‏إظهار الرسائل ذات التسميات التنمية الاجتماعية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات التنمية الاجتماعية. إظهار كافة الرسائل

07/11/2018

التمكين من خلال التعليم


|| التعليم عنصر محوري في تطور الانسان. لكن ما الذي ينبغي فعله لهذا الانسان كي يتحول من "كل على مولاه" الى "عدل" كما في التعبير القرآني؟ ||

كل الذين كتبوا عن تجارب التنمية الناجحة ، قالوا ان نجاحها يرجع لاهتمامها بالاستثمار في البشر. وحين تسأل عن المقصود بهذا ، سيقال أنه التوسع في الانفاق على التعليم والتدريب المهني. وقد انتشرت هذه المقولة وحيكت حولها الاساطير. 
من ذلك مثلا ما قيل من ان امبراطور اليابان سئل عن سر تقدمها ، فأجاب بأنه اجلال المعلمين ، حتى عاملوهم معاملة الامبراطور ومنحوهم ما يساوي راتب الوزير. وقيل ان هذا السؤال وجه لرئيس وزراء سنغافورة او ماليزيا ، او ربما غيرها. واحتمل ان هذه جميعا قصص مختلقة ، ربما اراد بعض المعلمين استعمالها للتأكيد على أهمية دورهم في الحياة العامة.

ان المعلم عنصر محوري في العملية التعليمية. لكن اعتباره سر التقدم ، لا يخلو من مبالغة. وهو يكشف عن ميل عميق عند البشر لافتراض سبب واحد لكل مشكلة ، او جواب واحد لكل سؤال. ولعلنا من اكثر الشعوب ميلا للاجوبة الاحادية البعد. 
والحق ان سؤالا مثل سؤال التقدم معقد ، على نحو يجعل افتراض جواب واحد ونهائي ، ضربا من التوهم.
حسنا .. الكل يتحدث عن التعليم ، وهو بالتأكيد عنصر محوري. فما الذي ينبغي فعله لهذا الانسان كي يتحول من "كل على مولاه" الى "عدل" كما في التعبير القرآني؟
الجواب هو التمكين. وهو مصطلح نستعيره من أدبيات التنمية البشرية ، ويمثل المحصلة النهائية لمشروع راس المال البشري ، الذي اطلقه البنك الدولي في شهر اكتوبر الماضي. التمكين ببساطة هو تزويد الفرد بالمؤهلات الذهنية والروحية ، التي تجعله قادرا على صياغة حياته بارادته.

في هذا السياق يجب ان يستهدف التعليم خلق نوعين من المهارات ، سيقودان بالضرورة الى نوع ثالث ، يشكل خلاصة ما نسعى اليه:
 أ) سعةالافق ،  بمعنى القابلية الذهنية للانطلاق من حدود المشهود والمعروف الى ما وراءه ، بحثا عن خيارات او احتمالات او حلول.
ب) مهارات النقاش ومجادلة الاراء ، والقدرة على تأويل أو تفكيك ما يعتبر - في الوهلة الاولى - من البديهيات أو المسلمات.
 هاتان المهارتان ، تشكلان في ظني جوهر مفهوم العقل النقدي ، وأساس القابلية للابتكار والابداع ، وهي المهارة الثالثة التي ينبغي ان نعتبرها الغاية العليا للتعليم.
بعض الناس يقترح اضافة منهج يسمونه "فنون التفكير". ولا اعلم مدى فائدته. لكني واثق ان العقل النقدي لا يتشكل من خلال دراسة كتاب واختبار في نهاية العام. بل من خلال صياغة عامة لفلسفة التعليم ، تشمل المناهج وعلاقة الطالب بالمعلم ، واجزاء العملية التعليمية ككل ، لجعل محورها هو استفزاز عقل الطالب (والمعلم معه) للتعبير عما فيه الى الحد الاقصى. اي تحويل العملية التعليمية ككل ، الى عملية استفزاز للتفكير والتعبير عن الافكار.
مبرر هذه الفكرة هو ان مجالات النمو والتقدم ، على المستوى الفردي والجمعي ، لم تعد مجهولة في عالم اليوم. كل ما لانعرفه الان ، نعرف الطرق التي يحتمل ان تؤدي اليه. وما نحتاجه في الحقيقة ، هو اكتشاف تلك الطرق. هذا الاكتشاف ليس علما محدد القواعد او قابلا للقياس ، بل هو اقرب الى تجربة فردية ، يتداخل فيها التأمل الذهني مع العاطفة والميول الشخصية. ويتعرف الفرد من خلالها على ما يظنه سبيلا الى اكتشاف ذاته او تحقيق ذاته. ان هذا هو السر في ان الكشوف والابتكارات ، تتحقق في جميع الحالات تقريبا على يد أفراد. نحن لا نستطيع تعليم الفرد ماذا يبتكر. غاية ما نستطيع هو تزويده بالمهارات التي تؤهله لخوض المغامرة.

الشرق الاوسط الأربعاء - 28 صفر 1440 هـ - 07 نوفمبر 2018 مـ رقم العدد [14589]

18/10/2017

حماية المسار الاصلاحي


أبدأ بما كتبه د. صالح زياد ، وفحواه ان مشروع التجديد الاقتصادي والاجتماعي الذي تتبناه المملكة العربية السعودية حاليا ، يحتاج حاجة ماسة الى إطار ثقافي يعيد صياغة الوعي الشعبي ، على نحو متناغم مع الاستهدافات الفورية والبعيدة المدى لمشروع التجديد (الوطن 8 اكتوبر). وفي يونيو الماضي تحدث الشاعر المعروف محمد زايد الألمعي عن الحاجة الى مشروع سياسي جديد يخدم ذات الهدف.
حديث الرجلين ، وهما من الوجوه البارزة في المشهد الفكري السعودي ، يشير الى نقاش يتسع بالتدريج ، حول الانعكاسات المتوقعة لبرنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030. 
https://www.ethos3.com/wp-content/uploads/2017/05/Why-Audience-Members-Need-to-Have-an-Open-Mind.jpg
تضمنت رؤية المملكة 2030 حقيبة مشروعات ، سيؤدي تطبيقها الى تحول عميق في النظام الاقتصادي للمملكة وانماط المعيشة لمعظم سكانها. سنغض الطرف هنا عن تشكك المتشائمين في قدرة المجتمع السعودي على انجاز تحول بذلك الحجم ، لأن عدد ونوعية المشروعات التي دخلت طور التنفيد أو انتقلت من مرحلة القرار الى التصميم ، برهان على اننا لن نعجز عما قدر عليه الآخرون. في كل الأحول فان انجاز نسبة كبيرة من مشروعات الرؤية ، سوف يقود دون شك الى التحول المشار اليه.
معروف بين دارسي التنمية ان التحولات الواسعة في الاقتصاد ونظم المعيشة ، تفرز – بالضرورة – تحولات موازية في الثقافة والقيم الناظمة للحراك الاجتماعي ، إضافة الى التراتب الاجتماعي وأدوار الأفراد.
سنبدا بطبيعة الحال بتجربتنا الخاصة ، سيما خطط التنمية السابقة ، التي قدمت دروسا كثيرة وجديرة بالتأمل ، في طبيعة الحراك الاجتماعي ومساراته. خلال الفترة من 1971 حتى 1985 تبنت المملكة ثلاث خطط للتنمية الاقتصادية ، أثمرت عن تحول عميق في الاقتصاد ومصادر المعيشة ، فضلا عن الثقافة العامة. ونستطيع اليوم معرفة الجانب الاعظم مما جرى على الجبهة الاقتصادية ، نستطيع معرفة الانجازات والاخفاقات ، لأن التركيز على الاقتصاد حوله من موضوع مبهم وعفوي ، الى منظومة معطيات رقمية قابلة للدراسة والتقييم.
لكننا لا نعلم على وجه الدقة ماجرى على حاشية التنمية الاقتصادية الباهرة ، من تحولات اجتماعية وثقافية. بمعنى اننا لا نملك معطيات رقمية واحصائية مناسبة ، تساعدنا على تفسير العلاقة بين التحول الاقتصادي والظواهر الثقافية – الاجتماعية التي شهدتها البلاد في تلك الفترة وما بعدها. لا نعلم – على سبيل المثال – لماذا تضاعف عدد طلبة التخصصات الأدبية والدينية في تلك المرحلة ، بشكل يتجاوز كثيرا التخصصات العلمية ، التي يفترض ان تكون محور التنمية. ولا نستطيع تفسير العلاقة بين تراجع الاقتصاد في النصف الثاني من الثمانينات ، وبين الانتشار المفاجيء للتشدد الديني. ولا نعرف لماذا لم يستطع المجتمع السعودي استنباط حلول فعالة لمشكلاته المعيشية ، عدا تلك التي تقوم بها الدولة.
هذه التساؤلات وأمثالها تسلط الضوء على حقيقة اننا ، في التجربة السابقة ، وضعنا كل الثقل في الجانب الاقتصادي ، وأهملنا ما ينتج عنه من تحولات غير اقتصادية. بديهي ان المقصود هنا ليس "أدوات عرض الثقافة" كالمدرسة والكتاب والمنبر والتلفزيون ، بل جوهر الخطاب الثقافي ، اي فلسفته واستهدافاته ، ومنظومات القيم والتقاليد الجديدة التي تدعم مشروع الاصلاح واهدافه ، وتحميه من التحوير والاختطاف ، او تستثمره في أهداف ايديولوجية خاصة. الخطاب الذي يجعل المجتمع كله شريكا في مشروع الاصلاح وحاميا له وقائما عليه.
نعرف من تجربة البشرية ان الاقتصاد محرك عظيم للتطور. ونعرف أيضا ان استدامة التطور يعتمد كليا على تفاعل المجتمع ومشاركته.
الشرق الاوسط الأربعاء - 28 محرم 1439 هـ - 18 أكتوبر 2017 مـ رقم العدد [14204]
http://aawsat.com/node/1055646

09/09/2014

ابتكار المستقبل



الحصول على وظيفة في الادارة الحكومية او القطاع الخاص هو الهدف المحوري لكل طالب. وهو ايضا محور العملية التعليمية منذ بداية التعليم الرسمي ، في  المملكة ومعظم البلدان العربية. لقد اعتدت على سؤال الشباب عن مشروعاتهم الحياتية بعد التخرج ، ووجدتهم جميعا متفقين على جواب واحد هو "البحث عن وظيفة". 
كنت اسألهم دائما: لماذا لا تنشيء مشروعك الخاص؟ فيعتذر اغلبهم بعدم توفر راس المال الكافي. لكني اعلم ان هذا ليس سببا حقيقيا في اغلب الحالات. ثمة مئات من الاعمال يمكن اطلاقها براس مال صغير جدا ، وثمة – الى جانب هذا – عدد معقول من مؤسسات الاقراض التي تدعم المشاريع الصغيرة.
في سوق نشطة وسريعة التوسع مثل السوق السعودي ، يمكن للشبان الاذكياء ان يجدوا مئة فرصة وفرصة ، لو بحثوا عنها. المشكلة تكمن في النسق المعيشي وفي فلسفة التعليم والعرف الاجتماعي ، وهي جميعا تفترض – على نحو ضمني او صريح - ان نضج الفرد وانضمامه الى الحياة العامة يبدأ بالعمل اجيرا عندا الدولة او عند شركة قائمة.

يرتبط هذا بغياب مفهوم الاختيار والابتكار في ثقافتنا العامة ، الذي يعني – في وجهه الاخر – ذهنية المغامرة وتحمل المسؤولية الكاملة للخيارات الشخصية. اظن ان معظم الناس في بلدنا لا يربون ابناءهم على مواجهة التحديات واختيار طريقهم بانفسهم ، وتحمل اعباء قراراتهم. النظام التعليمي هو الاخر لا يعزز في الطالب روحية المغامرة والبحث عن الخيارات المختلفة ، والسعي وراء المجهولات وابتكار المستقبل الشخصي ، بدل تقليد خيارات الاخرين.

خلال الثلاثين عاما الماضية تبنى معظم الدول الاوربية فكرة دفع الشباب الى انشاء اعمالهم الخاصة.  ليس فقط لانها تعالج مشكلة البطالة ، بل لانها – ايضا – تعزز فرص الابداع والابتكار ، سيما في مسارات الاقتصاد الجديد. وطبقا للاحصاءات المتوفرة فان اربعة ملايين بريطاني يملكون اعمالهم ، وهو رقم يعادل 14% من اجمالي قوة العمل في ذلك البلد. وثمة 15 مليونا مثلهم في الولايات المتحدة ، يشكلون حوالي 11% من قوة العمل. اما في بلد مثل تركيا فيقال ان نسبة العاملين لحسابهم الخاص تزيد عن 40% من اجمالي قوة العمل.
لا نستطيع طبعا اقناع الناس جميعا بانشاء عملهم الخاص. لكنا نستطيع اعادة النظر في التوجيه التربوي والاعلامي ، وصياغته من جديد على نحو يشجع الشباب على التفكير في هذا الخيار. تعقد جامعاتنا ما يسمى بيوم المهنة في كل عام ، وغرضه دفع الطلاب الى الوظائف. ماذا لو عقدنا يوما للمشاريع الصغيرة ، غرضه دفع الشباب نحو ابتكار وظائفهم واعمالهم وخوض التحدي؟.
يمكن للشباب ان يضخوا روحا جديدة في الاقتصاد الوطني لو اصبحوا من صناعه. هذا ليس حلا لمشكلة البطالة فحسب ، بل هو ايضا اداة للتنمية الاجتماعية وصناعة المستقبل.
الاقتصادية 9 سبتمبر 2014
http://www.aleqt.com/2014/09/09/article_884830.html

الانتقال الى الحداثة

بعد جدالات الاسبوعين الماضيين ، قد يسألني القاريء العزيز: لنفترض اننا اردنا التحرر من أسر التقاليد المعيقة للتقدم والتكيف مع روح العصر ومتط...