لم يتعرض مذهب فلسفي للنقد بقدر ما تعرضت له الماركسية.
وهو امر قد يشير الى حجم التحدي الذي انطوت عليه مقولاتها. والمؤكد انها قد تركت
تاثيرا عميقا ، ليس فقط على المدارس الفلسفية المعاصرة ، بل وايضا على شريحة
معتبرة من العلوم الانسانية ، ومن بينها علم الاجتماع وفروعه. من بين الامثلة التي
تذكر في هذا الصدد ، ربطها
الشديد بين الذهنية الجمعية والظرف الاقتصادي.
كارل ماركس |
جادل الماركسيون بأن الاقتصاد يقود الى اعادة تشكيل
المجتمع على شكل طبقات متباينة ، لكل منها ثقافة خاصة تبرر رؤيتها للعالم
وتعاملاتها مع المحيط. انطلاقا من هذا ، فهم يرون مثلا ان العمال يفكرون على نحو
مختلف عن الفلاحين ، كما يختلف هؤلاء عن الطبقة الوسطى "البرجوازية
الصغيرة" ، وتختلف هذه عن الطبقة العليا والمهمشين.
كل من هذه العناصر يشكل جزء ضروريا من منظومة علاج شاملة
وطويلة الامد. لكن استمرار فاعليته ، اي تحوله من علاج آني الى علاج جذري ، رهن
بتفاعله مع عناصر العلاج الاخرى ، اي المنظومة الكاملة التي تستهدف تغيير
"البارادايم" ، اي النسق الحياتي والثقافي القديم الذي اتاح الفرصة
لتبلور ذهنية الانقطاع والتفارق ، ومهد – بالتالي – للميول العنفية.
اني ببساطة ادعو للتفكير في علاقة النظام
المعيشي/الاقتصادي بالثقافة العامة في المملكة. ربما تكون الثقافة التقليدية عاملا
في تعزيز الميل للعنف ، لكني اتساءل: لماذا يميل الناس الى هذه الثقافة تحديدا ،
ولماذا يميلون خصوصا الى جانب المنازعة فيها وليس جانب اللين؟. هل لنظام المعيشة
دور في ترجيح هذا على ذاك؟.
اجد مهما ان نفكر في "الميل للعنف" كظاهرة
اجتماعية مركبة ، ناتجة عن مقدمات مختلفة ، وليس مجرد حلقة مستقلة ، او نتيجة
لعامل وحيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق