‏إظهار الرسائل ذات التسميات العدالة الاجتماعية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات العدالة الاجتماعية. إظهار كافة الرسائل

29/04/2014

نحن مدينون لليسار المكافح

||انتقل الصديق الشاعر علي الدميني الى رحمة الله في 25 أبريل 2022||

هذه الكلمات بمثابة وداع لموقع "منبر الحوار والابداع" الذي اعلن الشاعر علي الدميني اغلاقه هذا الاسبوع. يستحق المنبر وصاحبه الاشادة والتبجيل ، لانه التزم طيلة تسع سنين بالدعوة لمبدأ العدالة الاجتماعية ، والدفاع عن الحريات العامة ، والاحتفاء بالافكار الجديدة.


علي الدميني

حتى اواخر ستينات القرن المنصرم ، كانت "العدالةالاجتماعية" سمة حصرية لخطاب اليسار. ثم اصبح المفهوم اكثر عمومية بعدما اعاد صياغته المفكر الامريكي جون رولز في نظريته التي تعرف غالبا بعنوانها "العدالة كانصاف".  تحول المفهوم الجديد الى رؤية كونية منذ ان تبناه برنامج الامم المتحدة الانمائي كأساس لتقريره التحليلي السنوي وتوصياته للدول الاعضاء في المنظمة الدولية.

تراجع الوجود السياسي لليسار مع صعود الليبرالية ونظرية المبادرة الحرة. لكن قبل ذلك كان المفهوم الاشتراكي لدور الدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية ، كان ملهما لكفاح شعوب العالم ، في المجتمعات الصناعية والمتخلفة والمستعمرات على السواء. الزخم العظيم الذي حظي به خطاب اليسار ، سيما بعد الحرب الكونية الأولى ، كان السبب الرئيس لتغير مفهوم الدولة ووظيفتها ، وظهور ما يعرف اليوم بدولة المنفعة العامة.

في ظل النموذج الليبرالي الكلاسيكي "الراسمالي" لم تكن الدولة مسؤولة عن اي شيء ، سوى تمكين الناس من المنافسة العادلة على السلع والخدمات المتوفرة في السوق. بينما دعا الاشتراكيون الى التزام الدولة بالتوزيع العادل للموارد العامة ، على نحو  يكفل لجميع المواطنين الضرورات الاولية للمعيشة كي تصان كرامتهم.

ابرز التعديلات التي اضافها جون رولز هي تعريفه الجديد لمفهوم المنافسة الحرة. فقد ركز على "قابلية الجميع للمنافسة" ، واتخذه مدخلا للقول بان الدولة ملزمة بمساعدة الشرائح الفقيرة والضعفاء في المجتمع حتى يقفوا على اقدامهم ، ويصبحوا قادرين على منافسة الاقوياء. هذا التعديل يبدو قريبا من الخطاب الاشتراكي.  لكنه يتمايز عنه بتأكيده على الحريات الفردية ، واعتبارها جزء عضويا من مفهوم العدالة الاجتماعية. وهو العنصر الذي اغفله اليسار الكلاسيكي.

كما في معظم مجتمعات العالم ، كان اليسار حاضرا في بلادنا منذ منتصف القرن. واعرف مثل غيري ان كفاح اليساريين الاوائل هو الدافع الرئيس وراء تحسين اوضاع العمال في ارامكو ، ثم تطوير نظام العمل ومنح العاملين حقوقا مادية ومعنوية ، اصبح كثير منها مصونا بالقانون.

واجه اولئك الرواد كثيرا من العنت ، من جانب الهيئات الرسمية والمجتمع على السواء. ولم يكن لهم ذنب سوى تبنيهم لافكار جديدة ، غريبة على المجتمع التقليدي يومئذ. نحن نبجل اسماءهم وتاريخهم لاننا نحصد اليوم الثمار الطيبة لبعض ما زرعوه.

"منبر الابداع والحوار" كان الرمز الاخير لليسار المكافح. وجوده كان تعبيرا عن التنوع الثقافي. ويحدوني الامل بان يواصل هؤلاء الرواد دورهم الاصلاحي من منابر اخرى. بلادنا في حاجة الى الاصوات المختلفة والالوان المتعددة. التنوع ثروة نستحقها وتستحقها بلادنا.

الاقتصادية 29 ابريل 2014

 

مقالات ذات علاقة
من دولة الغلبة الى مجتمع المواطنة: مقاربة دينية لمبدأ العقد الاجتماعي

03/09/2013

مفهوم العدالة الاجتماعية

‏"العدالة الاجتماعية" هي الهدف الذي ينشده جميع الناس ، في شرق العالم وغربه. وافترض ان جميع الفاعلين ‏في الحق السياسي والاجتماعي ، يرونه اسمى الغايات.‏

لكن علينا الاقرار بحقيقة ان "العدالة الاجتماعية" ليست مفهوما راسخا في تراثنا الثقافي. ولهذا فمن المحتمل ‏ان يتحدث الناس عنها وهم يقصدون اشياء متباينة. مصطلح "العدل" و "العدالة" هو الشائع في الثقافة العربية ‏والاسلامية. لكنه لم يحظ بما يكفي من النقاش الضروري لتفصيح مضمونه ومراميه. ‏

واشير هنا ايضا الى ان معظم القيم العليا التي تبانى عليها عقلاء العالم واقرتها الشرائع ، مثل العدل والحرية ‏والنظام ، وامثالها من القيم السامية ، حظيت في الثقافة العربية والاسلامية بالكثير من التبجيل ، لكنها لم تحصل على ما يقابله من النقاش ‏والدراسة. ولهذا فان مفهوم "العدل" الواسع التداول ، غالبا ما ينصرف الى معنيين فقط هما : عدالة القاضي بين ‏المتنازعين ، ومساواة الحاكم بين المواطنين. ‏

والحق ان هذين من اجل معاني العدالة. لكنهما دون معناها الشامل ، الذي جعلها اسمى مطالب المكافحين ‏وطلاب الاصلاح فضلا عن عامة الناس.‏

وخلال العقود الثلاثة التالية للحرب الكونية الثانية اصبح النموذج الاشتراكي قبلة العالم ، لانه ركز على مبدأ ‏‏"العدالة الاجتماعية".  نعلم اليوم ان هذا النموذج قد انحسر تماما في اواخر القرن العشرين ، لان تفسيره للعدالة ‏اقتصر على معنى المساواة ، سيما التوزيع المتساوي للثروة الوطنية.‏

نعلم ايضا ان التطبيق القسري للمساواة ، سيما من خلال التحكم في السوق ومصادر المعيشة وانماط التملك ، ‏كان ثمنه التضحية بالحريات الفردية. وقد اتسمت الدول الاشتراكية بالانغلاق والتجبر وانعدام الحريات. كان اهم ‏مبررات الاشتراكيين ، هو ان الحرية تبقى مجرد شعار ، طالما كان الفرد مشغولا بهم البقاء على قيد الحياة. ومن ‏هنا قرروا ان ضمان مستوى معيشي محترم لجميع الناس ، يعتبر اولوية مقدمة على حرياتهم ، وانها تستحق ‏التضحية بحقوق بعض الافراد. هذه الفكرة بذاتها هي "خط الانكسار" الذي قاد الاشتراكية الى حتفها.‏

طور المفكر الامريكي جون رولز مقاربة مختلفة عن "العدالة الاجتماعية" ، تربط بين المساواة والحرية ، ‏وتجعلهما معا ركيزة العدل في الحياة السياسية.‏ 

ركز رولز على تعدد الخيارات والفرص المتاحة للافراد ، بما يمكنهم من اختيار نمط معيشتهم والتحكم في ‏مسارات حياتهم. بعبارة اخرى ، فان النظام الاجتماعي العادل هو ذلك الذي يتيح لاعضائه حرية اكبر وخيارات ‏اكثر ، ويجعل الموارد العامة متاحة للجميع على قدم المساواة ، كما يضع سياساته وينظم مؤسساته على نحو ‏يمكن الاكثرية الساحقة من استثمار تلك الفرص والموارد. 

وبالعكس من ذلك فان الظلم يتجلى في النظام الذي ‏تضيق فيه خيارات الافراد او تحتكر لطبقة خاصة ، او يجري ربطها بالولاء السياسي او التوافق مع سياسات ‏النخبة.‏





الاقتصادية 3  سبتمبر 2013

18/12/2012

حق الأكثرية

في 1972 أسس جان ماري لوبان حزبا صغيرا سمّاه ''الجبهة الوطنية''، هدفها استفتاء الشعب الفرنسي على وقف هجرة الأجانب لا سيما المسلمين. لأن تزايد أعدادهم يهدد النسيج الاجتماعي المنسجم بديانته الكاثوليكية وتقاليده المتوارثة. لكن لوبان تخلى – لاحقا - عن فكرة الاستفتاء، بعدما أقنعه خبراء في القانون بأن تصويت الأكثرية لا قيمة له ولا تأثير. حقوق الأكثرية مشروطة بحقوق الأقلية، ولا يمكن لهذه ولا تلك حرمان الأخرى من حقوق أولية تعد حاكمة على الدستور والقانون. وأبرزها حرية الاعتقاد والعبادة واختيار نمط العيش الذي يعتقد صاحبه أنه يحقق سعادته.
لكننا جميعا نعلم أن رأي الأكثرية هو الحاكم في جميع الأنظمة الحديثة. وهو تجسيد للعقل الجمعي والعرف العام بلا مراء.

في الجدل حول الدستور المصري، تمسك مؤيدوه بحق الأكثرية في فرض ما يرونه معبرا عن قناعاتهم وتطلعاتهم. بينما ركز معارضوه على ضرورة أن يصاغ بصورة توافقية قبل عرضه للاستفتاء العام.

- أين تكمن المشكلة إذن؟ ولماذا لا يصح القول بحق الأكثرية في فرض الدستور الذي تريده على الأقلية التي تعارضه؟.

- الديمقراطية نظام مركب من مستويين:

أ) مستوى تأسيسي يعرف القواعد الكبرى للنظام السياسي، يشترك فيه الجميع. هذا لا يتحقق باستفتاء الأفراد، بل بتوافق ممثلي جميع الشرائح الاجتماعية، لتأسيس ما نسميه الإجماع الوطني، الذي يتضمن عنصرين أساسيين: طبيعة العلاقة التي تربط بينهم في إطار وطني واحد، وأسلوب حل الخلافات التي ربما تنشأ بينهم بسبب تعارض الأفكار والمصالح. هذا الإجماع يوثق في ''الدستور'' الذي يصبح مرجعا لجميع القوانين وسياسات الدولة وأعمال الهيئات الناشطة في المجال العام.

ب) مستوى تشريعي أو سياسي يمارس بواسطة الحكومة أو البرلمان. وهنا يبرز صوت الأكثرية كمرجح دائم، سواء حصل التوافق أو لم يحصل.

ميزة المستوى الأول أنه طويل الأمد، وقد يمتد لعشرات السنين دون تغيير. بخلاف المستوى الثاني الذي يتبدل كل أربع سنين أو خمس على الأكثر. لأنه يتناول تغيير الأشخاص والسياسات، ولا يؤثر في قواعد النظام التي أسست الإجماع الوطني.

زبدة القول إذن إن رأي الأكثرية الذي يشار إليه عادة، متعلق بالمستوى الثاني. أما الأول فإن تصويت الشعب وترجيح رأي الأكثرية لا يأتي إلا بعد توافق الجميع. ما لم يجر توافق كهذا، فستبقى شرعية النظام السياسي مجروحة وتمثيله للشعب مشكوكا فيه. وأظن أن الحكومة المصرية تشعر بهذا الآن، مما سيضطرها إلى إصدار قوانين تتحول إلى أعراف دستورية، غرضها الوحيد هو تلبية مطالب معارضي الدستور. كان الأولى – في ظني – اتقاء مثل هذه الالتفافات بتشكيل الجمعية التأسيسية التي وضعت الدستور على نحو يعكس التنوع الفعلي في المجتمع المصري، بل التعويل على حسابات الأقلية والأكثرية كما حصل فعلا.
الاقتصادية : الثلاثاء 05 صفر 1434 هـ. الموافق 18 ديسمبر 2012 العدد 7008
http://www.aleqt.com/2012/12/18/article_717992.html
مقالات ذات علاقة

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...