10/12/2013

حول مجلس التعاون وموقع المملكة


اشعر ان كثيرا من الناس ، وربما بعض السياسيين ، قد صدموا بتصريحات يوسف بن علوي وزير الخارجية العماني التي تتلخص في ان مجلس التعاون لا يخلو من خلافات بين الدول الاعضاء ، وان فكرة تطوير المجلس الى اتحاد كونفدرالي ، التي طرحت قبل بضع سنوات ، لم تعد قائمة ، لان بعض الاعضاء – ومنهم سلطنة عمان – ليسوا راغبين فيها.

الصدمة التي تظهر في طيات الصحف مرجعها في ظني  قلة المتابعة لاعمال المجلس. ثمة قائمة طويلة من الاتفاقات التي اقرت على مستوى القمة او في على المستوى الوزاري ، ولم تنفذ او انها تعطلت في منتصف الطريق. وقد كتب عنها الكثير في اوقات متفرقة. على مستوى السياسة الخارجية فان تباين الاولويات بين دول المجلس لا يخفى على احد. وهو ظاهر بأجلى صوره في الموقف من الازمات الاقليمية.

ما يهمني في حقيقة الامر هو موقف المملكة التي يبدو انها تولي اهتماما بالغا لمجلس التعاون والعلاقات مع اعضائه. واجد انها اعطت هذا الموضوع اكثر من حقه وصرفت وقتا وجهدا في غير طائل. في نهاية المطاف فان الحجم البشري والاقتصادي والسياسي للمملكة لا يقاس ابدا بمجموع الدول الاعضاء الاخرى ، فضلا عن احادها. ولعل القراء يعرفون – كمثال على الحجم الاقتصادي - ان استهلاك الكهرباء في المنطقة الشرقية بمفردها يعادل او يتجاوز استهلاك الكهرباء في مجموع دول المجلس الاخرى. بعبارة اخرى فان العلاقة الخاصة مع دول المجلس لا تضيف شيئا عظيما الى اقتصاد المملكة  او سياستها الدولية.

لا ادعو هنا الى الخروج من المجلس. اعلم ان هذا ليس قرارا عقلانيا في مثل هذا الوقت . لكني ارى ان  مستوى العلاقات المجلسية قد بلغ غايته ، ولا يبدو ثمة امكانية لتجاوز المستوى الراهن. ليس منطقيا – والحال هذه – ان نتطلع لما هو افضل من الحال التي عبر عنها بصراحة الوزير العماني.

البديل الانسب في ظني هو الاتجاه الى تحالفات مع الدول التي تشكل اضافة جديدة ، على المستوى السياسي او الاقتصادي. اذا كنا نفكر في الاستراتيجيا ، فالعمق الاستراتيجي لبلد مثل المملكة هو اليمن والسودان ومصر والعراق ، وليس البحرين وقطر والامارات. واذا كنا نبحث عن اسواق للصناعة الناشئة في بلدنا ، فان السوق الحقيقية موجودة في بلدان الكثافة السكانية ، والبلدان التي تمر بمرحلة اعادة اعمار ، فضلا عن الاسواق الصاعدة مثل شبه القارة الهندية وشرق آسيا. واذا فكرنا في اللاعبين الاقليمين فأمامنا تركيا وايران ومصر.

ان المزيد من الانشغال بمجلس التعاون لن يأتي بمنافع اضافية على اي مستوى. بل ربما يؤدي الى تقزيم الدور الاقليمي والدولي الذي يمكن للمملكة ان تلعبه ، وفاء بتطلعاتها او ضمانا لامنها القومي. واحسب ان على المملكة ان تفكر في محيط اوسع ودور اكبر ، دور يتناسب مع حجمها ومكانتها وحاجاتها الاستراتيجية.

الاقتصادية 10 ديسمبر 2013

مقالات ذات علاقة

المؤتمر الاهلي الموازي لقمة الكويت الخليجية

التجديد السياسي في الخليج : الفرص والصعوبات

بانوراما الخليج: نظرة على السطح السياسي عند بداية ...


استراتيجية بديلة للعمل الخارجي

03/12/2013

ليبرالية الباشوات


مضى الان ربع قرن على ذلك الجدل الساخن الذي واجهني يوم انتقدت مبالغة المعارضة العراقية في تصوير الادوار التي يلعبها الرئيس السابق صدام حسين. جرى هذا الجدل في مؤتمر حاشد ، شارك فيه معظم الجماعات السياسية العراقية التي نعرفها اليوم. قلت في كلمتي ان المعارضين ينسبون كل مشكلة في واقعهم الى رئيس النظام. واخشى انه تحول الى "فايروس ثقافي" يتحكم في عقول المتحدثين ورؤيتهم لانفسهم والعالم. كان صدام حسين قويا وسيئا ، لكنه لم يكن بالتاكيد قادرا على فعل ما ينسبونه اليه. قلت للحضور اني اخشى ان يتحول "صدام" الى مجرد تبرير للفشل والاستكانة والانتظار السلبي ، ولذا فمن الافضل لمعارضيه ان يمسحوه من اذهانهم ، قبل ان يمسي موجها لسلوكهم بدل ان يكون هدفا لكفاحهم. لم يقبل احد بذلك الكلام ، ولعل بعضهم نظر الي بازدراء ، واظنه معذورا في هذا.
د. علي الدين هلال
تذكرت هذه القصة مساء السبت الماضي ، بينما كنت اشارك في مؤتمر علمي حول "مستقبل الاسلام السياسي في العالم العربي". تحدث د. سعد الدين ابراهيم ، وهو مفكر وسياسي معروف ، عن رؤيته لتجربة الاخوان المسلمين في مصر.  وعقب عليه د. علي الدين هلال ، وهو مفكر مثله. وجدت في حديث الرجلين ، كما في عدد اخر من المشاركات ، نفس المنحى الذي استطيع وصفه الان بـ "فيروس الاخوان".  اصفه بهذا تشبيها بفايروس الكمبيوتر الذي يتحكم في افعال الجهاز وردود فعله ، حتى ينسى كل شغل اخر عداه.
تعرفت على الاخوان منذ زمن طويل ، كما تعرفت على الكثير من الجماعات السياسية والدينية الاخرى. واستطيع الادعاء دون تحفظ ، ان اي جماعة مهما بلغت قوتها ودورها ، لا تستطيع ان تملك القوة والانسجام والانضباط والتاثير الذي وصفه السادة المتحدثون. لكن هذا ليس جوهر الموضوع.
جوهر المسألة ان التصوير المبالغ فيه لدور الاخوان قد يتسبب في ، او يؤدي الى ، قناعة ذاتية بان احدا لم يخطيء سواهم ، وان معالجة الازمة المستفحلة في مصر ، لا تتطلب غير حذف الاخوان من المشهد السياسي. هذه القناعة تقود اتوماتيكيا لتسويغ الاستبداد والغاء المنافسين ، ثم تناسي المشكلات الواقعية التي تواجه البلد ونخبتها السياسية.
اني مقتنع تماما بان الاخوان ارتكبوا اخطاء كارثية خلال العامين الماضيين. لكني اردد قول السيد المسيح "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر". فشل النخبة السياسية لا يمكن تبريره باخطاء الاخوان. واخشى حقا ان يؤدي هذا الفايروس الى استسلام الشارع المصري لما وصفته حفيدة المرحوم لطفي السيد بليبرالية الباشوات ، اي القبول بتوافق قوى محددة على اقتسام السلطة فيما بينها واقصاء الاخرين. ونعلم ان قسمة كهذه ستحول الدولة الى غنيمة بدل ان تكون وكيلا عن الشعب وممثلا لارادته.
الاقتصادية http://www.aleqt.com/2013/12/03/article_804649.html

رحلة البحث عن الذات

  قلت في الاسبوع الماضي ان كتاب الاستاذ اياد مدني " حكاية سعودية " ليس سيرة ذاتية بالمعنى الدقيق ، وان بدا هكذا. وسألت نفسي حينئذ...