03/07/1998

وجوه الاستمتاع بالقوة العسكرية



تفاعلنا الثقافي مع الحضارات الاخرى ، الغربية مثلا ، لن يؤدي الى تشويه شخصيتنا ، الا اذا تركنا الباب مفتوحا أمام هذا الاحتمال ، كل حضارة لها معاييرها الخاصة التي تعتبرها مسطرة قياس صالحة في جميع الاوقات ولكل المجتمعات ، انها بمثابة ايديولوجيا ، والايديولوجيات تميل دائما الى تعميم نفسها ، بالتمرد على حدود النسبية التي يقتضيها منطق الاشياء ، نحن نتعامل مع حضارة في حالة علو وقوة ، حضارة لا تخفي اعتقادها بانها تملك الحق في الانتشار والسيطرة واستتباع الشعوب الادنى منها حياتيا ، لكننا ـ في المقابل ـ لسنا مضطرين للقبول بكل فرضيات هذه الحضارة واراداتها ، ولا نحن مضطرون لتكييف معاييرنا لكي تطابقها .

في أوقات سابقة ، حين تجادل العرب حول علاقتهم مع الغرب المتحضر ، توصل كثير منهم الى ان الخيار الانسب هو الانتقاء ، فقد اقروا بان في الغرب اشياء تستحق الاستيراد ، واراد بعضهم تحديدا ادق ، فقرر بان ما يصلح لنا هو خلاصات التجارب في مجال العلوم الطبيعية والتجريبـية دون النظرية ، فتلك الاشياء ـ حسب تقديرهم ـ خالية من مضمون فلسفي ، يخشى ان يؤثر على المعتقدات أو نظام الحياة ، حينما حان الوقت لتطبيق الافكار وجدنا ان العرب لم يأخذوا شيئا ، أو ان ما أخذوه لم يكن كثير الفائدة .

السر الكامن خلف هذه المفارقة هو ان العرب ، بل ليس من المبالغة القول ان المسلمين بعامة ، يفتقرون الى الاستعداد الكامل والكلي لخوض معركة الحضارة ، أي انهم لا يريدون مواجهة التحدي الحضاري كما ينبغي ان يواجه ، ولا يريدون تحمل الاعباء التي تتطلبها مثل هذه المعركة ، ولو قررنا اليوم ان نخوض هذه المعركة ونتحمل اعباءها ، فسوف نضع أقدامنا على الميل الاول من الطريق ، وسنصل غدا أو بعد غد الى غايته .

 مثال الباكستان حاضر في الاذهان ، فبعد هزيمتها المرة عام 1971 وما ادت اليه من سلخ نصفها الشرقي ، قررت التوصل الى توازن استراتيجي مع الهند التي تفوقها عددا وعدة ، في هذه الاثناء ضاعفت الهند جهودها لابقاء كفتها راجحة ، فأجرت تجربة نووية أولى في العام 1974  ورد الباكستانيون بقرار الدخول الى النادي النووي ، فكثفوا جهودهم للحصول على التكنولوجيا النووية ، التي كانت ولا تزال محروسة ومحرمة الانتشار ، بعد عشرين عاما من المحاولات اصبح لدى باكستان التكنولوجيا الكافية لاجراء تجربتها النووية الاولى .

ما دامت باكستان قد نجحت في فك الغاز الفيزياء النووية ، فهذا يعني ان لديها من الامكانات والكفاءات العلمية ، ما يؤهلها لتطوير صناعات متقدمة في المجالات الاخرى غير العسكرية ، لكنها وضعت ثقلها وراء برنامج محدد ، وهاهي قد نجحت في الوصول به الى غايته ، على رغم العقد والصعوبات والقيود الكثيرة التي تفرضها الاقطار الصناعية على انتقال التقنية النووية ، اقول ما دامت قد نجحت في هذا ، فانها قادرة على النجاح في المجالات الاخرى ، اذا وضعت كل ثقلها ، واعتبرتها معركة مصير ، كما اعتبرت موضوع التوازن الاستراتيحي مع جيرانها الهنود ، ثم ان هذه التجربة تكشف ان المسلمين الاخرين كانوا ولا يزالون قادرين على بلوغ غاياتهم ، لو وضعوا ثقلهم وركزوا جهودهم فيها .  الحضارة معركة ، ولا يفوز فيها الا من قبل بدخولها باعتبارها معركة المصير .

في الستينات حاولت مصر ، ومن ذات المنطلق ، أي التوازن الاستراتيجي مع اسرائيل ، ان تقيم صناعة عسكرية متقدمة ، ويقال انها قد قطعت في هذا المجال شوطا بعيدا ، لكنها توقفت بعد فترة ، وكان ينبغي ان يستفاد من الخبرة التي توفرت لتطوير الصناعة في المجالات الاخرى المدنية ، وفي الثمانينات حاول العراق مثل ذلك ، لكنه صرف الجهد كله في بناء قوة عسكرية استعملها في المكان الخطأ ، ولو انه وجه مثل هذه الجهود الى الميدان المدني ، لما كان اليوم يستجدي رضا الامم المتحدة واعضاء مجلس الامن ، هذه وتلك تدلنا على ان العرب والمسلمين بعامة ، قادرون على خوض معركة الحضارة اذا ارادوا وتحملوا الاعباء ، لكنهم مع ذلك لم يفعلوا .

من المحتمل ـ هكذا يبدو لي على الاقل ـ ان العرب والمسلمين مأخوذون بقلق المحافظة على الاعتزاز تجاه الآخر المتفوق ، أكثر من قلقهم من ذواتهم وعليها ، واذا أصيب الانسان أو المجتمع بهذا الداء ، فانه يصرف همه ويكرس طاقاته للظهور بمظهر القوى ، حتى يشعر بالرضى ، لكن هذا الرضى يعمل على اخفاء العيوب التي في الذات ، فلا يلتفت اليها صاحبها المشغول باستعراض قوته المادية ، والاستمتاع بالتعبير عنها في اجلى اشكالها ، أي القدرة على الغلبة وقهر الخصم ، لهذا السبب ـ ربما ـ كان تركيز الباكستان والعراق ومصر ، وربما غيرها من الاقطار الاسلامية على التقدم في الصناعة العسكرية دون غيرها .

في تجربة الدول الغربية ، الولايات المتحدة خاصة ، كانت الابحاث في المجال العسكري قاطرة الصناعة المدنية ، وهذا ما حدث أيضا  في المانيا قبل الحرب العالمية الثانية ، فالجيش يمول الابحاث للاغراض العسكرية ، لكن نتائجها سرعان ما تحول الى الصناعة المدنية ، ان تطور صناعة الطيران والمعلوماتية وانظمة الاتصال هي ثمرة لهذا النظام الذي يشبه الانابيب المستطرقة .

 لكننا لا نجد سيرورة مماثلة في العالم الاسلامي ، نحن نعلم ان بعض الجيوش العربية والاسلامية يملك فرقا هندسية تنفذ منشآت شديدة التعقيد ، ولدى بعضها مصانع لانتاج انظمة الاتصال والاسلحة والنقل ، لكن هذه الامكانات بقيت حتى الان محصورة بين اسوار المعسكرات ، فاذا احتجنا الى بناء جسر أو سد ، استقدمنا شركات اجنبية ، واذا احتجنا الى انشاء أو توسعة نظم الاتصال لجأنا الى الاجانب ، واذا اردنا بناء مصنع تذكرنا نظام (تسليم المفتاح) المريح ، وتذكر دراسة تحليلية عن هجرة العقول من مصر ، ان عددا كبيرا من المهندسين والصناع والمبتكرين الذين هاجروا الى الولايات المتحدة الامريكية وكندا ، كانوا يعملون اصلا في المصانع العسكرية ، لكنهم فقدوا وظائفهم أو فقدوا الدافع الضروري للابتكار فهاجروا ، ومنهم من يعمل الان في كبريات المصانع ومراكز الابحاث ، ومنهم من يعمل في وكالة الفضاء الامريكية .

ما حدث فعلا هو ان الدول العربية قد وضعت كل همها وطاقتها في الميدان العسكري ، فلما تراجعت الحاجة اليه اصبح عبئا ينبغي التخلص منه ، وليس تحويل الخبرات المستفادة منه الى القطاعات الاخرى ، أي اننا لم نكن بصدد مواجهة التحدي الحضاري ، بل مواجهة التحدي العسكري فحسب . ما كان يشغل بالنا ويستغرق اهتمامنا ، هو الحصول على قوة تبعد عنا قلق الهوان في ميدان الحرب ، أما قلق البقاء في حال التخلف والهامشية ، فلم يكن موضوع انشغال كبير لأنفسنا ، التي لا نتظر في ذاتها قدر ما تنظر الى الغير ، ولا تهتم بالمستقبل قدر ما هي مشغولة بهموم الحاضر .

نعود الى مثال الهند وباكستان للمقارنة ، لقد نجحت باكستان في تفجير قنبلتها النووية الاولى كما نجحت الهند من قبل ، لكن الفارق بين البلدين لا زال شاسعا ، منذ فترة طويلة كانت الهند التي واجهت مجاعات وعانت فقرا شديدا ، توجه جل اهتمامها الى تطوير بناء علمي واقتصادي وجدته سبيلا الى حل شامل لمشكلاتها ، وهي اليوم وبعد نصف قرن على استقلالها تجني ثمار ذلك الاهتمام ، فقد تحولت الى دولة شبه صناعية ـ مقارنة بالاقطار الصناعية الاوربية واليابان ـ انها تصنع كل شيء تقريبا مما تحتاج ، من الابرة الى الطائرة ، صحيح انها لا تزال بعيدة عن المستوى الذي بلغته أوربا أو اليابان على سبيل المثال ، لكنها ايضا بعيدة جدا عن النقطة التي انطلقت منها ، والتي لا تزال باكستان تدور حواليها ، لهذا السبب قال المحللون ان العقوبات  التي قررت الدول الصناعية فرضها على البلدين ، ستكون اشد وطأ في باكستان ، لان اقتصادها اضعف ، وقدرتها على تأمين حاجاتها من المصادر المحلية ، ادنى مما هو في الهند .

الخلاصة التي اردنا الوصول اليها ، هي ان ما يجعل شخصيتنا مشوهة وثقافتنا عاجزة ونظامنا الاجتماعي فاقدا للفاعلية ، ليس اتصالنا بالغرب وتفاعلنا معه ، وليس كوننا ضعفاء عند المقارنة بالغير ، بل انشغالنا بذلك الغير الى درجة اغفال التحديات التي تتوجه الينا ، واغفال ما يتهدد وجودنا ذاته ، اذا بقينا اسرى للتخلف على كل صعيد .

 ان نجاح بعض العرب والمسلمين في تطوير تكنولوجيا خاصة ، وان كانت محدودة الاستخدام، يدل بصورة قطعية على ان هذا الباب ليس محرما ولا عسيرا على بقية المسلمين.

 لكن قلق الاعتزاز ، وما صرف اليه من وضع البيض كله في سلة الحرب ، والتركيز على الجانب العسكري ، هو الذي ادى الى اعتبار التقدم في المجال العسكري منفصلا عن غيره من المجالات ، وهكذا اصبح التقدم مرهونا بالتحديات الآنية ذات الطابع العسكري ، لا بتحديات المستقبل التي تتوجه الى وجودنا ومصيرنا ككل .
عكاظ 3 يوليو 1998

22/01/1998

الانصاف ، لا شيء اكثر من الانصاف


قد يمكن الادعاء بأن تطور البشرية ، هو في حقيقته المحصلة المكثفة لمحاولات الافراد وابداعاتهم ، حيث لا يذكر التاريخ سوى مناسبات تعد على اصابع اليد ، قامت خلالها أمة من الامم او مجتمع من المجتمعات ، بصورة جماعية ، باستنباط نمط حياة جديدة ، أو انتخاب طريق جديدة للعمل خلاف ما اعتادت عليه .Standing Out From The Crowd
وفي جميع المناسبات الاخرى ، كانت مبادرات الافراد وكشوفاتهم هي الخطوة الاولى التي كشفت لمجتمعهم عن صورة مستقبل اجمل من حاضره ، وهي القاطرة التي عبروا على متنها حاجز الزمن ، فانتقلوا من عصورهم الى عصر اكثر تقدما واشراقا .
لكن هذاكان في نهاية المعاناة ، اما في البداية فقد غامر الافراد بنقد نظام ثقافي واجتماعي قائم ومتفق عليه ، واعتبر المجتمع هذا النقد تجسيدا لنوع من التمرد ، أو ـ في أحسن الحالات ـ ارادة للتمايز عن نظام الحياة الصحيح ، ولهذا فان المجتمع قد رمى اولئك الافراد ـ الا القليل منهم ـ بشتى التهم التي يختص بها المجتمع من يعارضه أو يتمرد على قيمه وانماط حياته ، ولهذا السبب فقد بقي الجدل محتدما ، حول مسألة العلاقة بين الفرد والمجتمع ، والتوازن الصحيح بين الطرفين ، التوازن الذي يكفل للمجتمع حقوقه كما يكفل حقوق الفرد ، ويبدو ان هذا الجدل سيستمر لأمد طويل قبل ان يجد نهايته الصحيحة ، وقد لا يجدها اطلاقا .
على ان القرن العشرين الذي نعيش أيامه الاخيرة ، قد شهد اعادة تعريف لهذه العلاقة ، بحيث يمكن القول ان الميزان قد اعتدل الى حد كبير ، وجرى الاعتراف بالفرد كذات مستقلة عن المجتمع ، له حقوق تتعلق به بذاته ، وبغض النظر عن انتمائه الى جماعة محددة او وراثته لهوية محددة ، ويبدو واضحا ان هذا التطور قد ترافق مع تقدم المجتمعات ، بحيث يمكن القول ان اكثر المجتمعات تقدما ، هي ـ في الوقت ذاته ـ اكثرها تقديرا لدور الفرد وذاته المستقلة ، فكأن هذا وذاك صنوان لا يفترق أحدهما عن الآخر ، أو ان كلا منهما مشروط بالآخر.
ويواجه مجتمعنا ـ مثل كل مجتمع آخر ـ ذات المسألة ، مما يفرض عليه البحث عن حل صحيح لها ، حل تفرضه حاجة المجتمع الماسة الى تجاوز نقاط التوقف والاعاقة ، التي نراها في كل مناسبة مانعا للانطلاق في طريق النهضة المنشودة .
ويظهر لي ان معظم الناس في مجتمعنا ، ان لم نقل كلهم ، يذهبون الى ترجيح كفة المجتمع ، واعتبار الجدل بين حقوقه وحقوق الفرد محسوما من الاساس لصالح المجتمع ، ولهم في هذا مبررات ، بينها ان المجتمع هو مجموع الافراد وان حسمها لصالح الجميع يعني اقرار حق كل فرد بمفرده ، لكن هذا تصور باطل ، فالمجموع له صورة خاصة ، كما لكل فرد صورة خاصة مختلفة ، ولا ينتج من الصورة المركبة من مجموع الافراد المستقلين صورة المجتمع ، كما ان صورة المجتمع لا يمكن تقسيمها الى صور متعددة ، لكي تناسب كل فرد ، ان صورة الجماعة ليست تركيبا لمجموع صور الافراد .
يريد الفرد ان يعبّر عن ذاته ، وان يقول رأيه في العلن ، يريد ان يختار نظام حياته الذي يتوصل اليه بعقله ، والذي يجد فيه مصلحته ، يريد ان يجد نفسه قادرا على تلمس قدراته وامكانياته ، واستثمارها في ابداع ما لم يكن معتادا أو معروفا في وسطه الاجتماعي ، ويريد المجتمع من كل عضو فيه ان يتماثل مع البقية وان يخضع للنظام الثقافي وهيكل العلاقات والتراتبية السائدة ، وهو يضع الزامات محمية بقوة (العيب) وأحيانا بقوة (القانون) توجب على كل فرد الانصياع والا واجه العقاب .
من أجل هذا امتنع كثير من المبدعين عن قول رأيهم ، او التعبير عن اراداتهم ، ومن أجل هذا نام الكثيرون على وجع الحرمان من اقتـناص فرصهم بعدما وجدوها قاب قوسين أو ادنى من اطراف ايديهم ، ومن أجل هذا حرم المجتمع نفسه من ابداع المبدعين ، والكشوف الجديدة التي ربما توصل اليها أهل الكشف ، وهم لا يوجدون في المجتمع الواحد الا كنوادر ، يعدون على اصابع اليد .
يحترم المجتمع المتقدم نفسه ، كما يحترم كل عضو فيه بمفرده ، فاذا جاء زيد بجديد فانه لا يسأل عن نسبه ، ولا يسأل عن لقبه ، ولا يسأل عن الاطار الذي ينتمي اليه ، أما المجتمع المتخلف فانه لا ينظر في الجديد ، بل ينظر الى صاحبه ، فهو ابن فلان ، وليس فلانا ، وقد ينشغل بهوية الرجل وانتمائه الاجتماعي وأصله وفصله ، عن الجديد الذي جاء به ، فيضيع بهاء هذا في ظلمة ذاك ، بدل ان يبدد البهاء حلكة الظلمة ، وعلى أي حال فان الظلمة قد لا تكون سوى اعتبارات لا أساس لها ، غير ما قرره المجتمع أو اراده اولو الحول والطول من ابناء المجتمع ، واني لأرى رجالا ونساء حرموا من ان يخدموا وطنهم ، لا لشيء غير هويتهم التي رأى بعض من يقرر ، انها مريبة او انها غير محبوبة ، واني لأرى رجالا ونساء انكمشوا على انفسهم واستعاضوا بالحلم عن الحقيقة ، بعد ان وجدوا ما يبدعون غير ذي قيمة في عيون مجتمعهم ، وأرى اناسا اختاروا لشجيرات ابداعهم ان تزهروتثمر في الحقول البعيدة ، بعد ان ضاق عليهم بستان الأهل ، على ان هذا البستان ما يزال في معظمه بائرا أو قليل الشجر يحتاج لكل نبتة ولو صغيرة .
ما يريده الانسان الفرد هو الانصاف ، ولا شيء أكثر من الانصاف ، والانصاف هو ان ينظر الى عمل الفرد لا الى هويته ونسبه ومكان عيشه واطاره الاجتماعي ، والانصاف هو ان لا يؤاخذ الفرد بجريرة أبيه او ابناء قبيلته او أهله ، والانصاف أخيرا ان لا يوضع فرد او مجموعة من الافراد في دائرة الشك والاتهام لانهم يحملون فكرة لا نرضاها ، أو يسعون الى طريقة حياة لا نرتاح لها .
اين هي المشكلة يا ترى ؟
أهي في الافراد الذين يجبنون عن التعبير عن ذاتهم خشية غضب من يخاف غضبهم ، أم هي في الذين يعرفون الحقيقة لكنهم يجبنون عن الوقوف الى جانبها وتحمل مراراتها ، أم هي في المجتمع الذي يستريح الى كل ما هو قائم وينفر من كل جديد ؟ .
لا ندري ، ما ندريه هو ان اعطاء الفرد حقه في التعبير عما يشاء ، ولو كان مخالفا للسائد والمتفق عليه ، هو السبيل الى كشف المستقبل ، وهو الخط الواصل بينه وبين الحاضر ، فاذا قطعناه لأي سبب من الاسباب ، فقد انقطعنا عن المستقبل ، وحصرنا انفسنا بين جدران الحاضر ، الذي يشي بصورة الماضي بقدر ما يمهد لذلك المستقبل .
المجتمع المتوازن ، مثل الشخص المتوازن ، هو الذي لا يسجن نفسه في دائرة الخوف من الجديد ، الجديد في الافكار والجديد في التصورات وفي انماط وسبل الحياة ، كما لا ينساق ـ دون تأمل ـ وراء دواعي الرجاء ، فهو في حياته يخاف بقدر ما يرجو ، ويرجو بقدر ما يخاف ، فاذا اختل الميزان لصالح الخوف ، اصبح عصيا على كل تجديد ، واذا اختل لصالح الرجاء اصبح مقودا بالنزق منساقا وراء كل ناعق .
عكاظ 22 يناير 1998
مقالات ذات علاقة

الحق أولا

الحداثة كمحرك للتشدد الديني

عن العالم المحبوب

في ان الخلاف هو الاصل وان الوحدة استثناء

أن نفهم الآخرين كما هم لا كما نتصورهم

طريق التقاليد

الطريق الليبرالي

تكون الهوية الفردية

عن الهوية والمجتمع



الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...