مدونة توفيق السيف . . Tawfiq Alsaif Blog فكر سياسي . . دين . . تجديد . . . . . . . . . راسلني: talsaif@yahoo.com
27/07/2016
مساهمة التعليم العام في تفكيك الميول العنفية
20/07/2016
مقترحات لدراسة العنف السياسي
دراسة العنف
كظاهرة اجتماعية برنامج بحث مفتوح ، نحتاج الى مواصلة العمل فيه ، كي نزداد خبرة
بطبيعته ، وكي نستطيع تشخيص العوامل الثابتة والمتغيرة التي تحركه او تحدد
اتجاهاته او حجمه.
هناك بالتأكيد بواعث ايديولوجية (دينية خصوصا) وراء بعض اشكال العنف. لكن هذا عامل واحد فحسب. ولا يصح اعتباره علة تامة كما يقول اهل المنطق. الارهاب – كما عرضنا في مقال الاسبوع الماضي – ظاهرة مركبة ، تتشكل بتأثير عوامل عديدة ، وتتطور في مسارات مختلفة ، ثم تنتهي الى تجسيد واحد ، نراه في شكل اغتيالات او تفجيرات او عمليات حربية ، تبلغ ذروتها في احتلال مدن بأكملها ، كما جرى في سوريا والعراق وليبيا.
دراسة الظاهرة
تستلزم من حيث المبدأ التخلي عن أي حكم مسبق او رغبة في التبرئة او التجريم. نحن
بصدد مشكلة مزمنة تواجه جميع البلدان ، وتخلف خسائر كارثية في الانفس والعمران.
ولهذا ينبغي التركيز على تحليل الظاهرة طمعا في تفكيكها ومعالجتها ، وليس البحث عن
شماعة نعلق عليها عباءة الجرم. لست متأكدا من امكانية اجتثاث العنف في أي مجتمع.
لكننا نستطيع الخلاص من ظاهرة الارهاب السياسي التي يمكن ان تنبعث بين حين وآخر ،
بالترافق مع ما يحدث من انكسارات او توترات داخل المجتمع او في محيطه.
الخطوة الاولى لدراسة الظاهرة الاجتماعية هي وصفها السطحي وتحديد علاقتها بالعوامل المحركة: هل هي منظومة افعال مستقلة ام هي انعكاس لأزمات اخرى نشطة في المحيط الاجتماعي ، ازمات اقتصادية او اجتماعية او سياسية او غيرها. هذا تمهيد ضروري لتمييز العنف السياسي في البلدان المستقرة عن نظيرتها المحتلة او تلك التي تشهد حروبا اهلية أو انقسامات حادة.
كما ان فرضية كون العنف منبعثا عن أزمات بعينها (كصراع الاجيال او
تأزم الهوية مثلا) سيوجهنا الى تفكيك البواعث والاسباب في المقام الأول ، وربما
نفكر في ممارسي العنف كضحايا يجب دعمهم ماديا ونفسيا للتحرر من تأثير تلك البواعث
، بدل التشدد في معاقبتهم.
وفي هذا
السياق أيضا ينبغي التمييز بين العنف المنظم ونظيره العشوائي او الفردي. في الحالة
الأولى نركز على "المنظمة" بينما نركز في الحالة الثانية على البيئة
الاجتماعية الحاضنة.
الخطوة
التالية هي وضع كافة العوامل المحتملة في مستوى واحد من حيث القيمة. هذا يشمل
بطبيعة الحال العامل الايديولوجي البحت ، ازمات المعيشة ، العوامل المرتبطة
باضطراب الشخصية ، الجمود الثقافي وعجز المجتمع عن استيعاب الاجيال الجديدة
المختلفة ثقافيا وروحيا ، تأزم الهوية الجمعية ، الجمود السياسي وضيق المجال العام
، واخيرا دور المنظمات التي تتبنى العنف ومقدار ظهورها العلني على وجه الخصوص في
النشاطات الاجتماعية الاعتيادية.
من المهم في المرحلة التالية عزل المؤثرات الخاملة. فبعض العوامل السابقة قد تكون فعالة جدا في مجتمعات بعينها ، بينما تكون ضئيلة التأثير في مجتمعات أخرى. في خط مواز ينبغي التحقق من موقع كل عامل ضمن السياق الزمني لتطور الظاهرة ككل ، او تبلور "ارادة الفعل الارهابي" عند الافراد والمجموعات الصغيرة.
13/07/2016
الارهاب كظاهرة مركبة
ليس ضروريا ان نتفق جميعا على اولويات التصدي لموجة الارهاب التي ضربت بلادنا وغيرها. لكن من المهم ان نفهم جميعا الطبيعة المركبة لهذه الظاهرة. واقع الامر انه لا توجد ظاهرة اجتماعية بسيطة ، بمعنى انها ترجع الى سبب واحد وتتطور وفق نسق واحد من بدايتها الى نهايتها.
يهمني التشديد
على الطبيعة المركبة للظواهر الاجتماعية ، طمعا في لفت النظر الى الاضرار المحتملة
للتفسيرات التي تكرر التاكيد على عامل وحيد. فهذه في ظني رؤية انطباعية متعجلة ،
رغم انها باتت نسقا عاما في صحافتنا ، سيما في الايام القليلة التي تتلو هجمات
الارهابيين ، كما حصل بعد التفجيرات الاجرامية قبيل عيد الفطر ، في المدينة
المنورة والقطيف وجدة.
اني اكتب هذه
السطور وفي ذهني ما يمكن وصفه بقوائم المتهمين التي اصبحت معتادة في الصحافة
ومواقع التواصل الاجتماعي . من تابع الصحافة المحلية بعد تلك التفجيرات ، فلا بد
انه لاحظ الالحاح على دور "المحرضين" عند البعض واتهام المناهج المدرسية
عند فريق ثان ، والحاح فريق ثالث على تاثير الدول الاجنبية أو المؤامرة الدولية ،
أو دعوى ان انتشار الفساد في المجتمع وشيوع الميول التغريبية هو العامل المحرك
للارهابيين ، وان الحل عند هؤلاء يكمن في كبح ما يعتبرونه هيمنة ليبرالية على
الصحافة ووسائل الاعلام الخ.. وقد تكرر مثل هذا في كل المناسبات المماثلة خلال
العام المنصرم.
وقد لفت نظري
هذا الاسبوع مقال تحليلي للدكتور علي الحكمي وهو استاذ جامعي في علم النفس. فقد
اختار قائمة احتمالات محددة ، تفسر جاذبية المنظمات الارهابية لجيل الشباب على وجه
الخصوص. وتبنى مقاربة سيكولوجية مختصرة لكنها متينة التأسيس. وقرأت في الأسابيع
الماضية معالجات مماثلة في جودتها ، اهتم بعضها بمراجعة العوامل الدينية والمذهبية
، وراجع بعضها العوامل الاقتصادية والاجتماعية في المستوى الضيق (العائلة والمحيط
القريب) ، واهتمت ثالثة بتاثير تأزم الهوية الفردية والجمعية.
مثل هذه
المقاربات مهمة جدا في توضيح الوجوه المختلفة لظاهرة العنف ، اي كونها تشكلت في
البداية بتأثير عوامل متعددة ، ثم تطورت وتحولت بالتدريج ، ودخلت في تشكيلها
النهائي عوامل مستجدة ، لم تكن مؤثرة في تشكيلها الأولي.
نحن نرى في
العادة عملية القتل او التفجير ، أي النتاج الاخير للظاهرة. وهي لا تدلنا بالضرورة على محركاتها وموقعها
الدقيق في السياق الزمني/الاجتماعي لتشكل وتطور الظاهرة نفسها. هذا يشبه الى حد
بعيد ان ترى الثمرة الناضجة على الشجرة ، وتنسى المسار الطويل الذي قطعته الشجرة
حتى اصبحت ثمارها ناضجة.
ان التشابه
الظاهري بين تمظهرات الارهاب لا يعني بالضرورة انها جميعا ترجع الى ذات العوامل ،
او انها تعبير عن حلقة زمنية او ظرفية واحدة في السياق الزمني العام للظاهرة ككل.
بعبارة اخرى ، فان الارهابي (أ) الذي شارك زميله الارهابي (ب) في نفس العملية ،
لايشكلان نسخة مكررة. لعل كلا منهما بدأ في نقطة مختلفة ، أو انضم الى دائرة
الارهاب بتاثير عوامل متباينة. ان وحدة الفعل النهائي لا تعني ابدا وحدة المقدمات
او وحدة المسار.
تعدد العوامل
التي تسهم في تشكيل ظاهرة الارهاب ، يستوجب بالضرورة تعدد المقاربات والحقول
العلمية التي تدرس على ارضيتها ، اي تعدد التفسيرات وطرق العلاج. هذا يدعونا الى
تشجيع الباحثين من تخصصات مختلفة للمساهمة في تحليل هذه الظاهرة وتفسير تطوراتها ،
وعدم الركون للتفسيرات الانطباعية المتعجلة أو الأحادية.
الشرق
الاوسط 13 يوليو 2016 http://aawsat.com/node/688136
مقالات ذات علاقة
الحريات العامة كوسيلة لتفكيك ايديولوجيا الارهاب
سجالات الدين والتغيير في المجتمع السعودي (كتاب)
عودة للعلاقة بين الخطاب الديني وتوليد العنف
مجادلة اخرى حول الميول العنفية
المواطن "الممتاز" والمواطن "العادي"
سألتني السيدة ميره ، وهي مثقفة من دولة الامارات الشقيقة ، عن علاقة المواطنين ببعضهم وعلاقتهم بوطنهم: هل نكتفي بمضمونها القانوني ، ام نحتا...