مدونة توفيق السيف . . Tawfiq Alsaif Blog فكر سياسي . . دين . . تجديد . . . . . . . . . راسلني: talsaif@yahoo.com
29/06/2009
الانتخابات الايرانية وعالم السياسة المتغير
22/06/2009
الانتخابات الايرانية : صراع بين منطقين
الجدلالذي رافق الاعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية في ايران يكشف عن منطقين يتنازعان الراي العام : منطق يرى ان المجتمع هو وعاء السلطة ومصدر الشرعية السياسية. وبالتالي فان الرئيس الصالح هو ذلك الذي يحمله الجمهور الى سدة الحكم . بينما يرى المنطق الثاني ان الحكم وظيفة خاصة باصلح الناس وافضلهم. وان اهل الحل والعقد ، اي اقطاب النظام الاجتماعي ، هم الاقدر على تحديد الشخص المؤهل لاعتلاء سدة الحكم.
يقوم
المنطق الاول على ارضية فلسفية تطورت صورها الحديثة ضمن الاطار المعرفي الاوربي ،
ويلخصها مبدأ العقد الاجتماعي . وفقا لهذا المبدأ فان السياسة لا تعرف مفهومي الحق
والباطل (بالمعنى المتداول في الثقافة العربية) ، بل تدور قيمة الفعل السياسي بين
الصواب والخطأ . الصواب والخطأ ضمن هذا الاطار ليست مفاهيم مجردة او موضوعية ، بل
هي تعريفات عقلائية لوقائع قائمة على الارض ، وهي تتغير بين ظرف واخر . فالصحيح هو
ما اثبته العرف العام في البلد ، والخطا هو ما اعرض عنه العرف.
الرجوع
الى العرف العام يستند الى تراث ضخم من التجارب الانسانية منذ ظهور التفكير
السياسي حتى اليوم . وقد ناقشه الاصوليون المسلمون ضمن بحوثهم حول دور العرف في
التشريع ، والادلة العقلية ، ولا سيما في جواز الرجوع الى بناء العقلاء ، والحسن
والقبح العقليين ، وهي من المباحث المشهورة في اصول الفقه.
اما في
اوربا فقد تطور المبدأ بعدما تخلى المفكرون عن التفسيرات الفلسفية القديمة للعلاقة
بين المجتمع والسلطة ، وبينها خصوصا الكاثوليكية التي تتحدث عن سياسة تستند الى
معايير سماوية معرفة ومحددة مسبقا ، وتلك التي ترجع الى الفلسفة اليونانية القديمة
ولا سيما فلسفة سقراط وتلاميذه التي فكرت في السياسة من خلال مفهوم غاية الخلق
وغرضه ، ونظرت الى السلطة باعتبارها مكانا لاعلم الناس الذين يتولون تربية المجتمع
وهدايته الى طريق الكمال.
يرجع
المنطق الثاني ، اي سلطة الافضل والامثل ، الى مفهوم "اهل الحل والعقد"
الذي تطور في اطار التجربة التاريخية الاسلامية ولا سيما بعد القرن التاسع
الميلادي ، وهو يقترب الى حد كبير من التفكير اليوناني المشار اليه ، بل يمكن
الجزم انه قد تأثر به بشكل عميق. وهو على اي حال يوافق هوى قويا عند النخبة
العلمية ولا سيما في مدارس العلم الشرعي . سوف تجد الربط الشديد بين العلم والسلطة
منتشرا عند معظم الفقهاء والمفكرين المسلمين ، ولا سيما في القرنين العاشر والحادي
عشر الميلادي ، كما تراه عند من نقل عن اولئك او تاثر باعمالهم من المعاصرين .
وتبدو
مبررات هذا الاتجاه مقبولة لدى كثيرين ، فهم يقولون ان السلطة حرفة تحتاج مثل اي
حرفة اخرى الى علم ، وهذا العلم موجود في مدارس العلم الشرعي وفي شروح النص الديني
وتفسيراته. ولهذا فان اهل هذا العلم هم الاقدر على ممارسة السلطة . كما ان السلطة
مظنة للفساد او الاستغلال فيلزم ان تعطى الى العادل الكامل . والعدالة ليست من
الصفات الفطرية في الانسان بل هي تنمو مع تربيته وتدريبه على الفضائل وطرق اكتشاف
الحقيقة وكسب المعرفة ، وهذا يوجد في الدين وينمو في نفس الانسان حين يكرس حياته
لدراسة علومه.
يميل
الدستور الايراني الى المنطق الاول اي اعتبار المجتمع وعاء للسلطة ومصدرا للشرعية
. بينما تميل النخبة الدينية الايرانية الى المنطق الثاني ، اي اعتبار السلطة السياسية
مكانا للامثل والافضل. من الناحية النظرية فان الانتخابات الرئاسية تدور وفقا
للاول ، لكن السلطة الحقيقية اديرت – على الاقل خلال العقدين الماضيين – وفقا
للثاني.
في
الانتخابات الاخيرة حاول الجمهور ، ولا سيما جيل الشباب ، قلب المعادلة والعودة
الى روح الدستور . لكن فشلهم يظهر ان مصادر القوة لا تزال في ايدي النخبة ، وانها
قادرة على التحكم في اتجاهات التغيير من خلال تحكمها في اتجاه الانتخابات
ونتائجها. الجدل حول سلامة الانتخابات سيؤدي بالتاكيد الى استقطاب اجتماعي متزايد
بين مؤيدي المنطقين ، واظن انه سيترك تاثيرا كبيرا على التفكير السياسي في الاطار
الاسلامي ، لا سيما في الاساس الفلسفي للسلطة والشرعية السياسية.
الطريق السريع الى الثروة
يبدو ان المعلوماتية تتحول بالتدريج الى اسرع القطاعات نموا في الاقتصاد الوطني لكل بلدان العالم تقريبا. (في 2021 بلغت قيمة سوق المعلوماتية ...