك خلفية كبيرة من الخبرات، وقاعدة صناعية تجعل أي صناعة جديدة أمرا يسيرا، أما نحن فنبدأ من الصفر، ولذا فقد ننفق أكثر بكثير من أولئك قبل أن نصبح مثلهم.

مثل هذا التحفظ ليس جديا، ولو قبلنا به فلن نقيم أي مشروع. لقد أقمنا جامعات من الصفر وأقمنا صناعة بتروكيماويات وأسمنت من الصفر. وهكذا كل عمل في الدنيا. لا بد أن تبدأ من نقطة ما كي تصبح في الطريق. ومن لا يتحمل عناء البداية فلن يصل إلى أي مكان.

بعيدا عن هذه التحفظات، فإن التفكير في نقطة البداية مهم بذاته. وفي ظني أن هذه النقطة هي التفكير في صناعة السيارات كجزء من مشروع نهضة وطنية، لا يصح التفكير فيه بعقلية التاجر الذي يحسب نسب الأرباح ومواقيتها، بل بعقلية القائد الذي يفكر في تشكيل صورة جديدة لمستقبل البلد. نحن في حاجة إلى مشروع كهذا لأنه قاطرة قوية لتوطين التقنية وإنتاج العلم وتعزيز بنية الاقتصاد الوطني.

تجربة الصناعة في العالم تخبرنا أن جنرال موتورز الأمريكية، مثل تاتا الهندية ومرسيدس الألمانية وفيات الإيطالية، نهضت وتوسعت اعتمادا على عقود وضمانات حكومية، ولا سيما من خلال وزارة الدفاع. وفي ظني أن نقطة البداية الواقعية لمشروع غزال-2 هي تبنيه من جانب وزارة الدفاع. هذا ليس مشروعا لتنفيع الباعة والمشترين، بل لصياغة جانب من مستقبل الوطن. ولهذا يستحق المغامرة.

الاقتصادية 5 فبراير 2014  http://www.aleqt.com/2014/02/05/article_822902.html

21/01/2014

يبررون تقصيرهم أم يبيعون الوهم على الناس؟


وزير التجارة تنصل من المسؤولية لأن الجامعة لم تطلب ترخيصا، وهذه نفضت عباءتها أيضا لأن صناعة السيارات ليست من وظائفها. هكذا جرى الأمر ببساطة
.
لكن "غزال" لم تكن مجرد سيارة صممت في جامعة سعودية. بل كانت خشبة إنقاذ لآمال وتطلعات حكم عليها بالخيبة والخذلان. الحماسة التي رافقت إعلان الجامعة عن التصميم، ورعاية الملك الشخصية لحفل التدشين، وعشرات الملايين التي صرفت على إنتاج النسخة الأولى "وعلى الإعلانات الصحفية والاحتفال" كانت استجابة لشعور عميق يعرفه قادة البلد مثل جميع السعوديين، شعور يعبر عنه السؤال المزمن: لماذا عجزنا عن إنتاج أي شيء يثير الاهتمام؟
منذ 1971 وضعنا تسع خطط تنموية، وتخرج في جامعاتنا آلاف المهندسين، وأنفقنا مئات المليارات على استيراد ملايين المركبات والمكائن، لكنا لا نزال نستوردها اليوم كما كنا نفعل قبل نصف قرن.
هذا ليس سؤالا في الاقتصاد أو المالية. أنه سؤال في السياسة، فحواه ببساطة: هل يدرك كبار الإداريين الهموم المنبعثة في داخل المجتمع السعودي، الهموم التي تتولد في نفوس الناس، حين يواجهون بسؤال: لماذا نجحت دول أخرى، بعضها اقتصاده متواضع نسبيا، مثل المغرب وتونس وتركيا في صناعة السيارات، وأخفقنا؟
هو سؤال عن قدرة الإدارة الرسمية على فهم تطلعات المواطنين وهمومهم، وهو سؤال عن مدى اهتمام الإداريين بتنفيذ ما قررته الحكومة سلفا لتنمية البلد وصناعة مستقبلها.
أتفق تماما مع إدارة الجامعة في أن صناعة السيارة ليست من مسؤولياتها، وأتفق تماما مع وزير التجارة في أن مهمته ليست إنشاء المصانع. لكن الذي يثير الريبة ليس هذه الأشياء. ما يثير الريبة هو أن إدارة الجامعة كانت قد وعدت في 2010 بأنها ستشارك في تأسيس شركة تقيم مصنعا، وحددت موعدا للبدء في الإنتاج. فهل كانت هذه مهمتها قبل ثلاثة أعوام، أم كانوا يجهلون مهماتهم يومذاك، أم أرادوا ببساطة بيع الوهم على الناس؟
وزير التجارة يثير الريبة ــــ والحنق أيضا ــــ بتملصه الذي يبدو مقصودا من الإجابة عن مسؤوليته في توطين الصناعة، وتطبيق مقولات خطط التنمية الخمسية، التي تتضمن مثلا "توسيع قاعدة الإنتاج الوطني" و"توطين التقنية" و"تشجيع الاستثمار المحلي"، أي الأسئلة التي تتعلق بمستقبل البلد، الأسئلة التي تمثل تطلعات وانشغالات لمعظم المواطنين. لم يقل الوزير إن وظيفة الوزارة تحولت من تنمية البلد إلى إصدار التراخيص، لكن جوابه يشي بهذا المعنى. وكان الأجدر به أن يخبرنا عن الأسباب التي تعطل قيام صناعة سيارات، في بلد يستهلك نحو مليون سيارة سنويا. هل هو شريك في هذا التعطيل أم ثمة أسباب وعوامل لا يعرفها أو لا يريد الإفصاح عنها؟


الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...