03/09/2013

مفهوم العدالة الاجتماعية

‏"العدالة الاجتماعية" هي الهدف الذي ينشده جميع الناس ، في شرق العالم وغربه. وافترض ان جميع الفاعلين ‏في الحق السياسي والاجتماعي ، يرونه اسمى الغايات.‏

لكن علينا الاقرار بحقيقة ان "العدالة الاجتماعية" ليست مفهوما راسخا في تراثنا الثقافي. ولهذا فمن المحتمل ‏ان يتحدث الناس عنها وهم يقصدون اشياء متباينة. مصطلح "العدل" و "العدالة" هو الشائع في الثقافة العربية ‏والاسلامية. لكنه لم يحظ بما يكفي من النقاش الضروري لتفصيح مضمونه ومراميه. ‏

واشير هنا ايضا الى ان معظم القيم العليا التي تبانى عليها عقلاء العالم واقرتها الشرائع ، مثل العدل والحرية ‏والنظام ، وامثالها من القيم السامية ، حظيت في الثقافة العربية والاسلامية بالكثير من التبجيل ، لكنها لم تحصل على ما يقابله من النقاش ‏والدراسة. ولهذا فان مفهوم "العدل" الواسع التداول ، غالبا ما ينصرف الى معنيين فقط هما : عدالة القاضي بين ‏المتنازعين ، ومساواة الحاكم بين المواطنين. ‏

والحق ان هذين من اجل معاني العدالة. لكنهما دون معناها الشامل ، الذي جعلها اسمى مطالب المكافحين ‏وطلاب الاصلاح فضلا عن عامة الناس.‏

وخلال العقود الثلاثة التالية للحرب الكونية الثانية اصبح النموذج الاشتراكي قبلة العالم ، لانه ركز على مبدأ ‏‏"العدالة الاجتماعية".  نعلم اليوم ان هذا النموذج قد انحسر تماما في اواخر القرن العشرين ، لان تفسيره للعدالة ‏اقتصر على معنى المساواة ، سيما التوزيع المتساوي للثروة الوطنية.‏

نعلم ايضا ان التطبيق القسري للمساواة ، سيما من خلال التحكم في السوق ومصادر المعيشة وانماط التملك ، ‏كان ثمنه التضحية بالحريات الفردية. وقد اتسمت الدول الاشتراكية بالانغلاق والتجبر وانعدام الحريات. كان اهم ‏مبررات الاشتراكيين ، هو ان الحرية تبقى مجرد شعار ، طالما كان الفرد مشغولا بهم البقاء على قيد الحياة. ومن ‏هنا قرروا ان ضمان مستوى معيشي محترم لجميع الناس ، يعتبر اولوية مقدمة على حرياتهم ، وانها تستحق ‏التضحية بحقوق بعض الافراد. هذه الفكرة بذاتها هي "خط الانكسار" الذي قاد الاشتراكية الى حتفها.‏

طور المفكر الامريكي جون رولز مقاربة مختلفة عن "العدالة الاجتماعية" ، تربط بين المساواة والحرية ، ‏وتجعلهما معا ركيزة العدل في الحياة السياسية.‏ 

ركز رولز على تعدد الخيارات والفرص المتاحة للافراد ، بما يمكنهم من اختيار نمط معيشتهم والتحكم في ‏مسارات حياتهم. بعبارة اخرى ، فان النظام الاجتماعي العادل هو ذلك الذي يتيح لاعضائه حرية اكبر وخيارات ‏اكثر ، ويجعل الموارد العامة متاحة للجميع على قدم المساواة ، كما يضع سياساته وينظم مؤسساته على نحو ‏يمكن الاكثرية الساحقة من استثمار تلك الفرص والموارد. 

وبالعكس من ذلك فان الظلم يتجلى في النظام الذي ‏تضيق فيه خيارات الافراد او تحتكر لطبقة خاصة ، او يجري ربطها بالولاء السياسي او التوافق مع سياسات ‏النخبة.‏





الاقتصادية 3  سبتمبر 2013

20/08/2013

الإخوان .. خطاب بديل

بالغ الإخوان المسلمون في تقدير قوتهم، كما بالغوا في تقدير قيمة انتصاراتهم الانتخابية المتوالية، فتصرفوا كمن يعيد كتابة التاريخ. حقيقة الأمر أن التاريخ لا يتغير في حملة انتخابية، وأن العالم لا يتغير بانتصار حزب على منافسيه. تلك كانت مجرد صافرة البداية في صراع سياسي طويل، لم يظهر سوى فصله الأول فحسب. كان على الإخوان أن يفهموا مكاسبهم ضمن حدودها الطبيعية، أي كنصر سياسي مرحلي ضمن معركة ما زالت فصولها الأخرى في رحم المستقبل.
على أي حال فقد انتهى زمن هذا الكلام، وذاق أطراف اللعبة مرها مثلما ذاق غيرهم عسلها، وهكذا تدور الأيام، يوم لك ويوم عليك.
المهم الآن هو احتساب العبر من تجارب الماضي، والتفكير في المستقبل. يحتاج الإخوان المسلمون وأنصارهم إلى الإقرار بما جرى باعتباره مرحلة وليس نهاية التاريخ. معركة سياسية وليست حربا كونية. وهم في حاجة إلى تجديد شباب الجماعة، بتقديم خطاب سياسي بديل وقيادة بديلة. الخطاب السياسي القديم هزم، مثلما هزمت القيادة التقليدية. الإخوان في حاجة إلى فهم جديد للصراع الذي يخوضونه. هذا ليس صراعا على الدين، وليس صراعا بين الإسلام والكفر. الإخوان – مثل بقية الأحزاب المصرية – أطراف في صراع سياسي محوره وهدفه هو السلطة الدنيوية. هذه أحزاب تتباين خلفياتها الاجتماعية وأيديولوجياتها، لكنها جميعا تملك حقوقا متساوية في بلدها. إسلامية الإخوان لا تجعلهم أكثر حقانية، فهم ليسوا في جدل حول مسألة فقهية، وموضع الخلاف ليس تعريف الأولى بإمامة المصلين.
الاعتبار بما جرى مطلوب أيضا من الطرف الآخر: القاضي الذي احتل مقعد الرئيس، والعسكري الذي قاد الانقلاب، والأحزاب التي وقفت معهم. إذا واصلوا إدارة الدولة بالطريقة التي جرت منذ انقلاب الثالث من يوليو، فقد تتحول مصر – لا قدر الله – إلى دولة فاشلة. مهما قيل من مدائح وأوصاف في الجيش والأمن المصري، فإن تجربة الدول المماثلة تخبرنا أن لا أحد يستطيع إعادة النيل إلى مجراه لو هدم السد العالي. سد مصر العالي ليس الجيش وليس الشرطة، بل توافق المصريين على قواعد لحل اختلافاتهم، وضمان حرية العمل السياسي والاجتماعي لكل القوى، بما فيها تلك التي هزمت.
أسمع اليوم أن رئيس الوزراء يريد حل جماعة الإخوان المسلمين. هذه خطيئة في حق مصر. وربما تكون العتبة التي تقود البلد إلى عصر الفوضى، وتحولها إلى دولة فاشلة. مهما بلغت عيوب الإخوان المسلمين، فلا يمكن إنكار كونهم قوة استقرار في مصر، بديلها الوحيد جماعات على نمط ''القاعدة'' وتفريعاتها. حل جماعة الإخوان سيجعل أشباه ''القاعدة'' مشروعا طبيعيا. وإذا حصل هذا، فليس أمام مصر سوى تاريخ طويل من الفشل والخراب.
الاقتصادية - 20 اغسطس 2013

الطريق السريع الى الثروة

  يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...