20/11/2012

خيار الصفر



اظن أن رئيس الحكومة الإسرائيلية ارتكب خطأ العمر يوم قرر استعمال غزة ورقة في حملته الانتخابية. منذ 2008 شن الطيران الإسرائيلي هجمات عديدة ولم يواجه سوى رد فعل متواضع، لهذا فإن الرد العنيف للمقاومة الفلسطينية كان مفاجئا للإسرائيليين مثلما فاجأ معظم المراقبين.

يعرف الجميع أن خيارات الفلسطينيين محدودة، بسبب الحصار والانقسام، ولهذا تحول ما يسمى بالتهدئة إلى عنوان لكل كلام ذي علاقة بقطاع غزة. ''التهدئة'' ليست اتفاق هدنة بين طرفين، بل تعبير ملطف عن التزام أحادي الجانب بعدم استفزاز العدو. في ظل التهدئة واصلت إسرائيل تتبع قادة المقاومة وقتلهم في فلسطين وخارجها. الأزمة الأخيرة مثلا اندلعت بعد اغتيال قائد عسكري في ''حماس''. وكان الرد المتوقع بضعة صواريخ ثم مساع حميدة تقوم بها القاهرة أو غيرها لإعادة ''حماس'' إلى موقف التهدئة.

لكن شيئا قد فاتنا بالتأكيد مثلما فات الجميع، اندلاع الثورة في مصر وانفراط حبل الأمن في شمال سيناء، أتاحا فرصة نادرة لتهريب كميات من القذائف الصاروخية ومكوناتها عبر الصحراء إلى غزة. هذه القذائف هي التي صنعت الفارق بين رد فعل الفلسطينيين اليوم وردودهم في السنوات الماضية.

لا يتعلق الأمر بعدد الصواريخ أو قدراتها التدميرية، المسألة تتعلق أولا وأخيرا بالروحية الجديدة التي أطلقتها تلك الصواريخ في الشارع الفلسطيني، وبالمعادلات المختلفة التي ستقوم نتيجة لذلك.

حتى وقت قريب كان الإحباط سمة مشتركة بين الشباب الفلسطيني، حديثهم عن خذلان العرب وانحياز العالم وانقسام السياسيين وتدهور المعيشة، هو تعبير موارب عن الإحباط والشعور بعدم الجدوى. مشروع الدولة الذي بشر به المرحوم عرفات انهار، ومفاوضات السلام مجمدة، وفرص الضغط العسكري على إسرائيل غير جدية واهتمام العرب بقضيتهم وصل إلى نهاياته، وسط معمعة الإحباطات هذه، ضاع ''العامل'' الفلسطيني، أو جرى تعطيله.

الـ 300 صاروخ التي أطلقتها غزة لا تقاس أهميتها بحجم الدمار الذي أحدثته، بل بحجم ما أعادته من حماسة وثقة بالذات، من شأنها أن تعيد الحياة إلى ''العامل'' الفلسطيني. عودة هذا العامل تجعلنا نتوقع ردودا أوضح وأكثر شدة على المغامرات الإسرائيلية. صحيح أن ظرف الحصار يفرض حدودا ضيقة للفعل، لكن روحية المقاومة التي أيقظها أزيز الصواريخ ستغير بعض المعادلات الرئيسة. آلاف الشباب سيعودون إلى التفكير في أنفسهم كفاعلين في الصراع، لا كأرقام ضائعة على هامشه. سنرى حراكا دبلوماسيا عربيا ودوليا أكثر حيوية وأكثر استعدادا للاستماع لمظلومية الشعب الفلسطيني وتطلعاته.

إسرائيل من جانبها ستضطر إلى إعادة حساباتها عشرات المرات، قبل أن ترسل طائرة تغتال قائدا أو تدمر مبنى. القوة الإسرائيلية ليست بسيطة، لكنها أيضا ليست عصية على الاختراق. خيار الصفر يعني جاهزية الضعيف للموت دفاعا عن كرامته حين تنعدم الحلول الأخرى. الجاهزية للفداء هي التي تفرض حدودا لقوة الأقوياء. هناك دائما حدود للقوة مهما عظمت أو تغولت. يحسب الأقوياء حجم خسارتهم قبل الإقدام على مغامرة، أما من يعد نفسه للفناء فلا مفهوم للخسارة في حسابه.

الاقتصادية 20 نوفمبر 2012
http://www.aleqt.com/2012/11/20/article_711021.html

06/11/2012

قبل ان نفقد الامل


مؤتمر الحوار الوطني الثاني في ديسمبر 2003 كان علامة فارقة في تاريخ المملكة الحديث. واذكر شخصيا ان مشاعر الناس ونقاشاتهم ، قد تغيرت في لغتها ونوعية الهموم والمشاغل التي تدور حولها، وصراحتها في التعبير عن قضايا الشأن العام.
كان هذا الحوار فرصة للاقرار بالتحولات الجارية فينا وحوالينا. نحن - مثل بقية خلق الله – نتغير ، وتتغير معنا انظمة المصالح التي نحن جزء منها ، ومنظومات القيم التي نبرر بها اراداتنا ، والعلائق التي تتشكل على ضوء تلك الارادات والمصالح.
الرعاية الرسمية للحوار الوطني كانت استجابة جزئية لمطالب وردت في وثيقة "رؤية لحاضرالوطن ومستقبله" التي لخصت ابرز هموم النخبة الاهلية السعودية. تلح على ذهني هذه المناسبات الوطنية الجليلة كلما قرات الصحافة المحلية هذه الايام. اشعر اننا بحاجة ماسة الى حوار وطني بمستوى جديد ، يتناسب مع التحولات التي شهدتها بلادنا ومحيطنا الاقليمي والعالم من حولنا خلال عقد من الزمن.
المثقفون والنخبة والطبقات الجديدة ، وبينهم من شارك في الحوار الوطني، يتحدثون عن قضايا تستدعي مناقشات صريحة يشارك فيها المواطنون ورجال الدولة.
-          هل يلد الحوار الذي ندعو اليه حلولا لمشكلاتنا؟
اعتقد ان الحوار يمهد ارضية الحلول. فهو يوضح حدود المشكلات ويساعد في ترتيب اولوياتها. المتابعون للشان العام يعلمون ان المشكلات التي تعرضها الصحافة ليست سوى راس جبل الثلج. ونفهم ان النوايا الحسنة والارادات الطيبة لدى بعض رجال الدولة، لا تكفي لحلها. ونفهم ايضا ان بعض ما نعانيه معقد ومتشابك على نحو يجعل التبشير بحلول سريعة مثيرا للارتياب اكثر مما يعزز الامل.
المؤكد اننا لا نستطيع حل مشاكلنا دفعة واحدة. لكن الانتظار الطويل يضعنا امام تحد اشد خطورة ، الا وهو تحول تلك المشكلات الى ناقض للنظام الاجتماعي. انظر الى تعبيرات كتاب الراي في الصحافة المحلية ، وانظر الى تعبيرات مختلف الناس في مواقع التواصل الاجتماعي. من يقرأ منطقها الضمني سيجد انها تشيرالى اقترابنا من ذلك التحدي الخطير. المنطق الضمني في كثير من هذه الكتابات يقول : "لا احد يهتم ، لا احد يريد ، لا احد يستطيع".
حل مشكلاتنا يبدأ بالاتفاق على حدودها وابعادها. ولاننا لا نستطيع حلها جميعا ، فلا بد من سلم اولويات مقبول. وازعم ان لدى النخبة الاهلية الكثير من الافكار القيمة الضرورية لتوضيح المشكلات وحلولها. في هذا الزمن لم يعد المجتمع مستعدا كي يخبره الاداريون بمشكلاته ، ثم يفرضوا عليه تصوراتهم عن حلولها. هذا زمن يريد الناس ان يكونوا شركاء في تحديد مشكلاتهم واختيار حلولها.
اعتقد ان الحاجة ماسة هذا اليوم كي تبادر الحكومة بعقد دورة حوار وطني اكثر تقدما من سابقاتها ، حوار يركز على تحديد اولويات القضايا التي تشغل بال السعوديين ، ومناهج العلاج التي يرونها. اتمنى ان نرى مبادرة رسمية تعيد الامل الى الناس بان هناك من يهتم وان هناك من يريد وان هناك من يستطيع.
الاقتصادية 6 نوفمبر 2012

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...