‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاسلام والغرب. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الاسلام والغرب. إظهار كافة الرسائل

18/09/2012

اعلام القاعدة في تظاهرات عربية

في التظاهرات التي شهدتها الاسبوع الماضي بنغازي وتونس والخرطوم وصنعاء احتجاجا على الفلم الامريكي المسيء للرسول (ص) ، هتف بعض المتظاهرين بشعارات تؤيد "القاعدة" ورفعوا اعلامها السوداء.

مبدئيا لا استطيع الجزم بان هؤلاء اعضاء في التنظيم او مناصرون ملتزمون له. في غالب الاحيان يبحث الناس عن اشد التعبيرات نكاية بعدوهم ، اذا شعروا بالعجز عن رد ظلمه. انها عملية تعويض نفسي تجري بشكل عفوي ، مثلما قيل في المثل العربي القديم "اوسعتهم سبا واودوا بالابل". 

لكن المسألة اعمق من مجرد غضب مؤقت. المسألة هي ان شريحة في الشارع العربي تؤمن في اعماقها بان "القاعدة" هي المعادل السياسي "المسلم" للتحدي الغربي ، الامريكي على وجه الخصوص. هذا يعني اولا انها تفهم العلاقة بين المسلمين والغرب باعتبارها حربا ، وليست مجرد صراع سياسي او ثقافي. ويعني ثانيا ان هذه الشريحة ترى في عمل "القاعدة" نموجا صحيحا لمواجهة ذلك التحدي.

كتب استاذنا د. عبد الوهاب الافندي قائلا ان الهجوم على السفارات الامريكية قد لا يكون عملا عفويا. وان علينا ان نضع في اعتبارنا احتمال وجود ايد خفية تعمل لدفع الامور في الشارع العربي في اتجاهات تخدم اجندات خاصة ، معلنة او مكتومة. ولا استبعد وجود من يسعى لاقناع الاجيال العربية الجديدة بالعودة الى تراث العنف القديم ، بعدما اصبح "اللاعنف" قيمة معيارية في الجدل السياسي . وهو امر لم تعرفه  المجتمعات العربية قبل انطلاق الثورة التونسية. كما لا استبعد وجود من يسعى لدفع الحكومات الجديدة نحو قمع المعارضين بدل ترسيخ الحريات المدنية والسياسية.

في كل من تونس وليبيا ، قال مسؤولون حكوميون انهم حددوا الاشخاص المتورطين في الهجوم على السفارات. وظهر لهم ان المسالة لم تكن عفوية كما بدا لأول وهلة. هذا قد يعزز الاحتمال الذي ذكرته ، رغم اني لا اثق في كلام الرسميين في حالات كهذه.

ايا كان الامر ، فان ما يهمنا في المسألة كلها نقطتان:

 الاولى: اذا صح ان شريحة في المجتمع العربي تنظر لتنظيم القاعدة كمعادل للغرب ، فهذا يعني ان التنظيم يرسخ وجوده في الثقافة والمجتمع العربي ، خلافا للاعتقاد القديم بانه يحتضر بعدما فقد زعيمه.

الثانية: يكشف تاريخ التنظيم ان المجتمع السعودي كان من بين البيئات التي افتتنت بخطابه. وقد تحمل جراء ذلك عسرا وعنتا وكلفا جسيمة ، بشرية ومادية وسياسية.

نحن بحاجة الى دراسة معمقة لتلك الاحتمالات ، ولا سيما انعكاساتها في مجتمعنا . وربما نحتاج – على ضوء هذه الدراسة - الى مراجعة سياسات الاحتواء والمواجهة التي طبقت في السنوات الماضية. ظهور "القاعدة" في الشوارع ليس مجرد حدث نرد عليه باستنكار الغلو او رمي الناس بالجهالة. فهو اكثر جدية واشد خطرا من كلام بارد يقوله مذيع في التلفزيون او خطيب على منبر.

11/06/2005

كي نحول العولمة الى فرصة


 

اما وقد اقتربت المملكة من الانضمام الى منظمة التجارة العالمية، فقد اصبح من الضروري التعجيل في اعداد الاقتصاد الوطني لمرحلة العولمة الاقتصادية. خلال السنوات القليلة الماضية كتب الكثير عن حسنات هذا التحول وسيئاته. وبدا ان معظم ما كتب يميل الى التشاؤم من تبعات هذا التحول على اقتصادات الدول النامية. لا شك ان جانبا من التشاؤم يستمد مشروعيته من العلاقة غير المتوازنة التي سادت حتى الان بين الشمال والجنوب.

Companies that have learnt to thrive in the increasingly connected world have built large global businesses at astonishing speeds. Uber, for example, penetrated more than 80 countries in just six years. Photo: AFP

لكن لا شك ان الامور ليست سواء في كل الاحوال، كما ان المسؤولية عن انعدام التوازن ذاك تقع علينا مثلما تقع عليهم. ومن هنا يمكن القول، ان العولمة تمثل فرصة في جانب وتحديا في جانب آخر، ومن واجبنا ان نستوعب التحدي ونعد لمواجهته. ان اكثر المتضررين من العولمة هم الذين دفنوا رؤوسهم في الرمال وانشغلوا في لعنها، واكثر المستفيدين هم الذين بحثوا في كل سطر وكل نقطة وكل ثقب عن الفرص الجديدة التي تتيحها والامكانات التي توفرها.

 في ظني ان ابرز ما يترتب على عولمة الاقتصاد هو عودة نظام العمل الدولي القديم الذي قامت فكرته على تخصص اقطار العالم بين منتج للمواد الخام ومنتج للمواد المصنعة. هذا النظام سيعود الان في صيغة مختلفة تأخذ في الاعتبار التحولات التي طرأت على الاقتصاد العالمي منذ انتهاء الحرب الباردة، ونخص بالذكر تحول الاستثمار الصناعي الى الدول النامية القادرة على توفير بدائل افضل، مثل الصين ودول جنوب شرق آسيا، بسبب انتشار التكنولوجيا من جهة وتزايد كلفة الانتاج في الدول الصناعية من جهة اخرى.

 في ظل هذا التحول فمن المؤكد الى حد بعيد ان الدول المنتجة للبترول ستحصل على فرصة استثنائية للتحول من مصدر للبترول الخام الى قطب عالمي للصناعات التي تعتمد على خامات البترول كمدخل اساسي، او تلك التي تحتاج الى طاقة كثيفة. ونشير كمثال على القسم الاول الى صناعة المشتقات البترولية والبوليمرات وبدائل المعادن والاسمدة، وفي القسم الثاني الى صناعات صهر المعادن وتوليد الطاقة، اضافة الى الكثير من الصناعات الفرعية.

  هذه الصناعات تمثل اليوم جزءا هاما من الاقتصاد العالمي. وفي هذا الاطار تتمتع الدول المنتجة للبترول - مثل المملكة - بميزة نسبية لا تقارن، وهي توفر المادة الخام الرئيسية، اي البترول، بكميات تفوق اي مكان آخر من العالم، اضافة الى انخفاض تكلفة الانتاج النسبية بالمقارنة مع معظم دول العالم الاخرى.

 تدل مسيرة الاقتصاد العالمي خلال العشرين عاما الاخيرة على ان الانتعاش الاقتصادي، لا سيما في الاقتصادات الجديدة، سوف يتواصل حتى نهاية العقد القادم على الاقل. ونخشى ان يتولد عن هذا الانتعاش المستمر نوع من التفاؤل الكاذب بامكانية اتكال البلاد على صادرات البترول الخام لعقدين آخرين، خلافا لتحذيرات الخبراء من الافراط في التفاؤل، لا سيما بشأن عدم استقرار اسعار البترول.

 من الواضح اننا لا نتكلم هنا عن اسواق البترول، ولا نستطيع تقديم تقديرات مؤكدة عن مستقبلها، رغم انه ليس من الحكمة اغفال تلك التحذيرات. ما نتحدث عنه هنا هو ضرورة التحول من الاتكال الكامل حاليا على تصدير البترول الخام الى تصدير المواد المصنعة ونصف المصنعة المستمدة من البترول. الغرض بطبيعة الحال هو مضاعفة العوائد الحالية ثلاث مرات او اربع على اقل التقادير.

  ان برميل البترول الذي يباع عند رصيف التصدير حاليا بأقل من اربعين دولارا، يمكن ان يتحول الى مواد مصنعة او نصف مصنعة تتجاوز قيمتها ثلاثة اضعاف هذا المبلغ على الاقل. بكلمة اخرى، فان ذلك التحول يوفر الفرصة كي نضاعف القيمة المضافة لما نبيعه حاليا فنوفر مداخيل جديدة، وبالتالي فرصا جديدة للعمل والرخاء.

 لكن هذه الفائدة - على اهميتها - ليست الوحيدة التي نحصل عليها من وراء التحول المنشود. ان التحول الى الصناعة، يرفع الاهمية النسبية للبلاد في نظام العلاقات الدولية ويزيد تأثيرها، كما يساعد في الارتقاء بمستواها العلمي، وبالتالي يعزز استقلالها واستقرارها.

 لا اظن اننا نواجه مشكلة في توفير الاستثمارات اللازمة لهذه الصناعات. لقد نجحت دول فقيرة نسبيا مثل كوريا وتايلاند والصين في توفير الاموال اللازمة، ولا شك اننا اقدر على ذلك. ما ينقصنا بصورة جدية هو التكنولوجيا وخطة التحول الى مجتمع صناعي. وكلا الامرين يتوقف على قرار وطني جاد وحاسم. رغم ان بعض التكنولوجيا قابل للتوفير من الاسواق الدولية، الا انه لا يمكن الاعتماد على استيراد التكنولوجيا الجاهزة حتى النهاية. لا بد من توطين التقنية، وهذا يحتاج الى مشروع استثنائي يستهدف هذا الغرض خصوصا، ويحتاج الى مضاعفة المخصصات المالية للبحث العلمي، ويحتاج بصورة حاسمة الى تطوير نظام التعليم كي ينتج علماء وباحثين وتقنيين بدل الالاف المؤلفة من الكتبة الذين يتخرجون اليوم من مدارسنا.

 عولمة الاقتصاد هي تحد ينطوي على الكثير من الفرص. وحري بنا ان نواجه بما يستحق من جدية وتصميم كي نصنع مستقبلا افضل من حاضرنا.

    « صحيفة عكاظ » - 11 / 6 / 2005م

مقالات ذات صلة


رحلة البحث عن الذات

  قلت في الاسبوع الماضي ان كتاب الاستاذ اياد مدني " حكاية سعودية " ليس سيرة ذاتية بالمعنى الدقيق ، وان بدا هكذا. وسألت نفسي حينئذ...