‏إظهار الرسائل ذات التسميات الوحدة الوطنية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الوحدة الوطنية. إظهار كافة الرسائل

11/04/2018

الأمل الآن وليس في آخر الطريق

|| نحن موعودون – بعون الله – بمستقبل خير مما مضى. ونعلم ان لكل تحول ثمنه. نحن جاهزون لدفع هذا الثمن  مهما كان باهضا. كل ما نريد هو ان يعيش ابناؤنا حياة حرة كريمة تليق بهم وتليق بوطنهم ||


أعترف اني فوجئت بمعظم المبادرات التي قام بها صاحب السمو ولي العهد. كنت اقول أحيانا ان التابوهات الكبرى ، مثل المشروعات الوطنية الكبرى ، تحتاج الى سياسي يؤمن بعمق بأهمية دور القائد ، ويملك صفات القائد وشجاعة القائد ، ويتصرف فعليا على هذا النحو. لكني ظننت دائما ان تلك التابوهات المزمنة صلبة وعسيرة ، ولذا يستحيل علاجها في المدى القريب.
يظهر الآن ان في بلادنا من الخير فوق ما ظننت ، وفيها من الرجال الشجعان اكثر مما قدرت. يذكرني هذا بصديقي المخضرم محمد سعيد طيب الذي قال ، قبل عقد من الزمن تقريبا ، انه – رغم كل احباطاته – يرى بصيص أمل ، وان بدا بعيدا او مستبعدا. استطيع القول الآن ان ذلك الأمل لم يعد بصيصا في نهاية الطريق ، فهو حي أمامنا في صورة عمل واسع النطاق ، متعدد الأبعاد ، يعيد صياغة مستقبل البلد وأجياله الآتية ، بصورة تجاوز ما توقعناه في غابر السنين.
الاحاديث التي أدلى بها ولي العهد للصحافة في الاسابيع الماضية ، تقدم دليلا ساطعا على أن تلك التابوهات لم تعد مصونة ، وان المجتمع السعودي لم يعد في محطة الانتظار ، فهو وحكومته منخرطون فعليا في صناعة مستقبل مختلف. نأمل ان يكون خيرا كله وبركة كله.  
من ذلك مثلا حديث ولي العهد لمجلة تايم الامريكية ، الذي تضمن الكثير مما يستدعي التوقف والتأمل. وأشير من بينها الى نقطتين ، تشكلان فيما أظن علامة فارقة في صورة السعودية الجديدة. تتعلق الأولى بالفهم الجديد لمضمون الهوية الدينية. وخلاصته ان الصورة التي سادت في السنوات الماضية عن دور الدين في الحياة العامة ، لا تعكس حقيقة الدين ولا تمثل مذهبا بعينه. بل هي  مسار صممته جماعة محددة ، ارادت الهيمنة على مقدرات البلد وتوجيه مساره ، كي يخدم اغراضها هي ، وليس مصالح البلد وابنائه. اما في السعودية الجديدة فسيكون دليلنا هو الاسلام السمح ، المنفتح والمتفاعل مع العالم الجديد من حوله ، من دون تفريط ولا تعصب.
اما النقطة الثانية فتركز على أن السعودية الجديدة وطن لكل أهله "لدينا في المملكة سنة وشيعة ، وفي داخل كل من المذهبين مدارس مختلفة ، لكل منها اتباع ، وهم يعيشون معا باعتبارهم سعوديين". يقرر ولي العهد هنا ان الهوية الوطنية السعودية هي المظلة الجامعة لكافة السعوديين ، وان اختلافهم في المذهب يندرج في اطار التنوع الذي يغني ثقافة البلد وحياتها ، فلا يمكن للمذهب او الانتماء الاجتماعي ان يشكل خط تمييز أو تفاضل بين سعودي وآخر.
اعتقد ان كلا القولين جدير بان يرفع شعارا على كل منبر عام وكل كتاب مدرسي. فهما يلخصان بعض أهم عناصر التحول التي يشهدها المجتمع السعودي ، أي التحول من مجتمع منغلق وخائف على هويته ، الى مجتمع منفتح على العالم ، معتز بذاته ومتصالح في الوقت نفسه مع التنوع الطبيعي الذي تشتمل عليه هويته الوطنية ، الهوية التي تجمع ولا تفرق ، الهوية التي تزداد عمقا وغنى ، حين تدمج جميع من يستظل بها ، بكل مشاربهم الثقافية وتجاربهم التاريخية وتطلعاتهم.
نحن موعودون – بعون الله – بمستقبل خير مما مضى. ونعلم ان لكل تحول ثمنه. وأرى ان السعوديين جاهزون لدفع هذا الثمن  مهما كان باهضا. كل ما نريده هو ان يعيش ابناؤنا حياة حرة كريمة تليق بهم وتليق بوطنهم ، ويبدو اننا نسير في هذا الاتجاه.
الشرق الاوسط الأربعاء - 25 رجب 1439 هـ - 11 أبريل 2018 مـ رقم العدد [14379]
http://aawsat.com/node/1233226
 

مقالات ذات علاقة

 

09/11/2016

بين الهند والموصل: اسرار الوحدة والخصام

للوهلة الأولى تبدو فكرة تقسيم محافظة نينوى (الموصل) حلا سحريا للتنازعات السياسية بين سكانها ، الذين ينتمون الى جماعات مذهبية واثنية مختلفة. كنت قد أشرت في الاسبوع الماضي الى هذا الاقتراح ، الذي تتبناه شريحة من الموصليين. ومبرر هؤلاء ان تمكين كل مجموعة عرقية او دينية من ادارة مدينتها ، سوف ينهي حالة الارتياب التي سممت العلاقة بين السكان. ولفت نظري ان قراء كثيرين وجدوا هذا الاقتراح حلا معقولا. تمثل "نينوى" نموذجا مصغرا للعراق المتنوع دينيا ومذهبيا واثنيا. هذا التنوع جعلها بؤرة للتجاذب السياسي بين قوى الداخل والخارج.

فكرة الفصل الاداري مطبقة في بلدان كثيرة. وقد تحولت في السنوات الخمس الماضية ، الى مطلب شعبي في العديد من المجتمعات العربية. لكن الاعتقاد بانها حلال المشكلات ، فيه تبسيط شديد لا يخفى على اللبيب.
من نافل القول انه لا يوجد مجتمع سياسي في العالم كله ، يتألف من نسيج احادي. بمعنى ان جميع سكانه ينتمون الى قومية واحدة ودين/مذهب واحد. وحتى لو حصل هذا يوما ما ، فان ابناء عائلة واحدة – فضلا عن بلد بأكمله - قد تختلف مصالحهم وتوجهاتهم الفكرية او السياسية ، فيذهب كل منهم في طريق. وفي حال كهذه فان وحدة الدم والانتماء ستكون مجرد رابطة ثانوية ، ضئيلة التأثير على الخيارات الحياتية للافراد. وهذا أمر مشهود في عالم اليوم.
من هنا فانه من غير المنطقي ، الاعتقاد بان مشكل الاختلاف والتنازع سينتهي ، اذا اعدنا تشكيل الجغرافيا السياسية على اساس وحدات عرقية او دينية متمايزة. ان وحدة الدين او المذهب او القبيلة او العرق او الجنس ، ليست اساسا كافيا لتوحيد المصالح السياسية والحياتية ، فضلا عن صيانتها على مدى زمني طويل.
لعل المقارنة بين البلدين الجارين ، الهند وباكستان ، تكشف هذه المفارقة في أجلى صورها. يعترف الدستور الهندي ب 21 لغة ، اضافة الى الانكليزية. وهناك عشرات اخرى من اللغات واللهجات المحلية. ويرجع الشعب الهندي الى اعراق عديدة. وثمة خمسة اديان رئيسية ، الا ان عدد الديانات والطوائف القائمة فعلا ، يزيد عن 300 دين ومذهب. لكن الوحدة الوطنية لجمهورية الهند لم تتعرض لتحد خطير منذ تاسيسها في 1947.
اما الباكستان التي تاسست في العام نفسه ، فهي تواجه منذئذ نزاعات داخلية متلاحقة. وقد انفصل نصفها الشرقي في 1971. يشكل المسلمون اغلبية ساحقة في باكستان ، والنظام فيها فيدرالي مقسم الى اربع ولايات ، تضم كل منها اغلبية من قومية واحدة.
قارن الان بين البلدين من حيث الاستقرار السياسي والاقتصادي والحراك العلمي والتقني. واسأل نفسك: ما الذي يجعل الهند ، المتعددة الاديان والاعراق واللغات ، مستقرة وناهضة ، بينما تغوص جارتها الاحادية الدين واللغة ، في مشاكل ونزاعات داخلية لا تنتهي؟.
الاختلاف الديني او المذهبي او العرقي ، يمكن ان يتسبب في تنازع داخلي. لكنا نعلم ان هذا ليس سبب انعدام الاستقرار في باكستان ، ولا هو سبب الحرب الاهلية في ليبيا. فضلا عن انه لم يتسبب في انهيار وحدة الهند ولا ماليزيا ولا سنغافورة ، ولا الولايات المتحدة الامريكية.
 سر الوحدة الوطنية لا يكمن في التماثل ، بل في طبيعة النظام السياسي: هل هو قائم على استفراد جماعة قومية او دينية بمقدرات البلد ، ام هو قائم على شراكة الجميع في جميع المكاسب والكلف. طبيعة النظام السياسي وفلسفته هو جوهر المسألة.
الشرق الاوسط 9 نوفمبر 2016  http://aawsat.com/node/780471


10/06/2015

حول نظام حماية الوحدة الوطنية


 بداية هذا الاسبوع اعلن مجلس الشورى عن ادراج "حماية الوحدة الوطنية" ضمن مشروعات القوانين التي سيناقشها الاعضاء في الدورة الحالية. هذا خبر مفرح ، بعد رفض المجلس محاولتين سابقتين من هذا النوع في سنوات سابقة. وارجو ان يتعامل المجلس الموقر بأقصى قدر من الاهتمام مع هذا الموضوع الخطير ، سيما بعد الحوادث المريعة التي شهدتها البلاد في الاسبوعين الماضيين.
افترض ان بعض الناس سيشعرون بالقلق حين يبدأ النقاش الجدي حول مشروع القانون. ذلك انه سيحوي بالضرورة بنودا تؤكد على اولوية الهوية الوطنية ، وعلى تجريم إثارة الكراهية ، بناء على مبررات دينية او قبلية او عرقية. نعلم ان فكرة "الوطن" كمبدأ تأسيسي للعلاقة بين المواطنين ،  وبينهم وبين الدولة ، ليست حتى الان من القضايا الناجزة في ثقافتنا العامة. ثمة بين اهل الرأي ، ولا سيما في التيار الديني ، من يقول صراحة ان الولاء الوطني بدعة ، وان الولاء يجب ان يكون خالصا للدين ، دون مزاحمة من اي هوية أخرى. هذا الرأي ينصرف طبيعيا الى التمييز بين الناس على اساس الدين والمذهب. وقد يحتمل في بعض الاحيان تمييز اعلى اساس عرقي او قبلي ، بالرجوع الى بعض ما ورد في تراث قدامى الفقهاء ، كما في قصة اشتراط "تكافؤ النسب" المعروفة. كما ان التأزمات السياسية في الشرق الاوسط تبعث من جديد نزاعات مذهبية وطائفية ، يجدها البعض وسيلة مناسبة لتصفية حسابات قديمة او تحقيق مكاسب. هناك ايضا من يخشى من تحول النظام (القانون) المنتظر الى مبرر لتحجيم حرية التعبير.
هذه كلها مبررات للقلق قابلة للتفهم ويجب ان تعالج في اطار القانون نفسه.
لكي يكون نظام "صيانة الوحدة الوطنية" كاملا وفعالا ، ينبغي ان نفكر فيه ضمن منظور أوسع من التحديد والتحجيم والتجريم. نعلم ان للقانون وظيفتان: وظيفة مقيدة للحرية ، وفيها يقرر واجبات على المواطنين وينص على انواع من المخالفات والعقوبات المقابلة لها. اما الوظيفة الثانية فهي ارشادية تضع اطارا للسياسات والاعمال التي يتوجب على الدولة القيام بها لتحقيق اغراض القانون.
تميل المجتمعات التقليدية للتركيز على النوع الاول من تلك الوظائف ، لان ثقافتها تهتم بالتكاليف في المقام الاول. سيما التكاليف المفروضة على عامة الناس. واحتمل ان معظم الناس سيتعامل مع هذا الجزء ويهمل الجزء الاخر الارشادي. واني اخشى ان يؤثر هذا الميل على اعضاء مجلس الشورى في نقاشاتهم ايضا. سيما مع ما يشهده المجال العام من تصاعد لنبرة الحزم والحسم والضرب بيد من حديد ، وأمثال هذه المفاهيم.
القانون ضرورة. لكن صيانة الوحدة الوطنية لا تتحقق بمحض اصدار القانون. نحن بحاجة الى استراتيجية متعددة الابعاد ، طويلة الامد ، تعالج خطوط الانكسار في الهوية الوطنية والسلم الاهلي. وقد سبق ان اقترحت استراتيجية ذات ثلاثة مسارات: سياسي يركز على اقرار مستوى من التعدد والتنوع الظاهر في الحياة العامة ، وثقافي يعالج الموروث الثقافي المعاكس لمبدأ المواطنة ، واقتصادي يركز على توسيع الخيارات المتاحة للناس ، من اجل تعزيز الأمل في المستقبل.
سوف اتعرض لهذه المسارات في مقالات لاحقة. لكن يهمني في الوقت الحاضر التشديد على الحاجة الى قانون موسع يضع اطارا للاستراتيجية المنشودة. الجانب الارشادي يوفر اساسا مناسبا للمواطنين القادرين على المساهمة في التحول المنشود الى دولة المواطنة المتساوية التعددية ، كما يقرر الزامات على اجهزة الدولة ، كي لا تساهم – دون قصد - في نقض الوحدة الوطنية او اضعافها ، بسبب غفلة الاداريين او ربما انحيازهم ، او بسبب انعكاس التوترات الداخلية والخارجية على نفوسهم.
الوحدة الوطنية هي راس المال الحقيقي للبلد ، وهي الضمان الاهم لمستقبل ابنائه. ولهذا فنحن بحاجة الى التعامل معها باقصى قدر من الجدية والحيادية. كما اننا بحاجة الى تفكير واسع لا يتوقف عند حدود التجريم والعقاب. 
الشرق الاوسط 22 شعبان 1436 هـ - 10 يونيو 2015 مـ رقم العدد [13343]
http://bit.ly/1BCL80G

رحلة البحث عن الذات

  قلت في الاسبوع الماضي ان كتاب الاستاذ اياد مدني " حكاية سعودية " ليس سيرة ذاتية بالمعنى الدقيق ، وان بدا هكذا. وسألت نفسي حينئذ...